التوسع في جعل المهام متعددة الجنسيات
أسرة يونيباث
فيما وصل الجنرالات الزائرون إلى مجمع عسكري بالقرب من مدينة ماركا بالأردن، شكّل جنود قوات خاصة نصف دائرة لتحية كبار الشخصيات القادمة. لقد جاءوا من الأردن، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية ولبنان. جاءوا من تركيا، وكازاخستان، وطاجيكستان والولايات المتحدة.
أخذ المترجمون ينقلون تعليمات القادة لرجالهم، وهم يتداولون ما يمكن أن يصبح مأزقاً لغوياً: أولاً باللغة العربية، ثم بالإنجليزية والتركية، والروسية والطاجيكية على التوالي. وبعد توزيع المجاملات، تفرقت الأسراب لتنفيذ المهام عبر المناظر الطبيعية الصخرية القاحلة في شمال وسط الأردن.
وبعد مشاهدة مثل هذه الشراكات وهي تعمل في التدريبات العسكرية الأسد المتأهب 2014، التي استضافتها القوات المسلحة الأردنية في الفترة من 25 أيار/ مايو إلى 8 حزيران/ يونيو، اندهش العميد الأردني فهد الضامن من قدرة القوات المتعددة الجنسيات على كسر الحواجز: «إن الحواجز اللغوية تختفي كلها عندما نجتمع سوياً».
![سمو الأمير الأردني فيصل بن الحسين، من اليسار؛ والجنرال لويد أوستن، قائد القيادة الأمريكية المركزية؛ والفريق مشعل الزبن رئيس هيئة الأركان الأردنية يتحدثون أثناء تدريب الأسد المتأهب 2014 في الاردن. [رقيب أول ويل برايس/ فيلق مشاة البحرية الأمريكية]](https://unipath-magazine.com/wp-content/uploads/2014/10/13860612.jpg)
أظهرت تدريبات الأسد المتأهب التي اجتذبت نحو 12000 مشارك من 23 دولة، مرة أخرى براعة الأردن في إجراء تدريبات برية، وبحرية وجوية مشتركة تحت قيادة متعددة الجنسيات. وسواء كانت تدريبات الأسد المتأهب تتعلق بنزع سلاح الإرهابيين على ظهر سفينة مختطفة بالقرب من ميناء العقبة، أو مداهمة بنايات لإنقاذ رهائن، أو إطلاق صواريخ على أهداف بعيدة أو صد توغلات عبر الحدود، فقد استعرضت سيناريوهات اختبرت قوة احتمال الجنود على العمل خارج القيود المألوفة في أوطانهم.
كانت هذه النسخة الرايعة لتدريبات الأسد المتأهب التي تجريها القيادة الأمريكية المركزية جديرةً بالملاحظة في عدة جوانب. فالمملكة العربية السعودية، التي آثرت العام الماضي أن تلعب دور المراقب، أصبحت ثالث أكبر مشارك بالقوات في تدريبات الأسد المتأهب 2014، مؤكدة مجدداً الدور القيادي الذي تلعبه في الشرق الأوسط منذ أمد بعيد. الأكثر من ذلك، أن كازاخستان وطاجيكستان أصبحتا أول دولتين من آسيا الوسطى تشاركان بقوات في تدريب متعدد الجنسيات تقوده دولة عربية. وقد اشتمل الدور الموسع لباكستان على إسهامات بارزة في قوات العمليات الخاصة.
قال العميد الأردني جمعة الهروط، الذي قاد قوة العمل المشتركة المتعددة الجنسيات في التدريب، لمجلة يونيباث، «لقد أصبحت تدريبات الأسد المتأهب فرصة كبيرة لتحقيق التوافق في العلاقات. فالبيئة العملياتية آخذة في التغير. فلم تعد هناك مطلقاً دولة تقوم بحملات بمفردها. كنا نستخدم تشكيلاً ضد تشكيل، وآلاف الدبابات ضد آلاف الدبابات. والآن لا نستطيع أن نفعل ذلك. سوف نستخدم قطعاً وأجزاء من كل شيء لتلبية رغبة المجتمع الدولي في السلام والاستقرار».
العمليات الخاصة
فى مركز الملك عبد الله الثاني لتدريب قوات العمليات الخاصة خارج العاصمة الأردنية عمّان، كان الكومانوز الباكستانيون التابعون لمجموعة النخبة للعمليات الخاصة، يجهزون أنفسهم لمهمة محاكاة ليلية لإنقاذ
رهائن في قرية تم إنشاؤها داخل تجويف محجر صخور قديم.
يقوم الباكستانيون، وقد انضم إليهم كوماندوز سعوديون، بمداهمة بنايات من ثلاثة طوابق من مستوى سطح الأرض، ويتقدمون نحو الهدف في ناقلات جنود مدرعة. تقوم قوات خاصة من الأردن وبروناي بالنزول سريعاً بالحبال من مروحيات هجومية فوق الأسطح. وتعرض القوات الخاصة الأمريكية بعض تكتيكاتها، وأساليبها وإجراءاتها للمهمة.
