تحديات القيادات المشتركة
قوات الأمن العراقية تسعى جاهدة لمواكبة الاستراتيجيات المتغيرة لداعش
أسرة يونيباث
عُين الفريق الركن العراقي عبد الأمير الشمري نائباً لقائد قيادة العمليات المشتركة (JOC) في عام 2020. ويمثل في هذا المنصب القوات العراقية ضمن التحالف الدولي الذي تم تشكيله لدعم العراق لهزيمة داعش. تتيح قيادة العمليات المشتركة للقوات العراقية وقوات التحالف فرصة تبادل المعلومات الاستخبارية وإجراء عمليات مشتركة وتنسيق عمليات القوة الجوية والعمليات اللوجستية والتدريب. أجرت يونيباث مقابلة معه لمناقشة كيفية تعامل قوى الأمن العراقية مع التهديد الإرهابي المستمر في البلاد:
يونيباث: ماالذي تحاول داعش تحقيقه من خلال زيادة هجماتها عام 2020؟
الفريق الركن عبد الامير الشمري: إن معارك التحرير التي خاضتها القوات الأمنية العراقية (وزارة الدفاع – وزارة الداخلية – جهاز مكافحة الإرهاب – هيئة الحشد الشعبي) والوكالات الأمنية الاستراتيجية وبإسناد التحالف الدولي قد ساهمت وبشكل كبير في تدمير البنى التحتية لعصابات داعش الإرهابية وخاصة في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين ومناطق جنوب وغرب كركوك وديالى ومناطق حزام بغداد حيث لم يتبق أي مأوى كبير للإرهابيين سوى مناطق جبال مكحول وحمرين وقرة جوغ وفي وادي الشاي ووادي زغيتون وكذلك له مفارز تعمل في بعض مناطق صحراء الأنبار ونينوى وجزيرة صلاح الدين وحجم هذه المفارز يتراوح بين 3 – 9 إرهابيين معظمهم محليين يعتمدون على تنفيذ عمليات محدودة باستهداف القوات الأمنية والمواطنين والمتعاونين معها ولا تحتاج عملياتهم إلى تمويل كبير وإنما تعتمد على أخذ الإتاوات والخطف والترهيب في جمع المعلومات من سكان المناطق النائية وأطراف المدن وتسليحهم بسيط إذ يعتمدون على العبوات الناسفة واستغلال غفلة القوات الأمنية وهم الآن في مرحلة بناء القدرات وإثبات الوجود للحصول على الصدى الإعلامي.
من خلال دراسة إمكانية عصابات داعش الإرهابية وعملياتهم المنفذة لا يمتلك العدو أي مقومات تمكنه من احتلال أي مدينة والاحتفاظ بها وإنما يعتمد على أسلوب حرب العصابات بمفارز صغيرة تستغل أخطاء القوات الأمنية العراقية والثغرات الأمنية لتنفيذ أعمالهم الإرهابية وبنفس الوقت هذا الأسلوب مؤثر في إحداث إرهاق واستنزاف للقوات الأمنية وتضحيات في الأرواح للعسكريين والمدنين يجب أن لا يستمر.
