أحد كبار علماء الدين في مصر يدعو لمواجهة أيديولوجية مع المتطرفين الذين يمارسون العنف
يرى الدكتور محمد مختار جمعة، أن الأيديولوجية المتطرفة التي تروج لها جماعات مثل تنظيم داعش ليست مجرد وباء عالمي تحتاج إلى وضعها في حجر صحي – فهي تمثل أزمة فكرية تحتاج إلى مواجهتها من قبل القادة المثقفين والدينيين والتربويين والإعلاميين في المجتمع.
قدم جُمعة، وزير الأوقاف ورئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، معرفة عميقة بالتاريخ الإسلامي والعربي في محاضرته الأخيرة في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبو ظبي.
وعند الحديث عن موضوع “القضاء على الفكر المُتطرف”، رفض جمعة وصف داعش بأنها “عصابات مُنظمة تقتل وتحرق باسم الدين” ووصفها بأن دافعها الرئيسي طائفي وسياسي.
وصرح جُمعة، وهو عالم وأستاذ في جامعة الأزهر المرموقة بمصر، قائلاً:” لا ينتمي هذا الوباء العالمي إلى أي دين أو دولة على الإطلاق”. “من الضروري للغاية الانضمام إلى القوات لمواجهة هذا الوباء”.
وأكمل قائلا: “إن المواجهة المادية للجماعات المتطرفة التي تمارس العنف لهو أمر هام ولكن المعركة الحقيقية هي معركة فكرية”. ولا يُمكن لعُلماء الدين خوض هذه المعركة وحدهم. فهم بحاجة إلى مساعدة من الشخصيات الثقافية والتربوية والإعلامية أيضًا.
”إننا بحاجة ماسة إلى تجديد الخطاب الديني وطرق التفكير العقلية والأخلاقية والثقافية لأن الأزمة هي أزمة فكرية”.
وأشار جُمعة إلى أن أركان الإسلام الخمسة لا تركز كثيرًا على السياسات، ولكنها تُحدد الالتزامات الشخصية للبشر أمام الله. إن الدين الإسلامي يأمر الحُكومات بالقسط والتعامل بكرم مع شعوبها.
فمن خلال تبني أدوار سياسية بشكل علني – والدعوة إلى إعلان حرب بوصفها “خلافة” وإعادة تقديم أشكال من العبودية في العراق وسوريا – فقد كشف أعضاء تنظيم داعش إلى أي مدى هم بعيدون عن الإسلام الحقيقي.
قال جُمعة: “تعمل هذه الجماعات في مساحة – من جوانب الأزمة – بين الحكام والشعوب”. “وهم يسيرون بطريقة العصبية القبلية والصراعات الطائفية”.
ويُكمل جُمعة حديثه قائلا:” إن تلك الجماعات مثل جماعة داعش تستقطب الشباب الذين يسهل إقناعهم من الناحية النفسية حيث يمكنهم “ترويج منتجهم لهم”. وفي العديد من الحالات، تُساعد وسائل الإعلام بشكلٍ غير مقصود في عملية التجنيد من خلال الحديث عن تنظيم داعش باستخدام مصطلحات بطولية، مما يُؤكد من صحة مزاعمها حول الخلافة بدلاً من أن يكذبها.
ويستطرد جمعه حديثه قائلاً: “يعتقد الشباب أن هذه هي الدولة الإسلامية التي كانوا ينتظرونها. فهم يضللون الشباب باستخدام مصطلح “الدولة الإسلامية”. “وسواءً كان تنظيم داعش أو جماعة بوكو حرام في نيجيريا أو القاعدة، جميعها تنشأ بوصفها ضربا من الخيال”.
ودعا جُمعة إلى تجديد الخطاب الديني. وقال جمعة: “إن التبسيط المُفرط للدراسة الإسلامية التي تقوم على حفظ القرآن لا تجذب شباب هذا العصر المُحب للاستطلاع والذي يريد تفسيرات أعمق من قادتهم الدينيين”. ولقد ملأت داعش هذا الفراغ من خلال تقديم أيدلوجية مُعادية للإسلام تسمح بالتعذيب والقتل والنهب وتدمير الآثار التاريخية وسبي وإغتصاب النساء.
في ضوء هذه المُشكلة، أعلنت مصر خططًا لتجديد التعليم الديني في جميع المراحل الدراسية بحيث لا يُترك تفسير الدين للمُتطرفين.
وحث جُمعة على ضرورة انتباه المجتمع الدولي. لا يمكن لجماعة إرهابية أن تنشأ مالم تكن مدعومة من أشخاص خارج التنظيم. على سبيل المثال، لا يُمكن لداعش أن تبيع نفط العراق دون التعاون مع جهات خارجية. ولا يُمكن للمقاتلين أن يعبروا الحدود وأن يجمعوا الأسلحة مالم يُسمح لهم بذلك. وأكمل جمعة: حديثه قائلاً: “هناك أحد ما يؤمن لهم الدخول للبلاد ويقدم لهم المال والسلاح”.
حث جُمعة قادة المنطقة على عدم إعطاء المتطرفين فرصة لجذب دعم المجتمع. وقال جُمعة: “عندما تكون العلاقة بين الحكام والشعوب جيدة، لا يُمكن للإرهاب أن ينجح”.