تعمل المملكة العربية السعودية وجيرانهاعلى بناء قوات قادرة على تجاوز المهام القتالية
إن تدفق 3 ملايين زائر إلى مدينة واحدة على مدى أسابيع قليلة هو أمر صعب التصور. ولكن المملكة العربية السعودية ترتقي إلى مستوى التحدي كل عام خلال موسم الحج السنوي إلى مكة المكرمة. ويتعين على الجيش والحكومة والقطاع الخاص العمل معاً بسلاسة لضمان أمن وإقامة ضيوف الرحمن، وهو الوصف الذي يطلقه المسلمون على حجاج بيت الله الحرام. ويحتاج الحجاج إلى الغذاء والسكن والمواصلات – والقائمة تطول وتطول. وخلال موسم الحج، يتوجب على الجيش والشرطة الحفاظ على بيئة آمنة ليس في المدينة المقدسة فحسب، بل في 11 منفذًا حدوديًا وثلاثة مطارات يعبر من خلالها ملايين الحجاج.
إن مسألة السلامة والأمن تبدأ عند القيام بإجراءات التأشيرة، فمراجعة الطلبات بعناية لمنع وصول مثيري الشغب المحتملين يتطلب تبادل المعلومات بين العديد من الوكالات الحكومية– محلياً ودولياً على حد سواء. ولا يتوقف التعاون بين الوكالات عند هذا الحد، لأن تبادل المعلومات هو أمر بالغ الأهمية لضمان النجاح.
وبالإضافة إلى معرفة هوية القادمين إلى البلاد، وإرشاد الناس إلى الأماكن المحددة، والحفاظ على سلامتهم، وتأمين المواقع المختلفة؛ يتعين على الجيش وسلطات تطبيق القانون وضع الخطط والتصرف بسرعة عند حدوث أي خلل.

”إن خدمة الحجاج هي مسؤولية كبـرى، “هذا ما قاله خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في تشرين الأول/أكتوبر 2014، أثناء قراءة رسالة إلى القوات المسلحة السعودية من الملك عبدالله بن عبد العزيز آل سعود –رحمه الله –-“أنتم مثلتم المملكة العربية السعودية بأفضل طريقة أمام ملايين الحجاج الذين أتوا من مناطق مختلفة من العالم”.
وفي التاريخ الحديث للحج، أحبطت القوات السعودية أعمال الشغب والهجمات الإرهابية التي هدفت إلى إفساد الحج على ضيوف الرحمن.
حاجة الجيوش إلى سعة الخبرة التي تتجاوز الوظائف القتالية التقليدية.
وليس سراً أن المتطرفين العنيفين يسعون إلى الدعم الشعبي من خلال إدعاء توفير الحكم الشمولي في المناطق النائية من العالم. ويحاول هؤلاء الخصوم خلق حكومات ظل لتضليل السكان الذين يسعون إلى خداعهم.وفي بعض الأحيان، لايستخدم هؤلاء المتعصبون الآيديولوجية في مناشداتهم، بل يقومون بإغراء المدنيين بالرعاية الصحية البدائية أو المدفوعات النقدية. وفي حالات فردية، يستغل المتطرفون المسؤولين الحكوميين عن طريق الرشوة لتحقيق غاياتهم.
يجب على القادة العسكريين التغلب على هذه العوائق وغيرها في سعيهم لدعم الحكم الرشيد.إن التنسيق بين المؤسسات العسكرية والأمنية والحكومية لاكتساب فهم شامل للبيئة الأمنية وإجراء تخطيط طويل المدى يمثل فرصًا وتحديات متزامنة في وقت واحد. وتشتمل العوائق التي تقف أمام ذلك: فساد المسؤولين، وإنعدام التنسيق بين المؤسسات، وإنعدام التنسيق وتبادل المعلومات مع الدول الأُخرى، والمجرمين والإرهابيين الذين يعملون على تقويض الإستقرار والإضرار بثقة الجمهور.
لمواجهة مثل تلك التهديدات؛ يتوجب على الجيوش تعزيز ﺴﻤﻌﺘﻬﺎ عن طريق إثبات جدارتها وأهليتها بالثقة. إن حملات مكافحة الفساد، وتعزيز شفافية الحكومة، والتعاون المدني العسكري، وتشريعات مكافحة الإرهاب هي جميعاً لبنات هامة لبناء قوة محترفة.
تعظيم شعائر الحج
تعظيم شعائر الحج لقد أوضحت تجربة المملكة العربية السعودية في ضمان الأمن والسلامة في المناطق المقدسة خلال موسم الحج مدى الحرفية العالية لقواتها.
وبتسميتها “دروع الأمة” من قبل الفريق عثمان بن ناصر المحرج، مدير الأمن العام في وزارة الداخلية، فإن قوات الأمن هي جزء أساسي من الأحداث.
ويوفر الجيش الأمن على طول الطريق للحجاج ونقاط الدخول. والعديد من هذه المداخل – بما في ذلك المعابر الأربعة البرية على طول الحدود اليمنية –مقفرة إلى حد بعيد. كما يستخدم الجنود المتمركزين في قاعدة الملك فهد الجوية الطائرات ذات الأجنحة الدوارة لتزويد قوات الأمن باستطلاع جوي للتنقلات والطرقات التي يسلكها الحجاج. فضلًا عن مساعدة شرطة المرور في الحد من الإختناقات المرورية.
وفي عام 2014 ساعد ما يقرب من 70,000 من أفراد الجيش والأمن في حماية الحشود خلال موسم الحج.
وقال اللواء منصور التركي، المتحدث باسم وزارة الداخلية في موسم حج عام 2014 “لقد واجهنا تنظيم القاعدة في المملكة العربية السعودية وهزمناهم”، “ولكن بالطبع في نفس الوقت، ما زلنا ننظر إلى تهديديها على أنه تهديد متواصل؛ وبالتالي قمنا بوضع جاهزية أمننا موضع تنفيذ على جميع حدود المملكة العربية السعودية”.
وتستخدم الفرق العسكرية والأمنية آلاف الكاميرات الأمنية للمساعدة في مراقبة الحشود- ويعد برنامج التعرف على الوجوه أداةً إضافية تستخدم لتحديد المجرمين والإرهابيين المعروفين. وخلال هذه الأحداث، توضع فرق الجيش الطبية في حالة تأهب قصوى للمساعدة في إخلاء الجرحى في حالة وقوع كارثة طبيعية أومن صنع الإنسان. ويعمل غواصو البحرية جنباً إلى جنب مع الدفاع المدني لتوفير القوارب المطاطية، والقيام بجهود البحث والإنقاذ في حالة الفيضانات، نظرًا لأن مدينة مكة المكرمة تقع في حضن أحد الوديان المعرضة للفيضانات أثناء الأمطار الموسمية الغزيرة.
ويساعد الجنود السعوديين في إقامة المخيمات للحجاج خارج المدينة المقدسة ويوزعون حزم المواد التموينية على السكان. كما أن قيام هؤلاء العسكريين بتقديم الخدمات اللوجستية (الامداد والنقل) ويساعد على توفير إقامة ممتعة للملايين من زوار الأماكن المقدسة.
