شركاء يجمعهم هدف
ثمانية آلاف جندي يشاركون في تمرين الأسد المتأهب 19 في الأردن في عرض للوحدة الإقليمية
أسرة يونيباث
لقد سيطروا على القرى، وأزالوا الألغام، وتسلقوا المباني، وأجلوا الجرحى، وأنقذوا الرهائن، ودافعوا عن السواحل، وصدوا الإرهابيين، وقفزوا بالمظلات من الطائرات.
لكن أكثر ما حققه الـ8000 مشارك في التمرين العسكري الأسد المتأهب 19 في الأردن هو وحدة الهدف في ساحة المعركة على الرغم من الاختلافات الثقافية واللغوية واللوجستية والتكنولوجية.
قوات من تسعة وعشرين دولة تجمعت في جميع أنحاء الأردن في أواخر آب/ أغسطس وأوائل أيلول /سبتمبر 2019 لإظهار كفاءة تهدف إلى تحدي الأعداء الذين قد يواجهونهم في المنطقة.
بالإضافة إلى قوات من الدولتين المضيفتين الأردن والولايات المتحدة ،وصل مشاركون من أستراليا والنمسا والبحرين وبلجيكا وبروناي وكندا وقبرص وجمهورية التشيك ومصر وفرنسا وألمانيا واليونان والعراق وإيطاليا واليابان وكينيا والكويت ولبنان وهولندا والنرويج وقطر وباكستان والمملكة العربية السعودية واسبانيا وطاجيكستان والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة.
يضاهي تعقيد سيناريوهات التدريب تنوع القوى المشاركة. كان على الجنود من جميع أنحاء المنطقة مواجهة ليس فقط التنظيمات الإرهابية، مثل داعش، بل وكذلك الميليشيات التي ترعاها دولة والتي تدعمها جهات تطمح إلى الهيمنة الإقليمية.
وقال اللواء الركن يوسف الحنيطي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية، “أن الأعداء التقليديين وغير التقليديين مستمرون بتطوير قدراتهم، ويجب علينا معاً أن نقوم بالمثل.” وأضاف “يجب علينا أن نسعى جاهدين لهزيمة ليس فقط قوات أعدائنا، ولكن أيضا أيديولوجيتهم. يمكننا حماية مجتمعنا للأجيال القادمة فقط من خلال التدريب معاً على أسوأ السيناريوهات الممكنة.”
تمثلت روح الشراكة هذه بمهمات تتطلب تنسيقًا متعدد الجنسيات عالي المستوى، بما في ذلك تمرين كبير بالذخيرة الحية في الصحراء، وغارات قوات العمليات الخاصة، وهجوم بحري يستهدف سفينة شحن مختطفة.
في تمرين مشترك بالذخيرة الحية في اليوم الأخير من تمرين الأسد المتأهب، تم تعزيز قوات الرد السريع القطرية بقوة أردنية / أمريكية لطرد الإرهابيين الذين يحاولون القيام بتوغل حدودي. وخلف الخطوط الأمامية، استعد فصيل طبي من المملكة العربية السعودية لإجلاء المصابين. وقد حضر الفعالية كل من اللواء الركن الحنيطي وقائد القيادة المركزية الأمريكية الفريق أول كينيث ماكنزي من خيمة مراقبة نصبت على تل رملي في منطقة البادية الأردنية الشديدة الجفاف. وانضم إليهم ضباط من عشرات البلدان.
الهجمات الجوية التي قامت بها المروحيات ومقاتلات أف- 16 وقاذفات بي- 52 استكملت عمليات القصف المدفعي ونيران الصواريخ من بطاريات نظام الصواريخ المدفعية عالية الحركة الموجهة بالرادار. ودمّت الدبابات المتقدمة الأخاديد بنيرانها لتفتح القذائف المصصمة لتدمير الألغام طريقاً للدبابات عبر الأرض الصحراوية.
