مشاركة أكثر من 30 دولة في تدريبات الإجراءات المضادة للألغام الدولية في البحرين
أسرة يونيباث
احتشد جنود متعددو الجنسيات مستعدين ببنادق آلية على سطح مركب صيد شراعي بالخليج العربي، وتعالى صراخهم وأصوات الطلقات الناريّة أثناء نزولهم للطابق السفلي للمركب واقتحامه لإخراج الإرهابيين. قاموا بشق صناديق معدنية لفتحها للاشتباه في إخفاء أسلحة مهربة ومخدرات.
وقد جاءت هذه القوات من أماكن بعيدة للمشاركة لأول مرة في تدريبات الإجراءات المضادة للألغام الدولية (IMCMEX) التي أجريت في المنامة، البحرين.
ويتم استخدام هذا المركب الشراعي الذي يرسو على اليابسة في القاعدة البحرية البحرينية للعمل كمركبق تدريبي للقوات متعددة الجنسيات. وكانت التدريبات تحاكي عمليات تفتيش قارب واحتجازه في حالة عدم وجود التعقيدات الفعلية لصعود سفينة في البحار عالية الأمواج.
وكانت الأمور ذات تقنية أعلى على بعد 450 كيلومترًا على طول الساحل في الكويت، حيث كان البحارة الكويتيون والأمريكيون وغيرهم من البحارة متعددي الجنسيات يستخدمون غواصات مسيرة للكشف عن الألغام الوهمية وإزالتها من المرافئ الحيوية للأمن الاقتصادي للبلاد.

كبير الضباط إيريكا كاريلو/الأسطول البحري الأمريكي
وقد قام الغواصون الأردنيون بنفس الأمر تقريبًا على بعد مسافة 1200 كم إلى الغرب قبالة ميناء العقبة الحيوي وأجرت قوات عسكرية متعددة الجنسيات أ عمليات لمكافحة قرصنة في البحر الأحمر، حيث كانت تتدرب على متن سفينة الحاويات الأطلسية الضخمة “ميرسك”.
”نحن نعتقد أن التهديد من عصابات الجريمة المنظمة والأرهاب على طرق التجارة أمر حقيقي، وهذا التمرين يساعد في التخفيف من ذلك،” جاء ذلك على لسان الأدميرال كيفين دونيغان،» قائد القوات البحرية الأمريكية في القيادة المركزية، أثناء التدريبات العسكرية التي استمرت ثلاثة أسابيع تقريبًا في شهر أبريل 2016. وأضاف “نحن ننظر إلى الجهات الفاعلة غير الحكومية التي لديها قدرات محتملة لعرقلة حركة المرور البحري، والتي تضم تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام وحتى الحوثيين.”
كان امتداد ونطاق تدريبات الإجراءات المضادة للألغام 16 الدولية شاسعًا، حيث امتدت التدريبات لتغطي قوساً مائياً من جنوب العراق، وصولًا إلى الخليج العربي، عبر مضيق هرمز، ومجتاحًا سلطنة عمان واليمن ممتدًا على طول البحر الأحمر إلى العقبة ومصر. هذه هي جميع الأراضي المعروفة لقوات المهام الثلاث متعددة الجنسيات التي تجول قطاعات من هذه المياه – وقوى المهام المشتركةهي: 150 و 151 و 152.
وقد شاركت أربع وثلاثون دولة في تدريبات الإجراءات المضادة للألغام 16 الدولية ومن بينها البحرين والأردن والكويت وباكستان. وتم تصميم هذا التدريب الدفاعي لتعزيز الأمن البحري، وتعريف القوات على أحدث التقنيات في التدريب والمعدات،وتحسين العمل المشترك، ليس بين الجيوش فحسب، بل مع الأساطيل المدنية التي تعتمد على القوات البحرية لحمايتها.
وليس من قبيل المصادفة أن المنطقة تعتبر موطنًا لثلاثة من أكثر نقاط الاختناق الاستراتيجية في العالم عندما يتعلق الأمر بنقل النفط — عبر قناة السويس وباب المندب ومضيق هرمز. وقد عبر قادة مثل اللواء خالد الكندري، آمر القوات البحرية الكويتية، عن رغبته في تعزيز التعاون للدفاع عن المياه الدولية في وحول الخليج العربي. “ستركز التدريبات في الكويت على البنية التحتية وعمليات الأمن البحري ومهمات البحث والإنقاذ ومرافقة السفن التجارية وحماية ناقلات النفط”، جاء ذلك على لسان اللواء الكندري والذي قال بأن البحارة الكويتيين والأمريكيين والأوربيين تدربوا معًا في المياه البحرية الكويتية في تدريبات الإجراءات المضادة للألغام الدولية.
بدأت تدريبات الإجراءات المضادة للألغام الدولية بعقد مؤتمر في المنامة والذي اجتذب بعضًا من كبار قادة البحرية في المنطقة، والمديرين التنفيذيين بصناعة النقل البحري. وأبرزت ندوة حماية البنية التحتية البحرية الاعتماد العالمي المتزايد على الممرات الملاحية التي تضاعفت حركة الملاحة بها في خلال 30 عامًا الماضية.

