تصاعد تهديدات الإنترنت فيما تتبنى البلاد تكنولوجيا المعلومات
بقلم زمریالی وفا، مدير أمن أنظمة المعلومات ورئيس هيئة إدارة البنية الأساسية للمفتاح العام ، بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، في جمهورية أفغانستان الإسلامية.
في عالم اليوم الافتراضي، حيث التواصل عبر الإنترنت أمر ضروري، تواجه الحكومة وقطاع الأعمال احتمالية التعرض لهجمات على الإنترنت. ولمكافحة جرائم الإنترنت والتخفيف من مخاطر تلك التهديدات، علينا أن نتعاون على الصعيد العالمي في سبيل تطوير نموذج فعّال.
حققت أفغانستان الكثير في مجال الأمن السيبراني منذ عام 2002. فقبل عام 2001، كان لدى البلاد أقل من 15000 خط أرضي محلي. ولم تكن شبكة الإنترنت موجودة بشكل فعّال بالنسبة للأفغان- ولم يكن لدى البلاد مؤسسات لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ولا شركات توفير خدمة الإنترنت. ولإجراء وتلقي المكالمات الدولية، كان على الأفغان عادة أن يسافروا إلى دول الجوار. وكان الرمز الهاتفي لباكستان يخدم قطاعات من أفغانستان.
ليس معنى هذا أن تكنولوجيا الكمبيوتر لم تكن موجودة في أفغانستان.
فمثل هذا التكنولوجيا دخلت البلاد عام 1973 مع شراء كمبيوتر مركزي ضخم من شركة آي بي إم. وكانت وظيفة هذا النظام الكمبيوتري الأول من نوعه حفظ سجلات التجارة الخارجية، والمساعدة في إصدار فواتير المرافق العامة وأن يكون بمثابة بنك بيانات وطني. وبعد أكثر من 40 عاماً، توجد أجهزة هذا النظام التي عفا عليها الزمن في أحد المتاحف.
تحديث الاتصالات
تلعب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأفغانية دوراً رائداً في تعزيز تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في البلاد. ففي عام 2003، وضعنا سياسة لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وأتبعنا ذلك في عامي 2003 و 2005 بسياسات وقوانين جديدة للاتصالات. وثبت أن تمرير قانون شامل لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في عام 2009 كان أكثر صعوبة. فقد كان المشروع الذي قدم لوزارة العدل معقداً وتقنياً بأكثر مما يجب. ولم يكن أمامنا خيار سوى أن نختزل السياسة في وثائق منفصلة، لم تحصل بعضها على الموافقة النهائية بعد: قانون جرائم الإنترنت، وقانون المعاملات الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني، وسياسة الأمن السيبراني.
أقامت أفغانستان أول خط هاتفي أرضي لها في عام 2005، تحت إشراف شركة الاتصالات الأفغانية. ولدينا الآن 58 شركة لخدمة الإنترنت، في حين لم يكن لدينا أي شركة قبل 13 سنة. وتعمل معظم هذه الشركات بمثابة نقاط إعادة بيع. فهي لا تقدم كل الخدمات بنفسها؛ ولا تقدم أي محتوى. وإنما توفر فقط للعملاء الأفغان القدرة على الاتصال بالإنترنت. ويأتي عدد كبير من الوصلات عبر حلقة اتصالات الألياف البصرية المنتشرة في أنحاء أفغانستان. ويحصل نحو 70 بالمائة من شركات خدمة الإنترنت على وصلات الإنترنت من شركة الاتصالات الأفغانية.
ويسبب وجود 58 شركة لخدمة الإنترنت قلقاً أمنياً. فمع مثل هذا العدد الكبير، كيف يمكنك فرض القوانين والتحكم في حركة الإنترنت؟ وهذا واحد من التحديات الرئيسية التي نواجهها في البلاد. ونحن نعمل على تصميم جديد للبنية التحتية للإنترنت. ويحدونا أمل في أن نكون خلال السنوات المقبلة في وضع يمكّننا من تنفيذ ذلك التصميم.
لقد تم استثمار 4,2 مليار دولار في قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات منذ عام 2002. وأصبح ما يقرب من 89 بالمائة من السكان قادرين على استخدام هاتف نقال. وهذا يعنى أن أكثر من 23 مليون أفغاني من بين الـ 32 مليون من سكان أفغانستان لديهم هواتف نقالة. وكان سعر بطاقة السيم (وهي شريحة الذاكرة المستخدمة في الهواتف النقالة) 300 دولار قبل عدة سنوات، ولكن يمكنك شراءها اليوم في أفغانستان بالمجان تقريباً.

