وزارة الشباب والرياضة اليمنية تساعد على حماية الشباب من التطرف
معمر مطهر الإرياني/وزير الشباب والرياضة اليمني السابق
لم يمكن تسلمي حقيبة الشباب والرياضة العام 2012م بداية اهتمامي بهذه الشريحة الهامة في المجتمع، بل اعتقد أن هذه المرحلة الفارقة في حياتي جاءت تتويجاً لعدد من المحطات التي مررت بها، ونال ملف (الشباب، الرياضة) الحيز الأكبر من الاهتمام منذ كنت كشافاً في الحركة الكشفية والإرشادية.
وإدراكا للأهمية التي تمثلها شريحة الشباب باعتبارهم يمثلون الأغلبية من قوام المجتمع، حيث تشير آخر الإحصائيات إلى أن الشباب أصغر من 24 عامًا يشكلون ما حجمه % 63 من السكان، وكونهم كذلك رهان الحاضر وعماد المستقبل ومعاول.
إنني على إيمان مطلق بأن النشاط الرياضي هو حاجة ماسة للتكوين النفسي والبدني للشباب، فهذا النشاط كفيل بإبقاء الشباب مشغولين وبعيدين عن براثن الإرهابيين والمتطرفين الذين يرغبون في تجنيدهم.

علاوة على ذلك، يجب إقامة الشراكات والتشبيك بين مختلف الجهات ذات العلاقة (الإعلامية، التربوية، الشبابية، والرياضية، المنابر الدينية، الجامعات، المؤسسات، والمنظمات الشبابية والرياضية) عبر إعداد رؤية شاملة للتوعية بمخاطر التطرف والارهاب. وقد أكدت مراراً وتكراراً على دور التعليم في مكافحة التطرف العنيف والإرهاب. إن التعليم يلعب دوراً حاسماً في مساعدة الاطفال واليافعين والشباب على إدراك مخاطر الأيديولوجيات المتطرفة، لذا أحث المدارس على مناقشة هذه القضايا بشكل كامل في مناهجها الدراسية. وستمكننا هذه الرؤية الشاملة لرفع الوعي بمخاطر التطرف والإرهاب من مكافحة هذه الظاهرة وتوفير الأمن والاستقرار الذي ينشده كل اليمنيين.
التعاون بين الوكالات
حرصاً منا على مساعدة وتوجيه الشباب، عملت مع زملائي في الإتحاد العام لشباب اليمن منذ إنشاء هذا الكيان المدني— الذي يعد الأكبر في اليمن— على خدمة قضايا الشباب عبر تنظيم ورش العمل، والندوات، والملتقيات، والمهرجانات، والمخيمات، والتجمعات الشبابية. وتهدف تلك الأنشطة إلى صقل مهارات الشباب، وإبراز إبداعاتهم، وتوعيتهم تجاه قضاياهم، ومكافحة التطرف والتعصب والغلو، وتحصينهم ضد استقطاب الجماعات الإرهابية عبر تجسيد ثقافة القبول بالآخر ونشر قيم المحبة والتعايش والسلام.
ولعل حالة الشبه انعزال التي عاشها ويعيشها الشباب اليمني كانت ولا تزال أحد الروافد الرئيسية لذلك الاستقطاب من قبل الإرهابيين والمتطرفين، بالإضافة إلى الحالة الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة، حيث تشير التقارير والدراسات أن أهم أماكن الاستقطاب هي المناطق والأحياء الفقيرة وكذلك بعض المناطق الريفية التي ينعدم فيها النشاط الشبابي والرياضي، مما يترك الشباب فريسة للأفكار المتطرفة.
كما أننا وبحدود إمكانياتنا المتواضعة في اتحاد الشباب اليمني عملنا على إشراك الشباب في عدد من الملتقيات الدولية في (أوروبا، أفريقيا، آسيا) وذلك ضمن أهداف الإتحاد في إدماج الشباب اليمني مع أقرانهم من مختلف دول العالم، وتغيير النظرة السلبية لدى الطرفين، وتعزيز ثقافة الحوار والتعايش والتسامح والتكامل بين الأمم والحضارات، ولاحظنا في قيادة الإتحاد التغيير الكبير الذي حصل لهم بعد هذه المشاركات الخارجية كونهم تعرفوا على أقرانهم واستطاعوا نسج الصداقات وإذابة الحواجز التي كانت قد تراكمت بفعل المعتقدات والأفكار الخاطئة.
البث الإذاعي
لقد جاء إنشاء راديو (اف ام شباب) في العام 2007م كأحد ثمار المبادرات الشبابية التي كان للإتحاد العام لشباب اليمن شرف تبنيها ورعايتها حتى وصلت لما هي عليه اليوم، وأصبح واحداً من أهم المنابر الإعلامية الحرة للشباب للتعبير عن رؤاهم وطموحاتهم وأفكارهم بصورة كاملة ودون أي قيود وبعيداً عن الرقابة المسبقة أو مقص الرقيب أو أي تدخلات سياسية أو حزبية أو محاذير إجتماعية.
وما أتمناه أن يستمر الدعم والرعاية لهذه المبادرة الشبابية الرائعة والتي أثبت من خلالها الشباب أنهم قادرون على العطاء والتغيير، وأنهم جديرون بالثقة وقادرون على تحمل مسئولية التصدي لرسالتهم والدفاع عن قضاياهم بكامل الحرية ليستطيعوا استهداف شريحة كبيرة من شريحة الشباب والتأثير عليها بشكل إيجابي، حيث استطاع الراديو أن يصل بحسب استطلاع تم إجراؤه مؤخراً للإذاعات المحلية إلى ما يزيد عن (مائة وخمسين الف متابع) تناول من خلالها مواضيع الإرهاب والتطرف كأهم القضايا التي تبناها في برامجه وتوعية الشباب بمخاطر هذه الآفة.
