تعزيز القوات البحرية الإقليمية
ندوة بحرية إقليمية في العقبة تسلط الضوء على أهمية التدريب والقيادة والمعدات
أسرة يونيباث | التقط الصور العريف ترافيس جوردان/قوات المشاة البحرية الأمريكية
في ظل التهديدات التي تشكلها داعش وتنظيم القاعدة وغيرها من التهديدات غير التقليدية على منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا، صارت الجيوش الإقليمية تعتمد بصورة أكبر على قوات المشاة البحرية والقوات البحرية، فهذه الوحدات المدمجة والمرنة تؤدي دورًا رئيسيًا في حماية أمن دولها من التهديدات المتغيرة.
شهدت الندوة البحرية الإقليمية السنوية الثانية التي عقدت في الميناء والقاعدة البحرية في العقبة بمملكة الأردن في آب/أغسطس 2017، حضور ضباط من منطقة الشرق الأوسط وباكستان لتبادل التكتيكات والمعلومات الضرورية لهذه البعثات العسكرية.
وقد استقطبت الندوة – التي كان موضوعها التدريب المعياري المعني بالأداء- نخبة من الضباط الميدانيين ذوي الرتب من البحرين ومصر والأردن والكويت ولبنان والعراق وباكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مع حضور 45 من قوات المشاة البحرية الأمريكية.
وقال المقدم هشام خليل مبارك الجراح، قائد كتيبة المشاة البحرية الملكية الأردنية رقم 77: “إن شعارنا هو نتدرب ونحن نقاتل ونقاتل ونحن نتدرب”، مضيفًا “إن تدريبنا يستند على افتراضات وسيناريوهات واقعية قد نواجهها في المستقبل”.
وبالإضافة إلى العروض التي قدمها ضباط من مختلف الوفود الوطنية، ضمت الندوة جلسات عن التدريب والمعدات، واستعراض بالنيران الحية في معسكر تيتين بالقرب من العقبة.
قادة التدريب
تعد القيادة أمراً بالغ الأهمية لنجاح أي وحدة عسكرية، وقد قام المتحدثون في الندوة بتسليط الضوء على أهمية رعاية مواهب صغار الضباط وضباط الصف حتى يؤدوا مهامهم بمرونة ومهارة في ميادين المعارك.
وقال الفريق وليام بيدلر، قائد قوات المشاة البحرية الأمريكية المركزية، في كلمته الافتتاحية، إن “قادة الفصائل وضباط الصف البارزين هم صناع التميز”.
وأضاف الفريق بيدلر “إننا بحاجة إلى أن نتيح لقادتنا من الشباب مساحة لممارسة الإبداع، فأنا في الوقت الحالي أتعلم من الملازمين أكثر مما أُعلمهم”.
ومن جانبه، قال قائد القوات البحرية الباكستانية غلام شبير أن “قادة الفصائل والضباط ذوي الرتب الأدنى هم عصب العمليات، ويتحتم علينا أن نركز على بناء مهاراتهم والمحافظة عليها”.
وقد اتضحت وجهة النظر المذكورة في استعراضات النيران الحية في اليوم الثاني للمؤتمر، حيث اجتمع الحضور في وقت مبكر من صباح ذات يوم في معسكر تيتين، وشاهدوا خروج وحدة بحجم فصيلة من وراء جبل تهاجم تمركزًا للعدو بالبنادق ونيران الرشاشات.
وبعد العرض مباشرة، قام العميد فرانك دونوفان من البحرية الأمريكية قائد القوات البرمائية في قوات المشاة البحرية الأمريكية المركزية، بتقييم أداء قادة الفصائل والفرق متعرضًا لمواطن التميز ومواطن الخلل، ويعد هذا التحليل النقدي أمرًا لازمًا لتحسين الأداء كما أكد الفريق بيدلر.
وأضاف بيدلر قائلًا: “علينا الفوز في معركتنا الدائرة والاستعداد للمعارك التالية، ففي اللحظة التي ترى فيها الوحدة أنها مشغولة جدًا بالعمليات عن التدريب، فإن ذلك يعني انهيار تلك الوحدة في المستقبل القريب، وبقدر ما نحسن الظن بأنفسنا، يتفوق علينا خصمنا يومًا بعد الآخر، وإن لم نتحسن فسوف نسقط”.
