قوات الأمن البحرينية تنفذ تمريناً مشتركاً لمكافحة الإرهاب وتقييم التنسيق والأستجابة
أسرة يونيباث
لمواكبة التهديدات الإرهابية في إستهداف تجمعات المدنيين، أجرت القوات الأمنية المتخصصة في مكافحة الإرهاب في مملكة البحرين تمريناً أمنياً لإعادة السيطرة على مركز السيف التجاري وتحرير الرهائن بأقل الخسائر وبوقت قياسي.
وتم وضع خطة مُحكمة تحاكي أرض الواقع من حيث حركة القوات الأمنية وعملية تحرير الرهائن والقبض على الإرهابيين، وقد اشترك في هذا التمرين الكبير حوالي 825 عنصراً من جميع القوات الأمنية البحرينية، والمتمثلة بقوة دفاع البحرين ووزارة الداخلية والحرس الوطني، وتم استضافة مراقبين دوليين من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ودولة الأمارات العربية المتحدة لتقييم أداء القوات الأمنية المشاركة حيث استمر التمرين لمدة 6 ساعات.
لم يكن اختيار سيناريو التمرين – لمجمع السيف التجاري الذي يضم أكثر من 350 متجر- عشوائياً بل كان مدروساً بتمعن بسبب دناءة المجاميع الإرهابية وعدم اكتراثها بأرواح الأبرياء، إذ تكررت هجمات مماثلة في أماكن عديدة من العالم، على سبيل المثال، هاجم إرهابيو ما تسمى بدولة العراق الإسلامية كنيسة سيدة النجاة في وسط بغداد عام 2010 وباشروا عملية القتل العشوائي للمصليين، وقاموا بحملة إعلامية على صفحات التواصل الاجتماعي لبث الرعب في قلوب الناس وإيصال رسالة بأن قوات الأمن فقدت السيطرة على البلاد، واستنسخ إرهابيو ما يسمى بحركة الشباب الصومالية هجوماً دموياً مماثلاً في نيروبي عام 2013 على أكبر مركز تجاري في كينيا وقاموا بقتل الأبرياء وأخذ رهائن مما أحدث زوبعة إعلامية كبيرة آنذاك.

بدأ التمرين تمام الساعة الثانية والنصف بعد منتصف ليلة الخامس من كانون الثاني 2017 برعاية العميد الركن سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة قائد الحرس الملكي وبحضور كبار القادة الأمنيين والعسكريين في مملكة البحرين، حيث تجمع كبار القادة العسكريين والأمنيين والمراقبين الدوليين والمحليين في الطابق العلوي من المركز، وبدأ التمرين بإيجاز الرائد سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، قائد قوة الحرس الملكي الخاصة.
وقال: “لقد أصبح الإرهاب الشغل الشاغل لدول العالم عامة ولمملكة البحرين بصورة خاصة، لذلك توجب علينا أن نكون في أعلى درجات الجاهزية لمكافحة الإرهاب وبناء شراكات دولية مع حلفائنا للاستفادة من خبراتهم في محاربة الإرهاب والحفاظ على أرواح المدنيين، وعلينا تكثيف جهود التدريب المشترك لحماية أرواح وأمن مواطنينا.” كما حدد سموه الأهداف الرئيسية للتمرين.
”تحرير الرهائن داخل المجمع واختبار سرعة الاستجابة لقوات الأمن البحرينية، واختبار أسلوب العمل المشترك بين المؤسسات الأمنية والعسكرية والحفاظ على أرواح الأبرياء، واحترام حقوق الإنسان، واختبار جهوزية الوحدات.”
كما شرح سمو الشيخ خالد سيناريو التمرين للحضور: “استمرار دولة إقليمية بدعم العمل التخريبي والنشاطات الإرهابية، والتغرير ببعض الشباب محدودي الثقافة واستخدامهم لتهريب الأسلحة والمتفجرات داخل مملكة البحرين، وبتاريخ 5 كانون الأول تحركت مجموعة إرهابية من سرايا الأشتر قوامها 200 شخص بالهجوم بقنابل المولوتوف ضد قوات الأمن، وعند تحرك وحدات مكافحة الإرهاب لمواجهة الهجوم تواردت معلومات عن إطلاق نار داخل مجمع السيف التجاري.”
بداية التمرين
بعد الانتهاء من الإيجاز توجه الضيوف والمراقبين للشرفة المطلة على الطابق الأرضي للمجمع حيث كانت الحياة تسير بصورة طبيعية، وممرات المركز التجاري مكتظة بالناس، مجموعة من النساء داخل أحد المتاجر وشباب يسيرون قرب المقهى، أشخاص مشغولين بقراءة الرسائل في أجهزة النقال وآخرون يتجاذبون أطراف الحديث؛ وفجأة شوهد شخص يرتدي ملابس سوداء وقناع أسود يفتح حقيبته المحمولة على الظهر بطريقة مرتبكة ليخرج بندقية اتوماتيكية وبدأ بأطلاق النار عشوائياً على رواد المجمع. عمت الفوضى المكان، حيث صراخ النساء وصيحات الجرحى وسماع اطلاق نار من عدة اتجاهات داخل المبنى.
