تحت المجهر تصحيح الفهم الخاطئ للدين بواسطة Unipath آخر تحديث يونيو 10, 2019 شارك Facebook Twitter القوات المسلحة الأردنية وضعت مناهج حديثة لمكافحة التطرف أسرة يونيباث ثلاثة عناصر لايمكن الاستغناء عنها لدحر الارهاب: جيش محترف ذو مهارات قتالية عالية، جهاز مخابرات دقيق، وخبراء متخصصون في تشخيص الفكر المتطرف الذي يغذي الارهاب. لاتستطيع أقوى جيوش العالم هزيمة الإرهاب باستخدام دبابات وطائرات قتالية فحسب، لأن الإرهاب سيظهر مرة أخرى أينما وجد فجوة أمنية أخرى. لكن عندما يتم تدمير القوات الإرهابية، ويتم تعقب الخلايا النائمة والممولين من قبل أجهزة الاستخبارات ويفضح رجال الدين أكاذيب الإرهابيين ويحمون المجتمع من الوقوع في فخ الفكر المتطرف، حينئذ يتحقق النصر الحقيقي. كانت المملكة الأردنية الهاشمية من بين الدول الأولى التي ساهمت في وضع برنامج آيديولوجي مناهض للتطرف تحت إشراف مديرية الافتاء العسكري التابعة للقوات المسلحة الأردنية وتنفيذ كلية الأمير حسن للدراسات الإسلامية. العميد الدكتور ماجد الدراوشة، مفتي القوات المسلحة الأردنية، كتب لمجلة يونيباث ليشرح التطبيق الاستراتيجي لهذا البرنامج الهام. انضم إليه العميد الدكتور إبراهيم أبو عقاب، عميد كلية الأمير حسن، وفريق خبراء مكافحة الإرهاب في الكلية. يونيباث: ماهو انطباعك عن برنامج مكافحة التطرف؟ العميد الدكتور إبراهيم بو عقاب: في البداية أشكر مجلة يونيباث للتحدث عن انجازات الأردن ولا أقول مديرية الإفتاء فنحن نعمل تحت القيادة الهاشمية الحكيمة ضمن هذا البرنامج التثقيفي. أن الفكر المتطرف لايقاوم إلا بالفكر وأن افضل وسيلة للوقاية من مخاطر الفكر المتطرف هو التحصين الفكري المسبق. ونحن في مديرية الإفتاء ومنذ نشأتها نعمل على نشر الفكر الأسلامي الوسطي. لكن بعدما بدأت المجاميع الأرهابية بالهجمات الوحشية ضد الأبرياء والتغرير بالشباب باسم الدين وبعد صدور رسالة عمان التي تحمل نظرة مستقبلية من القيادة الهاشمية الحكيمة في عام 2004، لتحذر من مخاطر التطرف وتحض على النهج السوي والصورة الحقيقية للاسلام إذ لاقت قبولا عاما حتى أصبحت رسالة عالمية، حيث كان جلالة الملك ينادي بها في كل المحافل. في عام 2006 صدر عن مديرية الإفتاء كتاب يعالج مشكلة التطرف، وأكاد اجزم بأننا اول مؤسسة رسمية عسكرية كتبت في هذا الموضوع. كتبنا كتاب حول التطرف أسبابه وطرق علاجه، هذا الكتاب طبع اكثر من طبعة وأصبح أحد المناهج التي تدرس في مديرية الأفتاء. وتقريبا منذ عام أستحدثنا دورات مكافحة الفكر المتطرف. ولدينا الآن دورة مكافحة التطرف التأسيسية رقم ٣وتحتوي على مواد تعالج التطرف بالاقناع والدليل. نحن لا نتحدث فقط عن وصف الظاهرة انما نشخص الداء والدواء من خلال شرح المفاهيم الصحيحة للقضايا التي ينطلق منها المتطرفون بسبب إساءة فهمها وأبرزها مسألة الجهاد والتكفير ويندرج تحتها موضوع الولاء والبراء. فنحرص على طرح هذه البرامج في هذه الدورة بأسلوب علمي ونحضر هذه المواد على يد أساتذة أكفاء ومتخصصين. على سبيل المثال محاضر اليوم كان الدكتور محمد الكوفحي وكانت محاضرته عن السياسة الشرعية وهذا الموضوع كان جزءا من رسالة الدكتواره. انا مثلا رسالتي