هزيمة داعش تتطلب استجابة مُوحَّدة في وسائل الإعلام وساحات القتال على حد سواء
مثنى جميل جبار وزارة الدفاع العراقية
حسم المعركة بالنصر أو الهزيمة على عدة معارك والبيانات الخاصة بكل معركة. والمعارك التي نشير إليها ليست فقط معارك عسكرية، وإنما تشمل أيضًا المعارك الاستخباراتية والأخلاقية والإعلامية والجغرافية. وهي لا تقل أهمية عن المعارك العسكرية، بل قد يكون لها في بعض الأحيان تأثير أقوى على العدو فيما يتعلق بتحطيم الروح المعنوية.
في حربنا ضد مجرمي داعش، يظهر لنا أن النتائج الإيجابية للمعارك العسكرية تُعبِّد الطريق نحو تحقيق النصر من دون الدعم الأخلاقي والإعلامي شديد الأهمية. عندما نشير إلى الإعلام في هذا السياق، فإننا لا نعني تغطية المعارك عبر مراسلينا؛ حيث يعتمد هذا الجانب من الإعلام على السياق والممارسة الروتينية.
لا شك أن الطريقة التي تخوض بها داعش الحرب جديدة وغير مسبوقة. فقواتنا المسلحة لا تحارب قوات نظامية أو جيش معين، وإنما مجموعة من المجرمين المُدرَّبين على خوض حروب الشوارع تحت غطاء الدين الذين يتخفُّون خلفه. أتى هؤلاء المجرمون من السجون في مختلف الدول. ولهزيمة داعش ودحرها، هل تكفي تغطية أخبار المعارك؟ أو هل علينا أيضًا المشاركة في استجابة إعلامية مُكثفة من قبل جميع الشبكات الإعلامية على كافة المستويات، بحيث تشمل القنوات الفضائية ومحطات البث، وعلى وجه الخصوص والأهمية الاستجابة الدينية من قبل علماء المسلمين؟
لا يتعين أن تكون هذه الاستجابة مجرد رسالة يضع علماء المسلمين توقيعهم عليها ثم يجلسون في انتظار أن يعود هؤلاء المجرمون إلى صوابهم بعد أن استقوا أفكارهم من قائد داعش الذي هو ذاته مجرم بالفطرة، والذي لن تُجدي مخاطبته أو إطلاق لقب ملحد عليه.ما يتعين علينا فعله هو مخاطبة والتحاور مع أعضاء داعش أنفسهم وذلك لأننا على يقين بأن الكثيرين منهم قد تعرضوا للتضليل والخداع وربما يكونون في انتظار بقعة ضوء أو شعاع من الأمل ليهديهم السبيل بعيدًا عن الإجرام.
ولن يكون هذا التحاور بالقطع وجهًا لوجه، فنحن نعلم أن داعش لا تمتلك الشجاعة لمثل هذه المواجهة. سيكون هذا التحاور مجرد مواجهة إعلامية (فتوى في مقابل أخرى، وخبر مقابل آخر، وتقرير مقابل آخر). نحن نستجيب لهم ونستفيض في التعبير عن أفكارنا – يجب أن يتولى رجال الدين القيام بهذه المهمة على وجه التحديد.
لقد حانت ساعة التعاون والاتحاد، على مستوى الأديان أولاً، ثم على مستوى الطوائف. حان وقت الاتحاد والاعتصام بحبل الله إذ تبنت داعش فلسفة الفكر المنحرف قبل أن تتحول إلى مجموعة من القتلة المُسلحين. وحتى يتسنى إلحاق الهزيمة العسكرية بهم، يجب علينا أيضًا مواجهة فكرهم الخبيث. تحتاج هذه المعركة إلى مشاركة شاملة من العرب والمسلمين لاجتثاث هذه الفلسفة الملطخة بدماء الأبرياء.
