أول رئيسة مركز شرطة في أفغانستان تتولى القيادة في قلب كابول
أسرة يونيباث | الصور من أسوشييتد برس
تضم منطقة شرطة كابول التي ترأسها الجنرال جميلة بیاض بعضاً من أهم الأحياء في عموم أفغانستان. وإذا لم يكن القصر الجمهوري، والوزارات الحكومية والبنك المركزي للبلاد كافياً، فإن الجنرال مسؤولة أيضاً عن توفير الأمن لبعض من أهم بازارات البلاد وأسواق صرف العملات.
والجنرال بیاض، ضابطة الشرطة المحترفة التي ساعدتها خدمتها الاستثنائية في الصعود إلى قمة الهرم الشرطي، جزء من فيلق النخبة النسائية في قوة يظل قرابة 99 بالمائة من أفرادها من الذكور. وكانت ترقيتها إلى رئيس منطقة شرطية في نيسان/ إبريل 2014 – وهو دور تقود من خلاله 400 ضابط – بمثابة معلم هام في أمن البلاد.
قالت الجنرال لمجلة يونيباث، “قررت الانضمام إلى قوة الشرطة عام 1978 بعد تخرجي من المدرسة الثانوية وقبولي في كل من كلية الهندسة وأكاديمية الشرطة. شعرت بقوة بانجذاب نحو ارتداء زي الشرطة وخدمة الشعب الأفغاني كضابطة شرطة. كان من دواعي شرفي شق طريقي إلى أعلى الرتب من خلال إظهار الأداء الرفيع وكسب ثقة زملائي”.
![Gen. Bayaz talks to officers at a checkpoint in Kabul in 2014. [the associated press]](https://unipath-magazine.com/wp-content/uploads/2015/02/Jamilla1.jpg)
والجنرال بیاض ضابطة شرطة من الجيل الثاني سارت على خطى والدها. وهي كأم لخمسة أطفال، نجحت في تحقيق التوازن بين حياتها المنزلية وحياتها المهنية. ومنذ تحرير البلاد من حركة طالبان، أصبحت خبيرة في مكافحة المخدرات. وتشعر الجنرال بیاض، وهي تقوم بجولاتها مرتدية الزي الرمادي المكوي ووشاح الرأس الأسود، بأنها موضع ترحيب ليس من جانب زملائها وحسب، وإنما من جانب المجتمع الأكبر الذي تخدمه.
تؤدي ما يقرب من 1600 من ضابطات الشرطة واجبات مهمة في هذا المجتمع التقليدي إلى حد كبير. وقد تشعر ضحايا الجريمة من الإناث براحة أكبر في الحديث إلى ضابطة شرطة. كما تستطيع النساء تفتيش مناطق هي تقليدياً خارج الحدود المسموح بها للرجال.
قالت الجنرال بیاض، “إنني لم أصادف رد فعل سلبياً واضحاً من جانب المجتمع الأفغاني تجاه وجودي كضابطة شرطة أو دور النساء في هذا الصدد. على العكس من ذلك، فقد تلقيت التشجيع والدعم ككل، لا سيما من نساء أفغانيات أخريات ومن الزملاء بصورة عامة”.
كان بناء الاحتراف في قوة الشرطة – وفي قوات الأمن الوطني الأفغاني ككل– بمثابة عشق للجنرال بیاض، مثلما هو بالنسبة للكثير من رؤساء الشرطة الآخرين. وما مكافحة التطرف العنيف والمجرمين الذين حاولوا الاستفادة من عقود من الصراع في أفغانستان، إلا جزء من هذه المهمة. وعلى نفس القدر من الأهمية بناء الثقة بين السكان المتلهفين إلى الاستقرار والسلام.
في هذا الصدد، أشادت الجنرال بالمجتمع الدولي لتوفيره العتاد والتدريب للمساعدة في تحديث قوات الشرطة الوطنية الأفغانية. وفي رأي الجنرال بیاض، فإن عملية التحسين هذه لم تأخد مجراها بعد.
قالت بیاض لمجلة يونيباث، “إن تحقيق أمن واستقرار أفغانستان يتطلب جهوداً متواصلة لإزالة العقبات التي تقوض مصداقية وقدرة قواتنا الأمنية على تلبية احتياجات الشعب الأفغاني وكسب ثقته ودعمه. ومن الواضح أن الحاجة لا تزال تقتضي أن يوفر المجتمع الدولي الموارد، والتدريب والمساعدة إلى أن نتغلب على هذه التحديات المتعددة الأبعاد من أجل تحسين الأداء”.
