تمرين الأسد المتأهب 17 في الأردن يعزز استعداد القوات متعددة الجنسيات
أسرة يونيباث
تحولت سلسلة التلال الصحراوية إلى سحب من الغبار والدخان والشظايا، حيث أسقطت مجموعة من المقاتلات الأردنية من طراز الصقر المقاتل إف-16 ومقاتلات هاريرز التابعة لقوات المشاة البحرية الأمريكية قنابلها الموجهة بالليزر والتي تزن 500 رطل على أهداف المجاميع الأرهابية في البراري التابعة لميدان التدريب بوادي الشادية الأردني.
وفي الوقت الذي قامت فيه الطائرات المقاتلة بالمناورة تمهيدًا لعودتها إلى قواعدها، نجحت المدفعية الأردنية في إحداث ثغرات في دفاعات العدو قبل أن تتقدم قوات المشاة الآلية – وهي فرقة متعددة الجنسيات من الأردنيين والأمريكيين والإيطاليين – للاستيلاء على أهدافها القابعة في براري جنوب الأردن.
كان ذلك التمرين المشترك بالذخيرة الحية من بين أبرز فعاليات تمرين “الأسد المتأهب 17” الذي يمثل الدورة السابعة للتمرين العسكري الذي يعقد سنويًا في الأردن. ويستمر التمرين من السابع من مايو/أيار 2017 وحتى 18 من نفس الشهر، بمشاركة أكثر من 7,000 جندي في 17 موقعًا في الأردن.
وكان هدفهم المشترك هو رد الهجمات من القوات غير النظامية التي تسبب مشاكل في أماكن أخرى من الشرق الأوسط. وقد أنجز التحالف الدولي الذي ضم قوات برية وبحرية وجوية المهام بنجاح رغم اختلاف اللغة والمعدات والهيكل القيادي وأسلوب القتال.

ضابط الصف من الدرجة/2 أوستن
إل. سيمونز/ البحرية الأمريكية
PETTY OFFICER 2ND CLASS
AUSTIN L. SIMMONS/U.S. NAVY
وصرح المقدم براين مكارثي قائد كتيبة الجيش الأمريكي المكلفة بالعمل في وادي شادية قائلاً: “لقد كان تمرينًا رائعًا يهدف إلى اختبار التوافق العملياتي بين الجيش الأمريكي وقوات المشاة البحرية الأمريكية والقوات الإيطالية، وبالطبع مضيفتنا، القوات الأردنية”. وأردف: “لقد كانت فرصة عظيمة لنا لزيادة قدراتنا القتالية وبناء علاقات متميزة.”
واتسمت مهام تمرين الأسد المتأهب بالتنوع والتحدي، إذ تضمنت قيام الغواصين بإبطال مفعول الألغام الموجودة في قاع البحر بالقرب من ميناء العقبة، واستيلاء قوات العمليات الخاصة على القرى التي يحتلها العدو، وقيام الأطباء العسكريين بعلاج ضحايا الهجمات بالأسلحة الكيميائية، وقيام الشرطة العسكرية بقمع أعمال الشغب وقيام المروحيات المقاتلة بسحب القوات من مناطق صخرية.
حظيت القضايا المتعلقة بأمن الحدود والتي تشكل أهمية بالغة بسبب الحدود الأردنية الطويلة المشتركة مع سوريا المضطربة في الشمال باهتمام كبير خلال تمرين الأسد المتأهب.
وصرّح العميد محمد العجارمة الذي تحكم فريقه المكون من ضباط متعددي الجنسيات في سيناريوهات التمرين من خلال مركز الحاسب الآلي القريبة من مدينة الزرقاء قائلاً: “إننا نضمن إضفاء الواقعية على التمرين كي يشعر جمهور المتدربين بحقيقة الأمر كما هو على أرض الواقع.”
استخدام القوة الناعمة
تدرك قيادة التمرين حقيقة أن القوة العسكرية وحدها ليست كافية لهزيمة الإرهاب وغيره من التهديدات، لذا؛ فقد لفت تمرين الأسد المتأهب الانتباه أيضًا إلى الوسائل السياسية والدبلوماسية والإعلامية اللازمة للحفاظ على السلام.
وفي ندوة لكبار القادة، والتي استضافها رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية الفريق الركن محمود فريحات، ناقش قادة 17 دولة ضرورة بناء مجتمعات أفضل لوقف ظهور تنظيمات مثل داعش.
وقد حث الفريق فريحات البلدان على التعاون من أجل التوصل إلى حل شامل خلال هذه الفترة التي تشهد “تحولات جذرية” في أماكن مثل العراق وسوريا واليمن. ولا بد لهذا الحل أن يحرم الإرهابيين من المال، ويَشُن حربًا أيديولوجية ضدهم.
وأشار الفريق أول جوزيف فوتيل، قائد القيادة المركزية الأمريكية، إلى “المنطقة الرمادية” التي تتجاوز النطاق العسكري والتي تساعد فيها الدعاية عبر شبكة الإنترنت في دعم قضية تجنيد الإرهابيين.
وتحدث الفريق أول فوتيل إلى الحاضرين قائلاً: “علينا أن نجد طرقًا للتنافس بشكل أكثر فاعلية في هذه المنطقة الرمادية”.
وللمرة الأولى في تاريخ “تمرين الأسد المتأهب” المستمرة منذ سبع سنوات، استعان مخططو التمرين بإسقاط المنشورات الإعلامية وإطلاق البرامج الإذاعية الرامية إلى إقناع المدنيين بمعارضة جماعة إرهابية وهمية تسمى “M9” على غرار داعش. وقام فريق من الجنود الأردنيين والأمريكيين بتصميم المواد باستخدام الكلمات والصور التي وافق عليها الأئمة العسكريون الأردنيون بوجه خاص.
ومن المواد الإذاعية الافتراضية التي بثتها القوات “السادة المواطنين، يرجى البقاء داخل منازلكم، سوف تقوم قوات التحالف بشن غارات جوية للقضاء على عناصر M9 المتمركزة بالقرب من منطقتكم، نريد أن نحافظ على سلامتكم وسلامة عائلاتكم.”