كما تبني راديو (اف ام شباب) العديد من الأنشطة والبرامج التي تخدم المجتمع، وشارك في العديد من الفعاليات والأنشطة التطوعية التي تبث روح العطاء وترسخ مبدأ زرع الأمل في نفوس الشباب اليمني، ليقولوا للعالم بصوت عالي ومسموع (نحن هنا) .
إعادة بناء وزارة الشباب والرياضة

جاء تسلمي لحقيبة وزارة الشباب والرياضة في العام 2012م، في ظل ظروف صعبة مرت بها اليمن. فلقد تركت أحداث الربيع العربي تداعيات وآثاراً متباينة على الصُعد السياسية، والإجتماعية، والإقتصادية، والأمنية؛ إلا أن قبولنا بالمهمة حينها كان إيماناً منا بالقضية التي حملناها على عاتقنا منذ أعوام في تبني قضايا الشباب مهما كانت الظروف والمعطيات والظروف.
ومنذ اليوم الأول لتولينا مهام الوزارة، وبحدود الإمكانيات المتاحة، فقد بذلنا الجهود لإعادة بناء المنشآت الرياضية والصالات المغلقة التي دمرت في أحداث العام 2011م، وإطلاق الأنشطة الرياضية التي كانت قد توقفت بفعل الأوضاع الأمنية غير المستقرة وإعادة الروح لدوري كرة القدم بعد توقف دام عامين.
وإدراكاً منا بأهمية المرأة كونها نصف المجتمع، وإذا ما تم إشراكها فسوف تلعب دوراً رئيسياً وأساسياً في التوعية بمخاطر الإرهاب والتطرف، فقد قمنا بإشراك المرأة وإعطائها دوراً هاماً في الأنشطة الرياضية إلى جانب أخيها الرجل، واتخذنا من الخطوات والقرارات ما يعمل على النهوض بالرياضة النسوية وتوسيعها لتشمل مختلف الألعاب الرياضية، وتكليف اتحاد الرياضة النسوية بتنظيم المسابقات المحلية وإشراك لاعبات اليمن في المسابقات الخارجية.
كما أن وزارة الشباب والرياضة تمتلك الكثير من المشاريع والخطط الإستراتيجية الرامية إلى تعزيز الاهتمام بالنشء والشباب، وتلمس همومهم واحتياجاتهم وتطلعاتهم. كما تهدف تلك المشاريع إلى تهيئة الظروف لممارسة الألعاب، والمشاركة في البطولات والمسابقات الرياضية المختلفة بهدف شغل أوقات فراغهم وتجنبيهم مخاطر التأثر والانزلاق خلف الأفكار المتطرفة والجماعات الارهابية.
فضلاً عن ذلك، تسعى الوزارة إلى توفير المناخات الاقتصادية والاجتماعية الملائمة للشباب، بغرض النهوض بأوضاعهم وبما يحقق الاستقرار ويعزز اللحمة الوطنية، من خلال ما يلي:
نطمح خلال الفترة (2013-2015م) للحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشروع إنجاز وتجهيز (100) ملعب ومرفق رياضي للشباب اليمني على مستوى مختلف مديريات الجمهورية اليمنية، حيث قدمنا خطة متكاملة لبناء تلك الملاعب.
تنظيم الأنشطة الرياضية والمهرجانات الشبابية والثقافية، التي من شأنها تعزيز الاستفادة من الوقت، واستغلال الطاقات الكامنة لدى الشباب، وحمايتهم من الشعور بالفراغ والانحراف الذي تستغله الجماعات المتطرفة.
إقامة البرامج والأنشطة التي تهتم بمكافحة الإرهاب والتطرف، وتوزيع الكتيبات والمنشورات التي تساهم في توعية الشباب بمخاطر التنظيمات الإرهابية والأفكار المتطرفة.
تطوير الآليات الكفيلة بإشراك شريحة الشباب في عملية صنع القرار وذلك من خلال تشكيل اللجنة الاستشارية الشبابية لوزارة الشباب والرياضة.
خلال عام 2013 قمنا بتنفيذ الأولمبياد المدرسي وإقامة دوري الأحياء، الذي أحد أهم أهدافهما شغل أوقات الطلاب وتوعيتهم بمخاطر الإرهاب والتطرف.
دعم الرياضة النسوية في مختلف الألعاب الرياضية، حيث لدينا الطموح والإصرار لتوسيع قاعدة المشاركة في هذه الأنشطة لتشمل كل المديريات والمحافظات.
توفير الدعم اللازم لعقد المؤتمر العام لتشغيل الشباب، والذي من شأنه تقليص فجوة البطالة، وإيجاد فرص عمل للشباب، وإشراك القطاع الخاص والحكومي والمجتمع المدني في إيجاد حلول لمشكلة البطالة.
المساعدات الدولية
من المؤسف أن مؤتمر المانحين الذي عقدته الدول الصديقة لليمن لم يقدم للشباب اليمني أي مبادرة ملموسة سوى مشروع (تشغيل الشباب) الذي لا يزال حبراً على ورق حتى يومنا هذا، رغم أن الشباب هم ركيزة التغيير ومعول البناء ومحور التنمية، وهم الذين صنعوا التغيير وقدموا الكثير من التضحيات، ولا زالوا بانتظار أن تتحقق آمالهم في أرض الواقع. وأن تترجم أهداف ثورتهم في دولة مدنية حديثة تضمن المواطنة المتساوية وتهتم بشريحة الشباب وتلبي طموحاتهم وتشركهم في صناعة القرار.
