الاستجابة السريعة للتهديدات
لواء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتدخل السريع بالأردن يثبت جدارته في الميدان
العميد الركن رعد عبد الحميد دورا، قائد لواء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتدخل السريع، القوات المسلحة الأردنية/الجيش العربي
الصور: القوات المسلحة الأردنية
تدرَّبت نخبة من القوات الأردنية على صد توغل مسلح على الحدود الشمالية للدولة في نيسان/أبريل 2021، واشترك في التمرين العسكري المسمَّى «درع الوطن» لواء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتدخل السريع ومجموعة الملك عبد الله الثاني للقوات الخاصة في سبيل دعم قوات حرس الحدود الأردنية.
وقد نظَّم قادة الجيش تمرين «درع الوطن» لمعرفة مدى جاهزية القوات المشاركة وقدرتها على القيام بواجبات ومهام مشتركة خلال حالات الطوارئ الوطنية؛ وتضمنت تلك المهام العمليات الهجومية السريعة، والتعامل مع الأهداف الطارئة، وعمليات الهجوم الجوي في مناطق سكنية باستخدام مروحيات قتالية، والعمليات الخاصة، وعمليات مكافحة الإرهاب.
وتضمن سيناريو «درع الوطن» مواجهة بين قوات حرس الحدود وميليشيات معادية داخل المنطقة العسكرية الشرقية للدولة، وفيما كان رجال حرس الحدود يقومون بتراجع تكتيكي، تسللت فرق استطلاع من لواء التدخل السريع إلى المنطقة لتهيئة مسرح العمليات للقوة الرئيسية.
ونجحت تلك الفرق في توفير إحداثيات الاستهداف لسرية المدفعية المتنقلة التابعة للواء والمجهزة بمدافع «هاوتزر» عيار 105 ملم وصواريخ «كورنت» المضادة للدبابات المجوقلة على مروحيات «يوروكوبتر سوبر بوما».
وعقب قصف بالمدفعية لأهداف معادية وتوفير الإسناد الجوي القريب من طائرات «إف- 16»، هاجمت قوات التدخل السريع القوة الغازية باستخدام مروحيات «بلاك هوك» وعربات «الوحش» المدرَّعة أردنية الصنع. وفور محاصرة العدو، شنَّت الكتيبة الخاصة «101» الأردنية هجوماً على هدف قيِّم كان يحاول الهروب على طريق جبلي.
وقد تركزت أهداف التمرين على الانتشار الاستراتيجي للواء التدخل السريع لتوفير الدعم لوحدات القوات الخاصة الأخرى، والقوات الجوية، وقوات حرس الحدود. وعلاوة على الهجمات الجوية والبرية المنسَّقة، أجرت الوحدات عدداً من عمليات الإجلاء الطبي والإمداد الجوي، كما كان التمرين بمثابة اختبار لقدرات القيادة والسيطرة وإدارة المعركة في بيئات عملياتية معقدة.
فلسفة التدريب
فيما يتعلق بالتدريب، فإنَّ الهدف الرئيسي للواء التدخل السريع يتمثل في تأهيل كل جندي لتحقيق أقصى درجات التميز والمهنية، ويتطلب التدريب تخطيطاً واقعياً ومنطقياً من القادة على كافة المستويات مع مراعاة التطوير المستمر للقوات المسلحة الأردنية/الجيش العربي.
ويقتضي هذا التطوير الإسراع بالتحسين التكنولوجي، وتطوير عقيدة القتال، وتشخيص التحديات والتهديدات المحتملة داخل البيئة الاستراتيجية (العالمية والإقليمية والمحلية) وإلى أي مدى تحدد هذه التهديدات متطلبات العمليات والاستخبارات عملياتياً وتكتيكياً، ولا بد أن تتماشى كل عمليات التطوير هذه مع الموارد المتاحة للدولة.
والتدريب من الأهمية بمكان لاكتساب رجال القوات المسلحة المهارات الفردية فيما يتعلق بالتعامل مع الأسلحة والارتقاء بالعمل الجماعي من خلال العمل في فريق، إذ يعد ذلك حجر الأساس للنهوض بالقدرات العسكرية للوحدات القتالية. ويساعد مثل هذا التدريب الوحدات على الوصول إلى مستوًى متميِّز من الاستعداد القتالي حتى تتمكن من تحقيق النصر بأقل قدر من الخسائر في الأفراد والمعدات.
