إعادة تأهيل الأطفال الذين يهربون من داعش سوف يساعد في استقرار الشرق الأوسط
أسرة يونيباث | تصوير وكالة رويترز
أقبل أبو عمارة العمري البالغ من العمر 11 عامًا على والده وانحنى لتقبيل يده، ثم ودعه قبل تفجير نفسه في شاحنة ممتلئة بالمتفجرات. قامت داعش بتصوير هذا الوداع المخيف لعرض صور دعائية في يناير 2016، وادعت في ذلك الوقت أن عملية انتحار الطفل قد ساعدت في السيطرة على قرية غزال بالقرب من حلب، سوريا، وفقًا لشبكة سي إن إن.
ولا يُعد داعش أول تنظيم إرهابي يقوم بتجنيد الأطفال، لكن تشير أحدث الدراسات إلى أن استخدامهم للأطفال يتجاوز كثيرًا التنظيمات في الصراعات الأخرى. وليس سرًا أن داعش تقوم بدمج الأطفال بشكل روتيني في العمليات العسكرية — وبموافقة الوالدين غالبًا.
منذ 1 يناير 2015 وحتى 31 يناير 2016، نعت دعاية داعش 89 طفلًا في عمر 18 أو أصغر، وفقًا لتقرير صادر من مركز مكافحة الإرهاب. وارتفع في تلك الفترة عدد الصغار الذين لقوا حتفهم في عمليات انتحارية من 6 إلى 11 شهريًا. وارتفع كذلك معدل العمليات التي يشارك بها طفل واحد أو أكثر ثلاثة أضعاف، حيث ضمت العديد من العمليات الانتحارية أطفالًا وشبابًا في يناير 2016 مقارنة بشهر يناير 2015.

وصرحت ميا بلوم، الكاتبة المساعدة للتقرير، لشبكة سي إن إن قائلة إن قاعدة البيانات التي بها 89 طفلاً هي مجرد “لمحة موجزة” عن ظاهرة أكبر، وقدرت أن تكون داعش قد جندت ما لا يقل عن 1.500 طفل مقاتل.
وانتهت مع الكاتب المساعد تشارلي وينتر في نهاية التقرير إلى أن “قاعدة البيانات تدل بوضوح على أن حشد [داعش] للأطفال والشباب لأغراض عسكرية يتزايد. ومن الواضح أن قيادة [داعش] لديها رؤية طويلة المدى لاستغلال الشباب في عملياتها الأرهابية”.
فقد أوضحت داعش نيتها بإنشاء جيل قادم من الجهاديين، وأطلقت عليهم اسم “أشبال الخلافة”. وفي إعلان صدر مؤخرًا في مجلة دابق على الإنترنت باللغة الإنجليزية، شجعت داعش الأمهات للتضحية بأبنائهن في سبيل الدولة الإسلامية التي نصبوا أنفسهم عليها. وفيما يلي نص المقال: “لأجلكِ، يا أم الأشبال … وما الذي سوف يجعلكِ تعرفين من أم الأشبال؟ إنها مربية الأجيال وصانعة الرجال”.
تحدي فريد
إن استغلال داعش وتضليلها للأطفال بشكل منظم يُعد تحديًا فريدًا من نوعه لقوات التحالف حيث تنفذ عمليات في أرض المعركة وتبدأ بإعادة تأهيل المتعاطفين سابقًا مع داعش. إن الجهود على المدى الطويل لإستئصال داعش سوف تكون أكثر تعقيدًا من قتل قائد الإرهاب أبي بكر البغدادي ومقاتليه.
وقال كاتبا المقال “هناك سؤال حول ماذا نفعل مع أعداد قد تصل للآلاف من الأطفال المتبقين والذين تم تلقينهم تلك الأفكار، إن داعش تفكر برؤية طويلة المدى. إنهم لا يحضرون الأطفال داخل صفوفهم ومن ثم يستخدمونهم في الحال في المعارك. ما يفعلونه أنهم يحضرون الأطفال، ويتم تلقينهم، وتدريبهم، ويكرسون وقتًا طويلًا لغرس الأفكار الجهادية.”
ويهرب عدد قليل من الأطفال أو يتخلى عن داعش، ومع ظهور عدد أكبر من تقارير عن تجارب الأطفال، فإن على العراق وحلفائها تناول مسألة إعادة التأهيل ودمج الشباب المقاتلين في داعش سابقًا بشكل عاجل. هؤلاء الأطفال — بالإضافة إلى أكثر من 2.1 مليون طفل في سوريا وحدها لا يذهبون إلى المدرسة بسبب الصراعات — وسوف يكونون أكثر تعرضًا للتجنيد بالمستقبل، حتى بعد هزيمة داعش نفسها.
ويتعرض الأطفال الذين يعيشون في مناطق تحت سيطرة داعش — وإن لم يشاركوا في القتال بأنفسهم — لذلك التلقين المكثف لأفكارهم. يقوم أفراد داعش في الموصل بإلقاء الخطب في صلاة الجمعة، وإلصاق اللوحات في التقاطعات الرئيسية، وتوزيع ملصقات ومنشورات لسرد أفكارهم ورؤيتهم. ومن حين لآخر يقومون أيضًا بوضع شاشات عرض في مراكز المدينة لعرض أفلامهم لتخويف السكان المحليين وجذب مجندين جدد.
ولاستهداف الأطفال، قامت داعش بوضع منهجها الأكاديمي الخاص بها ويتم استخدامه في الأراضي التي يقومون بالسيطرة عليها، وتتمحور تلك المناهج حول المواضيع الدينية وعقائد داعش. ورغم أن التقارير تفيد أن ما يصل لنسبة 70% من الآباء في الموصل يمنعون أطفالهم من تلك المناهج التي تُنظمها داعش، إلا أن داعش تقوم بمعاقبة الآباء بفرض غرامة على من يمنع أطفاله من الذهاب إلى المدارس. بالإضافة إلى ذلك، تقيم داعش معسكرات للشباب، وتثبت ألعابًا ترفيهية للجوال، وتُجري مسابقات حفظ للقرآن، وتمنح جوائز للفائزين.