يونيباث: ماهو مستوى نجاح عملية تبادل المعلومات الاستخبارية مع شركائكم في التحالف؟
الفريق الركن عبد الأمير الشمري: عصابات داعش الإرهابية هي عدو عالمي يستهدف الجميع بفكره التكفيري وأعماله الإرهابية وقد نفذ عمليات إرهابية في معظم دول العالم وعليه أن الحرب ضده هي حرب عالمية ضد الإرهاب ويقف في مقدمة الحرب ضد داعش التعاون في مجال الاستخبارات والمعلومات لكونه يمتلك شبكات إرهابية عابرة للحدود ومن الدروس التي تم استخلاصها من هزيمة داعش هي أن الاستخبارات هي التي تقود العمليات وأن العامل الفني والتكنولوجي له دور كبير في محاربة الإرهاب في الحرب الحديثة التي هي عبارة عن طائرة استطلاع مسيرة في الجو وطائرة مسلحة وطاقم على الأرض يراقب العدو ذات المفارز الصغيرة عبر الشاشات في مراكز العمليات ويوجه الضربة له في الوقت المناسب للقضاء عليه وبنفس الوقت لا زالت الإمكانية الفنية والتكنولوجية محدودة لدى القوات الأمنية العراقية وخاصة طائرات الاستطلاع والطائرات المسيرة وغالبا ما يتم طلبها من التحالف الدولي في مراقبة مناطق عديدة وخاصة في مناطق صحراء الأنبار ونينوى وجزيرة صلاح الدين والحدود العراقية السورية ومناطق أخرى لا تستطيع طائرات القوة الجوية وطيران الجيش الوصول إليها في الوقت المناسب.
تمثل ساحة الحركات السورية وخاصة المدن القريبة من الحدود العراقية مع الجمهورية العربية السورية تهديداً كبيراً على العراق حيث تمثل هذه المناطق عمقاً حيوياً لعصابات داعش الإرهابية من حيث التدريب والتمويل والتجنيد وبالمقابل أن إمكانية القوات الأمنية والوكالات الأمنية الاستخبارية العراقية محدود في معرفة عمق الإرهاب في سوريا من ناحية الاستطلاع والاستمكان ومطاردة العدو فقد جرى الاعتماد بشكل كبير في الحصول على المعلومات الاستخبارية من التحالف الدولي وبالمقابل تم تزويد شركاء العراق بمعلومات دقيقة ومهمة عن الإرهابيين ساهمت بشكل كبير بقتلهم أو إلقاء القبض عليهم وعند دراسة النتائج للحرب ضد الإرهاب وهزيمة عصابات داعش الإرهابية تستطيع القول إن ذلك يعطي مؤشر على إن تبادل المعلومات مع الشركاء وصل إلى المستوى المطلوب.
يونيباث: بعد الهزيمة الكبيرة التي لحقت بداعش، تبنى التنظيم استراتيجية قتال جديدة، كيف استطاعت القطعات تغيير خططها لمواجهة التحديات الجديدة؟
الفريق الركن عبد الأمير الشمري: تعتمد عصابات داعش الإرهابية على أسلوب نظام المفارز وقتال المفارز ويحتاج هذا الأسلوب من القتال إلى عدد قليل من الأفراد لا يتجاوز 3 – 6 فرد مع توفير الحد الأدنى من السلاح والعتاد والمؤن.
إن الأسلوب الأمثل لمقاتلة عصابات داعش الإرهابية في الوقت الحاضر هو أسلوب المطاردة بعد الاستناد إلى معلومات استخبارية دقيقة وان لا تكون عمليات القوات الأمنية العراقية هي ردود أفعال بإجراء عمليات واسعة غالباً ما تفقد عنصر المباغتة في الوقت والمكان ويستطيع الإرهابيون الهروب من منطقة الواجب والعودة إليها عند انتهاء الواجب وانسحاب القطعات، أي محاربتهم بنفس تكتيكاتهم حتى تصبح حرب متماثلة تكون الكفة فيها لصالح قواتنا.
نقوم بتنفيذ عمليات نوعية على أهداف عصابات داعش الإرهابية باستخدام قوات ذات تدريب عالِ ومعلومات استراتيجية دقيقة وتكون القوات مسندة بالقوة الجوية وطيران الجيش والطائرات المسيرة.
ونوعز الى قيادة القوات البرية وقيادات العمليات بتنفيذ عمليات ضمن قاطع المسؤولية وخاصة في المناطق غير الممسوكة والحدود الفاصلة.
التحول إلى أسلوب مطاردة مفارز عصابات داعش الإرهابية وخاصة في صحراء الأنبار ونينوى وجزيرة تكريت وسلسلة جبال حمرين ومكحول ووادي الشاي ووادي زغيتون وحوض العظيم من خلال مفارز الاستطلاع العميق.