كانت تصرفات الإرهابيين لاأخلاقية ضد الأبرياء بضرب الجرحى وإهانة النساء والاستمرار بقتل المدنيين العزل، وكانت رائحة البارود تملئ المكان وظروف الرصاص الفارغة تغطي البلاط، وجثث القتلى والجرحى ملقاة في كل مكان مما يجعل التمرين وكأنه حدثاً إرهابياً حقيقياً، وسرعان ما انتقل إطلاق النار للطابق العلوي وأصبح المجمع في قبضة الإرهابيين. واستمروا بتوجيه الإهانات وركل للأبرياء وإطلاق النار بطريقة عشوائية طائشة في ممرات المجمع وداخل المتاجر.
بعد مرور خمس دقائق بدأت أضواء وصفارات إنذار سيارات الشرطة تقترب من المكان من عدة اتجاهات، وبدأ الإرهابيون بإطلاق النار على رجال الأمن الذين اتخذوا مواقع قريبة من مداخل المجمع وطلبوا الإستعانة بقوة العمليات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية، مرت الدقائق الخمس ثقيلة داخل المجمع تحت توتر وصراخ وإطلاق نار.
وفجأ سمع إطلاق نار من المدخل رقم 1 وسقط أحد الإرهابيين قتيلاً حينما دخلت أول مجموعة من قوة مكافحة الإرهاب، كانوا يسيرون بحركة منتظمة وخطوات ثابتة متفحصين المكان بعناية فائقة، موجهين فوهات أسلحتهم لعدة اتجاهات وسباباتهم جاهزة لضغط زناد الإطلاق وهم يرتدون ملابس سوداء وبكامل تجهيزاتهم العسكرية، مكتوب على ظهر الدرع الواقي أربعة حروف SSFC وهي مختصر للعمليات الخاصة لوزارة الداخلية.

بعد اشتباك القوة مع الإرهابيين وانحرافها للجانب الأيمن من المدخل بدأ النسق الثاني بالتغلغل باتجاه الجانب الأيسر من المدخل وتم قتل الإرهابيين في الطابق الأرضي وإحكام السيطرة على ذلك الجزء الذي يقع بين المدخل رقم 1 والمدخل رقم 10، وخلال لحظات صعد للطابق العلوي نسقين من نفس القوة وقتلوا الإرهابيين القريبين من المكان واستمروا بالتقدم شمالاً داخل ممرات المجمع، لكن كثافة النيران حالت إلى التوقف وطلب الإسناد من وحدة العمليات الخاصة التابعة للحرس الوطني، وكان جلياً أن مقاتلو هذه القوة خضعوا لتدريبات متقدمة حيث كان لديهم ضبط نار دقيق وتقدم بحذر ويقظة نحو مواقع الإرهابيين.
في هذه الأثناء وبعد حوالي 15 دقيقة من بداية الهجوم الإرهابي باشرت القوة بعملية الفرز الأولى للمنطقة المؤمنة في المجمع، كان فريق من هذه القوة من النساء لكن لا يمكن التعرف عليهن إلا بعد ان بدأن بتوجيه التعليمات للنساء داخل المجمع بيد أن التجهيزات العسكرية والمعدات وطريقة تنفيذ الواجب لا تختلف عن حركة الرجال ضمن القوة، مما يدل على مهنية وكفاءة العنصر النسوي في قوات النخبة التابعة لوزارة الداخلية.
طلب المزيد من الدعم
لم يكن أي ارتباك في تنفيذ المهمة من قبل مقاتلي الـ SSFC حيث نفذوا عملهم بمهنية عالية. بعد تأمين هذا الجزء من المجمع انقسموا لمجاميع صغيرة، قسم منهم يوفرون الحماية للمكان وقسم آخر يقومون بعملية الفرز والتدقيق، ومجموعة تقوم بتفتيش الإرهابيين وشد وثاقهم ورفع الأسلحة منهم، ومجموعة تقوم بتضميد الجرحى.
بعد ساعة من بداية الهجوم تم وصول قوة الحرس الوطني للمكان، قاموا بتأمين الموقع وافساح المجال امام الـ SSFC لتطهير بقية المجمع، إذ استمر التقدم داخل الممرات وقتل الإرهابيين وصولاً إلى نهاية المجمع حيث وضع إرهابيين أسلحتهم على رأس رهينتين مهددين بقتلهم حال الاقتراب، وهنا تم الاستعانة بقوة العمليات الخاصة التابعة للحرس الملكي.
برغم أن جميع القوات التي وصلت للمجمع نفذت مهماتها بمهنية عالية ووقت قياسي، إلا أن قوة العمليات الخاصة للحرس الملكي قامت بعملية نوعية عالية الدقة أبهرت المراقبين، مجهزين بأحدث التقنيات الحديثة لقوات العمليات الخاصة من مناظير ليلية وخوذ رأس خفيفة وتجهيزات متطورة لا تعرقل سرعة حركة المقاتل، وخوذهم مزودة بكاميرات عالية الدقة تنقل صوراً حية لمقر القيادة وأجهزة الاتصال المتطورة ذات التشفير المتقدم.
