القوات المسلحة العراقية تواجه الكوارث الطبيعية وداعش في آن واحد
إسراء خالد/وزارة الدفاع العراقية
لاشك ان مهمة الجيش الأساسية هي الدفاع عن الوطن ضد اعتداء خارجي وبسط الأمن وسيادة القانون. وكثير من الجيوش لها مهمات معينة تقوم بها، لكن ما يقوم به الجيش العراقي يفوق قدرة الجيوش التقليدية.
فبالأضافة لما يقوم به من حرب شرسة ضد مجاميع داعش الأرهابية، وتوفير المساعدات الأنسانية للاجئين وتأمين المناطق المحاذية لخطوط التماس نراه اليوم يقوم بمهام انسانية جديدة تختلف تماما لما عهدناه من صورة المقاتل التي رسمت في مخيلتنا. حيث شراسة المقاتل وقوته وصلابته ليزرع الخوف في قلب اعداء الوطن. لقد برهن الجندي العراقي عن انتماءه للوطن والشعب بحبه اللامتناهي لأرض الرافدين، فها هو اليوم يظهر بصورة اخرى صورة تتسم بالتضحية والحب ومشاركة المواطنين لمعاناتهم.

فنتيجة لما يمر به العراق اليوم من فيضانات بسبب مياه الامطار. استنفرت وزارة الدفاع كل كوادرها ومقاتليها لتساعد بقية اجهزة الدولة بسحب مياه الامطار التي هطلت في نوفمبر 2015 وفتح الطرق في المناطق التي شهدت ارتفاع لمستوى المياه. واغاثة العوائل وتقديم المساعدات الأنسانية لهم. فكان لابطال الفرقة الحادية عشر دور كبير في اغاثة عوائل العاصمة بغداد المتضررة جراء الفيضانات.
اكد قائد الفرقة الحادية عشر اللواء الركن صائب عبيد محسن المحياوي في حوار اجري معه انه بناءً على توجيهات القائد العام للقوات المسلحة وباشراف مباشر من قبل السيد وزير الدفاع. باشر ابطال الفرقة الحادية عشر بحملة كبرى بالتنسيق مع كافة الدوائر المحلية في المناطق المتضررة وهي (مدينة الصدر – حي اور – الشعب – جميلة) لغرض سحب مياه الامطار التي دمرت عدد كبير من المنازل والمرفقات العامة. فقام ابطال الفرقة الحادية عشر منذ اليوم الأول لهطول الامطار بهذه الحملة. وتم تسخير اكثر من 91 عجلة تابعة للفرقة لسحب المياه. وبين السيد قائد الفرقة الحادية عشر “ان هناك معضلة رئيسية كانت تواجههم اثناء عملية سحب مياه الامطار وهي غلق قناة الجيش التي كان يتم تفريغ مياه الامطار فيها. ولكننا تمكنا من حل هذه المشكلة وعملنا لازال متواصلاً على مدار الاربعة والعشرين ساعة وسيستمر حتى تجفيف هذه المياه نهائياً”

وكان لنا وقفة مع احد الجنود الابطال المشاركين بهذه المهمه، كاظم جبار حيث قال “ان كل منتسبي الجيش العراقي البطل ماضون في خدمة الشعب العراقي. أن مانقوم به اليوم هو واجب وان كل رفاقي الجنود قطعوا عهداً على انفسهم ان لاينسحبوا من هذه المناطق المنكوبة الا بعد ان يتم سحب جميع المياه منها”
وعبر المواطنين عن شكرهم وامتنانهم لرجال قواتهم المسلحة الذين يقاتلون تنظيم داعش الأرهابي وبنفس الوقت يقومون بمهام سحب مياه الامطار ومساعدة المواطنين المتضررين جراء الفياضانات. حيث قال علي المحمداوي احد المواطنين “أن سحب مياه الأمطار هي ليست من مسؤولية الجيش ولكن مايفعله ابطال الجيش الغيارى نابعا من ولائهم وأنتمائهم للشعب العراقي. وهذا ليس بجديد على الجندي العراقي الذي ضحى ومازال يضحي من أجل عراقا آمنا ومستقرا.”

