Share Facebook Twitter Telegram WhatsApp Copy Link ملتزمون بمواصلة التعاون الدولي ولدينا تجارب عملية تعزز الشراكة الدولية في مكافحة الجريمة بقلم عامر مصطفى، مديرية جريمة الإنترنت بالبحرين عامر مصطفى قد يعود الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا بالعديد من المخاطر والضرر على المؤسسات والأفراد على حد سواء، وبعد تحول جميع المعلومات لمعلومات إلكترونية فقد أصبحت الجريمة الإلكترونية أهم الجرائم المستحدثة في زمننا الحديث وأخطر أنواع الجرائم المُنظّمة التي يمكن أن تشكل خطراً كبيراً على الاقتصاديات العالمية، وأمام هذا الخطر ونظراً للتزايد الملحوظ في الجرائم الإلكترونية ارتأت مملكة البحرين في عهد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى وبناء على رؤية أمنية ثاقبة لوزير الداخلية الفريق الركن معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة؛ إنشاء إدارة مختصة لمكافحة الجرائم الإلكترونية بناءاً على المرسوم الملكي رقم (109) لسنة 2011 لتصبح مملكة البحرين من الدول السباقة في مكافحة هذه النوعية من الجرائم. وعليه فقد بدأت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بمباشرة مهامها ساعية لتطوير كوادرها العاملة لكي تصبح قادرة ومطلعة على أحدث طرق التصدي لهذه الجرائم وفي هذا الإطار عملت على عقد مؤتمرات وندوات توعوية في جميع القطاعات بهدف نشر الوعي لدى الجمهور على مستوى الأفراد وكذلك الشركات للتعامل مع هذه النوعية من الجرائم انطلاقا من منهج وزارة الداخلية بتعزيز الشراكة المجتمعية وزيادة آليات التواصل مع كافة قطاعات المجتمع. كما عملت على الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الجرائم الإلكترونية والتنسيق مع المؤسسات الدولية المعنية لمواجهه كافة أشكال الجرائم الإلكترونية إيماناً بأهمية التعاون الدولي في مواجهة الأخطار الناجمة عن ارتكاب هذه الجرائم. وفي إطار قناعة مملكة البحرين وإيمانها بضرورة ترسيخ الأمن الشامل والتصدي لكل محاولات تعكيره وفي نقلة نوعية في مجال مكافحة جرائم تقنية المعلومات، صدر عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، القانون رقم (60) لعام 2014 بشأن جرائم تقنية المعلومات مشتملا على العديد من المواد القانونية التي تعاقب مرتكبي الجرائم الإلكترونية بكافة أشكالها مع ضبط الأعمال الموكلة للجهات القانونية المختصة وتم تشديد العقوبات العائدة على الاستغلال الجنسي للأطفال التي طالما كانت من أهم النقاط التي ركز عليها القانون البحريني. كما أنه وفي ظل التهديدات الإلكترونية المتزايدة بالعالم والتهديدات المستمرة التي تم التبليغ عنها في إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية خلال الأعوام السابقة والتي أصبحت أحد الاهتمامات الرئيسية للبحرين مع اعتماد جميع أنواع الاتصالات المعاصرة على تقنية المعلومات وشبكة الإنترنت، أصبح من الضروري وضع إستراتيجية وطنية أمنية للأمن الإلكتروني تشمل العمل على تحقيق الهدف الأسمى وهو توفير المناخ الآمن في الفضاء الإلكتروني للحفاظ على مكتسبات الدولة والبنى التحتية المعلوماتية، بالإضافة لرسم خارطة الطريق لمجالات تطوير الأجهزة المختصة بالأمن الإلكتروني وفي مجال التشريعات وتطبيق القانون ، مع تبني أفكار إستباقية في مجال تعزيز الوعي لدى المجتمع عن طريق عقد ورش عمل وندوات يكون الهدف الرئيسي منها تظافر الجهود. ولم تتجاهل مملكة البحرين طبيعة الجرائم الإلكترونية كونها من الجرائم العابرة للحدود والتي يكون التحقيق فيها شديد الصعوبة، فقامت بالدفع نحو المزيد من التعاون الدولي عن طريق تبادل البيانات والأدلة الرقمية والتعاون القضائي في القضايا المتعلقة بالجرائم الإلكترونية، وكانت البحرين دائماً سبّاقة في التعاون مع جميع الدول التي تحتاج الدعم أو المساعدة في التحقيق بالجرائم الإلكترونية وقامت بالفعل بمساعدة العديد من الدول والاخذ بعين الاعتبار المسوغات القانونية التي من خلالها استطاعت مد يد العون في