أوزبكستان كشريك أمني
المؤسسة العسكرية في البلاد تشجع التعاون للتصدي للتحديات الأمنية في آسيا الوسطى
سلطنات بيرديكيفا
كانتزيارة الرئيس الأوزبكي شوكت ميرزوييف إلى الولايات المتحدة في 16 ايار/مايو 2018 تاريخية: فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها أي رئيس أوزبكي رسميًا الولايات المتحدة منذ عام 2002. ولم يكن اجتماع الرئيس ميرزوييف مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب بمثابة تطبيع للعلاقات الثنائية فحسب، ولكن هدف كذلك إلى تعميق للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية. ووصف الرئيس ميرزوييف الاجتماع مع الرئيس ترامب بأنه بداية “عهد جديد من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.” وتُوِّج التبادل الدبلوماسي بالتوقيع على اتفاق ثنائي للتعاون العسكري مدته خمس سنوات.
وتم تلخيص العلاقة المتطورة من قبل السفير الأمريكي لدى أوزبكستان دانيال روزنبلوم في مؤتمر صحفي عقد في طشقند في تموز/يوليو 2019. قال فيه السفير روزنبلوم، “إن الولايات المتحدة مهتمة بتعميق شراكتها الأمنية مع أوزبكستان، بما في ذلك مكافحة الإرهاب ومكافحة الاتجار بالمخدرات.” مضيفاً، “هذا لا يعني العمل معاً لضمان السلام والازدهار في أفغانستان الذي هو هدف مشترك فحسب، بل يعني التعاون لمكافحة التطرف العنيف والجريمة العابرة حدود الدول والاتجار بالمخدرات والتهديدات الأخرى.”

شراكة جديدة
منذ بداية عام 2019، حققت أوزبكستان إنجازات هامة لتعزيز العلاقات مع الجيش الأمريكي. في شباط/فبراير 2019، قام القائد العام للقيادة المركزية الأمريكية آنذاك الفريق أول جوزيف فوتيل بزيارة رسمية إلى طشقند للمشاركة في مؤتمر لرؤساء الأركان العامة للقوات المسلحة في وسط وجنوب آسيا. وقد عقد المؤتمر، الذي نظمته القيادة المركزية الأمريكية، في طشقند لأول مرة. وقال الرئيس ميرزوييف إنه يشكل منبراً لمناقشة وتطوير نهج مشتركة لحل واحد من أسوأ الصراعات في المنطقة هوالحرب في أفغانستان. وشدد الاجتماع المعقود بين الفريق أول فوتيل والرئيس ميرزوييف على أهمية توسيع نطاق التعاون العسكري الأوزبكي الأمريكي، الذي يشمل مساعدة القوات المسلحة الأوزبكية عن طريق تقديم التعليم العسكري، وتدريب الأخصائيين التقنيين العسكريين، والتعاون بين القوات العسكرية وقوات الأمن في البلدين.
وأعرب الرئيس ميرزوييف عن أمله في تعزيز القدرة القتالية والاستعدادية لجيش بلاده بمساعدة المتخصصين الأمريكيين، وفقاً لصحيفة آسيا تايمز التي تصدر على الإنترنت. ورغم عدم الكشف عن تفاصيل هذا التعاون، يعتقد المحلل السياسي الأوزبكي رافائيل ستاروف أن ذلك ينطوي على تحديث القوات الخاصة، واقتناء أنواع جديدة من الأسلحة والذخائر للقوات الخاصة ولجنود دوريات الحدود في البلد، وتزويد القوات المسلحة بمركبات مصفحة. وأفادت التقارير أيضًا أن البلدين ناقشا تعليم الطلبة العسكريين الأوزبكيين في المدارس العسكرية الأمريكية.
في أوائل عام 2019، اتخذت أوزبكستان خطوة مهمة أخرى لتعزيز العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة. ففي الفترة بين 13 إلى 31 كانون الثاني/يناير 2019، شاركت القوات الخاصة الأوزبكية في تدريبات عسكرية تسمى الضربة الجنوبية بالاشتراك مع الحرس الوطني الأمريكي في معسكر شيلبي بالقرب من هاتيسبورغ، ميسيسيبي، وفي مركز تدريب في غلفبورت في نفس الولاية. ووفقا لبيان صادر عن وزارة الدفاع الأوزبكية، فإن هذه التدريبات “تدعم التأهب العسكري والتعاون بين القوات العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها الرئيسيين.” وكانت هذه هي المرة الأولى التي شاركت فيها القوات الخاصة الأوزبكية في التدريبات العسكرية المشتركة على الأراضي الأمريكية. وكجزء من هذا التدريب، التقى وفد أوزبكي، برئاسة وزير الدفاع آنذاك عبد السلام عزيزوف، مع القادة العسكريين الأمريكيين في ميسيسيبي في كانون الثاني/يناير 2019، ومع مسؤولين في مقر القيادة المركزية الأمريكية في مدينة تامبا، فلوريدا، في الولايات المتحدة لمناقشة القضايا الأمنية في آسيا الوسطى، وفرص زيادة التعاون مع الجيش الأمريكي، والتمارين العسكرية المشتركة والدولية المستقبلية.
تحت قيادة الرئيس ميرزوييف، بدأت أوزبكستان إقامة الشراكات مع المنظمات العسكرية والتعليمية والمدرسين في الولايات المتحدة . وقد بدأ غريغوري غليسون، أستاذ الدراسات الأمنية في مركز جورج سي مارشال الأوروبي للدراسات الأمنية (شراكة بين وزارة الدفاع الألمانية ووزارة الدفاع الأمريكية) بتدريس دورة عن الأمن الدولي في أكاديمية القوات المسلحة في أوزبكستان. ويعقد الاستاذ غليسون الآن حلقات عمل منتظمة لأعضاء هيئة التدريس وطلاب الأكاديمية. ولاحظ الملازم الأول في القوات المسلحة الأوزبكية، محمود عباسوف، أنه نظرا لأن التعليم في المؤسسات التعليمية العسكرية في أوزبكستان لا يزال يستند إلى مواد من الحقبة السوفياتية، “يحتاج الجيش [الأوزبكي] إلى أساليب وخبرات حديثة.”

