تفكيك الفكر الإرهابي By Unipath On Apr 18, 2016 Share Facebook Twitter أئمة القوات المسلحة الأردنية يناقشون دور السلام في هزيمة الفكر المتطرف لقد استخدم الإرهاب الدين كسلاح للتغرير والتجنيد وإشعال النزاعات التي عادة ما يذهب ضحيتها الأبرياء من الناس والجهلة من المغرر بهم، حيث تستخدم التنظيمات الإرهابية لعبة بتر النصوص وأخذ نصف المعنى ليخدعوا بها الشباب المسلم. هذه العملية تحتاج ردا قويا من قبل رجال دين متخصصين في تفنيد أكاذيب الإرهاب. لعل المملكة الأردنية الهاشمية كانت أول من رد على تلك الأكاذيب من خلال رسالة عمان، ومن خلال إعداد أئمة متخصصين يعملون في صفوف القوات المسلحة. يعتبر الجيش الأردني من الجيوش الفريدة في المنطقة والتي تملك برنامجاً وكلية متخصصه بإعداد وتأهيل أئمة القوات المسلحة. واليوم نجد تعاونا كبيرا بين الجيش الأردني والجيش الأمريكي في هذا المضمار. حيث عقد في كلية الأمير الحسن للعلوم الإسلامية في العاصمة الأردنية عمان مؤتمر لرجال الدين في القوات المسلحة بتاريخ 17 نوفمبر 2015 حضر المؤتمر رجال دين من الجيش الأردني ومن الجيش الأمريكي. وقد تبادل الحضور المعلومات واستفادوا من التعرف على دور رجال الدين في بقية صنوف الجيش وفي الدول الصديقة. أجرت مجلة يونيباث لقاء مع العميد الدكتور ماجد سالم الدراوشة رئيس دائرة التعليم الأكاديمي في كلية الأمير الحسن للعلوم الإسلامية الملازم الأول الشيخ نبيل على الخطاطبة والملازم الأول الشيخ زياد محمد المؤمني، بلا شك إن اللقاء برجال الدين له طعم خاص لما يحمله هؤلاء الرجال من أخلاق نبيلة وتواضع وروح صداقة تجعل ضيوفهم يشعرون بأنهم يحادثون أصدقاء طفولتهم. يونيباث: هل لك أن تحدثنا عن أهداف المؤتمر؟ العميد الدكتور ماجد الدرواشة: هذا المؤتمر الذي يعقد اليوم في كلية الأمير الحسن للعلوم الإسلامية ليس بجديد، فأنا شخصيا حضرت أكثر من مؤتمر مع الأصدقاء رجال الدين في الجيش الأمريكي، والهدف هو تبادل الخبرات والثقافات للوصول إلى نقاط مشتركة نستطيع من خلالها معالجة المشاكل التي نواجهها. ونسعى إلى الاستفادة من خبرات أصدقائنا في تنظيم واجبات أئمتنا بما يخدم جيشنا ومجتمعنا، وفي نهاية هذه الاجتماعات المشتركة نتمنى أن نكون واسطة للخير ورسل سلام للناس جميعا وأن يعم السلام والأمن هذه البلاد والعالم أجمع. يونيباث: كيف تتعاملون مع التعدد الديني داخل الجيش؟ الدراوشة: في جيشنا يوجد مسلمون ومسيحيون، وإخواننا المسيحيون لهم الحرية الكاملة والمطلقة للذهاب إلى الكنائس يوم الأحد لمن يريد ممارسة الطقوس الدينية، علما أن يوم الأحد هو يوم دوام رسمي في المملكة الأردنية الهاشمية، لكننا نعطي الحق لإخواننا المسيحيين في ممارسة عبادتهم، ونسمح لهم بأخذ إجازة إضافية في مناسباتهم الدينية. يونيباث: هل صادفتك مرة من المرات أن يأتي جندي مسيحي ليطلب مساعدة من الإمام المسلم في الجيش قد تتعلق بالتقاليد أو الدين؟ الدراوشة: نعم يلجأ إلينا بعض الأخوة المسيحيين في حل بعض الإشكالات الشخصية، لأن التقاليد في المجتمع الأردني متشابهه بين المسلمين والمسيحيين. بعض الأحيان يلجأون إلينا لإيجاد حلول للمشاكل الأسرية التي لا تختلف عن المشاكل الأسرية للمسلمين. يونيباث: ما أهمية اجتماع القيادات الدينية من كل الأديان والطوائف؟ الدراوشة: الديانات السماوية لها هدف واحد وهو جعل البشرية يتعايشون كأمة واحدة في ديننا نؤمن بأن الله عز وجل خلق الناس لكي يتعايشوا قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) الحجرات: 13 والمقصود: أي ليكون بينكم التواصل الحضاري الذي جاءت من أجله الأديان وهو رفعة الشأن البشري والذي نحن نسميه الاستخلاف أي إعمار الأرض وهذا لا يمكن أن يكون مناطاً بجهة دون أخرى. فالعلوم التي نعمل بها ونستفيد منها ليست حكرا على أمة أو جنس أو عرق، بل هي هبة من الله للإنسانية كافة. ونحن نؤمن في ديننا: (أن العلم ضالة المؤمن)، فأينما وجد المسلم الشيء النافع يجب عليه أن يأخذ به. الملازم أول نبيل على الخطاطبة: إن رجال الدين بكل المجتمعات هم صمام الأمان للأمة ولمثل هذه الاجتماعات أهميتها في ردم الهوة الموجودة في الذهن وغير الموجودة فعلا في حقيقة الأديان. بعض الناس يعتقدون بأن هناك مشكلة ما بين المسلم والمسيحي باعتقادهم الذهني، لكن عندما يجتمع رجال الدين ويتناقشوا ويتباحثوا لما فيه خير المجتمع ويتلاقوا بالمودة والصداقة والتعايش فإن هذا سيجعل الناس يصلحون نظرتهم الخاطئة ويعرفوا بأن رجال الدين من كل الأطياف هم يمثلون الدين، وبأنه لا يوجد دين يدعو إلى تهميش الآخر والحقد عليه. فالمشكلة فينا نحن البشر وليست بالكتب السماوية. بالنسبة لنا في الأردن، هذه الأمور مهمة جدا لذلك يوجد لدينا مركز اسمه مركز التعايش الديني يعمل على إظهار صورة انسجام الأديان فيما بينها ويتواصل فيه علماء المسلمين مع رجال الدين المسيحي. يونيباث: ما هو دور علماء الدين بمحاربة الأكاذيب التي يبثها الإرهاب؟ الدراوشة: إن من أهم الوسائل لمحاربة هذا الفكر المنحرف هو أن نبين الدين الصحيح، على المستوى الشبابي هناك محاضرات وندوات نعقدها لنبين حقيقة أمر هؤلاء الناس، كيف نشأوا، ومن وراءهم، وكيف يحرفون النصوص الشرعية ويجتزئونها عن معانيها، والهدف هو أن لا يغرر بالشباب المسلم. هناك فكرة وقد نوقشت مع الأصدقاء لإنشاء مركز لنشر الإسلام الحقيقي، ومحاورة هؤلاء الناس، حيث سيكون هذا المركز داخل الكلية الملكة العسكرية في منطقة عرجان. حيث سنشارك مع بقية أجهزة الدولة المختصة لنشر حقيقة الإسلام انطلاقاً من رسالة عمان، وكذلك لمحاورة هؤلاء المتطرفين وبيان زيفهم وكذبهم على الدين، وتحصين الشباب من الأفكار المتطرفة، وسيساندنا في هذا العمل دائرة الإفتاء العام للمملكة، ودائرة قاضي القضاة، ووزارة الأوقاف وكذلك سيسند دور كبير لعلماء الشريعة في جامعات المملكة لإنجاح هذا المركز الذي ستكون رسالته عالمية وليست قصرا على الأردن. وبالنسبة لمديرية الإفتاء العسكري فإن حوالي 200 إمام من أئمة القوات المسلحة في الجيش الأردني تقريبا، يخطبون في المساجد المدنية من باب التواصل مع المجتمع المدني. حتى أنا والأخوة هنا لدينا خطب في المساجد المدنية وهذا معمول به منذ وقت طويل بيننا وبين وزارة الأوقاف فمعظم المساجد الكبيرة والمهمة في المملكة يخطب فيها أئمة القوات المسلحة، حيث يسود الاعتقاد في مجتمعنا بأن أئمة القوات المسلحة هم الأكفأ علميا بسبب التأهيل والامتحانات والدوارات المستمرة وفحص الكفاءة السنوي. لذلك تطلب وزارة الأوقاف منا المساعدة خاصة في البؤر التي تظهر فيها بوادر التطرف والاختراق الفكري. رجال الدين في القوات المسلحة الأردنية والأمريكية يحضرون المؤتمر في كلية الأمير الحسن للعلوم الاسلامية في نوفمبر 2015 حيث تبادلوا الخبرات مع نظرائهم.