Share Facebook Twitter Telegram WhatsApp Copy Link العميد أحمد ملحم، الجيش الأردني، يقود مهمة حماية الجيش والحكومة والقطاع الخاص من الهجمات السيبرانية أسرة يونيباث شهد العقد الماضي تطورا كبيرا في ثورة تكنولوجيا المعلومات وظهور فضاءً جديدا ليتواصل من خلاله الناس ويمارسوا أعمالهم ومعاملاتهم اليومية. أصبح بأستطاعة الأنسان ان يقتني ما يحتاج ويودع المال في المصارف ويدفع قائمة الكهرباء دون أن يترك المنزل. كما أصبح بأستطاعة الطبيب أن يقوم بالعمليات الجراحية دون ان يكون داخل غرفة العمليات من خلال شبكة الأنترت، كما أصبح التحكم بمكيفات الهواء وأنارة المنزل من أي مكان في العالم، لكن مثلما للتكنولوجيا محاسن كثيرة أختار الإرهابيون والمجرمون أستخدامها للسطو على البنوك ونشر الأفكار المتطرفة وشن الهجمات الأرهابية. لذلك تحتم على دول العالم المتحضر أن تطور قدراتها الألكترونية لمواجهة هذا التحدي الجديد. يعتبر الأردن من الدول السباقة في انشاء مديرية أمن وحماية المعلومات في المنطقة، التقت مجلة يونيباث العميد أحمد ملحم، مدير مديرية أمن المعلومات في الأردن الذي حدثنا عن دور هذه المديرية: يونيباث: هل لك ان تتحدث عن مسيرتك الأكاديمية؟ العميد ملحم: درست الهندسة الألكترونية في جامعة لورانس في ولاية مشيغان الأمريكية حيث ذهبت ضمن بعثة دراسية على نفقة القوات المسلحة الأردنية وحصلت على شهادة البكالوريوس عام 1986 . بعدها تسلمت مراكز مختلفة ضمن القوات المسلحة الأردنية. قررت اكمال دراستي العليا في مجال الكمبيوتر حيث ذهبت للولايات المتحدة مرة اخرى لدراسة علوم وهندسة الكمبيوتر وحصلت على شهادة الماجستير عام 2001. بعد عوتدي الى الأردن اتجهت في عملي نحو تكنولوجيا المعلومات. يونيباث: هل لديك خطة لبناء شبكة محصنة من التهديدات الخارجية؟ العميد ملحم: مديرية امن المعلومات مديرية حديثة الإنشاء، اي اننا بدأنا العمل عام 2014 وسميت مديرية أمن وحماية المعلومات. هدفنا الرئيسي هو توفير شبكة مؤمنة للقوات المسلحة وحماية الفضاء السيبراني الأردني. فمن ضمن واجبنا هو بناء شبكة محصنة وصعبة الأختراق وقد عملنا مع شركائنا في القوات الأمريكية لتحقيق هذا الهدف. يونيباث: ماهي التحديات التي تواجه تنفيذ هذه الخطة؟ العميد ملحم: هناك عدة تحديات ولاشك ان هذه التحديات تواجهه غيرنا من الدول التي سبقتنا ببناء برامج امن وحماية المعلومات. من هذه التحديات هي الموارد البشرية والمالية والتنظيمية. من المهم جداً ايجاد اشخاص متخصصين في أمن المعلومات والمحافظة على تطوير قدراتهم لمواكبة التقدم التكنولوجي والأستفادة من تجارب الدول بالتصدي للهجمات الألكترونية او في الرد السريع لأيقافها. فمثلما نحن نعمل لأقتناء تكنلوجيه حديثة ونطور مهاراتنا كذلك الهجمات المعادية اصبحت اكثر تعقيدا وتطورا. وهذا يحتاج لموارد مالية ضخمة لبناء والمحافظة على هذه المنظومة أي ان الوضع الأقتصادي يشكل تحدي لنا. كذلك التحدي التنظيمي، اي تنظيم وتثقيف افراد القوات المسلحة لمعرفة اهمية أمن الفضاء الألكتروني، حيث ان هذا المفهوم دخل حديثا على القوات المسلحة سواء في الأردن او في دول العالم الأخرى. وأصبح من الضروري بناء منظومة قادرة على تأمين هذا الفضاء. وهذا العمل بحاجة لموارد مالية وبشرية وتشريعات لألتزام كافة الأطراف بالقوانين والتعليمات الصادرة من مديرية امن وحماية المعلومات. التحدي التنظيمي هو من اهم التحديات التي تواجهه اي دولة تنوي بناء منظومة