البحرية على أهبة الاستعداد
مقابلة مع العقيد هشام خليل الجراح، قائد القوة البحرية الملكية الأردنية
أسرة يونيباث
يونيباث: صِف لنا مهام البحرية الملكية الأردنية
العقيد الجراح: البحرية الملكية فرع من الأفرع الثلاثة للقوات المسلحة الأردنية (البرية والجوية والبحرية) وتكمل منظومة الدفاع الوطني بتأدية دور مزدوج: الدور العسكري للبحرية والدور التنظيمي والأمني لخفر السواحل. وتعتبر القوة البحرية الرئيسية وهي المسؤول الأول عن الأمن البحري الأردني، وتنهض بهذه المهمة من خلال عدد من الواجبات؛ تشمل إجراء الدوريات لحماية الحدود البحرية الأردنية وحراستها لمنع عمليات التسلل والتهريب، وعمليات التفتيش البحري التي تجريها فرق تفتيش مؤهلة ومدربة بأحدث المعدات، واكتشاف أي انتهاكات في المياه الإقليمية ومنعها، وتطبيق القوانين المعتمدة، ومراقبة المنشآت المدنية والعسكرية والأهداف الحيوية في العقبة من خلال «مركز العمليات البحرية»، فضلاً عن عمليات البحث والإنقاذ في المياه الإقليمية والحماية من التلوث البحري.
يونيباث: ما تحديات الأمن البحري التي تواجهها البحرية الأردنية في البحر الأحمر؟
العقيد الجراح: تتخذ التحديات التي تواجهها البحرية الأردنية في البحر الأحمر في إطار الحفاظ على الأمن البحري الأردني عدة أشكال؛ منها التحديات غير التقليدية، كالإرهاب الذي قد يتخذ صوراً عدة مثل الهجمات التي تستهدف السفن والموانئ وكذلك القرصنة البحرية التي تهدد سلامة الشحن، وآخرها أزمة فيروس كورونا (كوفيد19-) التي ألقت بظلالها على عمليات النقل البحري. ولبعض هذه التحديات جانب أمني تقليدي، كالتسلل وعبور الحدود البحرية والاتجار بالممنوعات بكافة أشكاله وصوره، في حين أنَّ لبعض التحديات طابع خاص، كالحوادث والكوارث البحرية، وحرائق السفن والموانئ، والتلوث البحري، والإضرابات. وفي ظل هذه التحديات، يتوجب على كافة المؤسسات التي تتعامل مع الأمن البحري رفع مستوى تنسيقها وكفاءتها وجاهزيتها.
يونيباث: كيف يسع البلدان الشريكة المساعدة على تطوير البحرية الأردنية؟ ما نوعية السفن والمعدات اللازمة؟
العقيد الجراح: لا شك أنَّ الشراكات الدولية والإقليمية كان لها دور كبير في رفع القدرات البحرية الأردنية في مجال التدريب واكتساب الخبرات من خلال الدورات والتمارين المشتركة. كما أنها تلبي احتياجات البحرية الأردنية من حيث وجود سفن قادرة على العمل خارج المياه الإقليمية بالمعدات اللازمة وعالية المواصفات، فهذه المعدات قادرة على رفع القدرة على الرد السريع وتقليل وقت الاستجابة للطوارئ. وغني عن البيان أنها ساهمت في تطوير قدرات كتيبة مشاة البحرية77 مما مكنها من القيام بواجباتها. وتجدر الإشارة إلى التعاون الوثيق بين البحرية الأردنية والبحرية الأمريكية ومشاة البحرية الأمريكية في هذا المجال.
يونيباث: هل يوجد تعاون أمني مع البلدان المطلة على خليج العقبة؟
العقيد الجراح: من المؤكد أنَّ واجب الحفاظ على الأمن البحري الأردني يقتضي درجة عالية من التعاون والتنسيق مع البلدان المطلة على خليج العقبة؛ فهو الميناء البحري الوحيد للأردن لخطوط الشحن الدولية، ويوجد بالطبع تعاون أمني مستمر مع هذه البلدان من خلال ضباط الاتصال والاجتماعات الأمنية الدورية. وتُترجم هذه الجهود المبذولة في سبيل التنسيق والتعاون إلى تمارين بحرية تستضيفها هذه البلدان.
