قوات الأمن اليمنية بدعم من القوات الخاصة تطهر مستشفى العرضي من عناصر تنظيم القاعدة
بقلم العقيد الركن محمد أحمد الاشول الممثل الوطني الأقدم للجمهورية اليمنية لدى القيادة المركزية الأمريكية
لقد فقدنا دماءا زكية…وجنوداً بواسل…ومدنيين أبرياء، لكننا انتصرنا.
أني ومع بالغ الأسى والحزن لفراق مجموعة من الجنود البواسل المخلصين والمدنيين الأبرياء،لفخور بكتابة قصة بطولة وتضحية من اليمن، قصة ستجعل القراء مذهولين أمام حادثة قاسية ورهيبة وقعت في مجمع وزارة الدفاع اليمنية (العرضي)، لكنها أصبحت رمزاً لتضحية وبسالة ومآثر جنودنا الشجعان من الشرطة العسكرية اليمنية والقوات الخاصة الذين اقتحموا المستشفى والمباني المجاورة لتحريرها من الإرهابيين في كانون الاول/ديسمبر عام 2013.
فمن الدفاع الآني (حراسة وزارة الدفاع من الشرطة العسكرية واللواء 314) إلى قوات الدعم والاقتحام من قوات العمليات الخاصة ستجد حتماً مفخرة وطنية ومهارة بطولية أظهرت بها القوات اليمنية خبراتها في مكافحة الإرهاب.

ففي الخامس من كانون الاول (ديسمبر) 2013 ، قام تنظيم القاعدة بتنفيذ هجوم على مستشفى العرضي الذي يقع داخل مجمع وزارة الدفاع في العاصمة اليمنية، صنعاء.
بدأ الهجوم نحو الساعة 9 صباحاً عندما اقتحمت مجموعة إرهابيين يحملون بنادق وراجمات صواريخ البوابة وهم متنكرون في زي الجيش. واشتبكت تلك المجموعة مع حراسة بوابة مستشفى العرضي، مما مهد الطريق لانتحاري بالدخول إلى المستشفى وتفجير سيارته المحملة بالمتفجرات داخل المجمع.
استهدف الهجوم المستشفى الموجود داخل مجمع وزارة الدفاع في صنعاء . ومما ظهر جلياً إن استغلال الإرهابيين البوابة التابعة للمستشفى ماهو إلا دليل على خسة ودنائة الأخلاق التي يتصف بها إرهابيو القاعدة، وحجم الانحطاط الأخلاقي الذي وصلت إليه هذه المنظمة الإرهابية.
وحقيقة واجهت القوات الخاصة مهمة صعبة تمثلت في إيجاد طريقة لمهاجمة الإرهابيين دون إلحاق الأذى بالمدنيين. حيث تم صد بعض منهم (مجموعة الاقتحام الأولي) عند البوابة الرئيسية للمستشفى من قبل قوات الشرطة العسكرية التي صدتهم ببسالة، وقتلت آخرين حينما حاولوا الفرار من البوابة الشرقية للمجمع. وفي النهاية، قتلت القوات الخاصة بالاشتراك مع أفراد أمن المجمع جميع الإرهابيين . قتل الإرهابيون 52 شخصاً وجرحوا 167 آخرين في الهجوم، وكان معظم الجرحى نتيجة شظايا زجاج نوافذ المباني المتناثر جراء انفجار السيارة. كان من بين القتلى أطباء وممرضات ومرضى وزوار وموظفين أجانب، بينهم أطباء وممرضات من ألمانيا والفلبين وفيتنام والهند.
تمكن الأبطال من حراسة وزارة الدفاع – سواء المنتسبين للواء 314 مدرع أو أفراد الشرطة العسكرية من حصر المهاجمين في المستشفى، بالرغم من أن الانفجار الانتحاري بالسيارة المفخخة كان الغرض منه المفاجأة والإرباك. إلا أن المهاجمين في المجموعات الثلاث لم يستطيعوا الدخول أو حتى مجرد الاقتراب من وزارة الدفاع، وكل من حاول كان مصيره الموت على يد قوات أمن وزارة الدفاع.