أعدنا النظر بأسلوب المسك والسيطرات لأنه أفقد قواتنا العمل التعرضي وتم استخدامه منذ عام 2004 ولحد الآن وقد حفظه العدو وتمكن من الحد من تأثيراته على عملياته الإرهابية. ركزنا إعتمادنا على العامل الفني والتكنلوجي وقللنا الاعتماد على العامل البشري.
خصصت قيادة العمليات المشتركة قوات احتياطية للسيد القائد العام للقوات المسلحة وباقي مستويات القيادة وتم تدريبها على واجباتها لتتمكن من تنفيذ مهام مختلفة وبكافة الظروف والأوقات، مما ساعد جهاز مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة وفرقة الرد السريع بالاستمرار بتنفيذ مهامهم في مطاردة عصابات داعش الإرهابية وتدمير بنيته التحتية وبالتعاون مع القوة الجوية وطيران الجيش.
كذلك عزز العراق جهود المراقبة والاستطلاع من قبل قيادة القوة الجوية وطيران الجيش وخاصة إستعمال الطائرات المسيرة.
يساعد هذا على ضبط الحدود العراقية مع دول الجوار وخاصة الحدود العراقية مع الجمهورية العربية السورية.
يونيباث: قيادة العمليات المشتركة تضم جميع صفوف القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، ماهي التحديات التي يخلقها هذا التنوع؟
الفريق الركن عبد الأمير الشمري: نقوم ببناء منظومة الحدود العراقية مع دول الجوار وخاصة الحدود العراقية مع الجمهورية العربية السورية لما تمثله من تهديد حقيقي على أمن العراق لأن حماية الحدود هي مسؤولية مشتركة بين الدول المجاورة وتحتاج إلى تعاون وتنسيق مشترك وهذا غير قابل للتحقيق في الظروف الحالية في سوريا وعدم قدرتهم على السيطرة على معظم المناطق المجاورة للحدود العراقية السورة وهنا أصبح لزاماً على العراق الاعتماد على موارده في بناء منظومة متكاملة تحقق الأمن بدرجة عالية.
نحتاج الى إعادة التكليف بالمهام والواجبات ضمن القوات الأمنية العراقية – حيث تتداخل المهام- وضمان خروج قوات الجيش من المدن واستلام الملف الأمني الداخلي من قبل وزارة الداخلية.
يتمثل التحدي الآخر في عدم إجراء معظم القيادات والتشكيلات والوحدات التدريب الفردي والإجمالي منذ سنوات عديدة مما أدى إلى ضعف إمكانياتها وقدرتها على تنفيذ الواجبات.
لايوجد قانون يشرع عمل قيادة العمليات المشتركة فهي تعمل بموجب أمر ديواني وبنفس الوقت إن مهمتها إدارة العمليات المشتركة على المستوى الاستراتيجي والعمليات باستخدام طاقة موارد الدولة وحسب توجيهات السيد القائد العام للقوات المسلحة.
يونيباث: بعد تحرير المدن من قبضة داعش، ما هي التهديدات الأمنية التي تواجه قيادة العمليات المشتركة؟
الفريق الركن عبد الأمير الشمري: إن التهديد الرئيسي الذي يواجه قيادة العمليات المشتركة هو عصابات داعش الإرهابية والأزمة الاقتصادية ومحدودية موارد الحكومة العراقية القى بظلاله على عملية تسليح وتجهيز قوى الأمن العراقية وأدى الى انخفاض نسبة المنخرطين في الخدمة العسكرية الى مستويات متدنية خصوصا في القوة الجوية وطيران الجيش.
إن العمليات الواسعة تعطي رسالة إلى الرأي العام بأن العدو فعال وإن إعلان القوات الأمنية النصر على الإرهاب كان مستعجلاً وهذا له تأثير على الاستثمار وعمليات إعادة الإعمار. ثم إن العمليات الواسعة وفي قواطع مسؤولية مختلفة جعلت من أساليب القوات الأمنية روتينية حفظها العدو واستطاع التملص منها بدون خسائر.
