العميد الركن حيدر فاضل أرزوقي شخصية تتمتع بشعبيه في الجيش العراقي
أسرة يونيباث
كما يقول المثل: “أن معادن الرجال تعرف بالشدائد” فبعد انتكاسة الموصل سقطت وجوه ورتب عسكرية لعدم كفاءتها بالدفاع عن أرض الوطن، وبرز رجال صناديد يملأ الأصرار عيونهم، يقاتلون ببسالة الأساطير دفاعاً عن أرضهم وكرامة شعبهم. ترى ابتسامتهم تملأ وجوههم وهم يستقبلون الأطفال والنساء الهاربين من براثن الأرهاب وترى الغضب يقدح من عيونهم وهم يقاتلون عصابات الأرهاب في حرب شرسة داخل مدن آهلة بالسكان.
أحد هذه السيوف المؤمنة هو العميد الركن حيدر فاضل أرزوقي الذي دخل قلوب العراقيين من خلال البث المباشر لمعارك تحرير المدن من أرهابيي داعش. تجد فيه طيبة أبن الجنوب وشيمة أبن الحويجة وأخلاق أبن العراق. تارة يظهر بكامل عدته الحربية في خطوط التماس يصب حمم سلاحه على اوكار الأرهاب، وتاره أخرى يخرج من تحت غبار المعركة ليتفقد المدنيين ويطمأن على سلامتهم.
العميد حيدر ضابطا أحبه الجنود والضباط وكسب ثقة قادته. ان حلمه منذ الصغر ان يكون جنديا وفيا ليدافع عن وطنه.
”دخلت الكلية العسكرية عام 1994، وتخرجت برتبة ملازم في صنف المدفعية عام 1997، وتدرجت بعدة مناصب حتى أصبحت نقيبا. لكني شعرت باليأس الكبير عندما حل الجيش عام 2003 لأني لا ارى نفسي بأي مهنه أخرى سوى جنديا، لكن الأمل أعيد لي وكنت أول العائدين للأنضمام للجيش وأكمال مسيرتي العسكرية.”
التحق عن طريق الدورات العسكرية التي اقامها التحالف الدولي آنذاك، وذهب للأردن ليكون ضمن دوة تدريبية لثلاث شهور. عاد بعدها ليكون ضمن فوج حماية وزارة الدفاع. وبعد مرور سنة له في الوزراة وجد فرصته لدخول كلية الأركان المشتركة في الرستمية عام 2005 في أول دورة اركان بعد تشكيل الجيش وكان رقم الدورة 69، حيث كانت دورة مكثفة لحاجة القوات المسلحة لضباط ركن مدربين على يد حلف الناتو. ” اشرف على دورتنا فريق من حلف الناتو لتلقي دروسا جديدة في مكافحة الارهاب والتمرد واساليب التخطيط الناجح والانفتاح على تعبئة الجيوش الجديدة الخاصة بحلف الناتو حيث كانت تعبئتنا تقتصر على المدارس البريطانية ايام النظام السابق.”
كان حلمه ان يكون جزءا من قوات العمليات الخاصة العراقية، أذ كانت تشكيل جديد ينتقي أفضل المقاتلين. هذه القوة التي تحوي كل أطياف العراق دون تمييز او محسوبية. وقد تحقق حلمه حال انتهاء كلية الأركان حيث انضم الى هذه القوة الفتية عام 2006. “شهد عام 2006 اوج الحرب الطائفية والقتل على الهوية وسقوط مناطق بأكملها، كنا نخرج بواجبات متعددة لحفظ الأمن وإلقاء القبض على الأرهابيين. كنت أعمل 17 ساعة متواصلة يوميا. لكن كنا مؤمنين بما نقوم به وكانت قوتنا متماسكة. أعتقد سر صمودنا هو التعدد الطائفي والأثني ضمن هذه القوة وأيماننا بأننا عراقيين فقط.”
ذاكرة حيدر مليئة بالقصص البطولية التي خاضتها وحدته. ابتدأت بمحاربة الأرهاب الذي أخذ عدة أسماء مثل مجلس شورى المجاهدين والقاعدة في العراق ودولة العراق الإسلامية وبعد الأستقرار النسبي وهزيمة الإرهاب وتسليم الملف الأمني لرجال الصحوات. كانت عصابات الجريمة والإرهاب تسيطر على محافظة البصرة. تقتل الأبرياء وتسرق الموارد الطبيعية وتهيمن على مقدرات المدينة. لذلك قررت الحكومة ضرب هذه العصابات وقد أرسلت قوات النخبة لخوض غمار هذه المعركة، “أثبتت صولة الفرسان بأن هذه القوة ليس ملك لجهه أو طائفة بل قوة وطنية تضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بأمن البلاد. كانت معارك شرسة جدا داخل المدينة، وأستطعنا من سحق فلولهم وبسط الأمن في البصرة. كان سكان المدينة يستقبلوننا بسعادة وفخر.”