رقيب أول /1 شون فولي/ الجيش الأمريكي
وفي نهاية التدريب، ولإضفاء الواقعية، أسقط الفريق آلاف المنشورات الإعلامية من باب طائرة ترتفع 500 قدم فوق الأرض.
وصرح العميد العجارمة قائلًا: “إن العمل المشترك في غاية الأهمية، فقد تتجاهل الفرق العملياتية الاعتبارات الإنسانية والسياسية والإستراتيجية. كما أننا بحاجة إلى تنسيق جميع وكالاتنا لإرسال الرسالة المناسبة.”
وقال الرقيب الأردني أحمد شديفات أنه استفاد كثيرًا من التعاون بين شركاء التحالف، وصرح قائلاً: “لقد تعلمنا كيفية إعداد رسالة ونشرها في أنواع كثيرة من الوثائق”، وأردف: “كما تعلمنا كيفية إعداد السيناريو واستخدام وتصميم النشرة بما يتناسب مع الجمهور المستهدف، وتعلمنا كذلك كيفية استخدام مكبرات الصوت.”
وقال الملازم ثاني الأردني محمد الخوالدة، أن هذا التمرين سيساعد الجيش على إطلاق رسائل فعالة، حيث صرح قائلً “يمكننا الرد وتوفير الجهد والوقت من خلال إرسال الرسالة المناسبة بالطريقة المناسبة.”
الطابع متعدد الجنسيات
على الرغم من أن معظم القوات المشاركة في تمرين الأسد المتأهب من الأردن والولايات المتحدة الأمريكية، شارك فيها أيضًا أفراد من أكثر من 20 دولة أخرى منها البحرين ومصر والعراق والكويت ولبنان وباكستان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وقد نجحت فرقة بحجم سرية من القوات اللبنانية – تتكون من 70 جنديًا من وحدات العمليات الخاصة في الأغلب – في تطوير مهاراتهم القتالية في الصحراء الأردنية.
وأشاد العقيد الركن اللبناني عمر مجلد، نائب قائد السرية والذي ساعد في توجيه قواته من قاعدة في شمال الأردن، بهذه الفعاليات على ما قدمته من فرص لتعلم أساليب تعبوية جديدة من بعض أفضل الجيوش في العالم مع استخدام الأسلحة المتقدمة.
وصرح العقيد الركن عمر مجلد قائلاً: “لدينا في لبنان خطة أساسية وقاعدة اشتباك واحدة أما هنا فقد تعلمنا أن لكل معركة طابعها وقواعد الاشتباك الخاصة بها.” وأردف قائلًا “تتمثل إحدى مزايا الشراكات الدولية في التعلم من بعضنا البعض لتحسين الاستراتيجيات. ولقد اخترنا ثلاث مهام نعتقد أنها ستكون مفيدة لقواتنا وهي حماية الحدود، واستخدام قوات التدخل السريع، والبحث والإنقاذ.”
شاركت باكستان بضباط لها في تمرين مركز القيادة، وكان من بينهم المقدم شيد عابد، الملحق من القيادة العامة للجيش الباكستاني لتزويد هيئات الأركان المسؤولين عن قيادة القوات في تمرين الأسد المتأهب بالتخطيط والتحليل.
وصرح المقدم عابد قائلًا: “لقد كان الأمر مثمرًا جدًا بالنسبة لي، فالجيش الباكستاني يفتقر لهذا القدر من العمل”. وأضاف “حينما أعود إلى وطني، سأحتفظ بهذه الأفكار الجديدة لتنفيذها في حال احتياجنا إلى العمل في إطار تحالف كبير.”
كما شارك في التخطيط وفد من العراق بقيادة العميد الركن ياسر المشهداني الذي أكد كيف أن سيناريوهات الأسد المتأهب تشبه الصراعات الموجودة في أرض الواقع.

رقيب أول فيتالي روسافسكي/ قوات مشاة البحرية الأمريكية