النزاهة في أداء الواجب
الفريق أول عبد الأمير رشيد يار الله يفرض الاحترام بصفته رئيس أركان الجيش العراقي
أسرة يونيباث
هدوءه اللافت للنظر أثناء احتدام المعارك ينم عن حنكته القيادية، وثقة بالنفس تستحق الثناء بين القادة الميدانيين؛ تواضعه ورفعة أخلاقه جعلاه محط احترام الجنود والقادة. يتفقد قطاعات العمليات ويتابع شخصياً طلبات الضباط والمراتب؛ ذلك هو الفريق أول عبد الأمير رشيد يار الله، رئيس أركان الجيش العراقي.
أثناء معارك التحرير ضد عصابات داعش الإرهابية، كانت تمر على القادة لحظات صعبة، إلَّا أنَّ الفريق أول يار الله كان يتمتع بأعصاب فولاذية وحكمة عسكرية في إدارة المعارك؛ فكان يتجوَّل داخل مركز القيادة والسيطرة في قيادة العمليات المشتركة، ويبتسم للجنود والضباط في أروقة القيادة، تلك الابتسامة التي ترفع من معنويات المقاتلين وتزرع الطمأنينة في نفوس قادته الميدانيين. ويبقى لساعات متأخرة من الليل للإشراف على سير المعارك عبر الدائرة التلفزيونية التي تنقلها طائرات الاستطلاع من أرض المعركة. ويتواصل مع قادة القوات في خطوط المواجهة ليتأكد من وصول الدعم والامدادات، وكان بعضها يأتي من خلال شركاء التحالف. وكان يوصي بالاهتمام بسلامة المدنيين في عمليات التحرير.
وقال الفريق أول يار الله لمجلة «يونيباث»: “لي الشرف أن يكون اختيار القيادة لي لأكون معاون قائد القوات المشتركة في فترة صعبة جداً من تاريخ العراق؛ حيث كانت عصابات داعش الإرهابية تسيطر على الموصل وصلاح الدين والأنبار وتحاصر بغداد”. وأكمل حديثه قائلاً: “بدأنا العمل على مدار الساعة لتشكيل أركان القيادة وإعداد خطط تحرير المدن؛ كنا نعمل جنباً إلى جنب مع أصدقائنا في قوات التحالف. مررنا بظروف صعبة وواجهنا تحديات كبيرة لكننا استطعنا وبفضل الله وبسالة جنودنا من تحقيق النصر والحفاظ على أرواح المدنيين”.
بعد ترقيته لمنصب رئيس أركان الجيش، بانت فلسفته العسكرية التي ترتكز على بناء جيش مثالي وتكريس الثقة بالنفس ومفهوم الشرف العسكري لدى الجندي من خلال التدريب وحسن اختيار القائد الذي يمتلك مواصفات القيادة التي تجعله المثل الأعلى للجندي.
ويقول الفريق أول يار الله: “لا تكن هيبة القائد بحجم موكب الحمايات ولا بوضع الحواجز لمنع وصول الجنود لمقابلته، بل هيبة القائد تأتي من كسب ثقة الجنود.”
وأضاف قائلاً: “لا يمكن للضابط أن يقود بسلاح الخوف، فالأولى كسب احترام الجندي، ففي الأوقات العصيبة يتلاشى الخوف من العقاب ولا يبقى سوى احترام الجندي وولاؤه.”
وذكر أمثلة كثيرة لآمرين خُذلوا في معارك مصيرية لأنهم لم يهتموا بجنودهم؛ وذكر أنَّ نجاح الضابط والمنصب الذي يشغله نابعين من أداء الجندي وتضحيته وصموده في أرض المعركة.
ويقتضي ذلك من الضباط متابعة كل تفاصيل حياة الجندي داخل الوحدة من أرزاق ومنام وراتب وإجازات، ويجب على الضابط أن يستخدم سياسية الباب المفتوح لجميع الجنود ويحل المشكلات على وجه السرعة.
