عيون النسر تحرس أجواء البُلدان
المملكة العربية السعودية تستضيف تمرين «عزم النسر» العسكري لعام 2023 مع دول مجلس التعاون الخليجي والقيادة المركزية الأمريكية
أسرة يونيباث
عرضت خريطة العمليات المشتركة في مقر القيادة العسكرية خطوطاً متوهجة ببريق أخضر تنذر بهجوم صاروخي محتمل من قواعد العدو، وكانت تمثل صواريخاً في طريقها لاستهداف منشآت عسكرية ومدنية في الخليج العربي.
فقد العدو عنصر المفاجأة؛ إذ تعقًّب الصواريخ فريقٌ عسكري يتألف من فريق من دول مجلس التعاون الخليجي، وهذا الفريق جزء من تحالف متعدد الجنسيات مكلف بالدفاع عن المنطقة.
وتنوعت الردود بتنوع الترسانات الدفاعية للقوات الشريكة في أرجاء الخليج العربي؛ إذ تصدت بطاريات «باتريوت» المضادة للصواريخ للهجوم، وانطلقت الطائرات المقاتلة من المطارات لاعتراض التهديد المقترب، أما الصواريخ التي أفلتت من الشبكة الدفاعية، فقد سارعت القوات البرية إلى المواقع التي استهدفتها لاحتواء أي ضرر.نهوض قوة مشتركة متعددة الجنسيات بمهمة الدفاع المنسق: كان ذلك من المواضيع الرئيسية لتمرين «عزم النسر» لعام 2023، إذ دعت المملكة العربية السعودية، التي استضافت فعاليات التمرين، مئات العسكريين من الدول الشريكة إلى ميادين التدريب السعودية لمدة أسبوعين تقريباً في شهري أيَّار/مايو وحزيران/يونيو 2023. يُقام تمرين «عزم النسر» كل عامين بالاشتراك بين القيادة المركزية الأمريكية ومجلس التعاون الخليجي.
انقسم مئات المشاركين في تمرين «عزم النسر» إلى قوات ميدانية تستجيب لمحاكاة حالات الطوارئ، ووحدة مركز قيادة تعمل على صقل قدرتها على الاستجابة لأزمات متداخلة؛ وجميعهم يمتلكون الخبرة في مواجهة التهديدات في منطقة الشرق الأوسط. وشملت مهام التمرين تدمير الصواريخ والطائرات المسيَّرة، والتخلص من المتفجرات، واحتواء الهجمات بالأسلحة الكيميائية، ومكافحة الإرهابيين، وتفكيك الألغام البحرية، والقيام بعمليات معلوماتية، وإنقاذ المرضى والمصابين من الجنود.
قال الفريق أول مايكل «إريك» كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية: ”لا غنىً عن شراكاتنا الاستراتيجية في المنطقة (بما فيها شراكتنا العريقة مع القوات المسلحة السعودية وسائر الدول الشريكة في مجلس التعاون الخليجي) لأمن المنطقة واستقرارها. تمتلك دول مجلس التعاون الخليجي أسلحة متطورة وتتمتع بقدرات قتالية ممتازة.“
وكان من محاور تمرين «عزم النسر» التركيز على التهديد الناجم عن المسيَّرات وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية والعبوَّات الناسفة محلية الصنع. وتطلبت هذه التهديدات عنصر الابتكار التقني من الدول الشريكة، ولا سيما المسيَّرات الجوية والسطحية والغوَّاصة الموجهة بالذكاء الاصطناعي لتوفير درع الإنذار المبكر.
وكانت البحرية الأمريكية صاحبة السبق في استخدام هذه المسيَّرات الدفاعية للنهوض بدور الكشافة في بقاع مثل الخليج العربي والبحر الأحمر. وتُنقل البيانات التي تجمعها شبكة المسيَّرات إلى مراكز العمليات البحرية في أرجاء المنطقة، كما نهضت بدور فعال في اكتشاف السفن المشبوهة في البحار الشاسعة التي يتعذر تأمينها بالسفن الحربية وحدها.
وبمساعدة الولايات المتحدة، تدرس دول الخليج إنشاء منظومة للدفاع الجوي والصاروخي المتكامل لردع التهديدات الجوية واكتشافها وتدميرها. وكان تمرين «عزم النسر» بمثابة تجربة أولية للتوافق العملياتي بين قوات الخليج.
