توحيد جهود الجيش والمدنيين لمساعدة الملايين من نازحي الحروب
أسرة يونيباث
لقد تطورت أزمة اللاجئين السوريين الجارية لتصبح واحدة من أكبر وأعقد عمليات المساعدات التي شهدتها دول الشرق الأوسط والمنظمات الإنسانية.
ويُقدّر عدد السوريين النازحين عبر الحدود بنحو 4.5 مليون سوري، و6.5 مليون آخرين نزحوا من بيوتهم ولكنهم محاصرين في بلد مزقته الحروب. ويمثل الأطفال نصف إجمالي عدد النازحين السوريين.
وتتضح ضخامة التحديات في الدول المجاورة مثل لبنان والأردن، حيث استقر الملايين فيها، وفي غيرها من بلدان الشرق الأوسط الأخرى التي ترغب في مساعدة الأشخاص الذين في حاجة إلى الطعام والرعاية الصحية والاحتياجات الأساسية الأخرى.
ووافقت خمس دول وهي، لبنان والأردن والعراق ومصر وتركيا، على استقبال الغالبية العظمى من اللاجئين. بينما قدمت دول أخرى، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ملايين الدولارات على هيئة مساعدات ودعم للاجئين. وقد ساهمت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية أيضًا بالأموال من أجل البرامج الإنسانية.
وفي جميع أنحاء المنطقة، تكاتفت المنظمات العسكرية والمدنية لمضاعفة جهودها في هذا السياق.
لبنـان
استقر ما يزيد عن مليون لاجئ سوري في لبنان، وهو ما يعادل ربع إجمالي عدد سكان البلد تقريبًا. وفي الوقت الذي يعيش فيه بعض اللاجئين في مخيمات بالقرب من الحدود السوري، اندمج آخرون كثيرون في المجتمعات القائمة.

وتتعاون القوات المسلحة اللبنانية والوكالات المدنية سويًا من أجل تلبية الاحتياجات الضخمة لهذا العدد الهائل من السكان النازحين.
واعترافًا بالحاجة إلى تنسيق أعمال الإغاثة، أنشأت القوات المسلحة اللبنانية في عام 2012 قسم التعاون العسكري المدني للإشراف على جهود الإغاثة المتعددة. وفي عام 2015، تم ترقية هذا القسم إلى مديرية ساعدت على إنشاء عيادات طبية، وتوفير مستلزمات المدارس للأطفال، والارتقاء بالعديد من مراكز التنمية الاجتماعية، وتجديد المدارس والمباني الحكومية والبنية التحتية.
وقال المساعد في القوات المسلحة اللبنانية، علي سيف الدين، إن جهود المساعدات العسكرية تعد كبيرة بما يفوق المساعدة المقدمة للاجئين.
وأكد سيف الدين قائلا، ” بالنسبة لنا، من المهم جدًا إظهار أن دور الجيش لا يقتصر على حماية الحدود ومكافحة الإرهاب،” “وإنما يتعدى ذلك ليشمل الجانب الاجتماعي.”
وبأي حال من الأحوال، فإن الجهود الإنسانية لا تقتصر على الجيش فحسب. فوزارة التعليم اللبنانية فتحت المدارس الحكومية للاجئين، وبالرغم من عدم القدرة على الوصول إلى جميع الأطفال، يُقدّر عدد الأطفال المسجلين من سن الروضة وحتى الصف التاسع نحو 158,000 طالب في نظام التعليم العام في لبنان.
وتتعاون شبكة المساعدات الطارئة اللبنانية الرسمية مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) في تنسيق المساعدات التي تتلقاها من المنظمات الدولية وغيرها.
كما يقدم المجتمع اللبناني إسهامات هو الآخر، حيث تعمل ما يقرب من 30 منظمة خيرية لبنانية غير حكومية في شمال لبنان على تقديم المساعدات للاجئين، وفقًا لما ذكره مركز سياسات الهجرة الموجود في إيطاليا.
واختارت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين الشعب اللبناني لتقدم له الشكر على جهوده. “كان الشعب اللبناني … أول مستجيب حقيقي للأزمة، حيث أظهر تضامنًا رائعًا من خلال الترحيب، والإيواء، وتقديم الخدمات، والدعم بالرغم من أنه في العديد من الحالات كانت احتياجاته الخاصة مرتفعة بالفعل.” حسبما ذكر تقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين.
الأردن
مثل لبنان، إن قرب الأردن من سوريا قد دفع بالبلد إلى قلب أزمة اللاجئين. حيث يقدر عدد السوريين الذين طلبوا اللجوء إلى الأردن بنحو 635,000 لاجئ تقريبًا، ما زاد من إجمالي عدد سكان البلد بنسبة تقترب من 10 بالمئة.
