القوات الجوية الباكستانية تلعب دورًا حيويًا في مكافحة الإرهاب
مقدم طيار هارون كيرماني، القوات الجوية الباكستانية
تُبنى عادةً القوات المسلحة في أي دولة وتُدرب على محاربة عدو واضح المعالم في صراع منتظم، يحكمه قانون النزاع المسلح المعمول به بين الأطراف المتحاربة. وعندما شكَّل الإرهاب القادم من جهات غير خاضعة للدولة تهديدًا على السلام والاستقرار في باكستان، تولت القوات الجوية الباكستانية مسؤولية عمليات مكافحة الإرهاب حيث أُجريت لأول مرة العمليات الجوية التي تقوم بها القوات الجوية الباكستانية ضد المسلحين في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية بباكستان في عمليات الميزان عام 2004 على نطاق محدود. واستمرت هذه العمليات لمدة ثلاثة أشهر. وكانت هذه تجربة جديدة للقوات الجوية الباكستانية في الاشتباك مع الأهداف في الأراضي الوعرة التي تمثل تحديًا في مخابئ الإرهابيين والبنية التحتية ذات الصلة. وكان الافتقار إلى القدرات والخبرات في خوض الحرب غير النظامية يمثل تحديًا رئيسيًا آخر للقوات المسلحة بصورة عامة والقوات الجوية بصورة خاصة.
بعد الإقرار بهذه التحديات والقيود، وضعت القوات الجوية الباكستانية إستراتيجية لتحديد القدرات الأكثر أهمية واللازمة لعمليات ناجحة وفعالة في مكافحة الإرهاب، وشرعت في خطة طموحة لتحديث القوات. وتمكنت القوات الجوية الباكستانية بفعل هذه الجهود من تسليح نفسها بالقدرات اللازمة وتدريب أفرادها لتنفيذ هذه العمليات.
في أثناء الفترة التي سبقت يناير 2008، نفذّت القوات الجوية الباكستانية عمليات لدعم الجيش الباكستاني في جنوب وزيرستان. وبحلول هذا الوقت، كان العدو قد أصبح مجهزًا تجهيزًا جيدًا ومدربًا على خوض المعارك بضراوة، وتلقى تمويلا كبيراً وثبّت أقدامه على الأرض. استخدم الإرهابيون تكتيكات الكر والفر، مما قلل من وقت أشتباكهم مع قوات الأمن التي تخطط إلى هجوم مضاد. وكان الرد يعتمد بصفة كاملة على توفر القوة في الحال. قدمت طائرات مقاتلة من القوات الجوية الباكستانية هذه القدرة على الرد بسرعة من قواعد العمليات، والوصول إلى أي مكان في مناطق قبلية خاضعة للإدارة الاتحادية في غضون دقائق، وإشراك مسلحين من مرتفعات شاهقة بدقة متناهية. كان إحدى هذه الأحداث هو حصار حصن لادها في جنوب وزيرستان. واستدعت القوات البرية القوات الجوية الباكستانية إلى الاشتباك مع مواقع المسلحين التي تطلق النيران. ونظرًا لأن القوات الجوية الباكستانية نفذّت في الوقت المناسب، أصبح الجيش الباكستاني قادرًا على تحصين دفاعاته بأقل خسائر ممكنة. وتكبد المسلحون من خسائر فادحة بسبب الضربات القاتلة والمحكمة التي وجهتها القوات الجوية الباكستانية عند مساعدة القوات البرية في الدفاع عن مواقعها.
في نفس الإطار الزمني، نفذّت القوات الجوية الباكستانية عملية صولة الصقر لدعم العمليات المختلفة التي ينفذها الجيش الباكستاني، مثل عملية راه حق في سوات وعملية شير ديل في القسمين الإداريين باجور ومومند. في عام 2009، خطط الجيش الباكستاني بدعم من القوات الجوية الباكستانية لعملية راه راست في سوات، التي يُطلق عليها كاسم حركي عملية بارك للقوات الجوية الباكستانية. استفادت القوات الجوية الباكستانية من تجاربها السابقة، فدمرت وشلت حركة عدد من مراكز قيادة المسلحين ومخابئ ومعسكرات تدريب ومستودعات ذخيرة وطرق لمنع هروبهم. بعد أن نفذت القوات الجوية الباكستانية ضربات أولية ناجحة، شن الجيش عملياته التي انتهت بإنجاز الأهداف المحددة في الوقت المناسب وهزيمة الإرهابيين.
في منتصف أكتوبر 2009 قبل العمليات راه نجات، اشتبكت القوات الجوية الباكستانية مع مسلحين في جنوب وزيرستان بضراوة لم يسبق لها مثيل. وبدأت القوات الجوية الباكستانية في ضرب الأهداف في جنوب وزيرستان لدعم عمليات الجيش الباكستاني اللاحقة. كان ينبغي مسح الارتفاعات العالية والمنحدرات في الوديان، التي سيطر عليها الإرهابيون واستخدموها في تطوير المخابئ المحصنة وتمركز المسلحين لنصب كمائن للقوافل، لضمان حركة سريعة وآمنة للقوات. خلال المرحلة الأولى التي استمرت خمسة أيام، دمرت القوات الجوية الباكستانية أكثر من 150 هدفًا، والاشتباك مع مراكز تدريب ومخابئ ومستودعات ذخيرة ومراكز القيادة والمراقبة.
بعد عملية راه نجات، واصلت القوات الجوية الباكستانية عملياتها دعمًا للجيش الباكستاني – عمليات بريكنا في مومند وعملية كوه سفيد وعملية أزمارا الجارو في القسمين الإداريين كورام وأوراكزاي. كما أجريت العديد من العمليات على نطاق منخفض في القسم الإداري خيبر. في عمليات بريكنا، كان الاستيلاء على أعلى واليداد يمثل حدثًا رئيسيًا. ويُعد غزو أعلى ميرا سار في فترة زمنية قصيرة للغاية عملية أخرى جديرة بالذكر قامت بها القوات البرية.
في يونيو 2014، أصبح استمرار عمليات زرب العزب رمزاً لإرادة باكستان. وكان التنسيق بين القوات الجوية الباكستانية والجيش الباكستاني في هذه العملية مستمرًا. مهدت الضربات الدقيقة التي وجهتها القوات الجوية الباكستانية الطريق أمام الجيش لتنفيذ عمليات حركية بأدنى حد من الخسائر، وإلحاق أضرار هائلة بالإرهابيين. وبينما وصلت العملية إلى مرحلتها النهائية، تم إخراج الإرهابيين من مخابئهم وتصفيتهم، وبذلك أصبحت بلدنا أكثر قوة وأمنًا من خطر الإرهاب.
كانت مهمات مكافحة الإرهاب هذه هي الأولى من نوعها، وقد سلطت الضوء على أهمية القوة الجوية في هذه الأنواع من العمليات. وتم الإقرار باشتراك القوات الجوية الباكستانية في هذه العمليات والنتائج التي حققتها في طرد الإرهابيين من باكستان. ستستمر القوات الجوية الباكستانية في تقديم دعم مهني لا يتزعزع للقوات البرية وهيئات إنفاذ القانون حتى نصل إلى نهاية حاسمة: هزيمة قوى الشر بصورة شاملة وتحقيق السلام والاستقرار في باكستان والمنطقة بأسرها. F
تم نشر النسخة الأصلية من هذا المقال في مجلة الهلال من قبل العلاقات
العامة للخدمات المشتركة بالجيش الباكستاني.