الإداراترسالة قائد مهم رسالة قائد مهم بواسطة Unipath آخر تحديث يونيو 10, 2019 شارك Facebook Twitter تنمو التنظيمات الإرهابية في البيئة الهشة التي تعاني من الإهمال والظلم وتردي الخدمات، حيث يكون السكان أكثر عرضة للتغرير وتصديق الخطاب الإرهابي الذي يعدهم برفع الظلم والعدالة الاجتماعية، و في أغلب الأحيان تعاني هذه البيئة من العزلة عن العالم الخارجي وقلة الوعي والثقافة، ويبدأ المروجون بإثارة السخط ضد الدولة وإثارة الفتن العرقية والطائفية وإظهار المظلومية والتهميش والتركيز على اخذ الحقوق عن طريق القوة متذرعين بالجهاد كوسيلة لتحقيق مآربهم. وهنا تبدأ عملية تجنيد الشباب وزجهم في ساحات القتال. كان الأردن من الدول السباقة في محاربة التطرف حيث أطلق جلالة الملك رسالة عمان في عام 2005، والتي أكدت على القيم الأساسية للإسلام القائمة على الرحمة والاحترام المتبادل والتسامح والقبول وحرية الدين. لقد فضحت رسالة عمان أكاذيب المتطرفين ووضحت الصورة الحقيقية للدين الإسلامي الذي تعرض للتشويه والتحريف من قبل المتطرفين والمغرضين. فالمتطرفون والمغرضون هم فريقان لهم أهداف متناقضة و لكن توحدهم قضية واحدة، ألا وهي هدفهم واحد وهو زرع الفتنة والاقتتال بين المسلمين من خلال نشر الأكاذيب وتفسير النصوص بما يوافق أهواءهم. لذلك علينا أن نركز على مبادئ الدين الحقيقي وعلى وجود مجتمعات غير مسلمة تعيش بسلام وأمان بين المسلمين منذ فجر الإسلام، ولدينا الكنائس والمعابد التي يمارس فيها إخواننا طقوسهم الدينية بحرية ولم يهدم المسلمون الكنائس بل احترموها وحافظوا عليها، فلماذا يحاول المتطرفون بعد 1400 سنة هدم دور العبادة وتشريد المواطنين الأبرياء باسم الإسلام وهو منهم براء. لقد غيرت التهديدات الإرهابية النمط التقليدي للحروب، ووضعت الجيوش أمام تحد جديد لخوض الحروب الهجينة. وتحولت الحرب من ميادين القتال إلى مواجهات مفتوحة على صفحات التواصل الاجتماعي بين من ينشرون الأفكار المضللة والتغرير بالشباب من جهة وبين الأجهزة الأمنية التي تعمل على تحصين الشباب من جهة أخرى. لذلك كانت دائرة الإفتاء في القوات المسلحة الأردنية في خط المواجهة منذ البداية مع هذه التنظيمات التي تدعي الإسلام. إذ بدأنا بفضح أكاذيب الإرهابيين على المنابر وفي قنوات الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي. كما قمنا بإعداد علماء دين وأئمة مساجد متخصصين في مواجهة الفكر المتطرف. لقد تفاجأ العالم بكل مؤسساته الأمنية من اجتياح داعش لقنوات التواصل الاجتماعي بسرعة فائقة، وظهور ماكنة إعلامية ضخمة تحث على “الجهاد” و “الهجرة” وتكفير المجتمعات الإسلامية، وإقبال عدد كبير من الشباب المخدوع للالتحاق بداعش برغم الجرائم والفضائع التي كان تقوم بها عصاباتهم وتنقلها وسائل الأعلام، وبرغم الحملات الإعلامية الضخمة من قبل الفضائيات ضد الإرهاب، فإن أغلب تلك الحملات لم تحقق أهدافها المرجوة إن لم تحدث نتائج عكسية. والسبب في ذلك يعود إلى ان المسألة لا تكمن في كمية الرسائل الإعلامية، بل في نوعية مضمونها وقوة حجتها، وبوجود رجال أكفاء مسلحين بالثقافة والعلوم الإسلامية الصحيحة التي تمكنهم من فضح الخطاب الإرهابي المبني على انتقاء النصوص واجتزائها والتحريف في معانيها. فقضية بتر النصوص أو انتقاء ما يمكن أن يساء تفسيره من قبل المتطرفين هو تحدٍ كبير لا يمكن مواجهته من قبل غير المتخصصين بالعلوم الإسلامية. وهنا لا بدّ من التنويه إلى أن الجمهور المستهدف من قبل المتطرفين له مميزات خاصة تختلف عن سائر المجتمع. حيث أن أغلبيتهم يأخذون علمهم مشافهة من خلال شيوخهم ومنظري الفتنة. لذلك لم تكن الرسائل الإعلامية الاعتيادية ذات تأثير بسبب أن هذا الجمهور لا يشاهد برامج الفضائيات ولا يرتاد قنوات التواصل الاجتماعي المتداولة المألوفة. نحن في دائرة الإفتاء في القوات المسلحة الأردنية، لدينا دراسات مستفيضة عن ظاهرة التطرف وعن البيئة التي تنشط فيها، وقد قمنا بإعداد أئمة مساجد متخصصين في مكافحة الفكر المتطرف وفي تشخيص أعراض التطرف ومعالجتها مبكرا، والحمد لله تمكنا من حماية شبابنا من الانزلاق في هذه الفتنة وركزنا على نشر رسالة الدين الوسطي، كما قمنا بفضح أكاذيب و إدعاءات المتطرفين على قنوات التواصل الاجتماعي بالدليل والحجة واستطعنا تقليص رقعتهم الإلكترونية من خلال الدورات التي نعقدها في كلية الأمير الحسن للعلوم الإسلامية حيث استطعنا دحض شبهاتهم وإعداد أئمة قادرين على توضيح الحقيقة وفضح أكاذيبهم. إن التطور التكنولوجي جعل من العالم قرية صغيرة، وساعد على التواصل ومعرفة ثقافات الشعوب، وبنفس الوقت أصبح التهديد الأمني أكبر بسبب نشاط المتطرفين على صفحات التواصل الاجتماعي، لذلك يجب دحض الأفكار المتطرفة على هذه الجبهة المهمة وتحصين الشباب من الأفكار المسمومة. وهذه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق رجال الدين وأئمة المساجد في كل دول العالم، لأن الأفكار المتطرفة والأنشطة الإرهابية عابرة للحدود ولا يوجد أحد في مأمن منها. لذلك يجب توحيد الجهود في محاربة الأفكار المتطرفة وتبادل المعلومات والاستفادة من خبرات الدول الصديقة في هذا المضمار، مع تأكيدنا بأن التطرف ليس خاصاً بدين أو عرف أو جنس، وان جميع الاديان لديها من يحمل الفكر المتطرف. العميد الدكتور ماجد الدراوشة مفتي القوات المسلحة الاردنية Facebook Twitter شارك
التعليقات مغلقة.