فيقول: “نصيحتي لكم أن تهتموا بالجندي لأنه مفتاح نجاحكم، فهو من يخذلكم أو ينصركم؛ لأنه اليد التي تحمل البندقية وتحمي للوطن”.
تحقق حلم الفريق أول يار الله بأن يصبح جندياً ويدافع عن أرض الوطن حين تخرج برتبة ملازم في عام 1984 (ضمن الدورة 86)، وانضم إلى صفوف اللواء 66 للقوات الخاصة العراقية؛ وقد حظيت تلك القوات بالإشادة لنجاحها في تحرير جزيرة أم الرصاص جنوبي البصرة.
أصبح آمر فوج مغاوير في عام 2001، وآمر لواء في عام 2006، وقائد فرقة في عام 2009. واستمر في الترقي حتى أصبح رئيس أركان قيادة القوة البرية في عام 2012، ثمَّ معاون رئيس أركان الجيش في عام 2014، ونائب قائد القوات المشتركة بعد سقوط الموصل في عام 2014، وأصبح رئيس أركان الجيش في عام 2020.
يؤمن الفريق أول يار الله بأهمية العمل الاستخباري في مجال مكافحة الإرهاب، ويؤكد على أن اختيار ضابط الاستخبارات يجب أن يكون على أساس المهنية والكفاءة، ويجب أن يكون له دور في معرفة العدو من خلال التواصل مع السكان، وأن يحارب الفساد داخل الوحدة.
تلعب الاستخبارات ضمن الهيكلية التنظيمية لقطاعات الجيش العراقي دوراً أكبر على صعيد الكتائب والقيادة. وذكر الفريق أول يار الله أنَّ ضابط الاستخبارات يجب أن يصب كل جهده في الميدان؛ وأن يكون لديه إلمام كامل عن الأرض في قطاع المسؤولية. ويجب على ضابط الاستخبارات معرفة تفاصيل خطط العدو وبناء علاقات مع المواطنين؛ لأنَّ المواطن هو العين الساهرة في منطقته.
تقتضي نظرة الفريق أول يار الله إعطاء الاستخبارات دوراً أكبر في محاربة الجريمة المنظمة؛ لأنها إحدى واجهات تمويل الإرهاب وأي تهاون من جهة الحكومات في ردعها سيفقد ثقة المواطن بالقوات الأمنية.
فيقول الفريق أول يار الله: “الجريمة المنظمة هي واجهة من واجهات الإرهاب ويجب محاربتها بحزم؛ فوجود القوات الأمنية يجعل المواطن يشعر بالأمان، فعلينا جميعاً أن نعزز الثقة بين المواطن والجندي. وإذا لم نقم بواجبنا كقوات أمنية في عمليات استباقية لردع الإرهاب، فسنفقد ثقة المواطن بالقوات الأمنية”.
وذكر الفريق أول يار الله أنَّ محاربة الفساد داخل وحدات الجيش تقتضي أن يكون ضابط الاستخبارات المثل الأعلى للجنود في النزاهة والمهنية والأخلاق، ويجب أن يصبوا جهدهم في مكافحة الفساد في قيادة العمليات والقطاعات التابعة لها، ويرى أنَّ منصب مدير الاستخبارات العسكرية لهو الجبهة الأساسية في مكافحة الفساد.
فيقول الفريق أول يار الله: “تمثل النزاهة عامل رئيسي للضابط؛ فنزاهة الضابط داخل الوحدة وفي قطاع المسؤولية تعكس تربيته الأسرية وشرفه العسكري”.
وأردف قائلاً: “يجب أن يكون الآمر مصدر فخر لجنوده وللشعب؛ يجب أن نترك بصمةً وتاريخاً مشرفاً لنا ولعوائلنا؛ يجب أن نعمل من أجل بناء وطن آمن للأجيال؛ نجعل لنا تاريخاً مشرفاً يفتخر به أبناؤنا وأحفادنا”.
التعليقات مغلقة.