تدمير داعش سيتطلب تدمير وسائل الدعم له
أسرة يونيباث
يشن أعضاء تحالف محاربة داعش وغيرها من المنظمات المتطرفة العنيفة في منطقة الشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا حملة متعددة الأوجه لتجفيف موارد الإرهابيين المالية اللازمة لنشر أيديولوجيتهم الملتوية وشن حملاتهم الإرهابية الوحشية.
وتدعم الاستراتيجيات العسكرية التقليدية التي تجمع بين الغارات الجوية والمعارك البرية استراتيجيات تستهدف التدفق غير المشروع من الأموال للمتطرفين من خلال المؤسسات المصرفية والمؤسسات الإجرامية.
وتعد الحملة بكل المقاييس فعالة. وإثباتًا لذلك، وبالنظر إلى داعش، فإنها أصبحت واحدة من أكثر الجماعات الإرهابية المتطرفة العنيفة ثراء. حيث إ استولت على مبلغ مليار دولارأمريكي من البنوك وفي نفس الوقت تعيث فسادًا في أجزاء من العراق وسوريا، وقد جمعت ملايين الدولارات من مبيعات النفط في السوق السوداء، وابتزت المزيد من الملايين من الناس الذين يعيشون في الأراضي التي يحتلها. ولكن داعش تعاني الآن من انخفاضات حادة في احتياطياته النقدية نتيجة لحملة التحالف للضغط على موارده المالية.
وتقوم القوات العسكرية الآن باستعادة الأراضي التي كانت تقع في قبضة داعش في العراق وسوريا، ومعها تستعيد الاحتياطيات النفطية، والمراكز السكانية حيث يتم ابتزاز السكان الأبرياء. وتتصاعد ملايين الدولارات الموجودة في الاحتياطي بصورة حرفية في الدخان، الذي يتصاعد نتيجة الغارات الجوية التي تستهدف تدمير المباني التي تحتفظ فيها داعش بأموالها النقدية.
وفي الوقت نفسه، طبقت البلدان المشاركة في الحملة ضد الإرهاب قوانين تجرم غسل أموال الإرهاب وتسهيل الاستيلاء على الأصول المملوكة من قبل المجرمين الذين يدعمون الإرهاب. ويتم تدريب موظفي البنوك على التعرف على وتمييز المعاملات التجارية المشبوهة.
وقد تمثل التأثير التراكمي في تقليل قدرة داعش على العمل. فقد تلقت احتياطاتها ضربة موجعة وقد انخفضت مبيعاتها النفطية بصورة مفاجئة بمقدار الثلث. وقد تقلصت مدفوعاتها الشهرية التي كانت تمنحها لكل مقاتل والتي قدرتها مؤسسة راند بمبلغ 100 دولار وذلك بمقدار النصف، وهي ضربة للروح المعنوية والهالة الزائفة للحصانة المتوقعة في دعايتها المشبوهة.
الأدوات المناسبة
بالرغم من أن هذه الحرب على التمويلات قد أصبحت مجال تركيز في الآونة الأخيرة، إلا أنها في جميع الأحوال استراتيجية جديدة. تأسس فريق العمل المعني بالإجراءات المالية الدولي (FATF) في عام 1989 لمكافحة غسيل الأموال. وبعد اثني عشر عامًا من هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، تحفز أعضاء فريق العمل المعني بالإجراءات المالية الدولي لوقف تدفق الأموال إلى المتطرفين العنيفين. واليوم، يضم فريق العمل المعني بالإجراءات المالية الدولي 37 عضوًا، من بينهم أعضاء بدول مجلس التعاون الخليجي وهي البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

سيطرتها. أسوشيتد برس
ويقدم فريق العمل المعني بالإجراءات المالية الدولي 40 توصية يمكن للدول توظيفها لتعطيل الإرهابيين من الوصول إلى النظام المصرفي الدولي. وتماشيًا مع تلك المهمة، تعمل المنظمة مع الدول على سن الإصلاحات التشريعية والتنظيمية المطلوبة لتحديد عمليات التمويل الإرهابية وملاحقتها قضائيًا.
كما أوحت هجمات 11 سبتمبر لوزارة الخزانة الأمريكية بفكرة إنشاء برنامج تعقب التمويل الإرهابي، والذي يمكِّن الولايات المتحدة وحلفاءها من تحديد العناصر الإرهابية النشطة ومموليهم، وتحديد الشبكات الإرهابية والحفاظ على الأموال بعيدًا عن متناول أيديهم. وبعد عدة سنوات، أنشأت وزارة الخزانة مكتب مكافحة الإرهاب والاستخبارات المالية لوضع استراتيجيات مالية ونشرها لمهاجمة التمويل الإرهابي. وفي 2004، ومع إدراك انتشار التهديدات لبلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تم إنشاء هيئة إقليمية من فريق العمل المعني بالإجراءات المالية يسمى فريق العمل المعني بالإجراءات المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البحرين ويضم 18 دوله تعهدت بالتعاون.
