داعش تجند الأطفال في تنفيذ جرائمها الإرهابية “أشبال الخلافة”
الفريق أول الركن طالب شغاتي الكناني

هزائمه المتواصله على يد القوات المسلحة العراقية وقوات التحالف، وبعد انفضاح أكاذيبهم المتواصلة أصبح من الصعب على تنظيم داعش الإرهابي إيجاد حاضنة خصبة للتمويل والتجنيد. لذلك اتجه نحو تجنيد الأطفال والقاصرين، بعملية قذرة تظهر للعالم قبح هذا التنظيم وخسة نواياه. إن خطورة تجنيد الأطفال وإشراكهم بجرائم القتل وقطع رؤوس الأبرياء لها نتائج مخيفة على بناء مجتمع خال من العنف والجريمة. حيث يقوم داعش بعملية غسيل دماغ منظمة للأطفال ويتم إخضاعهم لدورات مركزة على تبرير الجرائم من خلال فبركة الحديث الشريف ومن خلال تفسير القرآن الكريم بطريقة خبيثة لتجعل هؤلاء الأطفال يؤمنون بأن قطع الرؤوس وتفجير الأماكن العامة وقتل من يختلف معهم بالمذهب هو عمل مقدس سيضمن لهم الجنة.
لقد ظهرت هذه الحالة في عام 2009 في محافظة ديالى بما يسمى “فتيان الجنة”، حيث حاول داعش –كان يعرف بدولة العراق الأسلامية آنذاك، تجنيد اطفال لزرع العبوات والخطف والاغتيالات. في ذلك الوقت كان التنظيم يعاني من الضربات الموجعة على يد قوات مكافحة الإرهاب العراقية وعلى يد رجال العشائر. حيث استطعنا إيقاف تدفق المقاتلين الأجانب وتجفيف منابع التمويل مما جعلهم يتجهون إلى محاولة يائسة لرفد عملهم الإرهابي عن طريق تجنيد الأطفال. برغم تمكننا من احباط المحاولة وإلقاء القبض على القيادات وشبكات التجنيد واستطعنا إنقاذ معظم الأطفال من براثن هذا التنظيم الإرهابي، لكنني اعتقد بأن بعض هؤلاء الأطفال الذين غسلت أدمغتهم مارسوا عدة نشاطات ارهابية بين عام 2009 و 2015. وربما قاموا بعمليات انتحارية وقد تجدهم اليوم في مناصب قيادية في صفوف داعش. فخطف الأطفال من مقاعد الدراسة وأحضان أمهاتهم إلى دهاليز الإرهاب وغسل أدمغتهم البريئة له تأثيرات مستقبيلة خطيرة ومعقدة.

وكالة اسوشيتد برس
شهد عام 2015 عميلة تجنيد واسعة للأطفال على يد داعش في سورية والعراق بما يعرف بـ “أشبال الخلافة.” حيث بدأت عمليات التجنيد في محافظة الرقة السورية ثم انتقلت للموصل والأنبار. هناك تقارير صحفية واستخباراتية تشير الى أن داعش أعلن التجنيد الأجباري في مدينة الرطبة غربي العراق لأطفال تتراوح اعمارهم بين 10-15 سنة. حيث يأخذ الإرهابيون الأطفال لمعسكرات بعيدة عن ذويهم ويدربونهم على عمليات القتل والخطف والعمليات الانتحارية. أما في الفلوجة فهناك مئات الأطفال الذين اجبر داعش ذويهم على تسجيل أبنائهم ضمن صفوفه وهم يتلقون التدريبات على يد إرهابيي داعش داخل المدينة. لقد استغلت داعش نقص المواد الغذائية والخدمات لمراودة السكان على أبنائهم مقابل الغذاء او مبلغ من المال. وفي الموصل، لدينا معلومات عن تجنيد مايقارب 1300 قاصر قسرا وتدريبهم على العمليات الأرهابية وغسل ادمغتهم بالحقد والكراهية. في محاولة جبانة من قبل داعش لاستخدام هؤلاء الأطفال كدروع بشرية لصد الهجوم المحتمل لتحرير المدينة من قبل القوات المسلحة العراقية.
إن اتجاه التنظيم نحو تجنيد الأطفال يدل على ان داعش تعاني من نقص كبير في المقاتلين، تماما كما حصل عام 2009. لكن هذه المرة القضية في غاية الخطورة حيث يسيطر داعش على مدن آهلة بالسكان ولديه متسع من الوقت لغسل الأدمغه واستخدام الأطفال للقيام بالجرائم. حيث شهد العالم أول عملية إعدام جماعية قام بها أطفال في حزيران 2015 وتلتها عمليات قطع رؤوس واطلاق نار في الموصل والأنبار قام بها قاصرون. لم يكتف داعش بالتغرير بأبناء قتلى التنظيم بل تعدى ذلك إلى إجبار السكان على تسجيل أبنائهم ضمن صفوف أشبال الخلافة مقابل مبلغ 200 دولار وتقديم بعض التسهيلات للعائلة. كذلك الترحيب بالأطفال الذين يأتون للتسجيل دون علم ذويهم.

رويترز
نحن امام إرهاب من نوع جديد ذي عواقب وخيمة، لذلك يجب علينا أن نبذل كل ما بوسعنا لحماية هذه الفئة المهمه في المجتمع من السقوط ضحية بيد الإرهاب. عملية اعادة تأهيل الأطفال الذين وقعوا ضحايا بيد التنظيم ستكون عملية شاقة وطويلة وتحتاج تكاتف المنظمات الحكومية وغير الحكومية وتحتاج لفتح مراكز تأهيل يديرها علماء اجتماع وعلماء نفس متخصصين ببرامج تنمية وتوعية القاصرين. كما نحتاج إلى عملية مسح ميداني داخل المدن المحررة لنعرف عدد الأطفال الذين جندتهم داعش ومد يد العون لهم. علينا العمل مع ذويهم والتركيز على انهم ضحايا. واليوم أنا أناشدهم بصوت الأب أن لا يتورطوا بقتل الأبرياء وأن يتركوا العمل مع الأرهابيين، فطريق الإرهاب نهايته مظلمة. يجب عليهم العودة إلى ذويهم وإيجاد أماكن آمنه للاختباء إلى حين وصول القوات الأمنية.
يجب على الجهات المختصة التكاتف لإيجاد حلول لهذه الظاهرة الخطيرة وعلى رجال الدين وقادة المجتمع شجب هذه الأعمال التي لا تمت للأسلام بصلة وتحصين وتوعية الشباب. نحن نعمل جاهدين مع الجهات المختصة لفتح برامج لأعادة تأهيل الأطفال المغرر بهم والتأكد من أنهم لا يشكلون مخاطر مستقبلية على المجتمع. كذلك نحث منظمات المجتمع المدني والوزارات المختصة بفتح دورات علمية ورياضية والاستفادة من الطاقات الشابة وإبعادهم عن مخالب الإرهاب. هذه المهمه لا تقتصر على الأجهزة الأمنية فحسب، بل تحتاج جميع دوائر الدولة وتحتاج إلى تعاون اقليمي ودولي لحماية الأطفال وللحد من التغرير بهم. فكما شهدنا عملية تجنيد الأطفال عام 2009 وكيف ظهرت نتائجها في السنوات اللاحقة، فيجب علينا العمل على عدم السماحللإرهاب من تحويل أطفالنا إلى قنابل موقوتة.