لقد عبر المواطنون عن ارتياحهم مؤكدين ان قوات الجيش قدمت لهم البطانيات والطعام بعد ان اجلتهم من المناطق الخطرة. كذلك ساعدت اعادتهم الى منازلهم بعد سحب مياه الامطار منها. فقد ذكر مواطن آخر “ان هذا العمل البطولي ليس بجديد على قوات الجيش العراقي فقد ساهم الجنود الابطال في السنوات الماضية ايضاً بمساعدة العوائل المتضررة من جراء مياه الامطار وماصاحبها من فيضانات”. كما اكدت احدى النازحات العراقيات أم أحمد “انا لن أنسى موقف الجنود المشرف حين قاموا بحمل اطفالي وانقاذهم أثناء سيول الامطار. كنت ارى رجال الجيش بكل فخر وهم يحملون الأطفال على أكتافهم ويعبروهم الشارع الذي تحول الى نهر بعمق متر ونصف وتيار جارف وبرودة مياه شديده”. وقال الشاب محمد جمعه من مدينة الصدر”شاهدت في التلفاز سنة 2013 كيف قام ابطال الجيش العراقي بانقاذ اهالي تكريت من الفيضان الذي حدث في مناطقهم وكيف كانوا يغامرون بانفسهم من اجل ايصال العوائل الى بر الامان حتى انني شاهدت في احد المرات عملية انقاذ لبعض الماشية من الغرق. وهاهم اليوم نفس ابطال الجيش يكررون نفس العمل البطولي هنا في مدينتي مدينة الصدر. ويشاركون في انقاذ العوائل فتحية حب لهم.” وفي اثناء حديثنا مع المواطن محمد وجدنا العم ابو علي يبتسم لنا وهو يقول “هذا ليس جديد على جيشنا البطل فهذه هي شيمهم واخلاقهم”. فتوجهت له وسألته وهل تمر بذاكرتك ياعم قصة مماثلة للجيش العرافي؟ فأجاب باعتزاز “نعم في فيضان عام 1954 دخلت قوات الجيش العراقي في حالة انذار حيث نزلت الى مناطق بغداد المنكوبة بالفيضان. وقامت بتوزيع الاف الخيم على المواطنين في المناطق المنكوبة ووزعت مئات الالاف من البطانيات العسكرية للعوائل المتضررة. وقاموا ببناء سدود ترابية لمنع تسرب مياه دجلة الى داخل مدينة بغداد. وقاموا بانتشال العوائل من المناطق الغارقة فما فعلوه ابطال الامس اراه ماثلاً في وجوه ابطال اليوم وهذا نابع من اصالة هذا الجيش”.
ان الدور المشرف لابطال القوات المسلحة يؤكد أن الجيش العراقي هو جزء من الشعب ويعمل لخدمته سواء كان في مقاتلة العصابات الإرهابية وحماية حدود البلاد أو في خدمة الأهالي وإغاثتهم اثناء الكوارث الطبيعية. من خلال تقديم الدعم المباشر لهم أو عن طريق إسنادهم للأجهزة الخدمية الرامية إلى مساعدة المواطنين.
التعامل مع الكوارث الإقليمية
تطلبت الأمطار التي سقطت في الخريف – ومن بينها إعصاران لم نشهد مثلهما من قبل رافقتهما مياه بحر العرب الدافئة – استجابة شجاعة من الجيش ومسؤولي الدفاع المدني على مستوى الشرق الأوسط.
فقد سقطت أمطار غزيرة في شهري أكتوبر ونوفمبر 2015 تعادل أمطار عام كامل في بضع أيام فأغرقت الشوارع والأحياء بالماء في بلدان متفرقة كالأردن وقطر واليمن والعراق والسعودية.