وهناك صعوبة أخرى تتمثل في عدم وضوح مسرح العمليات فيما يتعلق باختلاط الإرهابيين بالسكان المدنيين لأن معظمهم ينتمون إلى نفس المناطق ويمكنهم إخفاء أي مؤشر على أنهم إرهابيون.
إن العمليات العسكرية الواسعة تضطرنا للانتشار في مساحات شاسعة مما يوهن قواتنا ويقلل من فاعليتها ويحرمها من التدريب وإعادة التنظيم التي تحتاجها. القيود الأخرى على العمليات الواسعة تتمثل في نقص المعدات والوقود والتكنولوجيا والجهد الهندسي. نفذت بعض القوات الأمنية وخاصة جهاز مكافحة الإرهاب وبعض وحدات الجيش والشرطة والرد السريع والحشد الشعبي عمليات نوعية بقطعات صغيرة وبتخطيط دقيق وبإسناد من القوة الجوية وطيران الجيش وكانت نتائجها توازي نتائج العمليات الواسعة.
يعتبر مسك الحدود الدولية من قبل قوات حرس الحدود الحل الأمثل لمعالجة التهديدات الأمينة التي تواجه الأمن والاستقرار في العراق ووضع قطعات الجيش لتمثل عمق لهذه القوات حيث تعتبر بعض مناطق الحدود ممر لعبور الإرهابيين وعمليات التهريب سواء لأغراض تهريب الإرهابيين أو عوائلهم أو المخدرات أو غيرها من البضائع الممنوعة.
يونيباث: ما هي أهمية الاجتماعات التنسيقية بين قيادة العمليات المشتركة وقيادة حرس الإقليم؟
الفريق الركن عبد الأمير الشمري: جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة ونظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديموقراطي (المادة 1) من الدستور العراقي وبعد عمليات فرض القانون في محافظات (ديالى – كركوك – صلاح الدين – نينوى) وإعادة انتشار القوات الأمنية بما يؤمن حفظ الأمن والاستقرار ولعدم إعطاء فرصة للإرهابيين والخارجين عن القانون والعابثين بالاقتصاد الوطني برزت الحاجة إلى التعاون والعمل المشترك بين القوات الاتحادية وقوات حرس الإقليم وخاصة في المناطق ذات الاهتمام الأمني المشترك وبالتحديد بين خط انفتاح القوات الأمنية الاتحادية وخط انفتاح قوات حرس الإقليم الذي أصبح ملاذ ومناطق انطلاق الإرهابيين لمهاجمة القوات الأمنية العراقية والمدنين علما بأن هذا الخط يتراوح طوله بين 225-550 كم ولغرض تحقيق العمل المشترك لا بد من إنشاء مراكز التنسيق المشترك في قواطع المسؤولية المشتركة لتمارس مهام وواجبات التعاون والتنسيق الأمني والاستراتيجي وتبادل المعلومات والحد من حدوث أي احتكاك أو خروقات أمنية وكذلك تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة.
الاجتماعات الدورية مع وزارة البيشمركة أفضت الى الرغبة في العمل المشترك لفتح مراكز التنسيق المشترك وإجراء العمليات العسكرية المشتركة وكذلك إجراء تعديلات على خط انفتاح القوات الاتحادية وقوات حرس الإقليم. وإن الغاية الرئيسية من العمل المشترك هي هزيمة الإرهاب وعصابات داعش الإرهابية ولا يترتب عليها أي تغيير في الحدود الإدارية أو أي مناقشة سياسية. إنحصرت غاية الاجتماعات في تحقيق الأمن المشترك ضد عدو يستهدف الجميع وتقريب وجهات النظر للخروج باتفاقات لحل جميع القضايا الأخرى العالقة. F
التعليقات مغلقة.