تصوير كادر كلية الأمير الحسن للعلوم الأسلامية الخطاطبة: نحن نحارب الفكر التكفيري والإرهاب، بالعلم الصحيح وبالتالي نبث رسالة السلام للمجتمعات عامة. فالإنسان هو أعظم وأثمن شيء خلق الله سبحانه وتعالى وكرّمه، ولأجل ذلك حرم القتل، وجعل الاعتداء على إنسان واحد يوازي قتل البشر جميعا، قال الله تعالى في كتابه العزيز: “ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ” المائدة/33 لذلك نحن نركز في المحاضرات والخطب على نبذ العنف والتطرف والسير على خطى الدين الحقيقي بالوسطية والاعتدال ونقارع الفكر الضال بالحجة والدليل، بينما يقوم الإرهاب باستغلال الحماس الديني لدى الناس البسطاء وخصوصا الشباب من اجل تجنيدهم واستغلالهم ضمن العمليات الإرهابية. الملازم أول زياد محمد المومني: أحب أن أتحدث بمفهوم معنى الحياة، الحياة هي هبة من الله عز وجل، وهي حق الهي للبشر لا يحق لأحد مهما كان الدين أو الأيديولوجية التي يحملها أن يسلب حق الحياة. والدين هو أسلوب حياة يفضي إلى الدار الآخرة، فأنت تعيش في الدنيا للقيام بالعبادات والمعاملات لتعيش بسلام مع المسلم وغير المسلم. وإذا كان هناك صواب أو خطأ سيظهر بلقاء الإنسان مع الخالق في الدار الآخرة، والجنة والنار بيد الله لا البشر، فنحن يجب أن نعيش في هذه الحياة بضوابط، وَعِندَ اللَهِ تَجتَمِعُ الخُصومُ. أما دحض أكاذيب المتطرفين فأتصور يجب أن يبدأ بكتاب الله والسنة المشرفة وبالسيرة النبوية حيث إن الإسلام جاء متمما ومصححاً للشرائع السماوية السابقة. وفهم القرآن والسنة واضح بشرط فهم النصوص دون بترها عن معناها الإجمالي وعدم انتقاء بعض النصوص لتبرير الأيديولوجية المتطرفة مثلما يحدث الآن. لا يجوز قطع جزء من النص لتبرير جريمة مثل: “لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ” أو ” فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ “، وهذا ما يفعله المتطرفون في سلخ النصوص عن المراد منها ووضعها في غير موقعها الصحيح. يونيباث: كيف يمكن لعلماء الدين في المنطقة أن يوحدوا الكلمة لمحاربة هذا الفكر الدخيل على الإسلام؟ الدراوشة: هناك جهود لكن للأسف ليس لها منهاج واحد أو قيادة علمية دينية موحدة، وهذا ما يستغله الإرهاب لبث الفرقة بين الناس والطعن في شرعية العلماء واتهامهم بالتحيز للحكومات، ويقولون: بسبب عدم وجود جهة إسلامية موحدة يرجع إليها المسلمون، فإننا نرجع للقرآن والسنة مباشرة دون الحاجة لتفسيرات العلماء، وأعلنوا ما سموها بدولة الخلافة لتكون هي مرجعيتهم. لكن على مستوى العالم الإسلامي هناك رابطة تسمى: رابطة العالم الإسلامي وهناك أيضا مجمع الفقه الإسلامي والذي يضم علماء مسلمين من جميع الجنسيات وهو مجمع معترف به وله فتاوى متفق عليها بين العلماء. ولكن للأسف فإن القسم الأعظم من هؤلاء المتطرفين هم من الجهلة، والقسم الثاني ممن لديهم مشاكل نفسية بسبب الفشل في تحقيق أحلامهم مما كون لديهم روح الانتقام والعداء للمجتمع، والقسم الثالث ممن لديهم أجندات سياسية خاصة يحاولون تحقيقها من خلال التفسير الخاطئ للنصوص الدينية لتبرير جرائمهم، وربما هناك فئة قليلة ممن يخدع بالمتطرفين ويعتبرونهم الجهة التي تنتصر للمستضعفين وخاصة بسبب الهجمة على أهل السنة في سوريا والعراق، ومن المتطرفين من يجدون حلولا لمشاكلهم التي يعيشونها بسبب الفقر، فينضمون لهؤلاء المتطرفين حيث يدفعون لهم مبالغ مالية ويزوجونهم مقابل انضمامهم لهم. وبالمحصلة