ومع أن الطائرات المقاتلة وبطاريات صواريخ «باتريوت» دمرت معظم الصواريخ المهاجمة والطائرات المسيَّرة المحملة بالقنابل في سيناريوهات التدريب، فقد سمح المخططون لتمرين «عزم النسر» بقدر من الهجوم الوهمي لاختراق الشبكة الدفاعية، وغايتهم اختبار مهارة المشاركين في التمرين في تنسيق الاستجابة للكوارث مع الأجهزة المدنية السعودية.
فلا تكتفي الصواريخ والطائرات المسيَّرة بحمل المتفجرات التقليدية، بل تستطيع كذلك حمل مواداً كيميائية أو بيولوجية يمكن أن تسبب إصابات جماعية إذا لم تتمكن القوات من اعتراضها أو تحييدها. وفي سيناريوهات التدريب، دمرت هجمات العدو طائرات على الأرض، وشلت محطة رادار، وألحقت أضراراً بمصنع كلور، وأطلقت عامل الريسين الذي يستهدف الأعصاب.
وشارك ما يزيد على 300 من رجال القوات المسلحة والمدنيين في أحد تدريبات «عزم النسر» لمكافحة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية. وكان أكبر تدريب تنفذه القيادة المركزية الأمريكية على مكافحة هذه الانواع من الأسلحة في أحد تمارينها العسكرية.
وفي الخليج العربي، تدرب طاقم الفرقاطة الحربية الصاروخية التابعة للبحرية الملكية السعودية «سفينة تبوك» بجانب المسيَّرات السطحية الأمريكية المصممة لتوسيع نطاق الاستشعار للدوريات البحرية. وعلى الأرض، عرض مشاة البحرية الأمريكية استخدام صواريخ أرض-جو محمولة على الكتف لتدمير الطائرات المسيَّرة.
وعلَّق أحد جنرالات دول مجلس التعاون الخليجي خلال التمرين قائلاً: “إن التدريب الواقعي وسيناريوهات التمرين المعقدة مثل فعاليات تمرين «عزم النسر» تختبر قدراتنا واستجاباتنا في بيئة عمليات مشتركة وتجعلنا جاهزين لدحر التهديدات.”
ومن بين الفعاليات البارزة الأخرى في تمرين «عزم النسر» كانت ندوة لكبار القادة أعرب فيها قادة المنطقة العسكريون عن دعمهم لرفع مستوى التعاون العسكري في الخليج العربي. وكانت الرغبة في زيادة تبادل المعلومات الاستخبارية بين الدول الشريكة لاستباق التهديدات من المطالب المتواترة.
ونوَّه أحد القادة العسكريين من الخليج العربي كيف حلت الحرب غير المتناظرة التي تستخدم أسلحة رخيصة محل الحرب التقليدية لدى الكيانات التي لا تحترم القانون الدولي.
وقال: “تطورت التهديدات وتعقدت من حيث اختيار الأهداف والتخطيط للهجمات؛ وكما ذكر زملائي، فإن هذه الحرب تتطلب جهوداً جماعية، وينبغي اعتبار تبادل المعلومات الاستخبارية ركيزتها الأساسية.”
الفريق براد كوبر، قائد القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية والأسطول الخامس الأمريكي والقوات البحرية المشتركة، انتهز هذه المناسبة للحديث عن الابتكارات التقنية والتدريبية التي جعلت المنطقة أكثر أمنا.
ففي أيَّار/مايو 2023، وقبل انطلاق تمرين «عزم النسر» مباشرةً، أنشأت القوات البحرية المشتركة «قوة المهام 154» المتمركزة في البحرين. وتتمثل مهمتها في تدريب القوات البحرية الشريكة في جميع أرجاء الشرق الأوسط على كل جديد تقنياً وتعبوياً.
كما دعا مجموعة من شباب الضباط من أبناء المنطقة للعمل في مركز عمليات الروبوتات بالبحرين لإجادة استخدام المسيَّرات والذكاء الاصطناعي بحراً.
وقال لزملائه القادة: ”أساطيلنا البحرية تكون في أفضل حالاتها حين نتدرب ونتحرك ونعمل معاً.“
التعليقات مغلقة.