رئيس الأركان المصري الفريق محمود حجازي يناقش الجهود الأمنية المشتركة وتهديد الإرهاب
المقدم ركن يوسف الحداد
مجلة درع الوطن/دولة الإمارات العربية المتحدة
أجرت مجلة درع الوطن بالإمارات العربية المتحدة حوارًا مع الفريق محمود حجازي، رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، لمناقشة المسائل الأمنية الملحة في الشرق الأوسط:
درع الوطن: كيف ترى قراءة القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة لواقع تحديات المنطقة العربية حالياً، وكيف تعاملتم معها من وجهة نظركم؟
الفريق حجازي: في الحقيقة دولة الإمارات العربية المتحدة لديها قيادة واعية، أدركت تحديات المرحلة الحالية التي بدأت تمثل خطراً كبيراً على المنطقة العربية وشعوبها، فجاءت بالتالي قراءة قادة دولة الإمارات العربية المتحدة للمشهد الأمني لوطننا العربي، دقيقة ووفق منهج مدروس، فكانت جملة مبادراتها لمساندة أشقائها العرب في الدول كافة، ولاسيما جمهورية مصر العربية، وتعميق أوصال الروابط، وتعزيز العلاقات العربية في إدراك تام، لأهمية التعاون العربي المشترك بصفة عامة والتعاون الإماراتي المصري بصورة خاصة. وما دام هناك قادة على مستوى هذا الرشد والحكمة في دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر، فتأكد أن المستقبل سيكون أفضل، وسيأتي على أسس سليمة مطورة، ترسم حتماً المستقبل المشرق للبلدين الشقيقين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر العربية.
درع الوطن: بماذا تنصح المجتمع العربي في الجانب ذاته في المرحلة المقبلة؟
الفريق حجازي: ينبغي أن يدرك الجميع أن المنطقة العربية بكامل دولها مستهدفة، من قوى كبرى تعمل في الخفاء، وفق مخططات قذرة تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، لذلك في ظل تلك التحديات الموجودة حالياً والتي تواجه الأمة العربية، أعتقد أن أكبر نصيحة لنا جميعاً هي التكاتف بقوة، وبناء علاقات متنوعة، سواء على الجانب العسكري أو الاقتصادي أو الإنساني أو المجتمعي، لتوطيد الروابط والتكاتف الذي بات ضرورة ملحة تحاكي حالة الشعوب كافة.
درع الوطن: العلاقات الإماراتية-المصرية تاريخية متينة يجسدها التعاون في مجالات شتى، فكيف تراها من الجانب العسكري؟
الفريق حجازي: بالفعل العلاقات قوية راسخة بين البلدين، وستظل كذلك إن شاء الله أكثر قوة ورسوخاً، فالجانب العسكري يشهد تعاوناً جاداً ومثمراً وفق خطة ممنهجة تضم تدريبات مشتركة بين القوات الإماراتية والمصرية، وسوف يظهر ذلك جيداً في المستقبل من خلال التدريبات المشتركة في “سهام الحق 1” و”سهام الحق 2” و”سهام الحق 3”. فضلاً عن أن هناك تدريبات مشتركة بين منتسبي القوات المسلحة في البلدين، وأعتقد جازماً أن هناك تعايشاً وزمالة وتوافقاً فكرياً عميقاً، الأمر الذي يؤكد عمق العلاقات العسكرية وتطورها بين البلدين.
درع الوطن: وماذا عن التعاون العسكري على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية الأخرى؟
الفريق حجازي: إننا نعتمد في الواقع سياسة الانفتاح في التدريبات العسكرية لتبادل الخبرات وتعميق العلاقات مع دول الخليج وغيرها من الدول العربية الشقيقة، ولاسيما في ظل ما تشهده المنطقة العربية من تهديدات ومطامع ومحاولات مستميتة لزعزعة أمنها واستقرارها. وهذا يعتمد في الوقت ذاته على فهم دقيق وعميق للتحديات الكبيرة التي تواجه عالمنا العربي، فضلاً عن إيماننا بأهمية التعاون العربي المشترك، لمواجهة كل التحديات المستقبلية، لذلك تجد أن مجال التدريب مع الدول العربية ضم تعاوناً مع دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية، والأبواب مفتوحة للتعاون وتبادل الخبرات والتدريبات مع الدول العربية والخليجية كافة، بلا حدود، ليس لتهديد أحد، ولكن للمحافظة على أمننا ضد التهديدات الخارجية.