إن عملية التدريب مستمرة وحاضرة دائما، وهي حجر الزاوية للنجاح في القتال والعامل الحاسم في تقرير نتيجة المعركة، ولهذا السبب نؤمن بمقولة: “إنَّ قطرة عرق أثناء التدريب تحفظ نهراً من الدم خلال المعركة.”
نبذة تاريخية عن اللواء
انطلاقاً من الرؤية الاستراتيجية للقوات المسلحة الأردنية/الجيش العربي، كان جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قائدنا الأعلى، قد وجَّه بإنشاء قوة رد سريعة تتحلَّى بالمرونة والخفة وأعلى درجات الاستعداد القتالي، على أن تكون قادرة على التحرك في وقت قياسي وقادرة على دعم القوات البرية كقوات حرس الحدود والقوات الخاصة.
وهكذا تشكل لواء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للتدخل السريع في عام 2014 جرياً على مبدأ تطوير القوات المسلحة الأردنية وتحديثها بما يراعي الظروف الإقليمية وبيئة ومسرح العمليات، إذ اقتضت الضرورة ذلك على إثر ظهور تحديات جديدة للجيوش النظامية التقليدية تحت ستار الجماعات الإرهابية المتطرفة والميليشيات، فضلاً عن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض بلدان المنطقة.
تتحلَّى قوات التدخل السريع بأعلى درجات الاستعداد القتالي وسرعة الاستجابة والمرونة والاعتماد على الذات والقدرة على نشر القوات البرية أو الجوية للتعامل مع حالات الطوارئ. وكما تجلَّى خلال سيناريو تمرين «درع الوطن»، فإنها تعمل لفترات قصيرة لمساندة الوحدات الأخرى حتى يتسنى لها إعادة التمركز في مواقعها.
وبوسع اللواء العمل بشكل مستقل أو ضمن تشكيلات القوات المسلحة الأردنية/الجيش العربي، وبوسعه العمل مع القوات الصديقة والحليفة للدفاع عن الأمن الوطني الأردني داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية أو خارجها، وفق أوامر القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية.
ولواء التدخل السريع مجهَّز بأحدث الأسلحة والمركبات والمعدات التي تخدم الاستعداد العالي للواء والإمكانيات والقدرة على سرعة التحرك والاستجابة. كما تلقى الوحدات دعماً من مجموعة طيران الرد السريع التابعة للقوات الجوية الملكية، ويوفر هذا العمل المشترك سرعة الاستجابة والرد ضد أي تهديد في وقت قياسي.
يتدرَّب عناصر لواء التدخل السريع على التعامل مع كافة أشكال التهديدات التقليدية وغير التقليدية في الحرب غير المتكافئة والانتشار بواسطة المروحيات والطائرات المجنحة والمركبات البرية، ويمكنهم القيام بعمليات في المناطق السكنية، والهجوم على الأهداف من الجو، والتعامل مع الحالات الإنسانية وشؤون اللاجئين.
التجنيد الانتقائي
يجب أنَّ يخضع عناصر اللواء لعملية اختيار طويلة وصارمة، تبدأ بوجود رغبة وقدرة مؤكدتين على الانتماء لهذا التشكيل، كما يتطلب التجنيد القوة البدنية، والقدرة العالية على تحمل الضغط، والقدرة على العمل في الظروف القاسية، وعلى المرشح اجتياز الاختبارات البدنية والطبية والنفسية.
كما تتميَّز قوات التدخل السريع بتدريبها المهني العالي، ممَّا يبرر ارتفاع رواتبها للقيام بواجباتها ومهامها بفاعلية ومهارة، ويقتضي التدريب المتخصص دورة في مهارات المغاوير والمظلات، والقتال في المناطق السكنية، والهجوم الجوي، والبحث والإنقاذ القتالي، وعمليات التدخل السريع.
وتعمل القوات بأسلحة حديثة تتميَّز بدقة قوتها النارية، كصواريخ «كورنت» ومدافع «هاوتزر» عيار 105 ملم والقذائف الصاروخية وبنادق القنص. وتنقل الطائرات التي تتحلَّى بالمرونة والإمكانيات، كمروحيات «بلاك هوك» و«سوبر بوما»، القوات إلى أهدافها في أي حالة من حالات الطوارئ.
يعد تشكيل مثل هذا اللواء النخبوي شهادة على رقي قدرات الاردن العسكرية والتزامه بالدفاع عن أمن المنطقة.
التعليقات مغلقة.