امن الكتروني حيث انشاء هذه الجهه تحتاج الى دراسة مفصلة وأختيار خبراء في هذا المجال وأنشاء الفرق التخصصية والحمد لله نحن في القوات المسلحة ادركنا هذه التحديات منذ سنتين تقريبا وأسسنا مديرية متخصصة في متابعة وبناء الأمكانيات الخاصة بالأمن السيبراني وتأمين شبكة معلومات القوات المسلحة وأنا على ثقة اننا ومن خلال التعاون مع شراكائنا في الحكومة الأمريكية والقيادة المركزية سنستطيع بناء قدرات هذه المنظومة بفترة وجيزة. يونيباث: ماهو رأيك بالمؤتمرات الدولية للأمن السيبراني ودورها في محاربة الجريمة المنظمة والتنظيمات الأرهابية على الفضاء الألكتروني؟ العميد ملحم: باعتقادي ان هذه المؤتمرات من اهم الفعاليات التي يتم بها بناء شبكة من العلاقات وتقوية اواصر الصداقة بين المعنيين بالأمن السيبراني ومكافحة الجريمة الألكترونية وايضا بالتعرف على البحوث المتخصصة والأستفادة من خبرات الدول المتقدمة في هذا المجال. هذه المؤتمرات لها اثر كبير في بناء صداقة وشراكة مع الدول المشاركة وهذا من اهم عوامل النجاح في مجال الأمن السيبراني. حيث انه من الضروري التواصل بين الدول الصديقة واصحاب الخبرة. يونيباث: لماذا يعتبر مهما ان يقوم الجيش بوضع وتطبيق أستراتيجية الأمن السيبراني؟ العميد ملحم: وضع الأستراتيجية هو بمثابة وضع حجر الأساس لأي منظومة حيث وضع الأهداف المستقبلية لضمان النجاح. يونيباث: تحدث لنا عن العلاقة بين الأمن السيبراني وأمن المعلومات في حباة الجنود اليومية؟ العميد ملحم: أمن المعلومات هو مصطلح عسكري ويقصد به حماية المعلومات الحساسة من العدو. وبعبارة أخرى تعني حماية سرية المعلومات. نفس المصطلح تطور ليستخدم في الأمن السيبراني وهو طريقة عمل ضرورية ليس فقط للجيش بل للقطاع المدني على حد سواء. المؤسسات المدنيه مستمرة بتطوير دفاعاتها لتتفادى الهجمات السيبرانية- لأن هذا العالم الأفتراضي له تأثير كبير على نجاح الأعمال. لذلك اصبح من المهم حماية الفضاء السيبراني سواء للجيش أو للقطاع الخاص. ولهذا أصبح الأمن السيبراني خط المواجهه لحماية المعلومات الخاصة بالعمليات العسكرية وحماية أمن المقاتلين في الجبهات. ولأن الأمن السيبراني أصبح العمود الفقري للعمليات العسكرية، أصبح من المهم علينا ان نثقف جنودنا على الدور المهم الذي يلعبونه في حماية المعلومات. بالرغم ان الفضاء السيبراني حديث العهد، أصبح الجبهه الرابعة في الحروب. لأن معظم الأتصالات العسكرية وأجهزة تحديد المواقع تستخدم الفضاء السيبراني مما جعل هذا الفضاء ارض معركة لاتقل اهمية عن البر والبحر والجو. اضافة الى أجهزة الأتصال الشخصية المتداولة بين المقاتلين في ارض المعركة تمثل تحدي كبير لأمن المعلومات. وعليه يجب تثقيف المقاتلين لحماية امن المعلومات الخاصة بالقوات المسلحة ووضع تعليمات مشددة من أجل ذلك. يونيباث: اهمية التعاون بين القوات المسلحة والقطاع المدني والمؤسسات الأمنية في هذا المجال؟ العميد ملحم: لايوجد فضاء سيبراني منفصل للجيش او للمدنيين، هناك فقط فضاء سيبراني واحد مشترك. يجب على الجميع العمل معا لحمايته. هذا العالم السيبراني ليس له حدود. هناك تداخل كبير بين شبكات الجيش والشبكات المدنيه وتقاطع في الشبكات بين الدول. وهذه التداخلات تعني ان اي اختراق صغير لشبكة مدنيه او عسكرية قد يؤثر تأثيرا كبيراً على الجيش. لذلك من الضروري على الجميع التعاون والعمل معا من اجل التأكد من الحفاظ على الأمن السيبراني. كذلك يجب توفير برامج تثقيفية للجنود وتبادل المعلومات حول التهديدات القائمة وتشجيع الجميع للأبلاغ عن النشاطات المشبوهه او الهجمات السيبرانية. القوات المسلحة الأردنيه تتمتع بعلاقة متينة مع المؤسسات الوطنية الأردنية والقطاع الخاص وهذا يمثل مصدر قوة لنا حيث نجعل الجميع على علم بما يجري. يونيباث: ارجو التحدث عن طبيعة عملك اليومي وماذا قدمت كقائد عسكري لهذا المنصب المهم؟ العميد ملحم: انا مدير حماية وأمن المعلومات، وأوكلت لهذه المديرية واجبات عديدة من اهمها هي تطوير الأمكانيات اللازمة من سياسات وقوى بشرية وتقنيات للدفاع عن الفضاء السيبراني للقوات المسلحة وتوفير بيئة عمليات آمنة. لقد تشرفت بتولي مسؤلياتي الحالية كمدير لمديرية أمن وحماية المعلومات في القوات المسلحة منذ تأسيس هذه المديرية، وارجو أن اكون على قدر المسؤولية. نحن نعمل مع شركائنا في القيادة المركزية لتطوير الأمكانيات والقدرات لضمان الأمن السيبراني المشترك، وكما ذكرت سابقا بأنه فضاء مشترك ويجب التعاون لحمايته. كذلك نحن نعمل بعقلية منفتحة مع نظرائنا في مؤسسات الدولة الأخرى ومع الأصدقاء والحلفاء ومع القطاع الخاص لنتبادل من خلالها الخبرات والمعلومات حول التهديدات القائمة وسبل الوقاية منها. يونيباث: لماذا يعتبر مهما للدول ان تعمل معا من اجل الأمن السيبراني؟ العميد ملحم: الفضاء السيبراني هو فضاء مشترك وليس له حدود لذلك مسؤولية الأمن هي مسؤولية مشتركة من قبل الجميع. فحين يخترق جهاز كمبيوتر شخصي، سينتقل الأختراق لكل الأجهزة المتصلة بهذا الجهاز وينتشر الأختراق بطريقة سريعة جداً، لذلك يجب ان يكون المستخدمين حذرين في زيارة المواقع وفتح الرسائل والتبليغ على اي نشاط مشبوه في الكمبيوتر الخاص للحد من انتشاره في الشبكة. فلا تستطيع اي دولة من ايقاف احدا من دخول مجالها السيبراني وهذا خلق تحدي كبير وهو السيطرة على حدود الفضاء السيبراني. وقد يستطيع شخص واحد او مجموعه صغيرة من احداث اضرار جسيمة في منظومات كبيرة جدا فقط لأنها متصلة بشبكة الأنترنت. نحن نرى تنسيقا بين عصابات الجريمة المنظمة في العالم لتنفيذ هجوم واسع على شبكة معينة لغرض اختراقها. ومثل هذه الهجمات كان لها تأثيرا كبيرا على القطاع المصرفي والأمني. اذا ما تم وضع قوانين وأنظمة دولية تضبط وتنظم العمل في الفضاء السيبراني ومحاسبة المجرمين تحت طائلة قانون دولي ونزع حماية القانون المحلي لمرتكبي جرائم القرصنة في دول أخرى، ستعم الفوضى وتستمر الخسائر والتي ربما تصل لخسائر بالأرواح. فمن المهم ان تتبادل الدول الخبرات والأدوات والمعلومات الأستخبارية الخاصة المتعلقة بتهديدات الأمن السيبراني وأن تتعاون لوضع القوانين للحد من التهديدات وملاحقة المجرمين والأرهابيين. التعاون الدولي مهم جدا في تقليل التهديدات لأن من المستحيل منعها مطلقا. يونيباث: هناك العديد من التهديدات الألكترونية من الأرهاب ومن الدول الداعمة للتخريب ومن عصابات القراصنة، هل هذه التهديدات زادت في السنوات الأخيرة؟ وما هي الخطوات التي قام بها الأردن لمواجهة هذه التهديدات؟ العميد ملحم: لا اعتقد بأن هناك اثنين يختلفان على ان التهديدات الأرهابية اصبحت واقعا معقدا نعيشه. وتختلف هذه التهديدات لأختلاف اهدافها. حتى حدوث الهجمات السيبرانية حدثا يوميا. وللأسف ان جميع المؤشرات تدل على ان التهديدات تزداد ليس فقط من حيث العدد أنما من حيث التعقيد. مما يشكل عبأ كبير على الدولة لحماية مواطنيها والبنى التحتيه. ولابد من القيام بسلسلة من الخطوات للحد من التهديدات. بالنسبة للأردن، فقد قمنا بالكثير من الخطوات من ضمنها تأسيس برنامج حماية الفضاء السيبراني منذ 2010 حيث تم من خلال توجيهات سمو الأمير فيصل ومعالي رئيس هيئة الأركان المشتركة تم تشكيل وتطوير اول استراتيجية وطنية لحماية الفضاء السيبراني. وقد تم تكليف القوات المسلحة من قبل رئاسة مجلس الوزراء في عام 2016 بأن تكون الجهه الرئيسية بتطوير برنامج الأمن السيبراني الوطني. نحن في القوات المسلحة نعمل لتطوير البرنامج لأعلى درجة ممكنة في ظرف خمسة سنوات لهدف التقليل من الجرائم الألكترونية والحد من الهجمات الأرهابية الألكترونية وحماية مصالح المواطنين. يونيباث: داعش تملك فرق متخصصه بالهجمات الألكترونية، هل تعرض الأردن لهجوم ألكتروني من داعش؟ العميد ملحم: لايوجد عندي معلومات دقيقة عن استهداف الأردن من قبل داعش، لكني لا استبعد محاولتهم بالقيام بهجوم ضد الأردن. الحمد لله، لحد الآن لا يوجد اي هجوم ارهابي مؤثر على الفضاء السيبراني الأردني، وهذا يدل على يقضة رجالنا. ونحن على أهبة الأستعداد لهزيمة الأرهابيين أذا قامو بمغبة ذلك. اود ان اشيد بمنافع المؤتمرات الدولية التي نتعلم منها الكثير. حيث تمكنا من وضع سيناريوهات عديده لصد اي هجوم سيبراني او الحد من أنتشاره في حالة حدوث خرق معين. كذلك نحن في طور التحضير لتمرينات مشتركة مع الأصدقاء على صد هجوم سيبراني افتراضي وكيفية التعامل مع مثل هذه الهجمات. يونيباث: كان للأردن دور في وضع استراتيجية وطنية للأمن السيبراني، ماذا يمكن ان تستفيد الدول الأخرى من تجربتكم؟ العميد ملحم: مثلما نحن استفدنا من تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال، بالتأكيد ستستفاد دول المنطقة من تجربتنا. فتجارب الدول الأخرى ذات فائدة كبيرة سواء الناجحة او الغير ناجحة. من المهم جدا ان نتطلع لتجارب الدول الأخرى في اي مجال فما بالك في هذا المجال المعقد. منذ بدايتنا عام 2010 قمنا بتحديد الأولوية والأستراتيجيات، لقد حدث بعض التأخير بتطبيق البرنامج في الأردن بسبب بعض التعقيدات الروتينية وهذا يمثل درسا مهما لأي دولة تحاول بناء برنامج امن سيبراني. وأهم هذه الأسباب ما يتعلق بالجانب التنظيمي الذي يتمثل بعدم وجود سلطة وطنية تملك الأمكانيات البشرية والمالية والقانونية لتنفيذ الأستراتيجية. نحن عملنا الأستراتيجية وأوصينا بأنشاء هذه السلطة الوطنية ولم يتم انشاءها لذلك حدث تأخير. فعلى الدول الأخرى ان تنشأ هذه السلطة لتفادي التأخير وبدون هذه السلطة من الصعب ان يحدث تقدم اي برنامج. يونيباث: ماهي نصيحتك للجنود بأستخدام أجهزة الهواتف الذكية أثناء لعمليات العسكرية والتي تمثل تهديد لأمن المعلومات؟ العميد ملحم: يجب العمل مع المقاتلين ويجب وضع السياسات الواضحة ونوضح لهم خطورة أستخدام الهواتف الشخصية للتحدث عن العمليات العسكرية او التقاط صور للمواقع والمعدات العسكرية اثناء الواجب. ويجب أن نراقب التجاوزات. ويجب وجود سياسة تضبط اسخدام هذه الأجهزة بشكل دقيق وتمنع نقل المعلومات والصور الخاصة بالعمليات العسكرية. هناك ايضا آلية للمتابعة والتأكد من تطبيق هذه السياسات على كافة المستويات. ويجب ان تكون هناك تقنية لأكتشاف اي اختراق او مخالفة من قبل اي شخص ومحاسبته. الفوز في ساحة المعركة الرقمية تعد مواجهة الدعاية الإرهابية وحماية شبكات أجهزة الكمبيوتر من قراصنة الإنترنت جانبين لاستراتيجية أكبر أسرة يونيباث إن الفوز بالحرب في ساحة المعركة