درع الوطن: ما رأيك في عمليات عاصفة الحزم؟
الفريق حجازي: أعتقد أن الظروف فرضت نفسها، والواقع الأمني وحماية الأوطان والحدود أكد حتمية وجود العاصفة، والمتابع الجيد لمسبباتها، يجد أن هناك قوى إقليمية وعناصر خارجية ليس لديها مانع في أن تستغل عناصر داخلية في أي دولة عربية بصفة عامة، ثم تقوم بإجراء يقوض الأمن الداخلي لهذا الدولة، وقد يؤثر ذلك على الأمن الداخلي للدول المجاورة، ومن الممكن أن تتأثر الدول العربية بصفة عامة. وما حدث في اليمن كان تقريباً صورة من هذا القبيل، فهناك مجموعة مسلحة تبنت فكراً خارج شرعية الدولة، وحاولت أن تفرض سيطرتها على الدولة بأسس غير شرعية، بل على أسس عرقية ومذهبية، بدعم من قوى خارجية لتفتيت أمن واستقرار اليمن وتهديد دول الجوار. وبسرعة انتشرت هذه الجماعة وكانت على وشك أن تقوض أمن الدولة بشكل كامل، وتتأثر به دول الجوار ويتأثر به الأمن القوي العربي، ولذلك كانت عاصفة الحزم، لتحسم تلك المخططات التي تهدد العرب جميعاً.
درع الوطن: من وجهة نظركم،هل تعتقدون أن عاصفة الحزم حققت أهدافها؟
الفريق حجازي: بحسب النتائج والقراءات في هذا الجانب، أعتقد أنها حققت أهدافها، فعلى الأقل لم تتمكن هذه الجماعة على تحقيق السيطرة الكاملة على اليمن، بل بدأت في تراجع واضح، وانسحبت من مواقع كانت تحت سيطرتها قبل العاصفة، فضلاً عن عودة لغة الحوار التي أوصدوا أبوابها قبل العاصفة أيضاً، وبدأت فرص البحث والحوار لإيجاد مخرج سياسي للأزمة، وهذا يعكس حقيقة مهمة جداً، تتمثل في أن عاصفة الحزم بحد ذاتها لم تركز أبداً على سفك الدماء أو القتل والتدمير، ولكن جاءت بقصد تحقيق أهداف استراتيجية عسكرية تحمي اليمن ودول الجوار والدول العربية أيضاً، ونأمل إن شاء الله أن تكون السبل السياسية هي الحل، ونأمل أن تبني عاصفة الأمل اليمن على أسس ديمقراطية حقيقية تحترم دول الجوار وتعطي حرية الرأي ولا تسمح بتكوين أو وجود مثل هذه الجماعات.
درع الوطن: سجل المشهد العسكري توجه جديد في عملية التسليح المصرية، هلا حدثتمونا عن هذا التوجه وأهميته في تلك المرحلة؟
الفريق حجازي: بالفعل هذا كلام صحيح. يمثل تنويع مصادر التسليح ضرورة ملحة للأمن القومي المصري، فرضتها ضروريات حتمية، واستراتيجيات بناء نظم التسليح المناسبة للدفاع عن الدولة، مع العلم أن الاتجاه نحو تنويع مصادر السلاح لا يعني بالضرورة أن يتم مع دولة على حساب دولة أخرى، ولكن وضع السياسة العامة لاستراتيجية بناء القوات المسلحة، تأتي وفق متطلبات الأمن القومي للدولة. كما أنه من الصعب أن تعتمد على مصدر واحد للسلاح، فإذا تعطل هذا المصدر، فإنك ستواجه أزمة طاحنة قد تهدد أمنك واستقرارك، وبالتالي الاعتماد على مصادر متنوعة يخدم الأمن القومي للدولة.
