رسالة عمّان تنقل وتؤكد مجدداً على قيم التسامح الإسلامية النبيلة، والاعتدال، والحوار والتعايش السلمي ضمن الأديان

من أسماء الله (السلام)، والإسلام لفظ مشتق من السلام، ولذلك فقد جعل الإسلام السلام تحيته وشعاره، فكانت تحية الإسلام: (السلام عليكم ورحمة الله)، وهذه التحية تعني: “أنت في أمان وسلام، ولن ترى مني ما يؤذيك”، والمسلم كما عرفه محمد صلى الله عليه وسلم: (من سلم الناس من لسانه ويده).
والإسلام هو امتداد للرسالات السماوية السابقة، فكل الأنبياء مكرمون ومعظمون، لا فرق بين إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد: (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) 2/285 فرسالة الإسلام جاءت لتؤكد ما جاء به الأنبياء السابقون، ومن هنا فستجد أن بعض مساجد المسلمين تحمل أسماء الأنبياء، فأكبر مسجد في إحدى المدن الأردنية واسمها مادبا اسمه (مسجد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام)، وهناك سورة في القرآن الكريم اسمها (سورة مريم) وهي السورة رقم 19.
والله تعالى يبين أن الغاية من الإسلام تحقيق الرحمة في الأرض، فيخاطب محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) 21/107، فكل ما ينافي الرحمة والعدل لا ينتمي لرسالة الإسلام.
والإسلام يقر بأن غير المسلمين مكون أساسي من مكونات المجتمع البشري، وأن التنوع والاختلاف هو سنة الله تعالى في الكون، قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) 11/118-119، والله يخبرنا بأن جميع البشر مكرمون مهما كان دينهم: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) 17/70.
ويبني الإسلام العلاقة مع غير المسلمين على البر والإحسان والمعاملة بقواعد العدل، فلا قتال حيث لا عدوان؛ التزاما بقول الله تعالى: {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} 60/8، وقوله تعالى : “وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين” 2/190.
والمسلم مأمور بالتعامل مع الآخرين والتعرف عليهم بما يحقق غاية وجوده، وهي إعمار الأرض والارتقاء بالحضارة الإنسانية بما يحقق مصلحة الناس، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} 49/13، والقاعدة العظيمة في ديننا أن:
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) 2/256 وأن: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ 109/6.
”رسالة عمان” وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام.
يتمتع الأردن بقيادة هاشمية تنتسب إلى النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم، وتحمل الفكر الإسلامي النقي الذي يمثل جوهر الإسلام، ومن هذا المنطلق قام جلالة الملك عبد الله الثاني بإطلاق (رسالة عمان) والتي تظهر (حقيقة الإسلام كما جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم).
بدأت “رسالة عمان” كبيان مفصّل أصدره صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2004م، في عمّان، الأردن. وغايتها أن تعلن على الملأ حقيقة الإسلام وما هو الإسلام الحقيقي ، وتنقية ما علق بالإسلام مما ليس فيه، والأعمال التي تمثّله وتلك التي لا تمثّله، وجاءت “رسالة عمان” في وقت أحوج ما تكون الأمة الإسلامية فيه إلى من يذكرها بما تضمنته حضارتها من القيم الإسلامية النبيلة مثل: التسامح، والاعتدال، والحوار، والتعايش السلمي بين الأديان. كما تسعى رسالة عمان إلى دحض الأفكار التي تدعو إلى العنف والفتنة باسم الدين، وهي أيضًا إجابة قوية لأولئك الذين يصورون الإسلام على أنه دين عنف وكراهية، ويسعون لإثارة الخوف من الإسلام والمشاعر المعادية للمسلمين.