فإن نسبة المثقفين أو حملة الشهادات العلمية الشرعية بين هؤلاء قليلة جدا ولا تكاد تذكر، وحتى أولئك الذين يعتبرون مرجعيات للمتطرفين لو أجلستهم مع العلماء لوجدتهم لا يفهمون لا في الفقه ولا في أصول الفقه ولا بكيفية استنباط الأحكام الشرعية من القرآن والسنة ولا حتى يعرفون معاني اللغة العربية فكيف تفهم النص وأنت لا تفهم اللغة. ونحن نتمنى أن تتوحد كلمة العلماء لمحاربة هذا الفكر الدخيل. المومني: أسباب التطرف في العالم معروفة وأزيد على ما قاله الدكتور الدراوشه عدم وجود مرجعيات ملزمة بالفتوى، والآن لدينا قوانين في الأردن تعاقب من يفتي بغير علم أو بدون مرجعية المفتي العام. كذلك اعتقد أنه يتوجب نحن نركز على تعظيم حرمة الدماء، ليس فقط دم المسلم بل دماء الناس الآخرين. فالحديث الشريف: “مَن قتل رجلاً من أهل الذِّمَّة لم يجد ريح الجنَّة” كذلك قال صلى الله عليه وسلم: “من آذى ذميا فقد آذاني” لأن غير المسلمين الذين يعيشون في بلاد المسلمين هم معاهدين ومستأمنين. وحتى في الحرب لا يجوز قتل غير المقاتلين، فما بالك في السلم، كيف يجيزون قتل الأبرياء. يونيباث: كثير من الناس يقولون بأن الدين الإسلامي يركز على العقوبة، لذلك ترى الناس تتفادى الدين الإسلامي لأن أكثر النصوص هي تهديد ووعيد بجهنم دون ذكر باب الرحمة؟ الدراوشة: هذه التهمة في غير محلها فالإسلام يوازن بين الترغيب والترهيب، والعقوبة والثواب، والحقيقة أن إحدى المشاكل التي نواجهها اليوم هي التربية، إعادة النظر في المناهج. يجب علينا إن نعيد النظر في المناهج لنركز على التربية وتهذيب النفس ونجعل منها أساس بناء الإنسان وأن نربي في المسلمين حب الخير للناس ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا ، وَلأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ كَتَمَ غَيْظَهُ ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ ، مَلأَ اللَّهُ قَلْبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِضًا ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثْبِتَهَا ، أَثْبَتَ اللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ). المسلم إنسان يعمل لإرضاء الله، وليس سيفاً يقتل باسم لله. الإسلام هو دين السلام لذلك يجب التركيز على الرحمة، كيف ننمي الرحمة والتعاون بين أفراد المجتمع بغض النظر عن الدين والعرق. في كل تأريخ الإسلام لم نسمع بأن طائفة من الأقليات اعتدى عليها باسم الإسلام. فكيف بهؤلاء الآن يقضون على الطوائف، فالطائفة الأيزيدية مثلا موجودة منذ ما يزيد على ألف سنة فلماذا لم يقتلوا ولم يعتدى عليهم عندما كانت الدولة العباسية أو العثمانية في أوج قوتها. المومني: في الصدر الأول من الإسلام أيام خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو معروف بشدته والتزامه بتطبيق الأحكام الشرعية حرفيا إلا انه في عام الرمادة أوقف حكم قطع يد السارق لأن في الناس مشقة وجوع شديد فكان يسرق بعض الناس لقوت عيالهم ولأجل ان يبقى على قيد الحياة. فالإسلام ليس كله عقاب ووعيد انما رحمة أوله وأوسطه وآخره. الدراوشة: إن أهم مبدأ من مبادئ الإسلام هو أن العقوبة وضعت من أجل زجر الجاني حتى لا يكرر الجريمة وردع الآخرين، فالمقصود هو وضع قانون بشري وهذا ما يشابه القوانين الجنائية الحديثة. الإسلام لا يبحث عن تطبيق العقوبة بقدر ما يبحث عن ردع الجريمة وبناء مجتمع يسوده الأمن والأمان. يونيباث: ما هي أهمية التعايش السلمي في المجتمعات ذات التعدد العرقي والديني؟ الدراوشة: الإسلام هو رسالة دينية عامة للناس جميعا وليست للعرب أو غيره، والله يقول: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ” الأنبياء: 107 فالأية الكريمة واضحة حيث قال الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم “رحمة للعالمين” ولم يقل “للمسلمين” فهي رسالة عالمية جاءت لإرساء الحق والعدل والمساواة. إما موضوع التعايش الديني، فهذا أساس في مجتمعنا. فيجب احترام حرية الأديان، لأن الله يقول: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) البقرة: 256 ويقول: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) الكافرون: 6. والتعايش والتسامح هما من أهم مبادئ الإسلام. وفي مجتمعنا الأردني، المسيحيين موجودين هنا قبل ظهور الإسلام، وتجد أسماء العشائر مختلط بين مسلمين ومسيحيين وهذا يعني بأن هذه القبائل هي من أصول واحدة بعضها اعتنق الإسلام والبعض الآخر بقى على دينه وتعايشوا بسلام منذ آلاف السنين. فالإسلام لم يأت لقهر الناس وإنما لأحياء الناس ولينهى عن كل ما يؤثر على حياة الناس والآية الكريمة واضحة: “هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” هود:61 أي أن تعمروا الأرض وتسكنوها تبنوا الحضارات وتطوروا الحياة وهذا لا يمكن أن يحدث إلا في مجتمع يسوده السلام والأمن. ولا يمكن أن يكون إبداع فكري وبناء مجتمع متحضر في ظل الاقتتال وغياب الأمن. يونيباث: عندما فتح المسلمون البلاد لم يهدموا دور العبادة؟ الدراوشة: لو فعلوا ذلك لخالفوا تعاليم الله ورسوله ولو حدث أي تعد الشرع الإسلامي يحاسب المتجاوزين. يونيباث: لكن اليوم داعش قتلت أقليات وحرقت كنائس ومساجد، كيف يبرروا مثل هذا الجرائم؟ الدراوشة: لا يوجد تبرير شرعي لما يقومون به، ولن تجد ذلك لا في نص من القرآن ولا في السنة ولا في أفعال الصحابة ولا في أفعال الجنود المسلمين، فما يقوم به هؤلاء غير مسبوق ولا نعرف من أين ابتدعوا هذه الجرائم، لكني اعتقد بأن الهدف من وراء هذه الجرائم هو جر الناس للفتنة والحروب. فهم يبحثون عن خلق بؤر صراع للصدام الحضاري يريدون جر العالم بأسرة للاقتتال والدمار، لديهم أجندة إرهابية لا نعلم ما أين أتوا بها. يونيباث: كيف يبرر الإرهاب الهجمات الإرهابية في فرنسا والدول الغربية على يد أشخاص يعيشون بتلك البلاد؟ الخطاطبة: لا يجوز قطعا، أنت ضيف في تلك البلاد وهم يحترمونك ويحمونك فلا يجوز الاعتداء على حرماتهم وأنفسهم وأموالهم. الدراوشة: ليس لدينا ما يبرر لهم مثل هذه الجرائم، لا استطيع أن أتخيل بأنه استند لشيء من الدين. كيف يصدر هذا من إنسان يدعي انه مسلم، خاصة وان تلك الدول سمحوا لك إن تؤدي شعائرك الدينية، وان تكون جزءاً من المجتمع لك من الحقوق ما لهم، فهذا لا يتقبله الدين ولا يمكن أن يكون أساسه الدين. أنت تعيش في بلاد احتضنتك وآوتك، ومن صفات المسلم أن لا يغدر ولا يقتل ولا يخون، وما قام به هؤلاء هو نقيض الإسلام، فكيف تدعي يا من أقدمت على هذه الجريمة أنك مسلم والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده). هناك شيء خفي يجب البحث عنه في أعمالهم، فهم يريدون أن يحرقوا الناس ويشوهوا صورة الإسلام ونتمنى من الغرب أن يفهم بأن هؤلاء هدفهم الحقيقي تشويه صورة الإسلام. Facebook Twitter Share
Comments are closed.