كما أسفر توثيق الروابط بين أوزبكستان والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة عن فوائد اقتصادية لكلا الجانبين. بعد عام من بدء رئاسته، عقد الرئيس ميرزوييف سلسلة من الاجتماعات الثنائية مع ممثلي الشركات الأمريكية في نيويورك خلال زيارته للمشاركة في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في أيلول/سبتمبر 2017. وأسفرت هذه الاجتماعات عن اتفاقات استثمار في مجال صناعة النفط والغاز، وبناء الآلات، والطيران المدني بلغت قيمتها 2.6 مليار دولار.
وفقا لأليس ويلز، نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لجنوب ووسط آسيا، ضاعفت الولايات المتحدة بمقدار ثلاثة أضعاف مبلغ المساعدة المالية لأوزبكستان من 10.1 مليون دولار في عام 2016 إلى 28.1 مليون دولار في عام 2018. وأشارت السلطات الأوزبكية إلى أن أكثر من 160 شركة أمريكية استثمرت 600 مليون دولار في البلد على مدى السنوات القليلة الماضية. وفي المقابل، أعربت أوزبكستان عن استعدادها للمساهمة في الاقتصاد الأمريكي من خلال خفض احتياطياتها من الذهب وشراء سندات الخزانة الأمريكية بدلاً من ذلك. وقد تضاعف حجم التجارة الثنائية في عام 2018.
أوزبكستان كوسيط للسلام
ينظر الدبلوماسيون والقادة العسكريون الأميركيون على نحو متزايد إلى أوزباكستان باعتبارها حليفاً إقليمياً أساسياً ووسيطاً للسلام في أفغانستان. وقد عقد تكتل جديد للكونغرس الأمريكي حول أوزبكستان اجتماعاً في واشنطن في شباط/فبراير 2019، حيث شهد أحد النواب من تكساس بالأهمية الاستراتيجية لأوزبكستان. خطط التكتل الذي تم إنشاءه بمبادرة من الرئيس ميرزوييف في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 لعقد اجتماعات مرتين في السنة لمناقشة كيفية النهوض بالعلاقات الأوزبكية الأمريكية.
ويبدو أن اتفاقا بين الولايات المتحدة وأوزبكستان للتنسيق المشترك لعملية بناء السلام في أفغانستان يقع في صميم الاهتمام الأمريكي المتجدد بأوزبكستان. عقد الدبلوماسيون الأوزبكيون والأمريكيون سلسلة من المشاورات السياسية حول كيفية تحقيق السلام في ذلك البلد. وقد وافقت واشنطن مؤخراً على دور طشقند كمفاوض سياسي لإنهاء الصراع في أفغانستان. كما لعب المسؤولون الأوزبكيون دوراً مهماً في محاولة بناء الحوار بين طالبان والحكومة الأفغانية.
وقد قال إيسماتيلا إيرجاشيف، الممثل الخاص للرئيس الأوزبكي في أفغانستان، مؤخراً أن كل إجراءات بلاده في التعامل مع أفغانستان تلتزم بمبدأ واحد شامل وهو أن الصراع الدائر يمثل مشكلة للشعب الأفغاني لابد وأن يحلها الأفغان أنفسهم وبزعامة أفغانية دون تدخل لا مبرر له من جانب بلدان أخرى. ووفقاً لما ذكره إيرجاشيف، فإن هذا النهج سمح لبلده باكتساب ثقة جميع الفصائل السياسية في أفغانستان، بما فيها طالبان. ونظراً لمبادراتها الأخيرة للعمل كمفاوض للسلام في أفغانستان، اكتسبت أوزبكستان المزيد من المصداقية في الولايات المتحدة.
كما أن لأوزبكستان مصالح اقتصادية أيضًا في أفغانستان. فهي تنفذ مشاريع كبيرة للبنية التحتية في أفغانستان، مثل خط السكك الحديدية بين مزار الشريف وهرات وخط السكك الحديدية بين مزار الشريف وكابول وبيشاور. وقد تعهدت أوزبكستان بزيادة المساعدة الاقتصادية لأفغانستان لعام 2019.

التعليقات مغلقة.