لدراسة الدكتواره كانت حول مسألة الجهاد، وبرغم أني عميد الكلية، حاضرت عن موضوع الجهاد بنفسي. مثلا الشيخ رائد كتب حول الحديث النبوي الشريف وكيف يؤدي سوء فهم الحديث الى التطرف، والدكتور عامر كتب في العقيدة وعن فكر الخوارج وهو متخصص بالموضوع. مدة هذه الدورة أسبوعان وطرحنا بها حزمة من المواضيع ذات الصلة، والحمد الله تكللت الدورة بالنجاح وقيمها الطلبة. سمعت من احدهم يقول هذه المسألة ما فهمناها الا من خلال هذه الدورة، وهذا الشخص من القضاة الذين يحاكمون المتطرفين. وهذا دليل على ان هذه القضايا التي نعالجها من خلال الدورة هي قضايا معقدة. ولا يمكن ان يفهمها الأنسان العادي، لأنها ليست قضايا ثقافية بل تخصصية. الحمد لله من خلال كلام اشقائنا السعوديين الذين حضروا هذه الدورة ويقولون بأن الدورة ذات منفعة كبيرة لهم وفي الدورة السابقة كان لدينا ضابطان برتبة عميد من المملكة العربية السعودية. ونحن ماضون في هذا البرنامج الناجح. يونيباث: موضوع الخوارج، نحن نعرف أن للمتطرفين أئمة يرجعون لهم في المسائل الفقهية وينتقون احاديث وروايات تختلف عما يستخدمه المعتدلون، فكيف تدير الحديث مع المتطرف، خاصة أذا كان مصدره غير صحيح او عن رواية معينة من التأريخ لاتنطبق على وضعنا اليوم؟ الدكتور عامر الرجوب: قوله تعالى “وكذلك جعلناكم امة وسطا”، البقرة: 143، فالإسلام هو دين الوسطية والإعتدال اما الخوارج فقد شذوا واتجهوا في اتجاه الغلو في فهم الدين حتى وصل بهم الأمر الى تكفير المسلمين والى قتل الأبرياء والتفجيرات التي يقومون بها خير دليل على ذلك. قد تكون النصوص التي يعتمدون عليها مشتركة بين المعتدل والمتطرف، لكن المشكلة تكمن في سوء فهمه لهذه النصوص. قد يأخذ الفهم على ظاهره ويطبقه على جماعة المسلمين. على سبيل المثال في آيات الحاكمية التي تنص “ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون”، المائدة:44، لو وقفنا على ظاهر النص سنفسر بأن كل انسان لايحكم بشرع الله فهو من الكافرين، وهذا ما فعله الخوارج. أي ان من يحكم ومن يرضى بحكمهم فهو كافر وعليه اباحوا دماء الأبرياء. وهذا يعود للجهل في تفسير نصوص الشريعة، وهذه النصوص لا تؤخذ فرادا أي يجب الجمع بين الأدلة والروايات وملابسات نزول الآية ومن ثم نستنبط الحكم الشرعي. الأمر الآخر ان قادة المتطرفين يعمدون على اجتزاء نصوص من الكتب الاسلامية. وبتر النصوص يعني اخذ جزء من الآية مثل “ويل للمصلين”، حيث تعطي معنى مختلف عن المقصود من الآية كاملة “فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون.” كذلك يبترون جزء من نص معين ليبرروا القتل والتفجير ثم ينسبوه لعالم من علماء الأمة. ويستخدمون التقنيات الحديثة في دبلجة وتركيب الأفلام ويقدمونها على انها قول لعالم معروف. أي ان قادتهم يقومون بخداعهم والمشكلة الأكبر بقلة الثقافة والعلم لدى الأتباع المغرر بهم. ولديهم من يشخص العاطفة في حب الشهادة لدى الأتباع ويوظفونها لقتل المسلمين. ويزرعون هذه الأفكار بين الشباب المتحمسين. لذلك يجب محاربة هذه الأفكار بالفكر. والحمد لله ان الحوار الذي يقوم به المتخصصون في السجون الأردنية له ثمار ملموسة حيث رجع عدد كبير منهم عن الفكر المتطرف. يونيباث: لكن عندما تحاور المتطرف في الأحكام وتذكر له رواية عن الخلفاء الراشدين يرد عليك لكن قال ابن تيمية غير ذلك، أي ينقض رواية عن الخلفاء الراشدين برواية لشيخ جاء بعد الرسول بقرون من الزمن؟ الدكتور عامر الرجوب: الجواب هنا يكمن في مرجعية الأمة. نحن لدينا الفقهاء الأربعة في اخذ وإستنباط الأحكام، من لهم صفات الإجتهاد او من تنطبق عليهم صفة المجتهد نأخذ الأحكام منه. فأبن تيمية على قدر علمه ومكانته لكن لا يمكن ان نقول هو مجتهد مطلق في هذه المسألة. نعم له اجتهاد في بعض المسائل وله ظروف وأحكام خاصة في زمانه ولا يمكن ان نعتبره مرجعا لهذا العصر ونطبق احكامه لتلك الفترة على زماننا هذا. أي ان لدينا الفقهاء الأربعة ولديهم اجتهاداتهم التي نأخذ بها. اما مشكلة المتطرفين فقد اصبح هناك بتر للنصوص وهؤلاء الأشخاص لا توجد مرجعية لهم من السلف الصالح. والفقهاء الأربعة هم سلف هذه الأمة وهناك فجوة كبيرة بين فترة السلف الصالح وبين فترة أبن تيمية احتوت على علماء ومراجع فلا يمكن ان نقدس اشخاص لاعجابنا بهم على حساب السلف الصالح. وكما ذكرت بأن الظروف التي عاشها ابن تيمية كانت خاصة وإستثنائية وكانت لتلك الفترة احكامها ولا يمكن اخذ فتوى او نص من ابن تيمية ونطبقها في زماننا هذا. وهذا ما يفعله الخوارج بإنتقاء فتوى عن ظرف وزمن معينين ويحاولون تبرير جرائمهم من خلالها. العميد الدكتور إبراهيم بو عقاب: يجب أن يرجع كل من لديه استفسار الى المتخصص. يعني الله عز وجل جعل ناس متخصصين لكل علوم الدين والدنيا والخطأ الكبير الذي يرتكبه هؤلاء الناس بأنهم ليسوا متخصصين في العلوم الشرعية. حتى ثبت في الواقع بأنهم لايحملون مؤهلات شرعية وللأسف الشديد هناك من يُخدع بأحاديثهم. الله عز وجل يقول في كتابه “فأسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون” ألأنبياء:7، ونحن في جميع التخصصات نسأل اهل الذكر، في تخصصاتهم. يعني لايعقل ان يذهب مريض الى إمام ليتعالج بل يذهب الى طبيب. والطبيب عندما يحتاج حكما شرعيا لابد ان يأخذه من الأمام. هذه القضية لو ضبطت لأستغنى الكثير من هؤلاء عن التطرف الناتج عن سوء الفهم. لقد ثبت ان اهم سبب للتطرف هو سوء الفهم وليس بسبب الظروف. الإفتاء بدون علم هو اخطر شيء في قضية التطرف. يونيباث: اغلب حالات التطرف تحدث داخل السجون، أي ربما يكون الشخص قد سجن لجريمة لكنه يلتقي ويتأثر بالمتطرفين أثناء فترة السجن. فكيف يمكن تحصين السجناء ضد الأفكار المتطرفة؟ الشيخ رائد بني خلف: معظم الأشخاص الذين يدخلون السجن غير مؤهلين لتفسير الشريعة. وبالتالي، يجب حمايتهم من الأفكار المتطرفة. هذا ما تفعله مؤسساتنا الأمنية من خلال فصل السجناء وتصنيفهم. كل فئة لديها مكان مختلف للنوم والعيش. تقوم لجنة المناصحة والمحاورة المتخصصة في الأيديولوجيات المتطرفة بزيارة السجناء ومحاورتهم فاذا اقتنع أحد المتطرفين برأي اللجنة، يتم نقله إلى مكان آخر لتجنب إلحاق الأذى به على أيدي المتطرفين في نفس السجن. بهذه الطريقة -والحمد لله- تمكنت اللجنة من إقناع العديد من المتطرفين بالتخلي عن أفكار التكفير بعد أن أظهرت لهم الطريق الصحيح في فهم الشريعة ونصوصها، مع العلم أن بعضهم يتمتع