تحت المجهر الاستجابة المنسّقة للأزمات بواسطة Unipath في يونيو 25, 2020 شارك Facebook Twitter المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في الأردن ينسق جهود المؤسسات العسكرية والمدنية بالمملكة أسرة يونيباث العقيد نضال الجماحنه يشكل التخطيط لإدارة الأزمات قبل وقوعها السبيل الأمثل للتعافي من الكوارث والتصدي للتهديدات الأمنية، إذ أثبتت التجارب أن غياب التنسيق قد يؤدي إلى وقوع خسائر بشرية، وإصابات بالنيران الصديقة، وربما وفاة الجرحى بسبب عدم وصول فرق الإنقاذ في الوقت المناسب، مما يحدث حالة من الارتباك الشديد بين مؤسسات الدولة؛ ولذلك اقتضت الضرورة إنشاء هيئة عليا لإدارة الأزمات، لتنظّم تحركات أول المستجيبين، وتنسّق الاتصالات بين المؤسسات المدنية وقوات الأمن. وقد أُسس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات في الأردن عام 2005، واستعرض قدراته أثناء الأدوار التي لعبها في تدريبات الأسد المتأهب 19، بحضور رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز. وقد أجرت يونيباث حواراً مع العقيد نضال الجماحنه، مسؤول التدريب والتمارين المشتركة بالمركز. يونيباث: ما مدى نجاح تدريبات الأسد المتأهب في مساعدة المؤسسات المدنية والعسكرية على التعاون والعمل بروح الفريق؟ العقيد نضال: أود أن أتحدث في البداية عن المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات بشكل عام، ودوره في تنسيق الجهود بين مؤسسات المملكة. يمثل المركز مظلة وطنية شاملة تعمل على تنسيق الجهود بين المؤسسات المختلفة سواء كانت مؤسسات أمنية أو مؤسسات القطاع العام أو القطاع الخاص أو القوات المسلحة. فتمتاز المملكة بتعدد عناصر قوتها الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية، ويتمثل الدور الاستراتيجي للمركز في دعم القوات المسلحة بالإمكانيات الوطنية، لتمكينها من تحقيق أهدافها والتصدي لأي تحديات تواجهها أثناء العمليات العسكرية. إلّا أن هذا الدور قد يتبدّل إذا واجهتنا تهديدات أو أزمات تمس الأمن الداخلي، فعندئذ يقدم الجيش الدعم لقوات الأمن والمؤسسات المدنية الأخرى في البلاد للتصدي لها؛ ذلك أننا نتعاون مع مختلف قطاعات المجتمع ونركز على تحقيق الأمن الشامل. ومثال ذلك أننا إذا واجهنا نقصاً في الإمدادات الاستراتيجية التي قد تؤثر على الأمن الغذائي بالمملكة، فلزاماً علينا أن نتخذ الإجراءات السريعة والاستباقية للحيلولة دون وقوع أزمة؛ وهذا تصوري لمفهوم الأمن الشامل. ولذلك فإن اسم مركزنا يعكس الدور الذي نقوم به؛ لأننا نضع الأمن الشامل على رأس أولوياتنا، ثم تليه إدارة الأزمات. ونتولى إدارة الأزمات سواء أكانت من صنع الإنسان كالهجمات الإرهابية، أم من صنع الطبيعة كالزلازل أو الفيضانات. يونيباث: تفرض الأزمات دائماً تحديات تتعلق بتنسيق التعاون بين المؤسسات التي ينبغي لها أن تكون أول من يستجيب لها، فكيف يمكن للمركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات التصدي لمثل هذا التحدي؟ العقيد نضال: يمثل التصدي لهذا التحدي الدور الأساسي لمركزنا والدافع وراء تأسيسه، وسأضرب لكم مثالاً بأزمة خطيرة يعرفها الناس؛ فقد تعرضت بلادنا في عام 2005 إلى هجوم إرهابي لم يسبق له مثيل، وذلك عندما هاجم الإرهابيون فنادق في عمّان. وقد خلصت إحدى الدراسات التي تولّت تقييم تلك الأزمة الوطنية إلى أن كل مؤسسة من مؤسسات الدولة كانت تعمل بشكل جيد تماماً بمفردها، ولكنها وجدت ثغرات في التعاون فيما بينها عندما اقتضت الضرورة هذا التعاون. ولذلك فإن رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في إنشاء المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات كانت تستند إلى رغبة جلالته في التصدي لهذه المشكلة من خلال عمل المركز كمظلة وطنية، تركز على سد الثغرات بين المؤسسات الحكومية وتوحيد جهودها. وانطلاقاً من رؤية المركز، قامت اللجنة المشكلة من قبل المركز بدراسة وتحليل مختلف التهديدات التي يمكن أن تواجه المملكة في المستقبل. ثمَّ وضعنا خُططاً استراتيجية لمنعها أو التصدي لها؛ فلدينا خطط لمكافحة الهجمات الإرهابية، والتعامل مع حشود اللاجئين، والتعافي من الكوارث. وتتضمن كل خُطة أدواراً محددة للأجهزة الحكومية وفقاً لنوع الأزمة، ووزعناها على جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها، لتمكينهم من دمج مهامهم واستجاباتهم في الخُطة الرئيسية لإدارة الأزمة. ولم نواجه –بفضل الله– أزمات كبيرة منذ تأسيس المركز، إلّا أننا تعاملنا بالمهنية اللازمة مع بعض الأحداث التي وقعت، عن طريق التعاون الكامل بين الأجهزة الأمنية. فرق الإنقاذ الأردنية تبحث عن مفقودين بالقرب من مادبا أثناء الفيضانات القاتلة في أواخر عام 2018، ومركز الأزمات يساعد في تنسيق هذه الجهود. وكالة أسوشيتد برس يونيباث: أخبِرنا عن بعض هذه الأحداث بمزيد من التفصيل من فضلك. العقيد نضال: كلُنا نعرف مهام مكافحة الإرهاب بالسلط والكرك، كما واجهنا مؤخراً فيضانات مفاجئة تسببت في إضرار أجزاء كبيرة بالمملكة؛ ولذلك أعلن المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات أنها أزمة وتعامل معها على المستوى الوطني. ونحن لا ندعي العصمة من الخطأ، ولكن مجال إدارة الأزمات ينطوي في أغلب الأحيان على خسائر بشرية؛ إذ كانت خسائرنا البشرية قد بلغت نحو الـ 20 فرداً، ولكننا تمكنّا من الحد من أضرار الفيضانات بعد الإعلان عن حالة الأزمة الوطنية. والحق أن الخسائر البشرية كانت لتزيد لو لم نعتبر الفيضانات أزمة وطنية ونسخّر الإمكانيات الوطنية لمواجهتها، وما لبثت أن استجابت أجهزة الدولة بمنتهى السرعة. وسأضرب لك خير مثال يوضح كيفية تعاملنا مع تلك الأزمة؛ كان يتواجد بالمركز معالي وزير الداخلية برفقة رئيس هيئة الأركان المشتركة ومدير عام الدفاع المدني، واحتاج الفريق التابع لوزارة الداخلية الموجود على مسرح الأحداث إلى طائرة مروحية للإخلاء؛ وعندما علم معالي الوزير بذلك، فإذا به يلتفت إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة ويطلب منه طائرة مروحية. وفي غضون دقائق كانت مروحية الإخلاء في طريقها إليهم. يونيباث: كيف يصقل تعاونكم مع القوات الأمريكية خبرتكم؟ العقيد نضال: ظهرت فكرة تأسيس المركز في عام 2005، وانتهينا من بناء مقره الدائم في عام 2013، وبالتالي فإن عمره لا يتجاوز خمس سنوات. وإذا تحدثنا عن أحد مراكز الولايات المتحدة لإدارة الأزمات، كوكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، فسنجد أن لهم باعاً طويلاً في هذا المجال على مدار عقود. هذا، وتتعدد طرق التعلم، فإما أن تتعلم من أخطائك، وإما أن تستفيد من خبرة الغير في مجال عمله. ونحن –بفضل الله– لا نواجه أزمة وطنية حقيقية؛ لذلك تواصلنا مع الولايات المتحدة، بصفتها شريكنا الاستراتيجي، لنستفيد من خبرتها، مثل وكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية، وغيرها من المؤسسات بالوكالات والقوات المسلحة الأمريكية، وتجمعنا علاقات وطيدة مع شركائنا بالولايات المتحدة، وخاصة ولاية كولورادو، إذ لدينا اتفاقيات تعاون مع الحرس الوطني بها. بالإضافة إلى أننا نعمل مع برنامج وزارة الخارجية الأمريكية للمساعدة في مكافحة الإرهاب، وكذلك مع برامج التعاون الأخرى المتاحة لنا بهدف بناء القدرات