تحت المجهر الثروة الشبابية بواسطة Unipath في فبراير 11, 2019 شارك Facebook Twitter النمو السكاني في الشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا يمكن أن يكون مصدرًا للرخاء بدلًا من عدم الاستقرار أسرة يونيباث | صور من رويترز ليس من قبيل المصادفة أن المناطق الأكثر معاناة من العنف وعدم الاستقرار السياسي على مدى السنوات العشر الماضية – سوريا واليمن وأفغانستان والمناطق القبلية التي تديرها الحكومة الاتحادية في باكستان – تضم أعدادًا هائلة من الشباب الذين يكافحون من أجل مواصلة الدراسة والحصول على وظائف. ويطلق علماء السكان في منظمات مثل البنك الدولي على هذه الظاهرة وصف “الطفرة الشبابية” – والتي يراد بها ارتفاع معدلات المواليد وانخفاض معدلات وفيات الرضع بما يتسبب في وجود فئة كبيرة من المواطنين تقل أعمارها عن 30 سنة. ويقدر البنك الدولي أن حوالي ثلثي السكان في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقل أعمارهم عن 30 سنة. وثلث هؤلاء الشباب عاطلين بلا وظائف غالبًا. وأطلق البعض على هذه الظاهرة وصف “الزلزال السُكّانِيّ.” يستغل المتطرفون حالات السخط المجتمعي الحقيقية والمتوهمة، فينجحون في إغراء بعض من هؤلاء الشباب وضمهم للحركات المتشددة. وفي الحالات الأسوء، ينضم الشباب إلى منظمات إرهابية، مثل داعش وطالبان، وغيرها من التنظيمات المتخصصة في ممارسة العنف ضد الأبرياء. ولا يعني هذا أن كل من انضموا لهذه الجماعات من أصحاب الأفكار المتطرفة: فثمة قصص تنتشر عن مراهقين وشباب صغار انضموا إلى الجماعات المسلحة المتطرفة في أماكن مثل اليمن وأفغانستان لمجرد الحصول على راتب يفوق ما يمكن أن يحصلوا عليه في سوق العمل العادية. أطفال سوريين يستعرضون في شارع مخيم الوافدين في دمشق في شباط/فبراير عام 2018. وكتب صباحات خان، وهو أكاديمي باكستاني المولد في مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري بدولة الإمارات، قائلًا: “تمثل الطفرة الشبابية تحديًا حاسمًا في التنمية الاقتصادية في البلدان المتضررة، بما في ذلك مصر والسعودية وغيرها من دول الخليج والجزائر، ويشكل الازدهار الاقتصادي على المدى الطويل قاعدة للأمن الوطني والاستقرار السياسي، ويتوقف هذا الازدهار على توفير فرص عمل لهذه الشريحة المتنامية في المجتمع، وكذلك توفير التعليم، والإسكان بأسعار معقولة، والرعاية الصحية لها.” وتشير كلمات خان إلى نقطة مهمة، تكمن في أن الطفرة الشبابية لا يلزم أن تعد عبئًا على المجتمع. والواقع يشهد أن النمو والابتكار الاقتصادي يعتمد على وجود فئة نشطة من الشباب في البلاد مستعدة لتحمل المخاطر من أجل تحسين أحوال بلدانهم. وللاستفادة من تلك المميزات، لا يمكن أن تعتمد بلدان المنطقة على وصفات الماضي. وينعكس هذا الإدراك في مبادرات بعض القادة من أمثال ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن المشاريع التي تشهدها المنطقة تعزيز تنمية القطاع الخاص، لا سيما في مجال تقنية المعلومات؛ وتقليل الاعتماد على العمالة العامة والإعانات؛ وتشجيع المبادرات الحكومية الجيدة لإيجاد الشعور بالوحدة الوطنية؛ وزيادة التركيز على التعليم الابتدائي والثانوي ومحو الأمية والتدريب المهني. وفي حالات ازدياد الطلب على الأغذية بسبب النمو السكاني السريع، تستهدف البلدان زيادة الإنتاجية الزراعية لإطعام تلك الأفواه الجائعة. في تجسيد للجهود التي تبذلها دول الخليج العربي الغنية لتحسين مناخ الأعمال أمام شعوبها، دشن الشيخ محمد في تشرين الأول/أكتوبر عام 2017 مبادرة مليون مبرمج عربي. وتستفيد هذه المبادرة من المنح المقدمة من مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية في توفير التدريب على الإنترنت مجانًا للشباب العربي الباحث عن وظائف في مجال تكنولوجيا الحاسوب. وانطلاقًا من كونه وريث الحكم في إمارة دبي، يركز الشيخ محمد منذ فترة طويلة على أن تصير إمارته طرفًا فاعلًا في الاقتصاد العالمي. وتتفرد مبادرة تقنية المعلومات في أن هذا البرنامج مفتوح للشباب العربي بمختلف جنسياتهم. ويحصل الطلاب المتميزون على جوائز نقدية. تعد شركات التقنية هي الشركات الأكثر توظيفاً في القطاع الخاص في الإمارات والسعودية وقطر والكويت. وتطمح نسبة كبيرة من الشباب – وصلت نسبتهم إلى 39 في المائة في إحدى الدراسات الاستقصائية – إلى إنشاء مشاريعهم الخاصة في غضون خمس سنوات. وتهدف مثل هذه البرامج، كبرنامج الشيخ محمد، لإمدادهم بالمهارات اللازمة. وفي هذا الصدد يقول الشيخ محمد: “إن أعدادًا كبيرة من الشباب العربي لديهم إمكانات هائلة، ولا ينقصهم سوى الدعم، ونأمل أن تكون هذه هي الخطوة الأولى في مسيرة تتجه بمنطقتنا نحو مستقبل أكثر إشراقًا”. “ولن نتوقف عن إطلاق المشاريع والمبادرات التي تدعم مجتمعاتنا العربية لأن استقرار منطقتنا يعتمد على ذلك”. تمثل رعاية نمو القطاع الخاص أحد الأهداف الرئيسية لولي العهد الأمير محمد في جهوده الرامية إلى تحسين نوعية حياة الشباب السعودي. فنسبة ثمان وخمسون في المائة من سكان المملكة تقل أعمارهم عن 30 سنة. ووعد الأمير بجعل السعودية أكثر اعتدالًا وانفتاحًا، وأقل اعتمادًا على صادرات النفط، وأكثر اتساقًا مع احتياجات الأعمال التجارية الدولية. وهذه الفلسفة هي المنصوص عليها في خطة رؤية 2030 الخاصة بالبلاد. إن ثلثي سكان باكستان تقريبًا من الشباب الفقير، ولم يتلقى حوالي ثلث هؤلاء الشباب سوى حظ ضئيل من التعليم الرسمي أو التدريب المهني. لكن الوضع ليس ميئوسًا منه. ففي ظل المناطق القبلية التي تديرها الحكومة الاتحادية وقلة الخدمات في مناطق كبيرة من البلاد التي تتعرض للعنف الإرهابي، تسعى الحكومة المركزية في باكستان لإحداث تغيير جذري في الارتقاء بالنظام التعليمي. وتحدث محافظ إقليم خیبر بختونخوا، اقبال ظفر جغرا، عن الرؤية الشاملة عندما افتتح مدرسة حكومية ثانوية جديدة في شباط/فبراير عام 2018، فقال: “يمثل الشباب في أي مجتمع، القوة الحقيقية للتغيير، وإن الشباب في المناطق القبلية التي تديرها الحكومة الاتحادية يمثلون حوالي 60 في المائة من إجمالي السكان، وثمة جهود فعلية تبذل لإشراك هؤلاء الشباب في أنشطة صحية.” وقد قطعت دولة أفغانستان المجاورة لباكستان أيضًا أشواطًا كبيرة في مجال تحسين التعليم في السنوات الخمس عشرة سنة