درء التهديدات الخارجية
قوات من وسط وجنوب آسيا تتعاون خلال تمرين «التعاون الإقليمي» لعام 2022 الذي تقيمه القيادة المركزية الأمريكية
أسرة يونيباث
حين أججت دولة التوترات العرقية لإشعال فتيل حرب أهلية في جارتها، تشكَّل تحالف عسكري دولي لمنع الصراع من التهام المنطقة برمتها.
تتكون قوات التحالف من فوج مشاة طاجيكي، وفوج عمليات خاصة باكستاني، وفوج مشاة كازاخي، وفوج مشاة آلي أوزبكي، وسريتَي عمليات خاصة منغوليتين، وفوج مشاة آلي أمريكي، واثنين من أفواج الناتو المنتشرة لحفظ السلام.
كان العدو يستخدم أساليب الحرب غير المتكافئة كنشر الأكاذيب عبر وسائل الإعلام الاجتماعي والتفجيرات الإرهابية وغيرها من التكتيكات غير التقليدية، ولذلك لا يمكن لقوات التحالف الاكتفاء بالقوة العسكرية للرد على التهديدات الواقعية. بل كان عليها تجاوز الاختلافات الثقافية واللغوية للعمل بروح الفريق الواحد بكفاءة وفعالية.
شكلت هذه المحاكاة الحدث الرئيسي في تمرين «التعاون الإقليمي» لعام 2022، وهو تمرين عسكري للقيادة المركزية الأمريكية عُقد في العاصمة الطاجيكية دوشنبه خلال الفترة الممتدة من 10 إلى 21 آب/أغسطس 2022. وكان الهدف من التمرين يكمن في حشد قوات متعددة الجنسيات في مهمة مشتركة لمكافحة الإرهاب، والحفاظ على السلام، ونشر الاستقرار في منطقة تقترب تضاريسها من تضاريس وسط آسيا.
قال الملحق العسكري الباكستاني لدى طاجيكستان الذي كان من المشاركين في التمرين: “أمننا الإقليمي مسؤولية جماعية، ولا بدَّ لنا من التعاون مع الجيوش الإقليمية في سبيل تأمين حدودنا المشتركة وحرمان الجماعات الإجرامية والإرهابية من عبورها. ولطالما حرصت باكستان على المشاركة في التمارين العسكرية الإقليمية والدولية التي تعود بالنفع على جميع المشاركين.”
شارك في فعاليات التمرين أكثر من 300 ضابط وضابط صف من جيوش الدول المشاركة إلى جانب وحدة كبيرة من الدولة المضيفة طاجيكستان، وقدمت طاجيكستان دعم الإمداد والتموين اللازم للتمرين. وفضلاً عن طاجيكستان، كان من ضمن المراقبين قوات من كازاخستان وقرغيزستان ومنغوليا والولايات المتحدة وأوزبكستان.
تألفت معظم فعاليات التمرين من عمليات محاكاة حاسوبية تطلبت من المشاركين الاندماج في فريق بمقر قيادة أحد الألوية لقيادة قوات وهمية على الأرض. وركز تمرين مركز القيادة على تعزيز التعاون والتوافق العملياتي بين الدول المشاركة والتنسيق بين القوات المسلحة والمنظمات الدولية المعنية بقضايا المهجَّرين والمساعدات الإنسانية.
ولصقل المهارات التعبوية، نزل عشرات الجنود إلى الميدان في قاعدة عسكرية خارج دوشنبه للتدرب على فنون القتال وحماية الارتال وإخلاء الجرحى وعمليات مكافحة الإرهاب. وشارك في تلك التدريبات كلٌ من القوات الطاجيكية ووحدات الحرس الوطني من عدة ولايات أمريكية في إطار برنامج شراكة الولايات.
وفي كلمة ألقاها خلال التمرين، أشاد العميد موريزيو كالابريس، أحد رجال القوات الجوية الأمريكية ونائب القائد العام لقيادة مقر مكافحة الإرهاب فوق الأفق في «قاعدة العُديد الجوية» بقطر، بتمرين «التعاون الإقليمي» معتبره “جهداً نبيلاً للنهوض بالأمن الجماعي في المنطقة.”
وأضاف قائلاً: “وحَّدنا صفنا خلال العمليات لزيادة مستوى التطوير والتعاون بين المؤسسات العسكرية والمدنية باستخدام سيناريو معقد، وركز تدريبنا على التصدي لتحديات أمن الحدود، وتطوير أساليب مكافحة الإرهاب، وتحسين مكافحة أسلحة الدمار الشامل وعمليات مكافحة المخدرات، وتعزيز المهام الحيوية الأخرى اللازمة للارتقاء بأمننا المشترك.”
