البسالة البحرية
قادة البحرية الأمريكية والبحرينية والإسرائيلية يقدمون خلاصة خبرتهم عن فوائد التعاون البحري الدولي
الفريق بحري براد كوبر، قائد القوات البحرية بالقيادة المركزية الأمريكية، الأسطول الأمريكي الخامس والقوات البحرية المشتركة؛ واللواء الركن بحري محمد بن يوسف العسم، قائد القوات البحرية الملكية البحرينية، والفريق بحري ديفيد ساعر سلامة، القائد العام للبحرية الإسرائيلية
نتشرف بتقديم هذه المقالة معاً لأنَّ البحار توحدنا بغض النظر عن البدلات العسكرية التي نرتديها، إذ نعمل بهذا القول المأثور: “نحن ذوي بَأسٍ وحدَنا، لكن بأسنا يكون أشد إن اجتمعنا.” فهذا القول يجسد التزامنا نحو الارتقاء بشراكة بحرية دائمة وقائمة على أساس الثقة والمصلحة المشتركة بغية الحفاظ على الأمن والاستقرار، وتنتظرنا فرص رائعة لتعميق أواصر التعاون البحري في ربوع المنطقة.
في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، صنعنا تاريخاً حين أجرت إسرائيل والبحرين والولايات المتحدة تدريباً بحرياً في مجال الأمن البحري مع عدد من الشركاء الإقليميين الآخرين؛ وكانت هذه أول مرة تتعاون فيها أساطيلنا البحرية في العمليات البحرية، وما أروع رؤية ذلك! فالتعاون البحري يساهم في فرض الأمن والاستقرار الإقليميين، ولا تخفى أهمية ذلك لحرية تدفق التجارة.
لطالما كانت مملكة البحرين من أبرز الشركاء الحريصين على تعزيز التعاون الأمني البحري الإقليمي، فموقعها الاستراتيجي واتصالها التاريخي بالبحر ودورها البارز في التجارة الدولية يميزها كمفترق طرق بحري حيوي في الشرق الأوسط، وما تزال المملكة تنهض بدور إقليمي مركزي بصفتها الدولة المضيفة للقوات البحرية المختلطة، كما تشير الزيارات الأخيرة للبحرين من جانب كبار قادة الحكومة والجيش الإسرائيليين إلى استمرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
تفتح مشاركة إسرائيل الأخيرة في نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية فرصاً لتعميق العلاقات البحرية وتعزيز الأمن والاستقرار البحريين الإقليميين، كما تجلى ذلك مؤخراً خلال تمرين متعدد الجنسيات؛ فقد شاركت البحرية الإسرائيلية، ولأول مرة، في «التمرين البحري الدولي–كوتلاس إكسبريس 2022»، وهو أكبر تمرين بحري في الشرق الأوسط بمشاركة 60 دولة شريكة ومنظمة دولية. والحق أنَّ مستوى التمثيل الدولي كان يسترعي النظر لأنه جَسَّدَ توسع الشراكات البحرية في المنطقة.
فقد غطى التمرين المنطقة من الخليج العربي شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً؛ وأثبتنا من خلال التدرب سوية في منطقة العمليات الشاسعة هذه عزمنا الجماعي على الحفاظ على النظام الدولي القائم على القواعد، فهذا النظام ركيزة أساسية لحماية تدفق الحركة البحرية الإقليمية بحرية والتصدي للتهريب والأنشطة الأخرى التي تهدد السلام والاستقرار براً؛ فنحن دائماً أحسن ما نكون حين نتدرب معاً ونعمل معاً.
وقدم التمرين فرصة هائلة للتدرب جنباً الى جنب وتعزيز محاور مبادئنا الأربعة: العلاقات والشراكات والصداقة والقيادة المشتركة. فدمج العمليات ومزامنة النُظُم وتوسيع العلاقات من الأهمية بمكان للتصدي للتحديات البحرية التي تواجهنا اليوم. فلا تستطيع دولة من الدول الحفاظ على الأمن البحري الإقليمي بمفردها، وإنما يجدر بنا التعاون على التصدي للأنشطة التي تزعزع استقرار الممرات المائية الإقليمية الحيوية وردعها.
ومن المجالات التي نحرص فيها حرصاً شديداً على تعميق التعاون بيننا هو مجال استخدام الأنظمة المسيَّرة والذكاء الاصطناعي بهدف تكوين صورة عمل مشتركة للبحار المحيطة، وقد أعاننا التمرين على تنفيذ سيناريوهات معقدة لاستخدام التكنولوجيا الجديدة والمتطورة، وأكدنا على أنَّ الطائرات والقوارب المسيَّرة يمكنها مساندة الكوادر البشرية وتكثيف مراقبة مسرح الأنشطة البحرية، مما يحسن رؤيتنا فوق البحار وعليها وتحتها.
تتصف البيئة الاستراتيجية بأنها دائمة التغير، وعلى قواتنا البحرية مواكبتها من خلال استخدام المزيد من الأنظمة المسيَّرة للحفاظ على كفاءة القوات البحرية وفعاليتها، وردع كل من تسول لهم أنفسهم زعزعة استقرار البيئة البحرية.
وما كان «التمرين البحري الدولي–كوتلاس إكسبريس» سوى لمحة أولية عن آفاق جديدة سوف نستكشفها معاً، فالمستقبل يبشر بمواصلة التعاون البحري من خلال التدريبات المشتركة والبرامج التقنية، فالتزامنا المشترك بحماية الممرات المائية الإقليمية وحرية تدفق التجارة سيوحدنا جميعاً.
التعليقات مغلقة.