درع الوطن: وماذا عن الوضع الأمني في سيناء؟
الفريق حجازي: سيناء قطعة عزيزة من جمهورية مصر العربية، فمعظم حروب مصر كانت لحماية سيناء والمحافظة على أمنها، حيث إنها تمس الاتجاه الاستراتيجي الشرقي الذي يأتي من معظم مصادر التهديد، فهي في قلب وعين القوات المسلحة المصرية منذ فجر التاريخ، وما حدث بكل شفافية ووضوح أنه في فترة من الفترات تم إهمال سيناء من حيث التنمية وهذا شيء سلبي، وفي أعقاب ثورة 25 يناير، التي أفرزت شواهد سلبية منها السجون التي فتحت وخرج منها نحو أكثر من 25 ألف مسجون، وهناك أقسام شرطة تمت مهاجمتها وأخذ منها أكثر من 15 ألف قطعة سلاح، والشرطة في تلك المرحلة تعرضت لكسر كبير جداً، كل المجرمين توجهوا لسيناء، ووجدوا فيها المكان المناسب بسبب طبيعة الأرض، وقلة سيطرة الشرطة، وعاشوا فيها فترة وهم يحملون الأسلحة التي باتت تهدد أمن الوطن والمواطن، وزاد الأزمة وارتفع سقفها خطورتها أكثر، في فترة حكم الإخوان لمصر، نظراً إلى غياب العزيمة على القضاء على هؤلاء المجرمين الذين يهددون المجتمع، ولاسيما في المحافظات المجاورة أو القريبة لها، الأمر الذي أسهم لهذه الجماعة في خلق بيئة مناسبة لهم لتحقيق مآربهم. هذا الفكر المتطرف يتم توظيفه ضد مصالح الدولة وشرعيتها ومساراتها وتنميتها، ما فرض على القوات المسلحة ضرورة التحرك لحماية تلك البقعة الغالية في الأراضي المصرية.
درع الوطن: كيف ترون الوضع في سيناء حاليًا على المستويات كافة؟
الفريق حجازي: الوضع الآن في سيناء تحت السيطرة الكاملة، حيث توجه القوات المسلحة ضربات متتالية وموجعة لمواقع الإرهاب، ولكن أخطر ما في الإرهاب، يتمثل في أن الأفراد الذين يعيشون بيننا يمكن أن يتحولوا إلى إرهابيين، ومع الأسف فإن الحرب ضد الإرهاب سوف تستمر إلى فترة حتى يتم القضاء عليها نهائياً، وهذا لسببين، الأول يتبلور في أن لدينا إرادة وعزيمة لن يهدأ لنا بال إلى أن نجتث تلك البؤر الإرهابية المتطرف في مصر. أما السبب الثاني فهو أن لدينا القدرة والإمكانيات في القوات المسلحة ووزارة الداخلية والشعب السيناوي، وأن بدو سيناء الأصليين أناس وطنيون محبون لبلدهم، لهم تاريخ من النضال المشرف للدولة، وشعب سيناء الأصيل يرفض هذه الممارسات الإرهابية، وأخطر ما في هذا التطرف وهذا الإرهاب أنه يستخدم اسم الدين، في الكذب والتدليس وتزييف الحقائق وتضليل أبناء الوطن في هذا الفكر المتطرف، لتحقيق أهداف قذرة تهدد أمنا واستقرارنا، فالدين بريء من تلك الممارسات، ونحن قادرون على اجتثاث جذور هذا الإرهاب.
درع الوطن: وأخيرًا، ما هو تقييمكم للوضع في المنطقة العربية وما هي قراءتكم لواقعها؟
الفريق حجازي: في الحقيقة هذا سؤال غاية في الأهمية، لذلك ينبغي أن أجيب عليه بكل شفافية، فهناك تهديدات ومخططات دنيئة تقودها أيادٍ خافية لزعزعة أمن واستقرار شعوب المنطقة العربية، وتحقيق مطامع تم التخطيط لها منذ زمن بعيد، لذلك لا سبيل لنا سوى الاتحاد والتصدي وبقوة وحزم في مواجهة تلك المطامع الخارجية والتصدي لأي عدوان يهدد أمنا واستقرارنا، فلم يكن هناك إنسان يتخيل ما حدث في ربوع ومناطق بلادنا العربية، من أحداث وأزمات في الفترة السابقة، فهناك تهديدات ومخططات وينبغي على الدول أن تنتبه لذلك وتتعاون، ولا يسعني سوى الدعاء بأن يحفظ الله مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة ودول عالمنا العربي جميعاً إن شاء الله.