واستجابت القوات المسلحة الأردنية بحسن الضيافة، حيث خففت من مخاوف اللاجئين من الصغار وكبار السن. وفر الجنود المياه والطعام، ووفر الأطباء والممرضات العسكريون الرعاية الطبية والدواء. وقد وفرت تلك الجهود إحساسًا بالسلام لهؤلاء اللاجئين الذين مزقتهم الحروب الساعين للحصول على المساعدة.
ذكر بيان القوات المسلحة الأردنية “أن الجيش العربي هو جيش يعمل على بناء المدنية وإرساء أركانها إلى جان كونه جيش يقدم التضحيات والبطولات الفدائية.” “إنه جيش واسع الاطلاع يمكنه تقديم الرعاية الصحية والمساعدة الإنسانية عند الحاجة. إنه جيش يساعد في عملية التطوير.”
ونظرًا لأن العديد من السوريين لديهم صلات بالأردن المجاورة، فإن أول موجات اللاجئين اندمجت مع المجتمع. ولكن، مع تزايد الأعداد، فتح الأردن مخيمات اللاجئين بمساعدة من الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.

أسوشيتد برس
ويعتبر المخيم القطري، وهو أول المخيمات التي يتم فتحها بالقرب من الحدود السورية، مأوى لأكثر من 80,000 لاجئ. وقد أصبح على الفور أحد أكبر المجتمعات في الدولة. وفُتحت مخيمات أخرى لإيواء تدفق اللاجئين، بما فيها أحد المخيمات التي تولت الإمارات العربية المتحدة تمويله، وخضع لإدارة الهلال الأحمر الإماراتي.
وقال ماجد سلطان بن سليمان، مدير الإغاثة المجتمعية في المخيم، أن الحكومة الإماراتية تكفلت بجميع النفقات، بما في ذلك الطعام، والملابس، والبضائع الأساسية، والمساعدات الطبية. وقدم فريق طبي الرعاية الطبية للأطفال، والعناية بالأسنان، والمستحضرات الصيدلية، وتضمن هذا الفريق عاملين في مجال الصحة من الأردن وسوريا.
وكان للمنظمات الإنسانية تواجد هي الأخرى. حيث قدمت إحدى تلك المنظمات، وهي فيلق الرحمة ومقره في الولايات المتحدة، الطعام والمياه النظيفة، وملاجئ مُحسنة، وزودت الأسر بالملابس والمفارش، وغيرها من المواد الأساسية للمعيشة.
وحسبما ذكر بيان لمنظمة فيلق الرحمة “نحن نساعد الأطفال على التأقلم مع هذه الصدمة وقيادة الأنشطة البنائية لكي ينشأوا في بيئة صحية.” “ونحن أيضًا نركز على مساعدة المجتمعات المضيفة واللاجئين للعمل معًا على الحد من التوتر وإيجاد حلول لمحدودية الموارد.”
وقال أحمد الحسن، 30 عامًا، الذي يعمل جزارًا، وفرّ من سوريا برفقة زوجته وولديه، لوكالة أسوشيتد برس أن وصوله إلى الأردن استغرق أربعة أيام بعد أن فروا من أنهار الدماء المُسالة في حي حمص. واضطروا الحدود السورية بالقرب من العراق حتى يتمكنوا من الوصول إلى الأردن. وقال بعد أن وصل مخيم اللاجئين الذي تديره الإمارات “لم يعد أي شيء هناك.”
الإمارات العربية المتحدة
بالإَضافة إلى تمويل مخيم للاجئين في الأردن،د منحت الإمارات العربية المتحدة تصاريح إقامة لأكثر من 100,000 سوري وقدمت الملايين من المساعدات. ووفقًا لتقرير صادر عن الحكومة الإماراتية، فإن أكثر من 242,000 سوري يعيشون في الإمارات.
وقد قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ عام 2012 مبلغ 530 مليون دولار مساعدات إنسانية ومساعدات تنموية بشكل مباشر، ومن خلال صندوق الائتمان لإعادة إعمار سوريا الذي أنشأته الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا.
وفي عام 2015، تعهدت الإمارات بتقديم 100 مليون دولار إضافية على هيئة مساعدات للاجئين السوريين.
وقد ساهمت الإمارات أيضًا على مدار عامين بمبلغ 72 مليون دولار أمريكي للعديد من مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان والعراق وتركيا، وقدمت نحو 38 مليون دولار أمريكي لبرامج مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين منذ نشوب الأزمة في عام 2011.
إضافة إلى ذلك، عملت دولة الإمارات العربية المتحدة على تحقيق السلامة في سوريا من خلال تقديمها الدعم للتحالف العالمي ضد داعش ودورها الريادي المشترك لصالح مجموعة العمل المعنية بالتواصل الاستراتيجي بالتحالف الرامية إلى تحقيق الاستقرار وإجراء اتصالات استراتيجية. ويشكل الجيش الإماراتي أيضًا جزءًا من جهود التحالف لإخراج داعش من سوريا.
