رسالة قائد مهم
أود أن أعرب عن شكري وامتناني للقيادة المركزية الأمريكية لإصدارها هذه الطبعة من مجلة يونيباث والتي تتمحور حول ضرورة مواجهة المنظمات الإرهابية العنيفة.
أدركت الدولة اليمنية خطر تنظيم جماعة الحوثي الإرهابية، مبكرًا، وخاضت معها جولات من المواجهة قبل 20 عامًا، ولا تزال المعارك مستمرة. تمكنت الجماعة من توسيع نطاق تمردها وصولا إلى الإنقلاب على الشرعية والسيطرة على العاصمة صنعاء وعدد من المدن اليمنية في سبتمبر ،2014 مستغلة المماحكات السياسية في منظومة الحكم والدعم اللامحدود من إيران.
معركة اليمنيين ضد الإرهابيين تحولت إلى مواجهة شاملة قادتها الحكومة الشرعية والقوات المسلحة والمقاومة المساندة محليًا، ومساندة تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية التي بدأت في مارس ،2015 ونجحت في استعادة مناطق غير قليلة من الجغرافيا، لكن التجاذبات الخارجية وارتخاء موقف المجتمع الدولي، كان في مصلحة التنظيم الحوثي.
لقد فشل الحوثيون في إخضاع اليمنيين، أكثرية السكان الأصليين، بالقتل والقمع المفرط، وهم يسعون لضرب المجتمع في عقيدته وهويته وفكره وثقافته وموروثه الحضاري. فاليمني يقاوم ويُقاتل من أجل استعادة حقه وحريته ودولته، رغم المعاناة الجائرة والتضحيات الهائلة. لكنه يشعر بأنه معزولا في معركته المشروعة ويعتقد أن تجاهل المجتمع الدولي ساعد الحوثية على توسيع دائرة عملياتهم الإرهابية إلى خارج الحدود اليمنية، وتهديد الأمن القومي العربي والإقليمي والأمن العالمي. وقامت المجموعة باستهداف المطارات والموانئ ومنشآت النفط والغاز في اليمن ودول الجوار.
تتفوق الحوثية على الجماعات والمنظمات الارهابية وتنظيم القاعدة وداعش، في تهديدها للأمن والسلم العالمي، فهي تمتلك مقومات الدولة اليمنية التي سيطرت عليها ومن بينها مقدرات وسلاح الجيش، وباتت تمتلك ترسانة من الصناعة الحربية الإيرانية، وخصوصا الصواريخ الباليستية والمجنحة وطائرات بلا طيار وزوارق وسفن صغيرة غير مأهولة.
هذه الجماعة تتحرك في تنفيذ مشروعها الإيراني كمنظومة متكاملة وتعمل في العلن بصورة صريحة. ليست مثل غيرها من جماعات العنف والتطرف التي تتشكل كمجاميع صغيرة وعناصر متسكعة تتخفى في المناطق والمجتمعات، وتنفذ عمليات مباغتة وتكتيكات حروب العصابات وتقوم على الاستقطاب الفردي.
الأخطر من ذلك، أن الجماعة تعمل لتثبيت مشروعها وتستعد لحروب طويلة الأمد، من خلال تجنيد جيل طائفي من المقاتلين والأتباع، وتطييف المجتمع وتأمين مصادر تمويل استراتيجية دائمة.
يؤسفنا القول أن الحوثية استطاعت تطوير قدراتها العسكرية مع إصرار إيران على انتهاك القوانين الدولية وقرارات مجلس الامن الدولي التابع للامم المتحدة وتماديها في تهريب السلاح والتقنيات الحربية لمليشياتها الحوثية ودعمها بالمال والمعلومات، والدعاية والاعلام.
شهدت الحرب الإيرانية في اليمن تصعيدًا جديدًا خلال الحرب في غزة، فقد عبرت إيران عن نفسها بوضوح من خلال تحريك مليشياتها الحوثية ووكلائها في المنطقة، وتوجيه مجهودها العسكري نحو تهديد خطوط الملاحة البحرية الدولية وتصعيد العمليات الإرهابية التي تنفذها الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن وصولا إلى بحر العرب. السيطرة على مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات العالمية، هدفا إيرانيا رئيسيا وتهديدًا استراتيجيا للأمن العالمي.
يستغل الحوثيون العواطف الشعبية في حرب غزة للتحشيد ونشر الكراهية تحت عناوين نصرة الغزاويين.
التهديد الإيراني الحوثي لايمكن مواجهته عبر التحالفات العسكرية البحرية فحسب، فهو بالأساس سيبقى مشكلة برية، فالهجمات الارهابية تنفذ من مناطق سيطرة التمرد. الضربات البحرية والجوية حققت بعض الأهداف وحدت من بعض قدرات الحوثيين، لكنها ستبقى ضعيفة الجدوى ولن تحقق هدف تدمير قدرات الحوثية وردع عملياتها العدائية.
يؤمن اليمنيون بأن الحل يكمن في دعم الدولة اليمنية الشرعية ومساعدتها لاستعادة الدولة وتحرير الاراضي وكسر شوكة الحوثية لفرض الأمن والاستقرار، من أجل تأمين الملاحة العالمية أولا، ومن أجل إحلال السلام الدائم والآمن في اليمن. وأن لا تغفل التحالفات التي تتشكل مصلحة اليمنيين ودولتهم المعترف بها دوليًا.
إننا في القوات المسلحة اليمنية نثمن المواقف الأمريكية الداعمة للحكومة الشرعية، والتعاون والدعم لجيشنا اليمني وجهود البحرية الأمريكية والقوات المشتركة في محاربة تهريب الاسلحة والمخدرات القادمة من إيران ومنع وصولها إلى الحوثيين.
نتطلع لدعم قواتنا المسلحة وتطوير قدراتها وجاهزيتها للقيام بواجباتها ورفع كفاءتها لتكون شريكا فاعلا في تعزيز الأمن البحري ومكافحة الإرهاب. قواتنا في وحدات البحرية والدفاع الساحلي ووحدات حرس الحدود تقوم بمهام كبيرة في نطاق عملياتها، لكنها تحتاج إلى أسلحة ومعدات وتدريب وتعزيز التعاون العملياتي والمعلوماتي.
نعول على دعم شركائنا، أشقاء واصدقاء، في إعادة السلام في بلادنا، وردع تهديدات إيران ووكلائها، فاستقرار المنطقة مرهون باستقرار اليمن.
الفريق الركن الدكتور صغير بن عزيز رئيس هيئة الأركان العامة وقائد العمليات المشتركة
التعليقات مغلقة.