أذكر عندما حصلت على أول شريحة ذاكرة، كان علي أن أنتظر ثلاثة أشهر، رغم أنه كان بحوزتي الوثائق المطلوبة. كان الطلب مرتفعاً جداً مقارنة بالعرض. ولكن سعر كل شريحة ينخفض يوماً بعد يوم. وكان سعر المكالمة الدولية حوالي 2 دولار للدقيقة الواحدة، وسعرها الآن 10 سنتات فقط للدقيقة.
بطاقة الهوية الوطنية الالكترونية، أو مشروع التذكرة الالكترونية
حدث تقدم هام في مشروعنا لبطاقة الهوية الوطنية الإلكترونية. ظهر المشروع في البداية إلى حيز الوجود في عام 2010. وقد تأخرت تلك العملية مؤقتاً بسبب تعقيد المسائل التكنولوجية والسياسية التي واجهناها في الحكومة، ولكن المشروع عاد إلى التحرك من جديد.
في أوائل أيار/ مايو 2015، أجرينا اختباراً شاملاً جامعاً لم يسفر عن أي أخطاء في البطاقات. وكل شيء سار على ما يرام تماماً. وتلقينا بالفعل مرسوماً جمهورياً باستخدام القياسات الحيوية البيومترية وإصدار بطاقة الهوية الوطنية. ووزارة الداخلية هي السلطة التي تقوم بإصدار هذه البطاقات. ونحن في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الشركاء التقنيون.
وتستخدم البطاقة تقنية البطاقات الذكية. ومعظمنا يعرف كيف تعمل تكنولوجيا البطاقات الذكية. إنها واحدة من أكثر وسائل التحقق من صحة البطاقة أماناً. فهي تحتوي على تشفير قوي إلى حد ما. ويستخدم مشروع بطاقة الهوية الوطنية الإلكترونية أو مشروع التذكرة أحدث تكنولوجيا متاحة. وتحمل كل بطاقة بداخلها شريحة للتمكين من مفتاح البنية التحتية العامة. وهذا يعني أن كل مواطن يستطيع أن يكون له ثلاثة مفاتيح في بطاقة الهوية الخاصة به أو بها: واحد للتوقيع، وآخر لأثبات تحقيق الشخصية وثالث للتشفير.
توفر تكنولوجيا البطاقة الذكية العديد من الفوائد الوطنية أيضاً. ففي كل مرة يقوم فيها المواطن بتشفير رسالة ما، فإنه يولّد خوارزمية فريدة من نوعها. وإذا تم المساس ببطاقة هوية واحدة، فإن هذه البطاقة فقط هي التي تتعرض للخطر، وليس النظام بأكمله. وتحمل كل بطاقة رمزاً فريداً خاصاً بها.
وتمثل البطاقة الإلكترونية حجر الأساس لخدمات الحكومة الإلكترونية. فنستطيع استخدامها في تسجيل فردي، وللصحة الإلكترونية، والضرائب الإلكترونية، والمحفظة الإلكترونية، وكل ما يخطر على بالك. كنا في البداية نفكر في إدخال 17 خدمة في بطاقة واحدة ولكن خشينا من أن يخلق ذلك نقطة فشل واحدة.
فعلى سبيل المثال، كنا نريد إدراج رخصة القيادة في نفس بطاقة الهوية، ولكن قررنا إصدار كل منهما على حده.
كما تُستخدم بطاقة الهوية في التصويت الإلكتروني. فنزاهة النظام الانتخابي تمثل مصدر قلق كبير محلياً ودولياً. رأينا ذلك في الانتخابات السابقة في أفغانستان، عندما عمل المراقبون شهوراً لضمان سلامة التصويت. ورغم هذه الشفافية، من الصعوبة بمكان الحفاظ على كل شيء نظيفاً وواضحاً. فاستخدام بطاقة الهوية الإلكترونية في التصويت الإلكتروني هي الوسيلة الأكثر أماناً لإجراء الانتخابات.
برامج وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
ترعى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات العديد من البرامج التشجيعية. والهدف من ذلك هو تشجيع الشباب الموهوبين في أفغانستان. يسمح أحد هذه البرامج للطلبة والشباب بالعمل على تطبيقات خاصة للخدمات الحكومية. وقاموا حتى الآن بتطوير أكثر من 30 تطبيقاً للحكومة، من بينها تطبيق يسمح للمواطنين بسداد فواتير خدمات المرافق العامة باستخدام هواتفهم النقالة.
كذلك لدينا البرنامج الذي يصرف منح الابتكار للطلبة من مختلف الجامعات. وقد توصلوا إلى أفكار خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وفي العام الماضي سلّمنا ثلاث جوائز للمتفوقين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وجائزة لطالب واحد. كما نستضيف حاضنات أعمال من خلال برنامج يوفر مساحات مكتبية للطلبة، وخدمة إنترنت وأجهزة كمبيوتر. ويمكنهم مباشرة أعمالهم والقيام بعمليات التسويق من الحاضنة.
