حيدر الكناني/ مدير العلاقات العامة بالمكتب العراقي لمكافحة الإرهاب
لاشك أن الإرهاب بذل ويبذل جهدًا كبيرًا ليظهر بمظهر المنتصر لكي يعزز وجوده سواء بالتمويل أو التجنيد. فعلى مدى العشر سنوات الماضية رأينا التنسيق الإعلامي على صفحات التواصل الإجتماعي لأبواق داعش. في عام 2005 كانو يستخدمون ما يسمى “مؤسسة السحاب للأعلام” التي يملكها تنظيم القاعدة، اما اليوم، داعش تملك مؤسستين اكبر وذات تفوق تكنلوجي هما “الفرقان” و “الأعتصام”.
كانوا يتمتعون بحرية كبيرة بالتنقل بين المواقع ونشر الأفكار الأرهابية وتجنيد الشباب الضال بذريعة الجهاد، حتى وصل بهم الأمر في بعض المواقع إلى تبادل الرموز السرية وتحديد الأهداف، ونشر طرق صنع القنابل، وتفخيخ السيارات.
وقد تطور النشاط بتطور التكنولوجيا حيث أصبح موقع تويتر الوسيلة المفضلة لبث الإشاعات ونشر الأكاذيب. كما ابتكروا طرقًا معقدة لإيصال الخبر إلى أكبر عدد من القراء حيث ذكرت احدى المؤسسات ذات الشأن أن عدد حسابات داعش على تويتر وصل الى 45000 حساب. حيث يظهر الخبر على تويتر ثم بواسطة برامج متخصصة او ما يسمى (روبات) لشبكة أخرى من الروباتات ليصل الخبر لأكبر عدد من أتباع التنظيم، لاسيما الذين يملكون عددًا كبيرًا من المتابعين. بعدها يظهر الخبر على موقع فيس بوك وعلى المواقع الإرهابية الأخرى.
أما طريقة نشر الفيديو فتتم من خلال عدة مُعرفات ومن مناطق جغرافية متعددة، ويتم تحميل الفيديو تحت عنوانين مختلفة وروابط متعددة لتصبح عملية الرصد والحذف شاقة. ومن خلال متابعة الخبر وطريقة النشر، يجد المتابعين أن داعش تمتلك ماكنة إعلامية ضخمة على صفحات التواصل الإجتماعي، وأنها تعتمد اعتمادًا كاملًا في بث وترويج دعايتها الإعلامية على الإنترنت. لذلك تعتبر الإنترنت بمثابة شريان الحياة للتنظيمات الإرهابية مما يحتم علينا كقوات أمنية إلحاق الهزيمة بالإرهاب على صفحات التواصل الإجتماعي، وفضح أكاذيبهم ودعايتهم المظللة.
لقد انتبهنا لنشاط الإرهاب منذ عام 2005، حيث كان تنظيم القاعدة ينشر مقاطع الذبح والتفجير على عدة مواقع ارهابية، وأدركنا أن علينا الحد من نفوذ الإرهاب على الأنترنت. بدأنا بحجب عدد كبير من المواقع الإرهابية، لكن التطور التكنولوجي وتعدد الصفحات التابعة للتنظيمات الإرهابية أصبح الأمر اكبر من حجب المواقع، مما حتم علينا القيام بتغيير استراتيجيتنا لمحاربة الفكر الإرهابي وفضح أكاذيبه. فقد شكلنا مجاميع متخصصة في مواجهة الدعاية الإرهابية عبر الأنترنت، ولدينا تنسيق بين المؤسسات الأمنية الأخرى لمتابعة ورصد الإرهابيين. فحين إعلان أنصار داعش عن جريمة قتل أو تفجير، يبدأ أنصارها بالتكبير والتهليل للجريمة؛ إلاّ أن الرد سرعان ما يأتيهم من الفريق المتخصص الذي يكشف أن ماقام به التنظيم ليس سوى جريمة يندى لها جبين الإنسانية. ولا يوجد في كتاب الله ولا السنة النبوية ما يدعم جرائم الأرهاب، وأن ذكر الآيات القرآنية لتبرير الجريمة من قبل داعش ليس سوى إهانة للدين الأسلامي. ويملك فريقنا أشخاصًا ذوي خبرة في التاريخ والفقه الإسلامي والعلوم السياسية، وباستطاعتهم تفنيد إدعاءات الإرهابيين، الأمر الذي يدفع رواد الصفحات إلى استنكار الجريمة والاتفاق مع رأي أفراد فريقنا.
