يجمع «التمرين البحري الدولي» قوات بحرية من عشرات البلدان بهدف تعزيز العمل الجماعي والشراكات والتكامل والتوافق العملياتي، فيتدربون على إلقاء القبض على مهربي المخدرات، والذود عن الممرات البحرية، وتفكيك الألغام، وإطلاق المسيَّرات البحرية، وحماية الموانئ.
وأضافت النسخة التي أُجريت في شباط/فبراير 2025 وجهاً جديداً للنهوض بقدرات المشاركين، يتمثل في عملية إجلاء معقدة للآلاف من ضحايا تسونامي من دولة مُتخيلة.
ومنح هذا السيناريو دوراً أكبر للقوات البرمائية في قوة المهام الأمريكية 51 التابعة للواء مشاة البحرية الاستكشافي الخامس وشركائهم متعددي الجنسيات، وتتسم هذه القوات بتعدد مواردها وقدرتها على التكيف، وتتمركز في مركز قيادة في المنامة بالبحرين، وتأتي من كلٍ من باكستان ومصر والولايات المتحدة وأوروبا، واعتمدت على القوة الجوية بقدر ما اعتمدت على القوة البحرية لإنجاز مهمة التدريب.
قال العميد رشيد محمود شيخ، وهو من رجال البحرية الباكستانية وترأس تمرين مركز القيادة: ”طرح هذا التمرين آراءً كثيرة للتعامل مع موقف واحد بطرقٍ شتى؛ وإني لعلى يقين من أن الدروس المستفادة من هذا التمرين ستفيد جميع المشاركين في التخطيط لمختلف التمارين في أوطانهم وفي تنفيذها.“
شارك في التمرين 5,000 عسكري من أكثر من 30 دولة، وأُجري على مدار 12 يوماً لنشر الأمن والاستقرار البحري، وتزامن مع تمرين «كوتلاس إكسبريس» البحري في شرق إفريقيا. وانتشرت خلاله القوات المشاركة في أرجاء الخليج العربي، وخليج عُمان، وخليج عدن، والبحر الأحمر، وسواحل شرق إفريقيا.

وفي ميناء العقبة الأردني، اندمجت قوات التمرين في قوة المهام المشتركة غرب، يساندها وحدات من البحرية الملكية الأردنية، وخفر السواحل اليمني، والقوات المسلحة المصرية. وضمت قوة المهام المشتركة شرق، المتمركزة في البحرين، ممثلين عن كلٍ من البحرين ومصر وسلطنة عُمان وباكستان وقطر والإمارات.
وأُجري تدريب طبي عالمي في إطار التمرين البحري الدولي في البحرين، شاركت فيه قوات من دول بعيدة، إذ انضم مسعفون وأطباء من كازاخستان وأوزبكستان إلى شركائهم من البحرين والأردن وباكستان والفلبين والولايات المتحدة لتشكيل فريق متعدد الجنسيات لعلاج مصابي القتال في ساحة المعركة.
وكان الفريق بالبحرية الأمريكية جورج ويكوف، قائد القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية والأسطول الأمريكي الخامس، من بين كبار الضباط الذين أعربوا عن تقديرهم للتنسيق الذي سادته مشاعر المودة والإخاء بين القوات متعددة الجنسيات رغم تباين اللغات والعقائد العسكرية.
وقال: ”ما أروع أن نرى كل هذه البلدان تعمل معاً، فهذا المستوى المذهل من التمثيل الدولي ركيزة أساسية لنجاحنا في حماية الممرات المائية الإقليمية وتمكين تدفق التجارة الحر؛ والحق أن التمرين البحري الدولي لعام 2025 إنما أُجري للتعاون على تعزيز وتوسيع قدراتنا.“
انطلق التمرين البحري الدولي في عام 2012، وكان حينذاك تمريناً بحرياً يركز على اكتشاف الألغام البحرية وتفاديها وتدميرها، وقد استمر هذا التدريب في تمرين 2025، معتمدا على قوة مهام لمكافحة الألغام متمركزة في خليج عُمان، غير أن التمرين البحري الدولي توسع ليشمل التطورات التكنولوجية في مجال المسيَّرات والذكاء الاصطناعي.