الرقمية أصبح هدفًا رئيسيًا في مكافحة المنظمات المتطرفة العنيفة (VEOs). ففي منطقة الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا، توحدت الدول ضد داعش وتواجه المنظمات المتطرفة العنيفة دعاية خبيثة بتكتيكات وسائل الإعلام الجديدة وتضع استراتيجيات لحماية المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني من الهجمات الإلكترونية المدمرة. وبالنسبة لكل الشرور التي يرتكبها تنظيم القاعدة وداعش وحركة الشباب والجماعات الإرهابية الأخرى، فقد كانت هذه الدعاية فعالة في خداع من يجندونهم للاعتقاد بأنهم في جانب أولئك الذين يعانون من الفساد والفقر والقهر. وعلى الرغم من أن هؤلاء الإرهابيين قد كشفوا عن نفاقهم عدة مرات، فإن التصدي لرواياتهم لا يزال يشكل تحديًا. فإغلاق مواقع الفيسبوك وتويتر أو يوتيوب أو تعليقها قد يبدو وكأنه رد فعل منطقي، ولكنه لا يقدم حلا دائمًا. حيث إنه يتم إنشاء حسابات جديدة بسهولة لنشر الدعاية. وبالمثل، فإن حظر الوصول إلى الإنترنت في المناطق المتنازع عليها أمر صعب أيضًا. حيث يمكن شراء الأقمار الصناعية الصغيرة للاتصال بالويب، حتى في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة التي تحاول الحد من الوصول. وهذا يجعل التصدي للدعاية الإرهابية سلاحًا حاسمًا في كسب حرب المعلومات. ويتم إحراز تقدم. في القاهرة، نال اقتراح تقدمت به الإمارات العربية المتحدة بشأن الدور الذي يجب أن تقوم به وسائل الإعلام في نشر قيم التسامح ومكافحة التطرف الموافقة في اجتماع لمجلس وزراء الإعلام العرب عُقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وأكد المجلس على أهمية دور المؤسسات الإعلامية العربية في نشر ثقافة التسامح ومحاربة التطرف كجزء من استراتيجية شاملة تحقق الاستخدام الأمثل لمنصات وسائل الإعلام التقليدية والحديثة. كما أنها تروج للحوار والتفاعل بين الأمم والشعوب الأخرى من خلال تسليط الضوء على قيم الحضارة العربية الإسلامية والتي تشجب ممارسات التعصب والتطرف والإرهاب. وتقوم جامعة الأزهر في مصر وهيئة دار الإفتاء وإدارة مرصد الفتاوى برصد أيديولوجية داعش وتحديدها والتصدي لها. حيث إنهم يتبادلون المعلومات حول قتل داعش للمدنيين الأبرياء وتدمير المساجد والمواقع التاريخية. كما تتبنى الإمارات العربية المتحدة دورًا فعالاً. فقد انضمت مع الولايات المتحدة في إطلاق مركز اتصالات رقمية في الشرق الأوسط يركز على استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لمكافحة دعاية داعش. حيث اُفتتح مركز صواب في يوليو عام 2015، وهو يطلق على الكلمة العربية التي تعني “الطريقة الصحيحة أو المناسبة.” وتتمثل مهمته في مواجهة دعاية داعش وتعزيز الأصوات المعتدلة والمتسامحة من مختلف أنحاء المنطقة. وقد افتتح المركز مجتمعًا دوليًا على الإنترنت يقدم لشعوب المنطقة والعالم فرصة لإطلاق وتبادل المحتوى الذي يخترق دعاية داعش البشعة. وعلى نحو منفصل، فقد وسعت الولايات المتحدة دور قسم وزارة الخارجية الأمريكية الحالي الذي تأسس في عام 2011 والمعروف باسم مركز التواصل الأجتماعي. وشملت مهامه مناهضة الرسالات المتطرفة عبر الإنترنت وتنسيق جهود الرسالات الأمريكية المكافحة للتطرف والإرهاب. وهو يشارك على نحو متزايد قصص المنشقين والراديكاليين السابقين، حيث يسلط الضوء على الضحايا المسلمين للإرهاب ويعرض الظروف المعيشية وواقع المعركة في المناطق التي تسيطر عليها داعش. ويعمل خبراء التكنولوجيا