ضابط أول تريفور أندرسون/الأسطول البحري الأمريكي
وتوضح أزمة القراصنة الصوماليين الأخيرة كيف يمكن لجماعات صغيرة من المجرمين أن تعيث فسادًا على النقل البحري الدولي في حالة عدم وجود قوات بحرية متعددة الجنسيات لحفظ السلام. حتى أن زيادة شعبية السفن السياحية تثير المخاطر: وتضم أكبر هذه السفن السياحية 6000 مسافر، وهي سعة أكبر من أكبر حاملات الطائرات الأمريكية. في الحقيقة، أنه خلال هذه التدريبات، أظهرت البحرية الملكية البريطانية قدرتها على حماية الممر البحري من خلال مرافقة اثنين من السفن السياحية – وهما RMS Queen Mary II و RMS Queen Elizabeth – عبر خليج عمان.
ولكن البنية التحتية البحرية لا تقتصر على السفن. إذ أن الموانئ التجارية والقواعد البحرية ومحطات النفط والرافعات وكابلات الألياف الضوئية وخطوط الأنابيب والجسور والأنفاق جميعها تتطلب الحماية.
”إن الحفاظ على السلام في البحر هو واجبنا كقوات بحرية” جاء ذلك على لسان العميد الركن بحري الشيخ خليفة بن عبدالله آل خليفة قائد سلاح البحرية الملكي البحريني.
وتظل الألغام الموجودة تحت الماء والعبوات الناسفة المحمولة بحرًا تهديدًا لممرات الشحن العالمي. وكان تهديدًا قام المشاركون في تدريبات الإجراءات المضادة للألغام الدولية بالتعامل معه في أماكن مثل الكويت والبحرين والأردن خلال العروض التكتيكية التي شارك فيها حوالي 4000 شخص على متن 30 سفينة وعلى الشاطئ. وفي مجال تحديد أماكن الألغام وتدميرها، حلت التكنولوجيا جزئيًا محل الإنسان في عملية عُرفت بكونها أكثر خطورة وكلفة، حيث كانت تتضمن القيام بدوريات جوية ووجود غواصين بشريين. وتقترب القوارب التي تعمل بدون ربان من خلال التحكم عن بُعد من الأجسام المشبوهة على السطح، الغواصات المسيرة خفيفة الوزن و المجهزة بسونار يمكنه أن يغوص 100 متر في مهمة بحث وتدمير ضد الأجسام الموجودة على مسافة أكثر عمقًا.
وكانت السفينة یواساس پونس USS Ponce، وهي سفينة تابعة للبحرية الأمريكية يبلغ عمرها 45 عاما تخدم وتعيد تزويد أسطول كسح الألغام المتعدد الجنسيات في الخليج العربي، وهي تستوعب أفرادًا من 20 دولة من الدول الشريكة خلال التدريبات. كما تستخدم السفينة أيضًا فقمات بحرية لشم الألغام وهي مدربة لاكتشاف المتفجرات تحت الماء. فعندما تلمس الفقمة اللغم بأنفها، فإنها تشغل جهازًا على ظهرها يرفع علمًا للسطح يمكن للبحارين رصده. وقال الكابتن كين ريلي مازحًا، “إن الفقمات سيفعلن أي شيء من أجل الحصول على سمكة.”
وهناك سفينة أخرى ذات تقنية عالية، وهي USNS Choctaw County، وهي مصنوعة من ألومنيوم غير مطلي لمنحها وزنًا أخف، وسرعة أكبر، ومقاومة للألغام المغناطيسية. وهذه السفينة يمكنها المناورة بالقرب من الشاطئ في مياه يبلغ عمقها 13 قدمًا فقط. وكانت هذه السفينة تمخر عباب البحر بالجنود والإمدادات من البحرين إلى الكويت خلال تدريبات الإجراءات المضادة للألغام الدولية. ويتكون جزء من طاقم السفينة USS Ponce وجميع طاقم السفينة USNS Choctaw County من بحارين مدنيين، وهو إجراء للتوفير في التكلفة يتيح لقوات الخليج العربي فعل المزيد باستخدام عدد أقل من الجنود والبحارين.

ضابط أول بلاك نايت/الأسطول البحري الأمريكي