فقد ساعد استخدام الزوارق والغواصات والطائرات المسيَّرة رجال البحرية على اكتشاف من تسول لهم أنفسهم تعطيل حركة الملاحة أو مهاجمة الموانئ. وظهرت هذه الأنظمة الروبوتية في الخليج العربي لحماية السفن التي تبحر في الممرات المائية الاستراتيجية مثل مضيق هرمز.
وفي سيناريو التدريب في العقبة، رصدت غواصة مسيَّرة قارباً يعج بالإرهابيين في شمال البحر الأحمر، يدخل المياه الإقليمية الأردنية، فتنبَّهت القوات متعددة الجنسيات في الوقت المناسب لدحر هذا التهديد.
قال العقيد هشام الجراح، قائد البحرية الملكية الأردنية: ”أجرى التمرين محاكاة لواقع التهديدات الراهنة والمستقبلية عن طريق الاستفادة من أنظمة الذكاء الاصطناعي للقضاء على كافة أشكال التهديدات المحتملة ، وبالتالي الحفاظ على الممرات الملاحية في البحر الأحمر، لأنها من أزحم الممرات بين آسيا وأوروبا.“
ولما كانت البحرين هي التي استضافت معظم فعاليات التمرين البحري الدولي 25، فقد ساهمت بعدد كبير من القوات المشاركة، ولم يكونوا من القوات البحرية فحسب، بل ومن المهندسين العسكريين والقوات الخاصة والخدمات الطبية. وأبحرت الفرقاطة البحرينية «خالد بن علي»، وعلى متنها 160 بحاراً وضابطاً، في إطار قوة بحرية متعددة الجنسيات في التمرين البحري الدولي. وانضمت إلى أسطول متعدد الجنسيات شمل فرقاطة الصواريخ الموجهة «سيف» التابعة للبحرية الباكستانية.
وقال اللواء بحري أحمد بن علي، قائد البحرية البحرينية: ”يشرفنا أن نستضيف تمريناً بحرياً دولياً بهذا الحجم، تشارك فيه أكثر من 30 دولة، وقد أفدنا إفادة عظيمة على جميع الأصعدة، سواءً فيما يتعلق بالخدمات الطبية أو القوات الخاصة أو السفن، فالبحرين لا تمتلك سفناً كالمدمرات وكاسحات الألغام التي شاركت في التمرين، لذا يكتسب ضباطنا خبرة لا تُقدر بثمن حين يخدمون عليها.“
وأضاف أن التعرف إلى المسيَّرات كان من أهداف التدريب عظيمة النفع للقوات البحرينية.

رقيب بحري أول عارف بطاني/البحرية الأمريكية
فقال: ”ركزت البحرية الأمريكية على إدخال أنظمة متكاملة من المسيَّرات البحرية لرصد الأنشطة الإرهابية والجرائم البحرية والقرصنة في مساحات بحرية شاسعة، كما دعت دولاً صديقة للمشاركة في دورات تدريبية متخصصة على هذه التقنيات الحديثة، وتمكَّنا من الاطلاع على فعالية هذه التقنيات أثناء التمرين.“
يُمثل التمرين البحري الدولي 25 النسخة التاسعة من التمرين البحري منذ انطلاقه في عام 2012، وتعاظمت أهميته في ظل ظهور ما يهدد حركة الشحن في الممرات المائية الاستراتيجية مثل باب المندب وقناة السويس ومضيق هرمز.
أعرب النقيب بحري البلوشي، من رجال البحرية الإماراتية وأحد قادة التمرين البحري الدولي، عن فخره بنجاح مهمة التدريب المشترك، إذ ستعود بالنفع على العمليات العسكرية على أرض الواقع.
وقال: ”دعونا نواصل العمل لنشر الأمن والأمان في البيئة البحرية، فتنعم فيها أوطاننا بالسلام والازدهار.“
وكانت مشاركة دول وسط آسيا، مثل كازاخستان، من أبرز ما ميَّز التمرين البحري الدولي 25.
وقال النقيب بحري عزمت مرزابكوف، من رجال البحرية الكازاخية سابقاً والمندوب الوطني الأول لدى القيادة المركزية الأمريكية سابقاً: ”في إطار سياستها الخارجية المتوازنة، تواصل وزارة دفاع جمهورية كازاخستان التعاون الوثيق مع المكون البحري للقيادة المركزية الأمريكية؛ وهو القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية. وأخص بذلك أن البحرية الكازاخية أرسلت مراقبين إلى التمرين البحري الدولي 25 الذي أُجري في شباط/فبراير في نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية، واطَّلع الضباط الكازاخيون على مجريات اتخاذ القرار العسكري، وتبادلوا الخبرات في مجال الأمن البحري، وإزالة الألغام، واستخدام تقنيات المسيَّرات البحرية.“
ويتفق الفريق أول مايكل كوريلا مع هذا الرأي، فمنذ أن صار قائد القيادة المركزية الأمريكية وهو لا يألو جهداً لتوسيع نطاق التحالفات البحرية متعددة الجنسيات التي تُسيِّر دوريات في الممرات المائية الحيوية.
وقال: ”يُعد التمرين البحري الدولي 25 خير دليل على الالتزام الجماعي لحلفائنا وشركائنا وحرصهم على دعم التعاون الأمني البحري الإقليمي، ورفع مستوى التوافق العملياتي، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.“