الارهاب من خلال الاعلام
هزيمة داعش لم تنه حملتها الاعلامية لنشر الكراهية وتقويض المجتمع
بما يطلق عليه ”جهاد اللوح” تستخدم أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة لنشر الخطاب الإرهابي. ووفقًا للدكتور حافظ ياسين الهيتي، الأستاذ بجامعة الأنبار العراقية، أصبح أعضاء داعش أساتذة في هذه المهنة.
كانت الأرقام مثيرة للقلق: على موقع Twitter وحده، أشاد بداعش وروج لها أو دعمها بطريقة أو باخرى أكثر من 300000 حساب بين عامي 2014 و 2017. وعلى موقع منافس يدعى تليغرام، لدى داعش 3 مليون تابع أكثر من نصفهم من البنات.
تلاشى تلاعب داعش بالإنترنت من خلال نشر كلمات وصور مروعة وعنيفة ومضللة منذ أن دمرت قوات التحالف معظم مخابئ المجموعة الارهابية في شمال العراق وسوريا. لكن المتحدثين في المؤتمر الرابع لمكافحة إعلام داعش وفكره، الذي عقد في الفترة من 20 إلى 22 شباط/فبراير 2019، في بغداد، حذروا من أن الإرهابيين لا يزالون يشكلون تهديداً على وسائل التواصل الاجتماعي.
لا تزال دعاية ”داعش” تشكل مصدر قلق. إنها مستمرة في نشر الكراهية والعنف والإقصاء وتكفير الآخرين. قال عصام عباس أمين من مديرية الأمن والاستخبارات العراقية أثناء التجمع المتعدد الجنسيات للضباط العسكريين والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين أن هذه الدعاية خطيرة بسبب دورها في تدمير القلوب والعقول.
في المؤتمر الذي عقد برعاية رئيس الوزراء العراقي الدكتور عادل عبد المهدي ، قدمت معظم العروض والخطابات من قبل خبراء عراقيين في مجال مكافحة الإرهاب والخطاب الإعلامي. أشار اللواء أحمد حسن حسين من وزارة الداخلية العراقية إلى أن داعش يستعين بالقراصنة المحترفين لإخفاء بصماتهم الرقمية على الإنترنت، مما يجعل من الصعب مراقبتهم. يستخدم داعش تقنيات سيكولوجية متطورة في ايصال خطابه لخداع جمهوره المستهدف وهو في الغالب من الشباب.
![](https://unipath-magazine.com/wp-content/uploads/2019/10/file-37.jpg)
قسم الدكتور حافظ ياسين الهيتي هذا الخطاب الى ثلاث فئات حسب مستوى دعم الجمهور لداعش أو معارضته له:
خطاب يستهدف المتعاطفين والمؤيدين: فتح التنظيم إذاعات محلية ومكبرات للصوت في سيارات متنقلة لبث برامجه للسكان عبر إذاعة البيان وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ليخاطب المتعاطفين معه في بقاع العالم البعيدة. ركزت البرامج على فتح المدراس وتنظيف الطرق وتنظيم حركة المرور والصلاة في الأماكن العامة، لكي يعطي التنظيم الإرهابي صورة عن إنجازاته ويجعل السكان يرون محاسن التنظيم أضافة الى أن البث على صفحات التواصل الاجتماعي كان يجتذب المقاتلين ويستقطب المخدوعين بهذه الصورة الكاذبة للهجرة لأرض الخلافة.
خطاب يستهدف المتابعين الذين يقفون على الحياد: ركز داعش على تصوير أتباعه بالتقوى والورع ورفعة الأخلاق، حيث يقومون بتصوير ميداني مع أشخاص يتحدثون عن تجربتهم لكي يكسبوا الجمهور الذي مازال مترددا عن تأييدهم. إضافة الى تصوير مقاتليهم بالشدة والعزيمة وإعطائهم أسماء وكنى الصحابة من أجل ان يكسبوا رضى الناس ويصوروا انفسهم على انهم الطائفة المنصورة. وهذا الخطاب كان ينشر بمطبوعاتهم واذاعاتهم وعلى صفحات التواصل الاجتماعي.
خطاب يستهدف أعداء التنظيم: فقد كان الأكثر رواجا بين الناس، حيث ركز داعش على القصاص والترهيب والتنكيل بخصومه او بمن يشك بولائهم. لقد ابتكر داعش اساليباً لم يسبق للبشرية ان رأت مثل وحشيتها من أجل زرع الرعب في قلوب خصومهم. استخدم داعش التقنيات الحديثة بالتصوير والمؤثرات الصوتية لينتج أفلاما احترافية عالية الوضوح مما جعل منتوجاتهم الإعلامية ترسخ في عقول الجمهور.
يقول الدكتور الهيتي “دأب داعش على تصوير محترف للمعارك وعمل صور جذابة لوصف الحياة اليومية في ولايات مايسمى بـ” الدولة الأسلامية” كذلك ينشر التنظيم افكارا لاقناع المتعاطفين معه أن العمليات “الاستشهادية. هي الطريق الى الجنة.” هذه المواد الدعائية تنشر باللغات العربية والفرنسية والروسية والصينينة ولغات أخرى.”
وذكر السيد عصام أمين كيف أسس داعش ذراعه الاعلامي (الفرقان) لانتاج الفيديوهات والبوسترات والمنشورات والخطابات والبيانات المسموعة والمكتوبة. نمت الماكنة الإعلامية لداعش مع توسع احتلالها لمناطق أخرى فتطلب الامر تأسيس عدد من أذرع اعلامية اخرى مختصة بإنتاج مواد مرئية وأخرى مسموعة، وابرز تلك المؤسسات هي مؤسسة الاعتصام ومؤسسة الاجناد. وفي عام 2014، أسس الارهابيون مركز الحياة للاعلام المختص بإنتاج الإصدارات المرئية والمسموعة والمقروءة بلغات أجنبية مختلفة وموجهة بشكل خاص إلى الغرب.
ومن الجدير بالذكر أن هذه المؤسسات كانت تتمتع بميزات مهمة مثل امتلاكها عناصر إعلامية محترفة و إمكانيات تقنية حديثة و درجة عالية من السرية في العمل وتمتعها بدعم مالي كبير إضافة الى امتلاكها فنيون على مستوى عالٍ من الخبرة والكفاءة. حيث أشرفت هذه المؤسسات على نشر 11 مجلة فيديوية ومطبوعة والكترونية. وبلغ إنتاج داعش الاعلامي أوجه بين عامي 2015-2017 إذ تم انتاج ونشر ما يقارب 2000 منتوجا.
و رغم كون عام 2018 عام الانهيار لمؤسسات داعش الاعلامية، حيث انحسرت سيطرته على جيب صغير في سوريا، لكن ماكنة التنظيم الاعلامية استمرت بالعمل إذ بات إعلام داعش يعتمد بشكل كبير على الإعلام المناصر او المساند له مثل (المؤسسات غير الرسمية والانصار) التي تروج لخطاب داعش عبر منافذ التواصل الاجتماعي مثل (التيلغرام).
![](https://unipath-magazine.com/wp-content/uploads/2019/10/file-36.jpg)
التعليقات مغلقة.