كذلك لدينا برنامج المرأة التقنية في أفغانستان، الذي يوفر التدريب في مختلف البرامج والتطبيقات من شركات مثل غوغل وميكروسوفت. وبدأنا في الآونة الأخيرة إصدار صحيفة كل شهرين تسمى تك تايمز أفغانستان. وهي تناقش النشاطات ذات الصلة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في البلاد.
زيادة اليقظة
في عام 2009، شكّلت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أول فريق للاستجابة لطوارئ الكمبيوتر مستعينة بدراسة جدوى للاتحاد الدولي للاتصالات. وهو يقيم الآن في كنف مديرية أمن نظام المعلومات. قام الفريق بتطوير مختبر للطب الشرعي لمساعدة الحكومة وقطاع الأعمال في رصد مشاكل الأمن السيبراني. وبحلول نهاية عام 2015، سيتم ربط فريق الاستجابة لطوارئ الكمبيوتر بمركز الاستجابة العالمي التابع للاتحاد الدولي للاتصالات. ونود الارتباط بمراكز أخرى أيضاً لنتلقى منها معلومات عن التهديدات والحوادث.
كانت الخسائر الإجمالية المرتبطة بجرائم الإنترنت في الفترة من عام 2011 إلى عام 2015 3,1 مليار من العملة الأفغانية، أي ما يعادل 28 مليون دولار. ومعظم هذه الجرائم- 70 بالمائة- ارتكبها موظفون من داخل المؤسسات المالية. ونجمت الـ 30 بالمائة الأخرى من سرقة بطاقات الهوية، وتزوير و”انتحال” البريد الإلكتروني. كانت 2014 هي أعلى سنة تُسجل فيها جرائم الإنترنت، حيث بلغ إجمالي الخسائر 827 مليون من العملة الأفغانية. وقد اُصيب ثلاثة من بين كل أربعة أجهزة كمبيوتر في أفغانستان ببرامج ضارة، مما يعني إصابة ما يقرب من 75 بالمائة من حركة الإنترنت.
علمنا أثناء التحقيق مع ضحايا جرائم الإنترنت، أن بعض تلك المنظمات لم يكن لديها سياسات أمنية عاملة، الأمر الذي كان صدمة للجميع. تخيل فقط: أن بنكاً يتعامل مع ملايين الدولارات كل يوم ليس لديه سياسات أمنية رئيسية عاملة.
واستناداً إلى كل تلك الجرائم، قررت الحكومة عام 2014 وضع استراتيجية وطنية للأمن السيبراني في أفغانستان. إذا ذهبت إلى أي دولة، تجد أن مثل هذه الاستراتيجية واحدة: إنشاء فضاء إلكتروني آمن ومضمون للحكومة وقطاع الأعمال. واستراتيجيتنا مبنية أيضاً على كل هذه الأهداف.
وتقوم الاستراتيجية على المبادئ التوجيهية للأمن السيبراني التي وضعها الاتحاد الدولي للاتصالات وتتألف من خمس ركائز. الأولى هي التدابير القانونية. ففي أفغانستان، لم يوجد شيء من هذا القبيل للفضاء الإلكتروني. ما هي العقوبات التي تُطبق في حالة عدم الامتثال؟ الركيزة الثانية هي التدابير التقنية والإجرائية، المرتبطة بالإجراءات القانونية. والثالثة هي الهيكل التنظيمي، وهو شيء ينقصنا. فليس لدينا مسؤول كبير للأمن في حكومتنا، وهو شيء نتمنى أن يكون لدينا. والركيزة الرابعة هي بناء القدرات، والخامسة هي التعاون الدولي. فالتعاون الدولي أمرٌ بالغ الأهمية. فالفضاء الإلكتروني ليس له حدود. إنها قضية عالمية. ونحن في حاجة إلى العمل سوياً. فهذا هو الطريق الوحيد للتخفيف من التهديدات في الفضاء الإلكتروني. إذ لا يمكن لجهة واحدة أن تحارب هذه التهديدات بمفردها.
آليات الحماية لسياسة الفضاء الإلكتروني الأفغانية
-
الدعم الحكومي الداخلي
-
الميزانية السليمة
-
الهيكل التنظيمي الفعّال
-
الشراكة بين القطاعين العام والخاص
-
المعايير والخطوط الأساسية لأمن المعلومات
-
الهيئة التنظيمية، والاستراتيجية، والسياسة وأفضل الممارسات
-
الاستجابة للحوادث والتعافي من الكوارث
-
المراجعة المنتظمة وتحديث السياسات
-
التعاون الدولي