الماضية. ففي عام 2018، التحق ما يقرب من 9.2 مليون طفل بالمدارس، في تحسن كبير بعد أن كان عدد المقيدين 1 مليون طفل في عام 2002، وفقًا لإحصاءات وزارة التعليم الأفغانية. وتبلغ نسبة الفتيات من بين هؤلاء التلاميذ حوالي 39 في المائة. وأشار المحافظ إلى أن تحسين تعليم الفتيات مهم أيضًا للمناطق القبلية التي تديرها الحكومة الاتحادية، إذ جرت إعادة تأهيل أكثر من 100 مدرسة وتدريب 408 من المعلمين الجدد وفتح باب تقييد 200 ألف طفل إضافي. وأضاف أن “أمانة المناطق القبلية التي تديرها الحكومة الاتحادية لا تزال ملتزمة بتلبية الاحتياجات الخاصة لمدارس الفتيات بهدف تحسين البنية الأساسية للمدارس، وضمان توفير بيئة آمنة للتعلم.” ومن المشاكل المتعلقة بالتعليم في باكستان ندرة المدارس التي تعلم المعارف والمهارات اللازمة للاقتصاد الحديث، وهذه المشكلة تعاني منها أيضًا منطقة الشرق الأوسط. وثمة منظمات مثل مؤسسة الملكة رانيا في الأردن تولي عناية خاصة للعمل الخيري. فتقول جلالة الملكة رانيا العبدالله من الأردن: “إن العالم العربي في الوقت الراهن بحاجة إلى ثورة تعليمية؛ ونحن بحاجة إلى تغيير جذري يلبي طموح كل الآباء الراغبين في تقديم تعليم جيد لأبنائهم.” تناول مقال في مجلة نيوزويك في عام 2017 قصة محسن سمير محمد. العامل الفقير في أحد مصانع القاهرة، الذي يساوره القلق في ظل رعايته لعدد من الأبناء مع قلة ذات يده. ولكن عندما أهان إخوته وأبناء عمومته رجولته؛ أقنع محمد زوجته، على الرغم من فقر العيش في مصر، أن تلد له طفلًا بعد طفل. وتقتات الأسرة على الفول المدمس والخبز ولا تستطيع تحمل أجرة ركوب الحافلة البالغة 15 قرشاً لإرسال أطفالها إلى المدارس. توضح حكاية محمد آثار طفرة الشباب في مصر. كان السعي لتحقيق نمو سكاني مستقر قد انتهى نهاية حاسمة في ظل حكومة الإخوان المسلمين بقيادة محمد مرسي. وكان على قادة مصر الحاليين أن يتحملوا عبء تلك النتائج. وقد استدعى الطلب المتزايد على الغذاء والماء من الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يضع خطة لبناء آلاف الصوبات الزراعية على مساحة 100,000 فدان من الأراضي القاحلة معظمها في ربوع شمال مصر. ونظرًا لاحتجاز الصوبات للمياه، تستطيع الصوبات إنتاج ملايين الأطنان من الخضروات لأعداد السكان المتزايدة في البلاد. وتعد مصر أكبر مستورد للقمح في العالم. ويرى خبراء أن طفرة الشباب في مصر قد تحدث طفرة اقتصادية في البلاد– شريطة أن تخصص الحكومة المزيد من الموارد للتعليم. وعلى الرغم من نجاح البلاد في التحاق معظم أبنائها بالمدارس، إلا أن الدراسات الاستقصائية الدولية تصنف مصر ضمن أقل الدول من جهة نوعية التعليم الابتدائي. وقال الصحافي مارك حبيب من صحيفة ذا آراب ويكلي: “إن ضياع جيل يعني أن يسهل تكوين جيل خطر، عرضة لأن يتلاعب به الغوغاء والمتطرفين الذين يقدمون إجابات مبسطة ووعود كاذبة بالأمل والمجد، وبينما يعزز جيل المتعلمين النمو الشامل والازدهار للمجتمع، يمثل الجيل الضائع عبئًا ويؤخر النمو ويعد مصدرًا دائمًا لعدم الاستقرار السياسي.” Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.