أشار أحد مدربي الجيش الأمريكي إلى «أن الهدف هو توحيد العمل بين هذه الدول».
![جنود يؤدون عملية إنقاذ أثناء محاكاة لهجوم كيماوي في مدرسة الأمير هاشم للعمليات الخاصة في الأردن خلال تدريبات الأسد المتأهب 2014. [أسوشييتد برس]](https://unipath-magazine.com/wp-content/uploads/2014/10/AP1272399562262.jpg)
وفى تدريب ما قبل المهمة، تبادل الكوماندوز الباكستانيون قبعات قماشية مرنة للخوذات الهجومية. يحمل معظم أفراد مجموعة النخبة للعمليات الخاصة بنادق قصيرة إم-4، باستثناء اثنين من الكوماندوز مجهزين ببنادق طاردة لنسف أقفال الباب. ويمثل هذا الجزء التفصيلي بحد ذاته حلاً وسطاً بين هذه القوات المتعددة الجنسيات: فقوات الاقتحام الباكستانية تفضل في بلادها تفجير «ثغرات صغيرة» في الجدران بدلاً من نسف الأقفال. ويمضي الهجوم كما هو مخطط له. وفيما تهجع القرية الوهمية وسط الهواء الصحراوي البارد بعد منتصف الليل، تعلن ضربة مفاجئة لريش المروحيات أن المهمة جارية على قدم وساق. تطبق قوة الاقتحام المؤلفة من 68 رجلاً، المقسمين إلى أربع فرق حسب جنسية كل منها، من اتجاهات متعددة على البنايات المستهدفة. وفى غضون دقائق، ينطلق «الرهائن» الخمسة – الذين لعب دورهم مشاة بحرية أمريكيون- بأمان.
لم يُقصر السعوديون والباكستانيون أنفسهم على البيئات الحضرية، فقد وضعوا أيضاً وحدة كبيرة من قوات العمليات الخاصة في العقبة للمشاركة في تدريبات بحرية لإحباط أعداء في البحر. قال العقيد السعودي محمد بن عبد الله البقمي، وهو واحد من أكبر ضباط بلاده في التدريب، «إن مشاركة القوات المسلحة السعودية في تدريبات الأسد المتأهب 2014 تستهدف تبادل الخبرات مع الدول الصديقة من أجل اكتساب المزيد من الحرفية العسكرية».
صواريخ في الصحراء
حوالي ساعة إلى الشرق، وفيما تنحدر التضاريس داخل المناطق الصخرية من صحراء الأردن الشرقية التي لا ترحم، قامت أسراب من قوات المدفعية الأردنية والأمريكية بتجهيز نظام صواريخ المدفعية العالية الحركة لشن هجوم بصواريخ موجهة على هدف بعيد. استهدف الاستعراض الدقيق للنيران، وهو محصلة أربعة أشهر من التدريب المشترك بين عسكريين أمريكيين والكتيبة 29 الملكية الأردنية لنظام صواريخ المدفعية العالية الحركة، استعراض مهارات المراقبين والموجهين الأردنيين.
تحركت راجمة صواريخ فوق شاحنة – تم طلاؤها باللون البيج لتمييزها عن اللون الأخضر الأمريكي- فوق أرضية الصحراء، مثيرة خلفها سحابة من الغبار. ارتفعت أنابيب الصواريخ من بطن الشاحنة، ومتى وصلت إلى الارتفاع المناسب، أطلقت صاروخاً وسط لفافة من الدخان. انطلقت القذيفة إلى ارتفاع نحو 23000 متر، وفى أقل من دقيقتين، اصطدمت بهدف على بعد 65 كيلومتراً إلى الشرق.
لم يصل صوت الانفجار إلى موقع الإطلاق. ولكن طائرة بدون طيار محلقة فوقه التقطته. وتم نقل الصورة إلى شاشة تلفزيون في خيمة مراقبة مكدسة بكبار الشخصيات، ومن بينهم صاحب السمو الملكي الأردني الأمير فيصل بن الحسين. تكرر التدريب أكثر من أربع مرات على نحو يرضي قادة مثل اللواء الأمريكي روبرت كتالانوتي، مدير التدريبات بالقيادة الأمريكية المركزية.
قال اللواء كتالانوتي، «نحن نتدرب ونتمرن استعداداً لأي طارئ حتى نكون موحدين».