تم نشر قوات إضافية خارج المجمع لمنع أي مجموعة أخرى من دعم الإرهابيين الذين دخلوا المجمع وتمت المهمة بنجاح. بعد ذلك قامت القوات بالبدء بتطهير المبانى التي تمكن الارهابيون من الدخول اليها، وقد تم الحرص على عدم استخدام أسلحة ثقيلة، لأن مجمع العرضي يقع في مكان مزدحم بالسكان، وتحيطه المنازل من كل جانب.
هذا وقد زار فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي مبنى وزارة الدفاع بعد ساعة من وقع الهجوم، واجتمع بالقيادات العسكرية العليا هناك بينما كانت القوات تطهر مبنى الدائرة المالية من الإرهابيين.
وجدير بالذكر أن القوات تعاملت بحرص شديد وأناءة لمعرفة عدد المهاجمين داخل هذه المباني، الذين ظهر فيما بعد أنهم كانوا 12 مهاجماً. وكان الإرهابيون مجهزين بذخيرة وقنابل وحقائب إسعاف أولي وغذاء جاف يكفي لثلاثين يوماً، مما يشير أنهم كانوا يخططون للتمترس لأقصى مدة ممكنة من أجل تحقيق نصر معنوي وإعلامي.
وبعد أحداث مستشفى العرضي سادت موجة غضب شعبي عارم في صفوف الشعب اليمني حينما أظهرت أشرطة الفيديو لكاميرات المراقبة إرهابيي القاعدة يتجولون في ممرات المستشفى ويطلقون النار على الأطباء العزل والممرضات والمرضى فوق أسرتهم وداخل غرف العناية المركزة. وتعتبر هذه الفضيحة هي الأروع في تاريخ القاعدة والوحيدة التي توثق بواسطة التصوير بكاميرات فيديو.
وقد أظهرت إحدى لقطات الفيديو أحد الإرهابيين يقترب من مجموعة من المرضى الذين كانوا يرتعدون ويستغيثون به لأنه كان يلبس اللباس العسكري. في البداية صوب بندقيته نحو المجموعة، ثم قام بإلقاء قنبلة يدوية على المجموعة.
تلك اللقطات البشعة أظهرت كيف أن إرهابيو القاعدة لا يفرقون بين مقاتل في ميدان المعركة وآمن في الشارع، ولا بين شاب وشيخ ولا صغير وكبير ولا رجل ولا امرأة.حيث إن عاداتنا اليمنية تمنعنا أن نهاجم إمرأة مهما كانت الأسباب، لكن الإرهابيون قتلوا بلا رحمة نساء كن يستغثن.
وذكرت صحيفة محلية أن بعض الضحايا قتلوا على طاولات العمليات في عنابر الجراحة، جنباً إلى جنب مع الأطباء العاملين على علاج المرضى. وتظاهر آخرون بالموت لتجنب لفت انتباه الإرهابيين وبقوا على قيد الحياة ليقدموا شهاداتهم حول المذبحة الدموية.
ويعلق شاهد عيان للحادث على هذه الجريمة بقوله: من هم هؤلاء القتلة إنهم سفلة بلا قلب؟ لقد تم قتل الأبرياء بدم بارد بينما كانوا يصرخون طلباً للمساعدة».
كان أهم الدروس المستفادة من هذه الحادثة أننا يجب أن لانتوقع وجود أي مكان آمن من شر هؤلاء الإرهابيين. لذلك يجب أن تكون قواتنا مستعدة لمواجهتهم في أي وقت وفي أي مكان. ولقد كان التدريب جزءا لا يتجزأ من هذا الاستعداد. فعلى سبيل المثال، تم تدريب القوات الخاصة اليمنية بشكل تخصصي رفيع المستوى وبالإستفادة من خبرات عربية واجنبية. حيث أثمر هذا التدريب والخبرة السابقة – بما في ذلك عمليات المحاكاة التي أجريت في مقرات وزارة الدفاع وقوات الأمن اليمنية- في الاقتحام الناجح واستعادة السيطرة على المباني كما تم تطبيق ذلك في عملية مستشفى العرضي.