يونيباث: ما أهمية التمارين البحرية الإقليمية والدولية المشتركة؟
العقيد الجراح: لإجراء التمارين البحرية الثنائية والمتعددة الأطراف دور مهم في تحقيق المستوى المطلوب من التعاون والتنسيق بين القوات البحرية، ولهذا أثر إيجابي على كفاءة وفعالية القوات المشاركة في هذه التمارين. كما يساهم في إكساب جميع الأطراف الخبرات وتبادل المهارات بما يؤدي إلى رفع مستوى توحيد المفاهيم والإجراءات التي تستخدمها القوات البحرية على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
يونيباث: في إطار مشاركتكم في القوات البحرية المختلطة، كيف استفاد الأردن من تجارب بعض البلدان الـ 34 الأخرى في التحالف؟
العقيد الجراح: البحرية الملكية الأردنية عضو فاعل في القوات البحرية المختلطة منذ تأسيسها في عام 2009. وأبرزت هذه المشاركة الدور الفعال والصورة النموذجية للبحرية الأردنية، وساهمت بلا ريب في تطوير الرتب البحرية الأردنية من خلال تبادل الخبرات مع المشاركين من دول التحالف، بالتعرف على طرق عمل القوات البحرية الدولية، والتعرف على خبرات مختلف البلدان في إدارة العمليات البحرية. وكان لهذا أثر إيجابي على معايير الضباط وضباط الصف والأفراد المشاركين، مما يوفر للبحرية الأردنية مستوىً أعلى من التدريب والخبرة والمهارات، فضلاً عن إقامة الصداقات وتحقيق أهداف الوعي الاجتماعي والثقافي مع المشاركين من بلدان أخرى.
يونيباث: ما التمارين التي تشارك فيها البحرية الملكية الأردنية، ولماذا تعتبر هذه المشاركة مهمة لكم؟
العقيد الجراح: تشارك البحرية الأردنية في عدة تمارين على ثلاثة أصعدة: محلي ووطني، وإقليمي، ودولي. فعلى الصعيد المحلي، تنظم البحرية تمارين داخلية في نطاق القيادة البحرية بهدف رفع مستوى الانسجام والتعاون بين الوحدات. ونحرص على تنفيذ بعض التمارين والسيناريوهات المختلفة على المستوى الوطني بمشاركة الأجهزة العسكرية والأمنية وبعض الهيئات المدنية ذات الطابع البحري، ويكمن الهدف من ذلك في تحقيق المستوى المطلوب من التعاون والتنسيق بين هذه المؤسسات وزيادة قدرات الاستجابة للكوارث البحرية. وعلى الصعيد الإقليمي، تحرص البحرية الأردنية على المشاركة في التمارين البحرية بصحبة البلدان المطلة على خليج العقبة؛ فجرت تمارين في المملكة الأردنية الهاشمية، كتمرين «الأسد المتأهب» وتمرين «مدافع بلا حدود»، وفي مصر مع تمرين «النجم الساطع»، وفي السعودية مع تمرين «الموج الأحمر» وتمرين «الشط الآمن». وعلى الصعيد الدولي، كان للبحرية الأردنية حضور دائم في عدة تمارين بحرية دولية بصفة مشارك ناشط أو بصفة مراقب. ولا شك أنَّ مثل هذا الحضور الدائم المستمر يسمح لأفراد البحرية الأردنية بالتعرف على أحدث أساليب إدارة العمليات البحرية وتبادل التجارب واكتساب الخبرات مع المشاركين.
