كازاخستان تستخدم نهجًا متعدد التخصصات
الدكتورة إيرينا شيرنيك،
كبير زملاء الأبحاث، المعهد الكازاخستاني للدراسات الاستراتيجية
كازاخستان حاليًا استراتيجيتين رئيسيتين للتعامل مع العنف المتطرف والإرهاب: وهما إنفاذ القانون للقضاء على العدو ماديًا واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة بحيث يصعب تمامًا على البُنى الإرهابية العمل بشكل صحيح — تدابير توعية السكان في المقام الأول.
وينص المبدأ التوجيهي للحكومة الكازاخستانية على أن استخدام العنف وحده، دون اتخاذ تدابير إضافية، لا يمكن أن يُحقق نتائج في عملية مكافحة الإرهاب، بل يمكن أن يؤدي إلى نتائج أكثر خطورة، حيث إنه لا يقضي على الظروف التي نتجت عنها الأعمال الإرهابية هذه. ويعمل هذا المبدأ بمثابة نقطة إنطلاق لانتقال البلاد من مفهوم مكافحة الإرهاب إلى مفهوم أكثر شمولية لمواجهة التطرف.
الراديكاليّة في كازاخستان
يُستخدم مصطلح “الراديكاليّة” على نطاق واسع حاليًا. ويستمد المفهوم شعبيته من طبيعته الوصفية من حيث أسباب الإرهاب والعوامل التي تدفع إلى أعمال الإرهاب هذه. فابتداءً من عام 2004، وخاصة في عام 2005، وعقب الهجمات التي وقعت في مدريد ولندن على التوالي، أصبح مصطلح الراديكاليّة محور الاهتمام الأول في عملية تحليل سياسات الإرهاب ومكافحته.
وفي كازاخستان، أصبح مصطلح الراديكاليّة يُستخدم بصورة منتظمة نسبيًا في عام 2011، عندما هزت البلاد سلسلة من أعمال العنف، التي أرجع العامة والخبراء السبب في حدوث معظمها إلى الإرهاب. فعلى سبيل المثال، في 4 تموز/يوليو عام 2011، عرضت القناة التلفزيونية “ستان تي في” مقطع فيديو بعنوان كازاخستان: خطرالراديكاليّةالإسلامية وركزت على الهجوم الذي حدث على قوات الشرطة في أكتوبي. وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2012، سلط النائب الأول للمدّعي العام أيوجان ميركل الضوء على الراديكاليّة الدينية في كازاخستان خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب. وبحلول منتصف عام 2010، أدرج مصطلح الراديكاليّة ضمن المفردات السياسية والأكاديمية والصحفية.
مكافحة الدعايات الإرهابية
اعتمدت مكافحة الدعايات الإرهابية في كازاخستان على أساس التشريعات ذات الصلة التي تنظم أنشطة مكافحة الإرهاب في البلاد. وتعج القوانين المعمول بها في هذا المجال شاملة إلى حد بعيد ولا تحتاج سوى إلى تعديلات طفيفة. وهناك أيضًا برنامج الدولة المعني بمكافحة التطرف الديني والإرهاب للفترة من 2013 – 2017، والذي يضع مجموعة من التدابير الهادفة إلى الحد من الظروف التي تعزز التطرف الديني والإرهاب، ويوفر منصة لإدخال تحسينات مستمرة على أداء أجهزة الدولة.
ويمكن تقسيم المؤسسات التي تصيغ روايات مكافحة الإرهاب في كازاخستان إلى مجموعتين:

وكالة الأنباء الفرنسية/جيتي اميدجز
العلمانية (جمعية الشعب الكازاخستاني وجهاز الشؤون الدينية ومركز مكافحة الإرهاب التابع للجنة الأمن القومي والمنظمات غير الحكومية ومراكز لدراسة الدين ومؤسسات التعليم الثانوي والعالي ووسائل الإعلام).
الدينية (الإدارة الروحية لمسلمي كازاخستان وأئمة المساجد المحليين).
جمعية الشعب الكازاخستاني
بوصفها هيئة استشارية تابعة للرئيس، تعد جمعية الشعب الكازخستاني من بين البُنى الأساسية التي تصيغ أفكار الوحدة الروحية وتروج لها؛ وتعمل على تعزيز روابط الصداقة بين الدول والأعراق والطوائف وتقويتها ودعم استقرار المجتمع. وفي الواقع، تتشكَل مكافحة الدعايات الإرهابية كجزء من مفهوم تعزيز هوية ووحدة الشعب الكازخستاني وتطويرها (2015)، ويمكن تلخيصها في الأمثلة التالية:
تعتمد الهوية والوحدة الكازاخستانية على أساس من قيمنا المشتركة القائمة على التنوع الثقافي والعرقي واللغوي والديني.