استدعى أحد أهم محاور التمرين وجود كوادر داخل مقر القيادة للرد على العناصر الإرهابية المتآمرة على زعزعة السلام، ووصفت سيناريوهات التدريب هؤلاء الإرهابيين بأنهم يعملون على نشر المعلومات المضللة عبر الإنترنت، وإثارة الفتنة العرقية، وتهريب الأسلحة إلى الوكلاء. وانسحبت قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة بعد أن أوقعها الإرهابيون في كمينهم، مما حمل تحالف تمرين «التعاون الإقليمي» على التحرك لسد الفجوة الأمنية.
يستخدم الإرهابيون والدول المارقة الحرب غير المتناظرة لإشعال الصراعات العرقية والطائفية في دول الجوار. وتشن العناصر الهدامة، العاملة من خلال «جيوش إلكترونية»، حملات على وسائل الإعلام الاجتماعي لإثارة حالة من السخط والاستياء وسط الطوائف العرقية والدينية. وتتزايد مخاوف تلك الطوائف بسبب المعلومات المضللة من أن تكون ضحية للعنف والتهجير. وغايتها تجنيد عناصر جديدة تتبنى قضية الإرهابيين أو الدولة الخبيثة، وعادةً ما يتبع ذلك القتل وأعمال العنف الأخرى.
في أحد سيناريوهات التدريب، رصدت طائرة استطلاع مجموعة من الإرهابيين تحاول التسلل إلى مخيم للمهجَّرين لتجنيد الشباب، مؤكدة ما ورد في تقرير سابق عن توزيع منشورات مؤيدة للإرهاب بين هؤلاء الشباب. فما كان من قوات التحالف إلا أن كثَّفت التحقق من المهجَّرين للتأكد من عدم وجود عناصر إرهابية بينهم. فقد كشفت التجارب السابقة أنَّ مخيمات المهجَّرين تعتبر من أبرز بؤر التجنيد للجماعات الإرهابية التي تستغل مشاعر الاغتراب واليأس بينهم.
وأشار تقرير استخباري آخر إلى أنَّ الجماعة الإرهابية كانت تسعى لحيازة أسلحة كيميائية وبيولوجية لضرب البنية التحتية الحيوية، والتقطت طائرات الاستطلاع التابعة لقوات التحالف صوراً لإرهابيين يحاولون استخدام طرق التهريب التي يسلكها تجار المخدرات.
فقررت هيئة القيادة المشتركة قطع ممر التهريب بالقصف الجوي وكلفت قوات العمليات الخاصة بمهمة مداهمة أوكار المهربين في تلك المنطقة لمنع وصول الأسلحة الكيميائية والبيولوجية للعناصر الإرهابية.
أكد العقيد كخرمون أشيلوف، رئيس الوفد العسكري الأوزبكي المؤلف من 17 منتسب للقوات المسلحة مكلفين بالاشتراك في تمرين «التعاون الإقليمي»، على أهمية التمرين لتشجيع المشاركين على التوصل إلى توافق في الآراء لمواجهة التهديدات الأمنية، ووصف أوزبكستان بأنها من أبرز البلدان الحريصة على دعم أمن المنطقة.
وقال: “خلال فعاليات تمرين «التعاون الإقليمي» لعام 2022، عملنا على القضايا المرتبطة بفرض الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال تضافر الجهود في مختلف سيناريوهات الأوضاع سريعة التغير في العالم. وعلاوة على ذلك، نجح المشاركون في التمرين في صقل مهاراتهم في تنظيم العمل المشترك في فرق تشكلت مؤقتاً لتلك الغاية.”
ووصفت بريدجيت ووكر، نائبة رئيس البعثة في السفارة الأمريكية بطاجيكستان، تمرين «التعاون الإقليمي»، الذي تقيمه القيادة المركزية الأمريكية منذ عام 2001، بأنه مثال ناجح للتعاون المشترك لمعالجة التحديات التي تواجه الأمن الإقليمي.
وتقرر إقامة النسخة التالية من التمرين في ولاية مونتانا بالولايات المتحدة في حزيران/يونيو 2023.
وقالت: “ما هذا التمرين إلا مثال من أمثلة التعاون بين القوات المسلحة للولايات المتحدة ودول وسط وجنوب آسيا وهو يظهر التزامنا بالنهوض بقدرة شركائنا على التصدي للمتشددين والقضاء على تهريب المخدرات.”
التعليقات مغلقة.