يرى العميد حيدر في جنوده ومراتبه أصدقاءً وأخوة له، فتعامله المتواضع معهم جعلهم قريبين منه، يحبونه وينفذون أوامره دون تذمر. تراهم يتسابقون لتنفيذ الواجب، ويضحون بأرواحهم من أجل وطنهم ويدافعون عن قائدهم الوسيم من رصاص القناصين وغدر مفخخات داعش. سر العلاقة الوطيدة مع أبناء الفرقة الذهبيه هو تواجده بينهم والقتال معهم في الموضع المتقدم. كذلك معاملته الطيبة للسكان أثناء المعارك جعلته قريبا من قلوب الناس. أبتسم العميد حيدر وهو يروي لمجلة يونيباث قصة الصبي الذي رفض ترك طيوره: ” كنا وسط معركة شرسة وسط مدينة الرمادي، كان القتال من منزل الى منزل. أنتبهنا لوجود عائلة محاصرة في أحدى المنازل فطلبت أخلائهم من المكان. وبعد لحظات رأيت الأم تقف قرب عجلاتنا وتصرخ وتحرك بيديها بنوبه هستيرية بينما كان المقاتلين يردون على مصدر النيران. فأسرعت نحوها وأدخلتها المنزل بعيدا عن المواجهه بالنيران لأفهم الأمر. رأيت الصبي يبكي رافضا ترك البيت خوفا على طيوره. والأم تؤنبه وتبكي. فبين حراجة الموقف وبكاء الصبي وصراخ الأم طلبت من احد المقاتلين جلب قفص الطيور للعجلات. بعدها اقتنع الولد بالصعود ماسحا دموعه ومخفيا ابتسامه فرح وأمه تدعوا لنا بالنصر والعودة لعوائلنا بسلام.”
هذه القصة الطريفة جعلت أهل هذه القرية الصغيرة في أطراف الرمادي يحترمون هؤلاء الأبطال ذوو البزات السوداء وأصبحت طرفة لتعليقات منتسبي الوحدة مع آمرهم.
أرتقى العميد حيدر سلم القيادة وتسلم عدة مناصب، وحصل على عدة ترقيات لمواقفه البطولية والدقة في تنفيذ الواجب.
هذه الترقيات قد تحصل مرة واحدة في مسيرة المقاتل العسكرية، لكن ان تتكرر خلال مرحلة حرجة كالتي يمر بها العراق تدل على بسالته وشجاعته المتميزة، “الترقيات التي حصلت عليها، قدم ممتاز لمدة سنة واحدة من القائد العام للقوات المسلحة في صولة الفرسان 2008، وقدم لمدة ستة اشهر لمعارك الرمادي 2014، وقدم ممتاز لمدة سنة واحدة لتحرير الرمادي وغرب الرمادي 2015، وقدم ممتاز لمدة سنة واحدة لكوني حاصل على شهادة الماجستير بعد تخرجي من كلية الاركان عام 2006.”
عملت العمليات الخاصة الأولى لمدة 8 اشهر ومن ثم نقلت الى منصب امر فوج مكافحة الارهاب الثاني” ICTF “بتوجيه من الفريق الاول الكناني، قائد جهاز مكافحة الأرهاب لكون هذا الفوج من اهم الافواج والقوة الضاربة لجهاز مكافحة الارهاب وكوني انا الآمر الوحيد الذي احمل شهادة تخرج من دورة خاصة بهذا الفوج”
يؤمن العميد الركن حيدر بأن المعركة ضد الأرهاب هي معركة كل العراقيين، لأن الإرهاب عدو العالم المتحضر. “هذا الفكر المتطرف هو نتيجة ملأ ادمغة الشباب بالحقد والكراهية والإقصاء، لذلك يجب علينا محاربته وتحصين شبابنا منه.” وأضاف ” لأن داعش تنظيم عالمي وله مروجين وممولين في كل انحاء العالم، يجب محاربته من خلال الشراكة الدولية والتبادل الأستخباري لكي نضمن عدم ظهوره في بقعه أخرى من العالم.”
يعتبر العميد حيدر الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي مثله الأعلى، حيث كان أستاذه في كلية الأركان وشاءت الظروف ان يخوضوا أغلب المعارك معا حيث تجده دائما يسير على يمين الفريق الركن وهاب الساعدي وهم يحررون المدن ويلحقوا الهزائم بعصابات داعش.
”اود أن اعبر عن تقديري وأمتناني لأصدقائنا في قوات التحالف على الدعم المتواصل لقوات جهاز مكافحة الأرهاب بشكل خاص وبقية القوات المسلحة. وأخص منهم رجال العمليات الخاصة الأمريكية الذين كان لهم دور كبير بتشكيل وتدريب هذه القوة الضاربة منذ البداية. كذلك الدعم الجوي الرائع الذي تقوم به قوات التحالف أذ مكن قواتنا من تحقيق أهدافها بوقت قياسي وبأقل الخسائر. أن نتاج الشراكة الدولية أصبح واضحا في مجال مكافحة الأرهاب. وقد أثبتت القوات العراقية قدراتها في محاربة الأرهاب وأنقاذ المدنيين في أرض المعركة.”
By Unipath