إعادة إدماج العائدين
اوزبكستان تعد نموذج مثالي لسبل إعادة توطين أزواج مقاتلي داعش وأطفالهم
العقيد أوميد أحمدوف، الممثل الوطني السابق لوزارة الدفاع الأوزبكية لدى القيادة المركزية الأمريكية
نجحت حكومة أوزبكستان بين عامي 2017 و2021، وبمشاركة منظمات دولية، في إعادة توطين 531 مواطناً ومواطنةً كانوا قد تورطوا بالأنشطة الإجرامية للتنظيمات الإرهابية الدولية في سوريا والعراق وأفغانستان.
واستردت هذه العمليات الإنسانية، المعروفة مجتمعة باسم «مهر» (أي الرأفة)، بالدرجة الأولى النساء والأطفال الذين غرر بهم أو أثر عليهم أقاربهم أو آباؤهم أو أزواجهم المنتمون للجماعات المتطرفة العنيفة.
وحرصت أوزبكستان على إعادة تأهيل هؤلاء المواطنين وإعادة إدماجهم في المجتمع باعتماد تدابير تجمع بين ممثلي المؤسسات الحكومية والمدنية، ويشارك في هذا العمل وزارات الصحة والتعليم العام والتعليم قبل المدرسي والعدل والعمل والتوظيف، كما تشارك مؤسسات خارجية مثل لجنة المرأة بأوزبكستان، وتساهم هذه المؤسسات في ضمان إيجاد فرص عمل للعائدين وإلحاقهم بالمدارس وعلاجهم من الأمراض الجسدية أو النفسية.
ويخضع النساء والأطفال العائدين عند وصولهم إلى أوزبكستان لإعادة التأهيل والتكيف الاجتماعي لعدة مراحل، يجري تنظيمها بالاشتراك مع اليونيسف.
المرحلة الأولى: تتحقق الدولة من صحة جوازات سفر العائدين وشهادات ميلادهم أو تعيد إصدارها. ويتعين في بعض الحالات، كحالات الأطفال المولودين في العراق أو سوريا، تحرير هذه الوثائق من جديد. كما يحضر النساء والأطفال فعاليات ثقافية وتعليمية كالحفلات الموسيقية والمسابقات وجلسات الإرشاد النفسي والمعنوي، ويخضع الأطفال لاختبارات دراسية لضمان إلحاقهم بالمدارس المناسبة وفي الصفوف الدراسية المناسبة.
المرحلة الثانية: تقتضي هذه المرحلة تعيين أوصياء من أقارب الأيتام العائدين أو إلحاقهم بمنازل جماعية تسمى «بيوت الرحمة». ولكي يكونوا أوصياء، على الأقارب ملء طلبات تثبت قدرتهم على رعاية هؤلاء القُصَّر، ويختص رئيس لجنة الوصاية بتقييم المتقدمين ويختار الطفل المناسب لكل أسرة.
المرحلة الثالثة: تجمع هذه المرحلة بين العائدين وأقاربهم خلال اصطحابهم إلى منازلهم الجديدة، وتحقق أجهزة إنفاذ القانون في أي قضايا جنائية ضد العائدين وتطلق سراح أعداد كبيرة منهم مع تعهدهم بحسن السير والسلوك، كما يُودَع أيتام في منازل جماعية تديرها حكومات الأقاليم في حالات كثيرة.
المرحلة الرابعة: تكفل هذه المرحلة مواصلة مساعدة العائدين على إعادة الإدماج في المجتمع الأوزبكي، إذ توفر الحكومة السكن والتدريب والمساعدة على إيجاد فرص عمل للعائدين البالغين وصرف معاشات لكبار السن، ويلتحق الأطفال العائدون بالمدارس أو رياض الأطفال بناءً على أعمارهم، مع تنسيب أخصائيين نفسيين ومعلمين يقدمون الرعاية والدروس الخصوصية للأطفال، ويمكن للمرأة الحصول على مساعدة مالية إذا كانت تعاني من إعاقة أو تعيل أطفالها. ويعمل المرشدون من جمعيات الأحياء على تتبع جميع العائدين، ويخطب الأئمة وعلماء الدين الرسميون في الأهالي لتوعيتهم بمغالطات الأفكار المتطرفة والإرهابية.
وبناءً على مئات الأوزبكيين الذين مروا بهذه المنظومة، فقد أفادت إذاعة «صوت أمريكا» أنَّ مسؤولين من الولايات المتحدة والأمم المتحدة استشهدوا بأوزبكستان كنموذج لإعادة نساء وأطفال داعش من الشرق الأوسط، وشجعوا البلدان الأخرى على الاقتداء بجهود نزع التطرف هذه للحد من خطر عودة الإرهاب.
فقال السيد دانيال روزنبلوم، سفير الولايات المتحدة لدى أوزبكستان، لإذاعة «صوت أمريكا»: “لقد قاموا بعمل ممتاز يتسم بأقصى درجات المصداقية.”
وكررت السيدة هيلينا فريزر، منسقة الأمم المتحدة المقيمة في أوزبكستان، هذا التقدير، إذ أثنت على أوزبكستان لتقديمها نموذجاً لعشرات البلدان الأخرى التي انخرط بعض مواطنيها في صفوف الجماعات المتطرفة في سوريا. F
التعليقات مغلقة.