سابقة تاريخية: وحدة إماراتية تجري تدريباً قتالياً في الولايات المتحدة
أسرة يونيباث. الصور بعدسة الرائد جيسون ويلش/الجيش الأمريكي بالمنطقة المركزية
”يللا، يللا!“ نداء موجه إلى فريق المهندسين القتاليين من الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
إطلاق النار يمزق صمت الغابة، ونيران الأسلحة الآلية تقمع مقاتلي العدو، والمهندسون يواجهون سلسلة من الأسلاك الشائكة التي تعيق تقدم سرية المشاة.
فيتقدمون وسط سحابة من الدخان الأخضر ويضعون طوربيدات بنغالور لتفجير الأسلاك ويتخذون ساتراً، فيحدث الانفجار ثغرة في العائق بعرض 20 قدماً (6 أمتار)، ويسرع المهندسون العسكريون إلى الأمام، ويفتحون طريقاً آمناً لعشرات الجنود الإماراتيين والأمريكيين لعبور الثغرة ومواصلة تقدمهم.
هذا هو مركز تدريب الاستعداد المشترك في فورت جونسون بولاية لويزيانا جنوبي الولايات المتحدة؛ ظل أسبوعين في عام 2023 مسرحاً لاختبار التعاون العسكري بين الإمارات والولايات المتحدة.
ففي الفترة الممتدة من 18 شباط/فبراير إلى 5 آذار/مارس، تدرب جنود من الكتيبة الجبلية الحادية عشرة بدولة الإمارات بصحبة جنود أمريكيين من الكتيبة الأولى ولواء إسناد قوى الأمن الثالث وفريق اللواء القتالي الثاني والفرقة الجبلية العاشرة.
قال الفريق باتريك فرانك، القائد العام للجيش الأمريكي بالمنطقة المركزية: ”لقد أظهرت هذه السابقة التاريخية من دورة مركز تدريب الاستعداد المشترك كفاءة القوات البرية الإماراتية وقوة شراكتنا.“
حظيت الكتيبة الجبلية الحادية عشرة الإماراتية بشرف كونها أول وحدة عسكرية من الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا تجري تدريباً في مركز تدريب قتالي بالولايات المتحدة.
تتضمن كل دورة تمريناً بالذخيرة الحية ومحاكاة لقتال بين قوتين متعاديتين يتطلب فريقاً قتالياً بحجم اللواء للتنسيق بين كتائبه وسراياه. ولأغراض التمرين، اعتُبرت القوات الإماراتية وحدة من وحدات لواء أمريكي، وقامت بعمليات دفاعية وهجومية، ومنها هجومان جويان. وقامت وحدة أخرى من الجيش الأمريكي بدور قوات العدو.
صمدت مهمة المركز 30 عاماً، وغايتها تدريب فرق الألوية القتالية وإعداد الجنود للتغلب على صعوبة الحرب، ويقدم المركز مناورات أقرب إلى التدريب الواقعي بفضل ما يتمتع به من مزيج فريد من مناطق التدريب والقوات التي تقوم بأدوار مختلفة وقوات معارضة والقدرة على تعقبهم جميعاً رقمياَ.
ويدير الجيش الإماراتي ثلاثة مراكز تدريب قتالية خاصة بجنوده تضم كتيبة محترفة من القوات المعارضة، وتركز على تمارين مراكز القيادة، وتمارين التدريب الميداني، والعمليات العسكرية في المناطق الحضرية.
وصل 150 جندياً من الكتيبة الجبلية الإماراتية إلى الولايات المتحدة بعتادهم على متن طائرات من طراز «سي-17» تابعة للقوات الجوية الإماراتية، وأمضوا أسبوعاً في التكيف مع تضاريس الغابات في لويزيانا، وهي مختلفة تمام الاختلاف عن الصحاري والجبال في وطنهم.
وفي منتصف دورة التدريب القتالي، قدم المراقبون تقييماً يتضمن آراء وملاحظات لتحسين الأداء، وكانت قضية جودة الاتصال عند انتقال الأوامر في تسلسل القيادة من أهم المواضيع التي نوقشت.
قد يصعب على القوات في الوحدات الفردية أن تعي دورها في خطة المعركة الكبرى، ولذلك ساعدت الآراء والملاحظات قوات الكتيبة الجبلية الحادية عشرة على الوصول لفهم أفضل لأهمية عملهم على مستوى السرية للجهود العامة للكتيبة واللواء.
كانت اللغة التحدي الواضح لكلٍ من القوات الإماراتية والأمريكية، ولكن كان على القوات الإماراتية أيضاً التأقلم مع الغابات الرطبة الباردة التي كانت قوات «العدو» تألفها وتلم بها. وكان عليها الحد من استهلاك المياه واستخدام البطاريات وإطلاق الذخيرة لمواصلة مهمتها في ميدان القتال. وقد زاد قيام مدنيين بتمثيل دور المتفرجين من تعقيد القتال، إذ اضطرت القوات إلى تمييزهم عن المقاتلين المعادين.
وكانت القدرة على العمل بالتزامن مع كتيبة أمريكية وتنفيذ مهمة لمساندتها دليلاً على مستوى التوافق العملياتي بين القوات الإماراتية والأمريكية، وهذا من أولويات القوات الأمريكية في الشرق الأوسط. وقد وصلت القوات الإماراتية إلى ميدان التدريب على أتم استعداد، إذ بدأ فريق يضم 12 مدرباً أمريكياً من لواء اسناد قوى الامن الثالث في إعداد الجنود الإماراتيين لزيارة الولايات المتحدة منذ عام 2022.
وقال العقيد زكاري ميلر، قائد لواء اسناد قوى الامن الثالث: ”أظهرت القوات البرية الإماراتية همتها وكفاءتها في هذه الدورة الثنائية الباهرة من مركز تدريب الاستعداد المشترك، تضمنت تمارين بالذخيرة الحية واشتباكات بين قوتين متعاديتين، فكانت اختباراً لتمارين جماعية مثمرة دامت أشهر مع شركائنا في القوات البرية الإماراتية.“
بعد قضاء عامين في تقديم المشورة للقوات المقاتلة في العراق وأفغانستان في آن واحد، انتقل لواء اسناد قوى الامن الثالث إلى نموذجه الحالي المتمثل في التعاون مع القوات البرية في ربوع الشرق الأوسط، فأقام شراكات تعود بالنفع على الجانبين في كلٍ من الأردن والإمارات والمملكة العربية السعودية.
وعولجت أي مثالب لوحظت خلال فعاليات التمرين، وما أقلها كما ذكر ميلر، فور عودة قوات الكتيبة الجبلية الحادية عشرة إلى الإمارات.
فقال ميلر: ”لا يسعني التعبير عن فخري بكل المشاركين؛ كان فريقنا متحمساً للعودة معهم إلى الإمارات واستعراض مختلف الدروس التي استفادوا منها.“
وأعرب الفريق أول فرانك عن أمله في أن يشجع نجاح المبتعثين الإماراتيين في عام 2023 دولاً أخرى على ابتعاث قواتها إلى مراكز التدريب الموجودة في الولايات المتحدة.
التعليقات مغلقة.