هجوم كيماوي
لا تقتصر تدريبات الأسد المتأهب على الجنود وحسب. فالمدنيون يلعبون دوراً فيما أصبح حدثاً سنوياً أثناء التدريب: هجوم كيماوي على مخيم لاجئين لاستعراض مهارة وكفاءة فرق إدارة الأزمات المؤلفة من العاملين في المجال الطبي، والشرطة العسكرية، والقوات الخاصة وهيئات الدفاع المدني. وقد برعت دولة الإمارات العربية المتحدة في واحدة من مثل هذه الاستعراضات، التي أطلق عليها اسم التنسيق المثمر.
![قوات العمليات الخاصة في خليج العقبة تشارك في تدريبات الأسد المتأهب 2014، وهي تدريبات عسكرية استضافتها الأردن واجتذبت ما يقدر بـ 12000 مشارك. [صور غيتي ]](https://unipath-magazine.com/wp-content/uploads/2014/10/4501039162.jpg)
بدأت محاكاة هجوم بغاز الأعصاب عندما اخترقت شاحنة حاجزاً أمنياً وأطلقت دخاناً أرجوانياً وأخضر. وفيما سقط الضحايا على الأرض في حالة تشنج، تسابق 12 من الجنود الإماراتيين يرتدون سترات واقية وأقنعة واقية من الغاز لنجدتهم، وانضم إليهم زملاء من القوات المسلحة الأردنية.
قامت فرق الطوارئ على الفور بنصب خيام تطهير من التلوث على شكل أنفاق، وقسّمت الخيام إلى مناطق حارة ودافئة وباردة حسب شدة المخاطر. قامت مضخات المياه التي وصلت على شاحنات بتوفير مياه كافية لتطهير نحو 300 شخص. وعلى مسافة آمنة من موقع الهجوم، قام أطباء من الخدمات الطبية الملكية الاردنية بتخفيف حالة المصابين في الخيام قبل نقلهم إلى مستشفيات.
قال العميد الركن الضامن لصحيفة جوردان تايمز بينما وقف المشاركون الإماراتيون في الخلفية لالتقاط صور تهنئة مع قادتهم ودبلوماسيين من السفارة، «كان أحد أهدافنا اختبار التنسيق والتعاون بين القوات المسلحة الأردنية، والأجهزة الأمنية، ومؤسسات الدولة والدوائر الحكومية».
متعددة الجنسيات حتى النهاية
بدأت التوافقية المتعددة الجنسيات في تدريبات الأسد المتأهب عند القمة. فقد تميزت مجموعة مراقبة التدريب، التي تابعت العمليات على طول الأردن وعرضه، بنفس النكهة المتعددة الجنسيات التي تميزت بها الوحدات على الأرض. فقد تبادل ضباط من الدول المشاركة إجراء الإيجاز الصحفي كل صباح. ومُنح كل من الأردنيين، والإماراتيين، والباكستانيين، والسعوديين، والكويتيين والبحرانيين فرص للقيام بدور قيادي أثناء التدريب الذي استغرق نحو أسبوعين.
لم يمكن التكهن دائماً بتكوينات القوات. فبعيداً بالصحراء الأردنية، تدربت قوات خاصة إماراتية مع قوات كندية. وفى خليج العقبة تزاملت قوات كويتية، وفرنسية، وأمريكية وأردنية على متن زوارق هجومية مطاطية لاقتحام شواطئ وتسلق جوانب سفن.
وفى الخيام القريبة من مدينة الزرقاء الأردنية التي كانت تشكل المركز العصبي لقوة العمل المشتركة، التف عسكريون كازاخستانيون حول موائد تخطيط مع شركائهم العرب. وانطوى هجوم على سلسة جبلية في جبل البتراء على طلعات جوية عنيفة لنفاثات سعودية، وأردنية، وتركية وأمريكية. وأشار العقيد الأردني مازن الفرايحه، رئيس التخطيط والعمليات لقوة العمل المشتركة، إلى أن كل دولة تجلب معها إلى التدريب أساليب وقدرات مختلفة ولكنها تترك وراءها تركيزاً أكبر على الأهداف المشتركة.
قال الفرايحه، «إن ما بدأ كتدريب ثنائي بين الأردن والولايات المتحدة أصبح الآن تدريباً موسعاً متعدد الجنسيات. وبالنسبة لي، فإن هذا التدريب يعادل كل سنوات الخدمة العادية في القوات المسلحة. فهنا لديك أناس قاتلوا على الأرض، ونكتشف المشاكل الحقيقة التي واجهوها».
الدول المشاركة في تدريبات الأسد المتأهب 2014
- استراليا
- البحرين
- بلجيكا
- بروناي
- كندا
- جمهورية التشيك
- مصر
- فرنسا
- إندونيسيا
- العراق
- إيطاليا
- الأردن
- كازاخستان
- الكويت
- لبنان
- باكستان
- بولندا
- قطر
- المملكة العربية السعودية
- طاجيكستان
- تركيا
- الإمارات العربية المتحدة
- المملكة المتحدة
- الولايات المتحدة