ويعد امتلاك هذه الأدوات أمرًا ضروريًا لتعقب التمويلات الإرهابية اليوم. ففي الماضي، كان الإرهابيون يتلقون التمويلات عادة من أفراد أثرياء أو دول ذات أيديولوجيات مشتركة أو أعداء مشتركين. وقد اعتمد تنظيم القاعدة تحت زعامة أسامة بن لادن على الجهات الخيرية بدلا من المؤسسات الإجرامية لخلق الرعب. بينما يقوم تنظيم داعش والتابعون لتنظيم القاعدة في الوقت الحاضر بجمع الأموال من خلال مجموعة من الأنشطة الإجرامية بدءًا من الابتزاز إلى مبيعات المخدرات غير المشروعة، والاختطاف للحصول على فدية، وبيع النفط، ونهب الآثار. وتستخدم الجمعيات الخيرية المزيفة الإنترنت لغسل الأموال المتحصلة من المساهمات.
وفي يناير 2014، ووفقًا لتقديرات وزارة الخزانة الأمريكية، كان تنظيم داعش يتحصل على مليون دولار أمريكي يوميًا من مبيعات النفط الخام والنفط المكرر بالسوق السوداء. لكن الغارات الجوية التي بدأت في أكتوبر 2015 قد أدت إلى تدهور عائدات النفط. وقد خفضت الستة أشهر الأولى من الغارات الجوية والمعروفة باسم عمليات “المد العارم” الثانية من عائدات داعش النفطية بنسبة 30 في المائة كما ذكرت مؤسسة راند.
وقد استهدفت الأمم المتحدة مصادر التمويل في عام 2015، حيث حظرت جميع أنواع التجارة في الآثار من سوريا والتهديد بفرض عقوبات على أي شخص يشتري النفط من داعش وإرهابي جبهة النصرة المرتبطين سابقا بتنظيم القاعدة. وقد حثت الدول على وقف دفع فديات لعمليات الخطف.
وعلى الصعيد الفردي، فقد قامت الدول في المنطقة بزيادة التعاون. وقد وجد تقرير لفريق العمل المعني بالإجراءات المالية صادر عام 2015 أن تقريبًا 200 دولة التي خضعت للدراسة قد ارتكبت جريمة تمويل الأعمال الإرهابية أو المنظمات الإرهابية. وأن 30 دولة تقريبًا قد وسعت قوانينها لتجريم تمويل السفر لأغراض الإرهاب أو التدريب على الأعمال الإرهابية.
الحصول على النتائج
وبالرغم من أن بعض الدول أفضل في تبني القوانين الجديدة من تنفيذها، هناك عدد آخر من الدول يحقق نتائج. فوفقًا لفريق العمل المعني بالإجراءات المالية، تعد المملكة العربية السعودية وكازخستان من بين أوائل الدول التي تحقق إدانات متعلقة بالتمويل الإرهابي.
وقد أشاد تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتي شددت قوانينها المتعلقة بتمويل الإرهاب في عام 2014 وذلك عندما “نادت علنا بمكافحة التطرف العنيف ليس فقط عسكريًا، ولكن بشكل شامل، بما في ذلك وقف تمويل المتطرفين”. وبصفتها مركزًا إقليميًا للتجارة العالمية، فقد عدلت دولة الإمارات العربية المتحدة قوانينها لمعالجة الثغرات في رصد وملاحقة الجماعات والأفراد المتورطين في جمع التبرعات للمتطرفين. وقد نوه التقرير إلى أنه “من الجدير بالملاحظة أن التعديلات نصت في القانون على التزام جميع الكيانات المشمولة بالإبلاغ عن المعاملات التجارية المشبوهة المتعلقة بتمويل الإرهاب،” وذكرت صحيفة ذا ناشيونال أن المحاكمة التي عُقدت عام 2014 بالإمارات لـ 15 متآمرًا لدعمهم جبهة النصرة وجبهة أحرار الشام التابعين لتنظيم القاعدة في سوريا أسفرت عن عدد من الإدانات والأحكام بالسجن لفترات طويلة.
وفي العراق، أدت الغارات الجوية إلى تدمير ملايين الدولارات النقدية التي سلبتها داعش من البنوك، وانتزعت من الأراضي التي تحتلها، وغيرها من الأموال التي تم الحصول عليها من خلال الأعمال الإجرامية التي تتضمن بيع الآثار المنهوبة والاختطاف للحصول على فدية والضرائب الثقيلة.
ولكن نجاح العراق لا يقتصر على الغارات الجوية فحسب. حيث ضبطت إدارة الاستخبارات المالية والاقتصادية، بالتعاون مع البنك المركزي العراقي ثلاث شركات مصرفية في مارس 2016 يقال أنها كانت تنقل الأموال إلى المناطق التي تسيطر عليها داعش في محافظتي بغداد وكركوك.

كبير الطيارين ماثيو بروخ/ القوات الجوية الأمريكية