الوطنية، ويمكنني اليوم أن أقول بكل ثقة إننا كدنا نصل إلى مرحلة الاعتماد التام على أنفسنا، وذلك بفضل الجهود الكبيرة التي بذلها شركاؤنا الاستراتيجيون. يونيباث: صف لنا بمزيد من التفصيل التحديات التي تواجه توحيد الجهود المدنية والعسكرية خلال أوقات الأزمات. العقيد نضال: أود أن أستعرض معكم رؤيتي لهذه المسألة انطلاقاً من خلفيتي العسكرية ومنصبي الحالي في إدارة الأزمات. فلا يزال الكثير من القادة غافلين عن الجانب الإنساني المهم في أي عملية عسكرية، ومثال ذلك أن القوات المسلحة قد تواجه خلال العمليات أعداداً من اللاجئين الداخليين الذين فروا من منطقة الصراع — وهو أمر طبيعي في أي عملية عسكرية. فإن لم نتوخَ الحرص ونتحلى بالمهنية في التعامل مع هؤلاء اللاجئين، فسيمثلون مشكلة تعوق العمليات العسكرية وتهدد أهداف المهمة. وعندما يُحاصر المدنيون في منطقة تبادل إطلاق النار بسبب تمركز الإرهابيين بها، فسيحاول هؤلاء الإرهابيون استغلال الوضع والاختباء بين المدنيين بهدف إلقاء اللوم على الحكومة إذا أصاب المدنيين الأبرياء أي مكروه، ويساعد ذلك الإرهابيين على استقطاب أعضاء جدد؛ ولذلك فقد ينحاز المواطنون المحليون إلى الإرهابيين بدلاً من تأييدهم لحكومة بلادهم. ويمكن أن يحدث هذا السيناريو أذا نحن لم نحسن التصرف في إدارتنا للعملية العسكرية والمدنية. أضف إلى ذلك أن المجتمع الدولي مسؤول عن تقديم المساعدة الإنسانية إلى المدنيين في مناطق الصراع، لا سيما في العمليات المشتركة كالتي نخوضها في تدريب الأسد المتأهب، فلدينا في تدريب هذا العام سيناريو يتضمن وجود لاجئين داخليين ومجموعة من الأفراد الذين يريدون إنهاء الصراع سلمياً، وتحتاج هاتين المجموعتين إلى مساعدات لا تستطيع الأردن تقديمها بمفردها، ولكن يمكن أن تنهض بها منظمات دولية كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي. وتختص هذه المنظمات بمساعدة مختلف أنواع اللاجئين في شتى بقاع الأرض، ويتعين عليها التنسيق مع الحكومات المحلية والعمل من خلالها، وليس مع قوات الأمن أو الجيش. وسوف تنسق الحكومة هذه الأعمال على المستوى الاستراتيجي مع قوات الأمن أو الجيش المرابطة على الأرض. ومن ثمّ، فإن المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات هو الجهة المنوط بها تنسيق التعاون بين المنظمات الدولية، والحكومة الأردنية، وقوات الأمن أو الجيش. ولدينا مسؤولي اتصال من جميع الوزارات والأجهزة الحكومية، يعملون على تقديم الدعم والتوصيات لقائد المركز، ونردد فيما بيننا شعاراً يقول: “أمّا القائد فيعرف شيئاً عن كل شيء، وأمّا الخبير فيعرف كل شيء عن شيء واحد”. وهذا هو السبب في أن لدينا خبراء ومسؤولي اتصال لتقديم المشورة والتواصل مع أجهزتهم ومؤسساتهم بناءً على طلب القائد. قوات العمليات الخاصة الأمريكية والأردنية تقوم بعملية جوية متعددة الجنسيات، تعرف أيضاً باسم قفزة الصداقة، مع ثمانية بلدان أخرى في ختام تدريب الأسد المتأهب 19. سَمانثا لويس/الجيش الأمريكي يونيباث: لقد ذكرت أن رئيس الوزراء الأردني وصل اليوم للإعلان عن حالة أزمة كجزء من تدريب الأسد المتأهب، فكيف تسري هذه العملية؟ العقيد نضال: نحن نعمل على ثلاثة مستويات في المركز، وهي المستوى التكتيكي، والمستوى العملياتي، والمستوى الاستراتيجي. ففي المستوى التكتيكي يكون المستجيب الأول قادراً على حل المشكلة؛ ولنفرض أن لدينا حادثاً مرورياً أو فيضاناً في منطقة معزولة، بحيث يكون المستجيب الأول هو إدارة الدفاع المدني أو الشرطة التي تمكنت من حل المشكلة دون الحاجة إلى دعم إضافي، فيقتصر دورنا في هذه الحالة على متابعة الموقف وتقييمه وتقديم المشورة والتوصيات. ولكن إذا تصاعد الموقف وطلب المستجيب الأول الدعم من أجهزة أخرى داخل نطاق المحافظة، فإنه يصل إلى المستوى العملياتي. وفي هذه الحالة، فإن مجلس الأمن المحلي بكل محافظة، والتي تضم فروعاً للأمن العام والدرك والدفاع المدني ومديرية الصحة، سيحاول حل الوضع بما لديه من إمكانيات داخل المحافظة. وإذا عجزت المحافظة عن التصدي للمشكلة بمفردها ــ أو إذا كانت المملكة تواجه أحداثاً متعددة في آن واحد ــ فإننا نصعّده إلى المستوى الاستراتيجي. ويتمثل دورنا بالمركز الوطني في أن نوصي دولة رئيس الوزراء بعقد اجتماع بمقر المركز لنقرر ما إن كنا سنعتبره أزمة وطنية. وأود أن أنوّه إلى أن إدارة المركز الوطني تتكون من دولة رئيس الوزراء، ووزير الداخلية، وقادة جميع قوات الأمن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، وصاحب السمو الملكي الأمير علي بن الحسين، رئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، وهؤلاء هم المسؤولون عن إعلان حالة الأزمة. يونيباث: كيف يتواصل المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات مع المواطنين للتصدي للفوضى والشائعات أثناء الأزمات؟ العقيد نضال: يوجد بالمركز وحدة استجابة إعلامية تعمل بالتوازي مع العمليات. ونتلقى بها اتصالات من جميع وسائل الإعلام في البلاد؛ إذ يتمثل هدفنا في توحيد الرسائل التي تُبث للجماهير خلال الأزمة. وعلينا إحاطة وسائل الإعلام بمستجدات الأزمة للحد من أثرها؛ لأن وسائل الإعلام اليوم تميل إلى تهويل الأحداث إذا كانت غير مطّلعة على المعلومات الصحيحة. ومن ثمَّ، يقع على هذه الوحدة مسؤولية التواصل مع المتحدثين باسم الحكومة، وأجهزة الأمن، والدفاع المدني، ونحو 84 متحدثاً آخر. فعلى سبيل المثال، إذا واجهنا موقف على المستوى التكتيكي، مثل تفشي مرض في منطقة معزولة، واكتشفنا أن وسائل الإعلام الاجتماعي تنشر شائعات ومعلومات مضللة، فإننا نتصل على الفور بالمتحدث باسم وزارة الصحة لكي يصدر بياناً ينفي هذه الشائعات قبل أن تتسبب في إحداث حالة من الذعر والفوضى. ونستخدم المعلومات التي توفرها لنا الوزارات والأجهزة ذات الاختصاص ونوصلها إلى مواطنينا، ونتواصل مباشرة مع التلفزيون ومحطات الإذاعة ووسائل الإعلام الإلكترونية الأردنية. وفيما يتعلق بوسائل الإعلام الاجتماعي، فإننا نراقب بيئتها، ونعد عنها تقارير أولية نسلمها لمسؤولي العمليات أو لنائب رئيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، لتقييم مدى ضرورة إصدارنا لبيانات رسمية على لسان المتحدث الرسمي باسم المركز. ويتمثل هدفنا الأساسي في توحيد الرسالة الرسمية التي تُبث عبر وسائل الإعلام المختلفة، وننقل هذه الرسائل في صورة مخططات معلومات بيانية، ومقاطع فيديو قصيرة، وتويتات، ورسائل واتساب. يونيباث: نشر الإرهابيون في هجوم الكرك الإرهابي معلومات مضللة إلى المتعاطفين معهم، فكيف تكشفون أكاذيبهم على وسائل الإعلام الاجتماعي؟ العقيد نضال: ينبغي لنا الأخذ بزمام المبادرة من خلال إحاطة الشعب الأردني بالحقائق والمعلومات، إلّا أنه يتعذر علينا أحياناً التواصل معهم نظراً لشدة حساسية الموقف، كما هو الحال في أثناء وجود رهائن في قبضة الإرهابيين، إذ يمكن لأي بيان أن يعرّض حياة الأبرياء للخطر أو يحبط عمليات الإنقاذ. ونحن نتصدى للشائعات بإحاطة الناس علماً بالحقيقة؛ فالمواطن الأردني يثق في حكومته، وما أن نطلعه على الحقيقة، حتى تجده ينشر رسائلنا ويتداولها في الشارع ووسائل الإعلام الاجتماعي، ويؤدي ذلك إلى التصدي إلى الروايات التي يروجها أعداء الوطن. Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.