الهوية والوحدة الكازاخستانية هي عملية مستمرة بين الأجيال تعتمد على حقيقة أن كل مواطن، بغض النظر عن عرقه، قد ربط مصيره ومستقبله بكازاخستان. ومجتمعنا متحدٌ في ماض مشترك وحاضر مشترك ومسؤولية مشتركة للمستقبل. ونحن نتشارك دولة واحدة ووطن واحد: كازاخستان المستقلة.
لجـنة الشـؤون الدينية
تضع لجنة الشؤون الدينية التابعة لوزارة الثقافة والرياضة سياسات الدولة المصممة لحماية الحرية الدينية وتعمل مع المنظمات الدينية على تنفيذها، وتعد كذلك مقترحات لتحسين التشريعات ذات الصلة، وتجري إجراءات توعية تعليمية مناسبة، وتعكف على تحليل الوضع الديني في البلاد وتجري تقييمات له.
وقد ركزت مجموعات التوعية التعليمية على حماية الحرية الدينية ومنع التطرف وتوفير قنوات لنشر مكافحة الروايات الإرهابية، وذلك جنبًا إلى جنب مع المصادر الثقافية والتعليمية المتوفرة على شبكة الإنترنت مثل موقع e-islam.kz والخط الساخن الخاص بالقضايا المتعلقة بالدين. كما يراقب علماء الدين أيضًا الموارد المتاحة على الإنترنت لمنع نشر المحتويات المتطرفة وغلق مواقع الويب المخالفة. وتذكر اللجنة أنه تم تحليل ما يزيد عن 7.000 موقع في عام 2015 وتم اكتشاف 177 مورد متطرف وتمت إحالة تلك الموارد إلى المحكمة.
ويمكن العثور على أمثلة عن مكافحة الروايات الإرهابية الصادرة عن لجنة الشؤون الدينية في البيانات الصادرة من رئيس مجلس إدارة اللجنة، جاليم شويكن:
”منذ البداية، توصلت بلادنا إلى أن الإجابة الصحيحة الوحيدة: هي العلمانية، التي تسمح للأفراد من الأعراق والطوائف المختلفة بالعيش في سلام ووفاق.”
”جميع الجمعيات الدينية متساوية في الحقوق والمسؤوليات، وبغض النظر عن عقيدتهم، تتحمل جميعها نفس القدر من المسؤولية عن الإجراءات غير القانونية تبعًا لما ينص عليه القانون.”
الإدارة الروحية لمسلمي كازاخستان
تمثل الإدارة الروحية لمسلمي كازاخستان الإسلام الصحيح. فبجذورها التي تعود إلى العهد السوفيتي، هي تعمل بمثابة جمعية دينية إسلامية وطنية لها فروع في جميع مناطق البلاد. توفر التدابير التالية قنوات لنشر مكافحة الدعايات الإرهابية:
وضع نظام خاص للتعليم الديني بالبلاد (من خلال 10 مدارس وجامعة واحدة).
منح شهادات لأئمة المساجد في البلاد ودعم نظام التدريب المهني لهم، والذي يتضمن توضيح للتشريعات الدينية المعمول بها في البلاد واتخاذ خطوات محددة لمنع نشر الأفكار المتطرفة (التحق بهذا التدريب 1.400 إمام في عام 2015).
مجموعات التوعية التعليمية الوطنية والإقليمية التي تعمل مع سكان البلاد المتدينين.
نشر المواد التعليمية الدينية (41 عنوان في عام 2015) ومواقع الويب (www.muftyat.kz ،www.muslim.kz).
يمكن العثور على أمثلة عن مكافحة الدعايات الإرهابية في البيانات الصادرة عن المفتي الأعلى في كازاخستان، إيرزان كازي مالكجيلي:
”لا يمكننا القول بأن الدين منفصل عن الدولة، لأن الدولة تتكون من مجتمع، والمجتمع لا يمكن تصوره دون دين. … الدين منفصل عن السياسة. وهذا ما يجب علينا توضيحه. ينبغي عدم إدخال الدين في السياسة. وينبغي عدم استخدامه كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية.”
”لقد كان لأسلافنا … هدف واحد فقط: هو الحفاظ على الأمة.”
المنظمات غير الحكومية
تركز العديد من المنظمات غير الحكومية التي تعمل في كازاخستان على منع التطرف العنيف والإرهاب ومواجهتهما. وتعمل هذه المنظمات مع مجموعات مناقشة مختلفة:
مدانون محكوم عليهم يقضون عقوبات السجن نظرًا لمشاركتهم في أعمال التطرف الديني والإرهاب (أكنيت).
المسلمون المتدينون (على مستوى الجماعات والمسجد والأُسر؛ شابجات، أنصار، نيرلي، بيليم).

الوكالة الأوروبية للصور الصحفية