المملكة العربية السعودية
وفقًا لوكالة الأنباء السعودية، إن المملكة العربية السعودية قد فتحت أبوابها للسوريين وتساهم عسكريًا في حملة التحالف ضد داعش.

البقاع اللبناني في حزيران/يونيو 2016. أسوشيتد برس
وذكر مصدر حكومي سعودي لوكالة الأنباء السعودية أن المملكة “مصممة على التعامل معهم باعتبارهم ليسوا لاجئين وعدم إيوائهم في مخيمات اللاجئين، للحفاظ على سلامتهم وكرامتهم، ومنحتهم الحرية الكاملة في التحرك.” وأضاف بأنها “منحتهم خيار البقاء في المملكة … مع جميع الحقوق التي تتضمن الرعاية الصحية المجانية والمشاركة في القوى العاملة والتعليم.”
وقد قدمت السعودية أيضًا 700 مليون دولار أمريكي من المساعدات الإنسانية للسوريين وأنشأت عيادات في مخيمات اللاجئين، حسبما ذكر البيان. وصرح مصدر رسمي بأن أكثر من 100,000 طالب سوري كانوا يتلقون خدمات التعليم المجانية في المملكة.
كما قدمت السعودية أيضًا مساعدات إنسانية للبلدان المضيفة للاجئين السوريين من خلال منظمات الإغاثة الدولية. وتقدم الحملة الوطنية السعودية لنصرة الاشقاء في سوريا خدمات الإغاثة لآلاف النازحين السوريين في تلك البلدان، وفي الأردن ولبنان.
وكجزء من تلك الجهود، قدمت المشاعدات الغذائية لأكثر من 1,000 أسرة سوريا في إربد، الأردن، في آيار/مايو من عام 2016. وفي الشهر التالي، قدمت ثلاث شاحنات إغاثة 12,000 وجبة طعام للاجئين على الحدود السورية مع تركيا. وفي الشهر نفسه، وكجزء من برنامج رمضان، قُدمت 1,250 حصة طعام إلى مدينتي بعلبك والعريونية في لبنان.
وقال الدكتور بدر بن عبدالرحمن السمحان، المدير الإقليمي للحملة الوطنية السعودية، تتضمن مساعدات الإغاثة البرامج الطبية والتعليمية والاجتماعية والتغذية الرامية إلى تقديم المساعدة للسوريين النازحين داخل سوريا وفي البلدان المجاورة.
قطـر
قدمت دولة قطر المساعدة أيضًا، حيث تبرعت بمبلغ 5 ملايين دولار أمريكي إلى صندوق دعم الإنسانية التركي في آيار/مايو من عام 2016 لمساعدة اللاجئين السوريين، وهو جزء مما ساهمت به قطر من جهود بلغت قيمتها 110 مليون دولار أمريكي لمساعدة سوريا والعراق واليمن وبلدان أخرى في عام 2016. وتعهدت قطر بمبلغ 92 مليون دولار أمريكي على هيئة مساعدات في عام 2015.
وقال خليفة بن جاسم، المدير العام لصندوق قطر للتنمية، إن التبرعات تؤكد دعم قطر المستمر للاجئين، وتوضح رغبة بلاده في إنهاء المعاناة والصراعات في الشرق الأوسط.
سوريا
بالإضافة إلى الدول التي تستضيف النازحين، تصل المساعدات إلى النازحين داخل سوريا أيضًا. حيث حققت الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري تقدمًا هائلا في حزيران/يونيو من عام 2016، حينما دخلت الشاحنات المحملة بالمساعدات الطبية والغذائية إلى بلدتين محاصرتين بجوار دمشق، ما يشير إلى قدرة المنظمات الإنسانية للمرة الأولى إلى الوصول إلى المناطق المحاصرة في سوريا.
وقد حملت قافلة المساعدات التي ضمت 38 شاحنة مساعدات لنحو 20,000 شخص يعيشون في زملكة وإربين، حسب ما ذكرت تقارير رويترز. وقال منسق الخدمات الإنسانية في الأمم المتحدة يعقوب الهيلو، “هذه هي المرة الأولى التي نتمكن فيها من التحرك بقافلة مشتركة تضم الأمم المتحدة والصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري … تجاه تلك المدينتين منذ تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2012، منذ ما يقرب من أربع سنوات مضت.”
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن المساعدات تضمنت حصص طعام وطحين، وأدوات صحية، وأدوية طبية. وقد دعت هيئات المعونات مرارًا وتكرارًا إلى تكرار الوصول إلى المناطق الواقعة تحت الحصار، قائلة أن تقديم المساعدات الفردية تنفد سريعًا.
الولايات المتحدة الأمريكية
إضافة إلى ما قدمته الولايات المتحدة من مساعدات عسكرية في قتالها ضد الإرهاب في سوريا، قدمت مساعدات إنسانية عبر البلاد التي تشهد حروبًا وللحكومات والمنظمات في جميع أنحاء المنطقة.