في جميع أنحاء المنطقة أيضًا على عزل المؤسسات الهامة عن خطر قراصنة الكمبيوتر. حيث إن الهجمات الإلكترونية ليس لها حدود. فهي تهدد وحدات حكومية رئيسية وكذلك القطاع الخاص والتجارة والرعاية الصحية والاتصالات والمعلومات الشخصية. حيث يمكن قطع الخدمة عن شبكات الخدمات المصرفية والكهرباء ما يدفع الدول إلى طريق مسدود. وهذا هو سبب الأهمية الكبيرة للعمل الذي يتم القيام به في مركز الأمن الإلكتروني الإقليمي العربي ومقره في عمان. حيث إنه ينظم اجتماعات قمة تربط القطاعين العام والخاص والقطاع الأكاديمي لصياغة الاستراتيجيات والخطط. ويمثل هذا المؤتمر والمؤتمرات الإلكترونية الأخرى فرصًا لبناء قنوات اتصال قوية بين دول المنطقة. وقد تم تعيين الفريق الوطني للاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي بعمان في عام 2012 ليكون بمثابة مركز إقليمي للأمن الإلكتروني في المنطقة العربية. وهناك قصص نجاح مماثلة في البحرين وأفغانستان وقطر، حيث تتبع كل دولة نهجًا استباقيًا لحماية قنوات الاتصال الهامة وقواعد المعلومات من القراصنة. وقد شكلت البحرين مديرية لمكافحة الجرائم الإلكترونية منذ عدة سنوات، وقد أصبحت الدولة جزءًا من الجهود الدولية لتبادل الخبرات مع الدول الأخرى في المنطقة. وقد شكلت إحدى هذه الدول، وهي أفغانستان، فريق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي الخاص بها في عام 2009 لتتبع الأمن الإلكتروني في القطاعين العام والخاص. وقد تبنت الدولة قبل عامين استراتيجية الأمن الإلكتروني الوطنية لإنشاء بيئة إلكترونية آمنة ومأمونة. وعلى نفس المنوال، فقد أجرت قطر تدريبات على الأمن الإلكتروني الوطني لقياس مدى فهمها للتهديد وتحسين استجاباتها. وقد درست كيف تدربت البلدان الأخرى على صد هجمات قراصنة الكمبيوتر وطبقت تلك الدروس. وبدلا من إرغام البنوك وغيرها من مؤسسات القطاع الخاص على المشاركة، فإن قسم الأمن الإلكتروني بقطر جعل هذه التدريبات طوعية لكنه أبرز النتائج المترتبة على عدم استعدادها للهجوم. واجتذب التدريب العشرات من المشاركين الذين تبادلوا المعلومات وتعرفوا على مدى فعالية العمل بشكل تعاوني ومنتظم خلال وقوع هجوم، سواءً كان ذلك على المؤسسات المالية وشركات الطاقة أو الوكالات الحكومية. وبشكل جماعي، فقد أدت جهود هذه الدول وغيرها إلى تحسين عملية الرصد والإبلاغ وتوثيق التعاون مع شركات الإنترنت ووسائل الإعلام. ولكن في هذا العصر الرقمي، يمكن أن نتوقع من المتطرفين إيجاد طرق جديدة لتوصيل رسالتهم. وإذا لم يكن هناك أي شيء آخر، فقد كشفت التجارب على مدى السنوات القليلة الماضية عن الحاجة إلى صد تلك الدعاية على الفور أينما وجدت وحماية قواتنا المسلحة والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني من الاختراقات الإلكترونية. إن أساليب داعش الوحشية وأيديولوجيتها المتعصبة لا مكان لها في المجتمعات الحديثة وتحيد عن تعاليم جميع العقائد الدينية. وتعزيز هذه الرسالة يقطع شوطًا طويلا نحو الإبطاء من تجنيد الأبرياء الذين قد ينخدعون بالروايات الكاذبة لداعش والمنظمات المتطرفة الإرهابية الأخرى. ما هو رأيك؟ • ما هي بعض أفضل الأمثلة على منهجيات الحكومة بالكامل تجاه الأمن الإلكتروني؟ • هل لديك مثال على برنامج فريد من نوعه أو استراتيجية للأمن الإلكتروني؟ • ما هي بعض أفضل الابتكارات لمواجهة الدعاية الإرهابية على الإنترنت؟ شاركنا أفكارك على CENTCOM.UNIPATH@MAIL.MIL
By Unipath