وقال العقيد في الجيش الأمريكي غرانت فوسيت الذي شاركت قواته المتمركزة في الكويت في التمرين، “إن التمكن من التنسيق مع الدول الموجودة هنا والقيام معها بعمليات عسكرية فعلية يبعث برسالة مهمة إلى المنطقة بأكملها، مفادها أن الولايات المتحدة وحلفائها يركزون على تحقيق الاستقرار.”
وأشاد العميد الركن محمد الثلجي، مدير التدريب والتمارين المشتركة السابق في القوات المسلحة الأردنية، بالتنسيق بين مكونات القوة المتعددة الجنسيات وتماسكها.
وقال العميد الثلجي، “لا يمكنك تمييز الجنود الأمريكيين من الجنود الأردنيين.” “هذا أحد الأهداف الرئيسية: تحسين وتعزيز قابلية العمل البيني لقواتنا وتطوير القدرة على العمل معاً في المستقبل لمواجهة وتقليل التحديات والتهديدات التي تهدد سلامتنا وأمننا.”
أكثر من 500 منتسب من قوات العمليات الخاصة من الأردن والولايات المتحدة وإيطاليا وقطر وبروناي والمملكة العربية السعودية ورومانيا ولبنان واليابان والإمارات العربية المتحدة وفرنسا واليونان وقبرص تبادلوا الخبرات فيما بينهم. تم تعيينهم في فرق العمل بناءً على ما إذا كانوا متخصصين في المهام البرية أو البحرية أو الجوية.
وتعاونت القوات الخاصة الأردنية والسعودية والقطرية لشن هجمات في مناطق حضرية باستخدام طائرات الهليكوبتر. وتلقت قوة مغاوير من الأردن ولبنان وقبرص – تعليمات من طاقم التكتيكات الخاصة للقوات الجوية الأمريكية – على القيام بإمدادات عن طريق الجو لدعم العمليات خلف خطوط العدو. في خليج العقبة، قامت فرقة عمليات مشتركة خاصة من الأردن والولايات المتحدة وقطر بالنزول بسرعة بالحبال من المروحيات لتفتيش عبارة والاستيلاء عليها في محاكاة لسيناريو الاختطاف.
وتعاملت قوات العمليات الخاصة الأمريكية والأردنية مع تعقيد آخر في ساحة المعركة الحديثة هو مواجهة طائرات العدو المسيرة. استخدمت وحدة مكافحة المتفجرات التابعة للقوات المسلحة الأردنية روبوتات وأجهزة تشويش وتصوير بالأشعة السينية للتحقق من طائرة “درون” مسيرة ساقطة. كان الهدف هو استغلال أي معلومات استخبارية قد توفرها الطائرة التي تم إسقاطها وتحييد أي متفجرات قد تحملها.
قال الرقيب أول في الجيش الأمريكي أندرو بيرد: “خرجنا من التمرين اليوم ونحن نفهم كيفية توحيد الاتصالات، والتغلب على أي حواجز لغوية، وكيفية الرد على سيناريو حقيقي للغاية.”
تكللت واجبات إستعمال القدرات المتعلقة بالمعلومات لغرض التأثير على العدو وتعطيل وافساد أو التحكم بعملية صنع القرار لديه وحماية القوات الصديقة من هكذا إختراق خلال تمرين الأسد المتأهب، تكللت بقيام طاقم سلاح الجو الملكي الاردني باسقاط منشورات من الجو.
لازالت مثل هذه الطرق القديمة فعالة في مكافحة داعش، عندما عطل الإرهابيون الاتصال بالإنترنت والتلفزيون والإذاعة في البلدات العراقية والسورية التي احتلوها، نبهت المنشورات السكان إلى المعارك المقبلة، وشجعتهم على التبليغ مخابئ الإرهابيين والابتعاد عن مناطق العمليات الحربية.