![Gen. Jamila Bayaz says she is proud to serve her country and be a role model for other women. [the associated press]](https://unipath-magazine.com/wp-content/uploads/2015/02/Jamilla2.jpg)
والعلامات المشجعة كثيرة. وتستشهد الجنرال بیاض بالأمن الذي توفر أثناء الانتخابات الأفغانية في نيسان/ إبريل 2014 كدليل على أن القوات تؤدي مهمتها على أعلى مستوى. وتقول، “حتى قبل الانتخابات الرئاسية، تم إجراء تقييم لتخطيط والتنفيذ قوات الأمن الوطني الأفغاني منذ تولت زمام القيادة في القتال، وأوضح هذا التقييم جاهزيتها ورغبتها في تحقيق السلام وإقامة الحكم الرشيد حتى في المناطق النائية من البلاد”.
”ورغم هذا التقدم، فإن الطلب على التدريب التقليدي والمعدات اللازمين لتنظيم وتنفيذ العمليات اللوجستية لا يزال حيوياً، فيما تؤدي وحدات الشرطة الوطنية الأفغانية عملها الشاق لحماية البلاد من المتطرفين والعصابات الإجرامية وترسيخ العلاقات بين أفراد المجتمع”.
والشرطة ليست هي المجال الوحيد الذي حققت فيها الفتيات والنساء الأفغانيات طفرات كبيرة منذ تمت الإطاحة بالحكم الوحشي لحركة طالبان. فنحو ثلث الفتيات يلتحقن الآن بالمدارس الابتدائية، بينما التحق عشرات الآلاف بالمدارس الثانوية والكليات الجامعية. وأدى انتشار العيادات الجديدة إلى تحسين الصحة في جميع أنحاء البلاد. وطبقاً للبنك الدولي، انخفضت النسبة المئوية للوفيات بين النساء الأفغانيات أثناء الولادة بنحو 80 بالمائة منذ عام 2000. وتعمل النساء كوزيرات في الحكومة ويملأن قاعات البرلمان.
ولكن قوى الفوضى والقمع لا زالت تحوّم في الخلفية. ففي العام الماضي قُتل عدد من ضابطات الشرطة الأفغانيات، وتتجول الجنرال بياض، بما يليق بمكانتها الرفيعة، بصحبة حارس شخصي، عبر منطقتها التي تضم أكثر من مليون نسمة. وروت كيف طُردت من وظيفتها أيام حكم طالبان، لمجرد أنها امرأة. وتلت ذلك إهانات أخرى، من بينها تعرضها للضرب لكشفها عن كاحلها في الأماكن العامة.
ومن المرجح أن تخدم الجنرال بياض مع عدد أكبر من ضابطات الشرطة في المستقبل. فالحكومة الأفغانية تريد زيادة توظيف الإناث إلى 5000 ضابطة شرطة على الأقل. وفي هذا الصدد، تقدم منظمات دولية مثل الأمم المتحدة يد المساعدة. وفيما تستذكر بياض خدمتها الشرطية التي امتدت 30 عاماً، فإنها تعرب عن تقديرها لكونها استطاعت مساعدة بلادها عبر فترة صعبة وأصبحت بمثابة قدوة.
قالت، “إن الالتزام الأخلاقي والمهني بخدمة الشعب الأفغاني هو الذي يبعث في النشاط، رغم المخاطر والتحديات اليومية”. F
سكان خوست يشيدون بالشرطة
المقالة والصور لفرزان إبراهيمي/ رئيس تحرير
تتفاعل الشرطة الوطنية الأفغانية، مقارنة بقوات أمنية اخرى، مع المواطنين العاديين بصورة أكبر. فالشرطة تنهض بمسؤولية هائلة لأنها تتعامل مع طائفة واسعة من التحديات الأمنية والخدمة العامة على أساس يومي – من مكافحة الإرهاب إلى الإغاثة من الكوارث.
وفي الآونة الأخيرة تحدثت مجلة صداى آزادى إلى سكان إقليم خوست عن وجهات نظرهم تجاه الأمن ومهنية الشرطة الوطنية الأفغانية.
استجاب معظمهم على نحو إيجابي وقالوا إنهم سعداء بأداء أفراد الشرطة وسلوكهم المهني. وأشاروا تحديداً إلى التحسن في مهنية الشرطة. وقال كثيرون إن الشرطة الوطنية الأفغانية أفضل تجهيزاً الآن لتوفير الأمن والتمسك بسيادة القانون.
قال عبد الجميل، وهو صاحب متجر في وسط مدينة خوست المكتظة بالسكان، إنه كثيراً ما يتفاعل مع الأفراد المكلفين بتطبيق القانون، “لاحظت عدداً أكبر من الشرطة يوفرون لنا الحماية الآن. هناك عشرات من الضباط بملابس مدنية يحولون دون ارتكاب الإرهابيين والمجرمين أعمال عنف أو سرقتنا”.
وقال عبد الجميل إن موقف الشرطة وقدراتها تحسنت، وأن الانتهاكات الأمنية انخفضت بشكل ملحوظ. وأضاف، “يمكننا الآن أن نثق في قواتنا الأمنية. واستطيع القول بأن الناس سعداء جداً بها”.