وفي اكثر من صفحة كان أبواق داعش يدعون بأنهم من يسيطر على الأرض في ديالى والأنبار، لكن سرعان ما يكذب أفراد فريقنا تلك الإدعاءات من خلال نشر صور أو فيديو لرجال القوات المسلحة يتجولون في تلك المناطق. مما جعل الأرهابيين يترددون في نشر الأكاذيب خوفًا من افتضاح أمرهم. بدأ الأرهابيون بتجنب النقاش مع أفراد فريقنا، وقللوا تواجدهم في المواقع التي يستخدمونها لضعف الدليل وعدم ترابط القصص. فالكثير من أبواق داعش هم عبارة عن أشخاص يختبئون خلف الكمبيوتر وينشرون الأكاذيب التي تُلقن لهم، خاصة وأن أغلب أبواق داعش يسكنون في بلدان بعيدة، ولا يعرفون حتى أسماء المناطق ومواقعها الجغرافية. بينما رجالنا لديهم الخبرة ويمتلكون المعلومات الميدانية من خطوط المواجهة، ولديهم الثقافة التي تمكنهم من دحض كل ادعاءات وأكاذيب داعش. لذلك جعلنا من مدونين داعش أضحوكة للقراء حينما يسألهم أحد رجالنا عن منطقة ما أو عن اسم شخص.
كذلك لدينا فريق انتاج محترف، لتصوير الأغاني الوطنية والأشعار الحماسية والعمليات العسكرية التي تشد من معنويات قواتنا المسلحة والمواطنين وتوحد جهودنا ضد الأرهاب. وننشرها على موقع يوتيوب حتى يتعرف الناس على انتصاراتنا التي تفضح الأبواق المظللة. لقد أثبت حضورنا على الأنترنت تقهقر داعش على صفحات التواصل الإجتماعي. فلم يعد للأكاذيب أن تنشر دون رد وأدلة تفندها، لذلك تجد تقلص المساحة الداعمة لهم على صفحات التواصل الإجتماعي. لكنهم مازالوا يتمتعون بشعبية في بعض الصفحات التابعة لهم، والتي لا تسمح لأي رأي يعارض أفكارهم، ومازالوا يحاولون بشتى الوسائل إحكام سيطرتهم على صفحات التواصل.
ولأننا نخوض معركة غير تقليدية، وليس لدينا جبهه محددة، علينا أن نوحد الجهود الأقليمية والدولية لمجابهة التنظيمات الإرهابية على الإنترنت. هذه الجبهه تعد من أهم الجبهات للعدو، حيث يتلقى التمويل وينشر الدعاية الكاذبة ويغرر بالشباب. يجب علينا قطع الطريق على العدو وعدم السماح لهم بنشر الأكاذيب وخداع الشباب ذوي الثقافة المحدودة، وزرع الكراهية والفكر المتشدد في بلداننا. تلك المعركة تستوجب تضافر جهودنا، لا سيما وأنهم يدخلون كل البيوت من خلال الإنترت، ويستخدمون الخطاب الديني لنصرة الفقراء والمستضعفين لكي يجندوا الشباب الذين يستخدمونهم في عمليات القتل والتدمير التي تشوه صورة الدين الإسلامي الحنيف.
فريق الإنترنت بقوة العمليات الخاصة العراقية يتصدى لدعايات العدو
يلعب فريق الأنترنت التابع للعمليات الخاصة العراقية دورا كبيرا لكسب ثقة المواطنين ورفع معنويات الجنود من خلال جمع ونشر معلومات مهمة عن جهوزية الجيش العراقي بصورة عامة وقوة مكافحة الأرهاب بصورة خاصة. المعلومات التي ينشرها الفريق ليست فقط ترفع من معنويات الجنود وتبعث الطمأنينة في قلوب المواطنين بل تزرع الرعب في قلوب أؤلائك الذين يحاولون العبث في الأمن والأستقرار.
أحد المواضيع المهمة التي نشرها الفريق هي معلومات عن وصول عدد من الدبابات الأبرامز، وأعطوا نبذه عن كفاءة الأبرامز القتالية وتقنيتها المتفوقة ومقاومتها لمضادات الدروع. كذلك نشروا تقارير عن صفقة المروحيات القتالية الأباتشي وعن قدراتها القتالية ودورها الفعال في جمع المعلومات وضرب الأهداف المتحركة والثابتة. بالأضافة الى نشر معلومات دقيقه عن صفقة الطائرات المقاتلة أف 16 والتي ستصل للعراق قريبا. كذلك عن المفاوضات للحصول على مروحيات النقل الأمريكية بلاك هوك. وحسب كلام فريق الأنترنت، فأن العراق يملك 12 طائرة استطلاع بدون طيار ويتفاوض للحصول على الطائرة بدون طيارالقتالية براديتور.