بمكانة قيادية عالية بين المتطرفين. العميد الدكتور إبراهيم بو عقاب: نعم هذه القضية هي مشكلة وبحاجة لعلاج، ليس لدي تصور عن السجون خارج الأردن، لكن في السجون الأردنية نحتاج أيضا الى علاج. لأن المتطرفين اذا وضعوا في نفس المكان فيتعلموا من بعضهم البعض. يجب ان يكون هناك عناية خاصة في هذا الموضوع. بحيث يصنف هؤلاء تصنيف دقيق ويتم عزلهم عن بعضهم ويعامل كل واحد منهم معاملة مناسبة. وإذا تركوا مع بعضهم البعض فأنا أتوقع انه سيولد خطر على البقية. هذه مشكلة مشخصة وهناك محاولات لحلها لكن الى الآن لم يتم الوصول الى حل جذري. لقد صدر عفو ملكي خاص عن المتطرفين المحكومين الذين تم رجوعهم للطريق الصواب ورفضوا التطرف. وهذا كان حافز قويا لتشجيع البقية بالتفكير الجدي لترك التطرف. يونيباث: برنامج مكافحة التطرف الحالي، ماهي أهدافه وماالذي يقدمه للطلاب من الدول الشقيقة؟ الدكتور عامر الرجوب: أن من أهم اهداف هذه الدورة هو تنوع عناوينها وعدم اقتصارها على موضوع واحد. الأمر الثاني هو ان هذه الدورة بعناوينها التي وضعت من قبل الأئمة المتخصصين تشرفت بجلب محاضرين خارجيين من جامعات المملكة، من القضاء العسكري ومن الإفتاء العام أي انها ليس دينية بحته انما فيها تكامل وتعالج الموضوع من جميع الجوانب الدينية والقضائية والأمنية. حيث ينقل المحاضرين صور واقعية لما يحدث لديهم. مثلا الأخوة في دائرة المخابرات العامة يعطونا صور واقعية لما يحصل عندهم. الفئات المستهدفة في هذه الدورة هم الأشخاص الذين يعملون مع المتطرفين سواء في الأجهزة الأمنية أو القضائية. لدينا فقرة لتقييم الدورة عند نهايتها من خلال اجراء إستبيان ونحدد من خلاله مدى تحقيق اهداف الدورة. ونطور المنهاج في كل دورة مستندين على مقترحات الدورة السابقة. يونيباث: كيف يستخدم خريجو هذه الدورة ما تعلموه خلال الدورة في عملهم اليومي؟ الدكتور محمد الكوفحي: مثلا موظفي الأجهزة الأمنية، نحن نعطيهم ادلة شرعية قد يستفيدون منها في متابعة او التعرف على المتطرفين. طبعا الموظف هو غير متخصص في الشريعة فعندما ندرسه بعض المواضيع ذات الصلة بالتطرف مثل “الحاكمية” ربما لا يكون لديه العلم الكافي قبل الدورة التدريبية لكن سيستفيد من الناحية الشرعية. كما هو معروف بأن اي شخص يجلس في مجلس او محاضرة سيستفيد شيئا، وحضور المتدرب في هذه الدورة يعطيه الكثيرة من المعلومات التي يمكن استثمارها بالجهة المستهدفة لديه. الأمر الآخر ان الأخوة السعوديين ثمنوا اهمية هذه الدورة حيث أثنى قائد القوات البرية السعودية على اثرها الإيجابي. في الدورة السابقة كان لدينا 4 متدربين من المملكة العربية السعودية وفي هذه الدورة ارتفع الى 7 وهذا مؤشر إيجابي على نجاح البرنامج. ودليل على ان هذه الدورة لها قبول عند الدول الشقيقة. كذلك ليس فقط الأجهزة الأمنية والدول الشقيقة من يستفيد منها بل لدينا أئمة في القوات المسلحة ضمن هذه الدورة. وهؤلاء الأئمة يلعبون دورا كبيرا في وحداتهم العسكرية وينقلون نموجا حسنا في مكان عملهم وربما هذه الدورة تساعدهم على معرفة الأشخاص الذين لديهم دوافع للتطرف ويقومون بعلاجها مبكرا. يونيباث: بعد ظهور داعش وسيطرتها على مدن في العراق وسورية مارست غسيل الدماغ للسكان لذلك الكثير من القادة الأمنيين يؤكدون على ان مرحلة مابعد داعش هي مرحلة حرجة، ماذا يمكن ان يقدم أئمة القوات المسلحة لتحصين المجتمع وعدم السماح بظهورهم تحت مسميات أخرى في المستقبل؟ العميد الدكتور إبراهيم بو عقاب: انا رأيي بأن التطرف قضية فكرية أي تبدأ بالفكر وتنتهي بالفكر. وخير سلاح لمكافحة التطرف وأثر هذا التطرف الذي انتشر في معظم دول العالم بنسب متفاوتة، هو التحصين الفكري. لأن الفهم الصحيح هو ما يجعل الأنسان يقتنع. انا قد لا أسيطر على أقرب الناس لي في هذه القضية إذا كان أساء الفهم، لكن اذا انا استطعت الوصول لهدفي في إعطاء المفهوم الصحيح للدين وخصوصا ما يتعلق بالقضايا التي ينطلق منها المتطرفون أكون قد حققت النجاح. أعتقد بأن هذه الدورات جزء من العلاج لهذه المسألة. التثقيف والتحصين هو جزء مهم من هذا العلاج. فعلى اهل العلم في هذه الدول ان يسدوا الفراغ من خلال نشر التسامح وتحصين المجتمع وإصلاح المفاهيم الخاطئة. التطرف هي ظاهرة مجتمعية ولاتقتصر على الدين الإسلامي. كل انسان بغض النظر عن معتقده يكون عرضة للتطرف وإقصاء الآخر. والأحداث التأريخية في العالم شهدت اعمال عنف على يد متطرفين غير مسلمين. نحن وظيفتنا كأئمة ونتولى منابر التوجيه ان نبين الفهم الصحيح للإسلام. إذا إستطعنا ان نحقق هذا الهدف سيتلاشى التطرف نهائيا. الدكتور محمد الكوفحي: فيما يتعلق بالسكان الذين تعرضوا لغسيل دماغ، أعتقد أن أكثر الأشخاص ثقة في المجتمع هم أئمة المساجد ومعلمي المدارس. لأن المجموعة المستهدفة هي الشباب خصوصا. نحن نعلم أن داعش جندت أطفالاً صغاراً لارتكاب جرائم قتل. لا يمكنك حماية فكر هؤلاء الأطفال، ولا يمكنك تقديم أدلة الشريعة لهم – فهم لا يفهمون مثل هذه الأمور. ليس لديهم القدرة على النقاش. إذا لم يتم إدارة هذا الأمر من قبل أئمة المساجد والمدرسين، فإن القتل سيكون أمراً طبيعياً عند هؤلاء الأطفال. يونيباث: اذا مامورس ظلم في المجتمع هذا الظلم قد يفتح ثغرة يستغلها المتطرف لكسب ود السكان تحت ذريعة انه سيرفع عنهم الظلم ماهو علاج ذلك؟ العميد الدكتور إبراهيم بو عقاب: نعم، والعلاج هو ما لدينا في الأردن، جميع المواطنين متساوون امام القانون. ولدينا حرية دينية وتعايش ديني وليس لدينا مشكلة من هذا القبيل والحمد لله. وهذا المبدأ راسخ في الهوية الأردنية وقانون ودستور. فقادتنا استشرفوا المستقبل بهذه المسألة سابقا. فالوضع في الأردن لم يأت عفويا، بل كان ضمن قوانين. انا أرى انه يفترض بالدول الأخرى ان تحذو حذو الأردن في قضية التعايش الديني والتسامح. لأن هذه الدول لديها نسيج اجتماعي مقارب للمجتمع الأردني. الدكتور عامر الرجوب: طبعا الوقاية خير من العلاج، يجب تشخيص الحالة قبل ان يدب المرض في كبد الأمة. فعندما اطلق جلالة الملك رسالة عمان، كانت رؤية مستقبلية للمنطقة فالتعايش والتسامح الديني هنا هو نوع من المحبة والتآلف بين الناس. حتى رسالة الوئام بين الأديان التي اطلقها جلالة الملك لاقت قبول وهذه هي الوقاية من هذا المرض الخطير. كذلك توعية الناس على معنى الولاء والبراء والتي قد يساء فهمها. نحن نعيش في الأردن بجو من المحبة والأخاء والتعايش السلمي وحتى