التحقيق بعدة قضايا منها جرائم إرهاب، استغلال جنسي للأطفال وجرائم اقتصادية وغيرها. ومن أمثله هذا التعاون على الصعيد الدولي أن تلقت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الإقتصادي والإلكتروني عام 2013 بلاغاً من وكالة مكافحة الجرائم المنظمة بالغة الخطورة (SOCA) بالمملكة المتحدة يفيد بقيام شخص مجهول الهوية من داخل مملكة البحرين بإستغلال الأطفال جنسياً عن طريق برامج المحادثة على شبكة الإنترنت، ويقوم بتهديدهم بنشر صور مخلة بالآداب العامة لأقربائهم وأصدقائهم في حالة رفض هؤلاء الأطفال طلباته. وعليه باشرت إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية البحث والتحري وتعقب الشخص مجهول الهوية، وهو ما أسفر عن تحديد هوية 4 أشخاص متورطين بهذه الأفعال، وبعد الحصول على إذن من النيابة العامة تم تشكيل فريق من المختصين وفاحصي الأدلة الإلكترونية والقبض على المشتبه بهم وضبط الأجهزة الإلكترونية التي كانت بحوزتهم، حيث اعترفوا بما نسب إليهم وتم إحالتهم للنيابة العامة. كما أنه وبعد استئذان النيابة العامة لفحص الأجهزة الإلكترونية المضبوطة لديهم تم ضبط العديد من الصور ومقاطع الفيديو الجنسية لأطفال من خارج البحرين وداخلها، حيث كان المتورطون يستهدفون بجرائمهم الأطفال دون الرابعة عشرة ويستدرجونهم عبر المواقع الالكترونية بانتحال أسماء وصور فتيات بدعوى الرغبة في التعرف عليهم، ومن ثم يلتقطون للضحايا صورا منافية للآداب، كما أجبروهم على إتيان تلك الأفعال وتلبية غرائزهم الشاذة عن طريق تهديدهم بفضحهم لدى ذويهم بنشر صورهم المأخوذة لهم وهم يأتون الأفعال المنافية للآداب. وقد قضت المحكمة على المتهمين الأول والثاني بالسجن عشر سنوات وثلاث سنوات للمتهمين الثالث والرابع. وعليه كان للتعاون الدولي الفضل الأكبر في إقرار العدالة ومعاقبة مرتكبي الجرائم الإلكترونية لما لها من خصوصية وأساليب تقنية خاصة لملاحقة المتهمين. وتمضي مسيرة التطوير ورفع معدلات الأداء اتساقا مع إستراتيجية التطوير والتحديث التي يتبناها معالي وزير الداخلية ، وفي ظل ما يشهده العالم من تطور سريع في مجال صناعة الأجهزة الإلكترونية وبرمجياتها من حاسبات فائقة السرعة وهواتف ذكية، لم تغفل إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية هذا الجانب، حيث تعمل على إنشاء مختبر متطور لفحص الأدلة الرقمية يضاهي نظرائه في الدول المتقدمة ، وفي هذا الإطار قامت الإدارة بزيارات إلى دول متقدمة في هذا المجال للإستفادة من تجاربها والاطلاع على ما هو جديد من أجهزة و معدات وبرامج مستخدمة في فحص الأدلة الرقمية. مع الإشارة إلى أن الدور الأساسي لهذا المختبر هو مكافحة الجريمة والحد منها من خلال استراتيجية تضمن الالتزام بالجوانب القانونية ضمن معايير محددة مع الإعتماد على كوادر بشرية ذات كفاءة عالية يتم تدريبهم بشكل دائم على أعلى المستويات وإلحاقهم بورش عمل لتثقيفهم بالجوانب القانونية الواجب اتباعها في العمل اليومي داخل المختبر، كما سيستخدم في المختبر أجهزة وبرامج عالية الجودة يتم من خلالها فحص الأجهزة الإلكترونية واسترجاع المعلومات التي تم مسحها من حواسيب وهواتف ذكية وأقراص ممغنطة وكافة الأجهزة الإلكترونية الموجودة في الأسواق العالمية مع ضمان تقديم الأدلة الإلكترونية إلى المحاكم المختصة وفق إطار قانوني معتمد عليه وسيضم المختبر أيضا وحدة لإستخراج الأدلة من الأجهزة التالفة عن طريق أجهزة وأنظمة مختصة ويتم العمل حالياً على التدريب الدقيق على هذه العملية. إن الجرائم الالكترونية والتي تشكل خطرا على دول العالم أجمع، تحتاج لمواجهتها والتصدي لها بكفاءة وفعالية ، تكاتفا دوليا وتعاونا وتنسيقا على أعلى مستوى من أجل تعزيز الأمن الدولي ، ولذلك تجدد إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية في مملكة البحرين التزامها بمواصلة التعاون المحلي والدولي لما يمثله ذلك من دور فاعل في مجال مكافحة الجريمة وباعتبار ذلك الهدف الأسمى للعمل الشُرطي الملتزم بتطبيق القانون.