وأشار المقدم الأردني هشام إلى أن كتيبته استفادت من تدريب مماثل مع نظيراتها من الكتائب الأمريكية، وقال أن “ثمار الشراكة الدولية وفوائد تجارب أصدقائنا ساعدتنا على بناء قوة احترافية ذات قدرات متقدمة”.
بناء العلاقات
لعل من أهم ثمرات هذا المؤتمر، هي تلك العلاقات التي تشكلت خلال الأيام الثلاثة، حيث كان الضباط من مختلف البلدان يجتمعون على تناول الطعام والمشاركة في الاجتماعات ومشاهدة الاستعراضات وإجراء المناقشات الهادفة.
وزارت المجموعة مقر البحرية الملكية الأردنية لمشاهدة عرض الأسلحة وقاموا بجولة بالقوارب في خليج العقبة لاستكشاف الموقع الاستراتيجي للميناء المجاور للمملكة العربية السعودية ومصر، واستعرضت القوات الأردنية استخدام المركبات والأسلحة، بما في ذلك المسدسات وبنادق القنص المضادة للماء والمعدة للهجمات البرمائية.
وفي الختام، تجولت المجموعة في سفينة الإنزال البرمائي ” يـو اس اس كـارتـر هـول، الراسية في العقبة، حيث شرح ضباط من قوات المارينز الأمريكية وبحارة من البحرية الأمريكية كيفية نقل وتعويم السفن البرمائية والمركبات والقوات في البعثات الإنسانية والعسكرية، وقال الرائد الإماراتي سعيد اليماحي أن زيارة السفينة تعد من أبرز فعاليات الندوة، “لقد استفدنا كثيرًا مما عرفناه عن إمكانيات الإنزال البرمائية التي تتيحها”.
وشدد الحضور بقيمة العلاقات الشخصية للوقوف على قدرات القوات الشريكة في المنطقة، وأعرب المقدم إياد رشيد شاهين آمر لواء مشاة البحرية العراقية عن امتنانه للدعوة التي وجهت إليه لزيارة العقبة حيث حصل على معلومات يأمل في تطبيقها في محاربة الإرهاب في بلده.
وأضاف المقدم إياد “كلما عززنا علاقات الصداقة بين القادة العسكريين في الدول المتجاورة، ازداد التفاهم المتبادل والعمل المشترك من أجل تحقيق الأمن في بلادنا”.
وقال المقدم غانم مبارك الرميحي من قوات الدفاع البحرينية أنه في عصر تتخطى فيه التنظيمات الإرهابية، وغيرها من التهديدات غير التقليدية، الحدود الدولية، يجب أن يكون التعامل معها عالميًا على نفس المستوى.
وأضاف المقدم غانم قائلًا: “نحن نعيش في عصر حرب غير تقليدية وشبكات إرهابية عالمية، لذلك فإننا بحاجة إلى شراكة دولية لهزيمة هذا النوع الجديد من التهديدات”.
ووجه العقيد كمال نهرا، البحرية التابع للقوات المسلحة اللبنانية، دعوة مماثلة لإقامة تحالف متعدد الجنسيات، فالتجربة اللبنانية في مكافحة أصحاب التطرف والعنف القادمين من سوريا تقدم دروسًا ملهمة للقوات في جميع أنحاء المنطقة.
وأضاف بقوله: “يجب أن نبقي على هذه الشراكة الدولية لمكافحة هذه التهديدات العابرة للحدود، فكما نحتاج إلى دعم حلفائنا، فإن حلفائنا بحاجة إلى خبرتنا على أرض الواقع في المنطقة”.
وقدم المقدم الأردني هشام ملخصًا لما أضافه المؤتمر للعديد من المشاركين.
إذ قال “إن تفاعل أشقائنا من الدول المشاركة كان ملحوظًا، الأمر الذي يعكس جدية النقاش ونجاح المؤتمر، وأنا على يقين أن الجميع سيعودون إلى بلدانهم بأفكار وتكتيكات جديدة للتدريب والتعبئة”.
Comments are closed.