التزاوج بين المسلمين وأهل الكتاب. كما ذكرت بأن الوقاية خير طريق في هذه المسألة. والعملية مشتركة بين الجميع في كل مكان حتى خارج الأردن، فكل له دور في هذه القضية، البيت والعمل والمجتمع والقادة والاعلام أيضا. حتى وسائل التواصل الأجتماعي تلعب دورا كبيرا في الجانبين الأيجابي والسلبي في مسألة التطرف، أي يستخدمها المتطرفون للترويج الى فكرهم والتغرير بالشباب ويستخدمها المجتمع لفضح اكاذيب المتطرفين. نحن امام مشكلة تواجه المجتمع، وعملية مواجهتها تحتاج لتظافر الجهود من جميع افراد المجتمع. العميد الدكتور إبراهيم بو عقاب: من خلال حديثك، تعتقد ان الظلم الموجود في المجتمع ساعد على توغل التطرف في ذلك المجتمع. انا انظر لها من منظور ثاني، لو وقع هذا الظلم على ناس عندهم من التحصين الفكري الصحيح لهذا الدين، لما اصبحوا ضحية للتطرف. فالعلاج الأول لمشكلة التطرف هو العلم والثقافة والفهم المعتدل والصحيح للآيات القرآنية والحديث الشريف. إذا كان عند الأنسان وعي وفهم واضح للدين لن يصل ابدا الى ما وصل اليه التطرف الفكري. يجب أن نتحدث أيضا عن العامل الاقتصادي وأثره على الميل نحو التطرف. إن للقمع والفقر تأثير، لكن الإصلاح هو المعرفة الصحيحة والتثقيف. أضطهد الصحابة بسبب إسلامهم أيضا، وكانت لديهم ظروف اقتصادية صعبة. ومع ذلك، لم يصبح أي منهم متطرفًا. لماذا ا؟ لأن لديهم معرفة وفهم صحيح للدين. الدكتور محمد الكوفحي: كمثال في التأريخ الإسلامي، تعرض الأمام أحمد لظلم شديد أبان حكم المأمون العباسي. ولما قيل له لم لا تؤلب العامة على الحاكم؟ برغم انه جلد من قبل الحاكم، لكنه رفض ان يحرض الناس على الدولة. لأنه قدم مصلحة المجتمع على مصلحته الخاصة. لأنه إمام ورجل واعي ويفهم تداعيات تحريض الشارع الذي ربما قد يؤدي لازهاق أرواح. جلد امام بهذا الدرجة من العلم هي إهانه للمجتمع ولو انه أشار إشارة لأتباعه لحدث ما لا يحمد عقباه، لكنه تحمل الإهانه ولم يقبل بأن يكون الظلم سببا للتطرف وإراقة الدماء. في الحقيقة ان الفهم والتحصين الديني هو أساس كل شيء. لكني اعتقد بأن الحرية الدينية والتسامح بين افراد المجتمع هي الوقاية من الوقوع في الاقتتال الطائفي وحتى يرجع المسلمين بكل اطيافهم متحابين كما كانوا في السابق. اما اذا استمر الأقصاء والأضطهاد بين الطوائف سيجد التطرف ثغرات داخل المجتمع لينتشر بين الناس. الشيخ رائد بني خلف: بالنسبة لموضوع الظلم، يجب التركيز على قيم المواطنة. لأن المواطنة هي التي تفضي الى المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن العرق والطائفة والجميع متساوون امام القانون. كل مواطن له حقوق وعليه واجبات. هذا ما ارساه النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وقال “ان اليهود امة مع المؤمنين” وألغى جميع التمايزات وهذا ما تنص عليه الدساتير العربية وخاصة نحن في الأردن. جلالة الملك يؤكد على قيم المواطنة. المادة الثالثة من الدستور الأردني تنص على “الأردنيون امام القانون متساوون، بغض النظر عن التمايزات العرقية والمذهبية او الدينية.” أعتقد ان تأكيد وترسيخ قيم المواطنة هي سبيل حل الظلم. Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.