يونيباث: كيف ساهمت قوات مشاة البحرية الأمريكية في تطوير قواتكم؟
العقيد الجراح: تتمتع البحرية الأردنية من خلال كتيبة مشاة البحرية77 بعلاقة خاصة مع مشاة البحرية الأمريكية، وقد تجلت هذه العلاقة في برنامج التنسيق المشترك المنفذ على مدار عدة سنوات وساهم في رفع مستوى الكتيبة من حيث الجاهزية والتدريب للقيام بالعمليات الدفاعية والهجومية وعمليات الأمن الداخلي وكذلك تدريب فريق التدخل السريع وفرق تفتيش السفن. وتجدر الإشارة إلى أنَّ كتيبة مشاة البحرية77 حصلت من خلال هذه الشراكة مع مشاة البحرية الأمريكية على عدة معدات وأجهزة متطورة مستخدمة في مجال المشاة البحرية. كما برزت أهمية هذه العلاقة من خلال المهام المشتركة المستمرة والتنسيق متعدد المستويات. وبصفتنا قيادة البحرية الأردنية، فإننا نسعى للحفاظ على هذه العلاقة وتطويرها لخدمة المصالح المشتركة لكلا الطرفين.
يونيباث: كيف تتعاون البحرية الأردنية مع سائر المؤسسات العسكرية والأمنية لتأمين المياه الإقليمية الأردنية؟
العقيد الجراح: الأمن البحري الأردني مسؤولية مشتركة تقع على عاتق مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية والهيئات الحكومية والسلطات المعنية بالأنشطة البحرية. ولذا تدرك البحرية الأردنية أهمية التعاون والتنسيق مع مختلف الأجهزة لتحقيق الهدف المنشود لحماية المياه الإقليمية الأردنية. ويتجلى هذا التعاون والتنسيق من خلال تبادل المعلومات مع «مركز العمليات البحرية»، المزود بأحدث أنظمة المراقبة وشبكات الاتصالات المتطورة، والتحديث المستمر للاستجابة للكوارث البحرية والخطط الأمنية لخليج العقبة. كما يوجد تواصل مستمر مع رجال الأمن والسلطات المتخصصة، مع إجراء تمارين بحرية مشتركة على الصعيدين المحلي والوطني تغطي مختلف السيناريوهات الممكنة، مما يعزز الانسجام بين مختلف الأجهزة ويساهم في وصولها إلى مستوىً عالٍ من التنسيق.
يونيباث: نرجو أن تحدثنا عن عملية تأهيل وتدريب رجال البحرية الأردنية.
العقيد الجراح: يخضع رجال البحرية الأردنية من ضباط وضباط صف وأفراد لبرنامج تأهيل وتدريب مكثف يتماشى مع المتطلبات العسكرية الأساسية للجندي؛ وهذا يشمل التدريب الأساسي، والتدريب على الأسلحة، والرماية، والسباحة، والتدريب الأمني والتوعوي. ويلي ذلك تدريب بحري وفني متخصص وتدريب خاص لمشاة البحرية بناءً على مختلف التخصصات. كما يشاركون في الدورات التدريبية التي تُعقد في معاهد الأجهزة البحرية والأمنية الأردنية، وفي المعاهد المدنية المتخصصة في العلوم البحرية.
يونيباث: هل يخضع الضباط وضباط الصف للتدريب خارج المملكة؟
العقيد الجراح: يشارك الضباط وضباط الصف في صفوف البحرية الأردنية في عدد من الدورات الخارجية التي تُعقد في معاهد التدريب البحري للدول الحليفة والصديقة. وتشمل هذه الدورات التأسيسية والمتقدمة للتخصصات البحرية (البحرية والمهندسين البحريين والضفادع البشرية ومشاة البحرية)، بالإضافة إلى عدة دورات لتعلم اللغات، ودورات تدريبية لضباط الأركان والقيادة العليا لتحقيق النتيجة التدريبية المنشودة، وهي رفع كفاءة وفعالية هذه الرتب وإكسابها المهارات والخبرات من خلال تعرفها على تجارب الآخرين.
يونيباث: هل تنفذ البحرية الأردنية مهام لحماية النظام البيئي البحري؟
العقيد الجراح: تعتبر حماية النظام البيئي البحري من أهم واجبات البحرية الأردنية؛ فقد شكل الأردن هيئة متخصصة لحماية البيئة البحرية، ويوجد تعاون وتنسيق مستمرين لتنفيذ جميع توصياتها المتعلقة بالحفاظ على النظام البيئي البحري وتنظيم الصيد. وجدير بالذكر أننا في البحرية الأردنية نراقب قطاع الصيد ونحظر أساليب الصيد الجائر.
التعليقات مغلقة.