تم التركيز بشكل خاص على الاستعداد السيبراني في تمرين الأسد المتأهب أيضًا. في الواقع، حصل جنود من الأردن والعراق والكويت والولايات المتحدة على درس واقعي في التمرين. كان الفريق يستعد لبدء تدريباته السيبرانية، عندما قام فريق الاستجابة للحوادث السيبرانية التابع لـلقوات المسلحة الأردنية باكتشاف وإيقاف محاولة خرق باستخدام برامج ضارة لنظام الكمبيوتر الخاص به.
عبر أحد أعضاء الفريق السيبراني هو المقدم العراقي سامر عماد عن ارتياحه لأن المشاركين من خمس دول تمكنوا من توحيد إجراءاتهم لوقف الهجمات الضارة. وقال المقدم عماد، “من خلال العمل مع قوات التحالف، من الجيد أن نرى كل هذه الدول تعمل بجد كالنحل للدفاع ضد أي تهديد يحاول تعطيل العملية.”
سمحت ندوة كبار القادة التي انعقدت قرب نهاية تمرين الأسد المتأهب 19 للقادة من حوالي 30 دولة بالتفكير بشكل استراتيجي في القضايا الأمنية التي تعاني منها المنطقة والعالم. وكانت الموضوعات الرئيسية هي الأمن السيبراني، والدفاع ضد الهجمات الصاروخية الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية والصاروخية، ومكافحة الأيديولوجية المتطرفة.
على الرغم من الانتصارات المذهلة ضد مقاتلي داعش في العراق وسوريا، فقد حث الضباط الأردنيون شركائهم متعددي الجنسيات على البقاء متيقظين لأي عودة للإرهابيين.
فقد قال ضابط أردني خلال عرض تقديمي أن القوات الأردنية تواصل إحباط محاولات تهريب الأسلحة والمخدرات إلى داخل البلاد، بما في ذلك المتفجرات المخبأة في ثمار الرمان. وأضاف، “القوات المسلحة الأردنية هي بمثابة خط الدفاع الأول في منع داعش من الوصول إلى المنطقة”.
وقال لقد انتقلت داعش إلى “مرحلة إعادة البناء” وانسحبت فلولها إلى مخابئ الصحراء والجبال في انتظار إعادة الانتشار. لكن لا يزال الآلاف من أتباع داعش في المنطقة.
وقال إن تكنولوجيا المعلومات تمنح الإرهابيين مزايا لم تكن لديهم قبل عقود. فقد احتاج ما يسمى بـ “المجاهدين” في أفغانستان في الثمانينيات إلى أسابيع لنقل الدعاية عبر وسائل الإعلام التقليدية، لكن تستطيع داعش أن تقوم بالدعاية لأفعالها الشنيعة في دقائق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
سيستضيف الأردن تمرين الأسد المتأهب مرة أخرى في عام 2021، مما يتيح للمشاركين المحتملين وقتاً إضافياً لتنظيم وتدريب الجنود في التمرين. بعد عدة سنوات من استضافة التمرين، سيقوم العميد الركن الثلجي بتسليم مقاليد الأمور لقائد آخر حيث تم ترقيته لقيادة القوات الأردنية في المنطقة الشمالية من البلاد.
قال العميد الثلجي: “لقد زاد هذا التمرين من التفاهم وزاد من درجة التحمل لقواتنا العسكرية،” وأضاف: “لقد تمكنا من التركيز على الأواصر الاجتماعية وعلى القواسم المشتركة، وليس على الاختلافات، أي على ما يجمعنا وليس ما يفرقنا.”
لقد أظهر تمرين الأسد المتأهب 19، عزيمة الدول المشاركة على مواجهة أي عدو يحاول السيطرة على الشرق الأوسط أو فرض أيديولوجيته على المنطقة.
الإيمان بالعمل
رجال دين عسكريون أردنيون وأمريكيون يجلبون البسمة لكبار السن
التعليقات مغلقة.