القضاء على التغرير بالأطفال

إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يهربون‭ ‬من‭ ‬داعش‭ ‬سوف‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬استقرار‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط

أسرة‭ ‬يونيباث‭  ‬‭|‬‭  ‬تصوير‭ ‬وكالة‭ ‬رويترز

أقبل‭ ‬ أبو‭ ‬عمارة‭ ‬العمري‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬11‭ ‬عامًا‭ ‬على‭ ‬والده‭ ‬وانحنى‭ ‬لتقبيل‭ ‬يده،‭ ‬ثم‭ ‬ودعه‭ ‬قبل‭ ‬تفجير‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬شاحنة‭ ‬ممتلئة‭ ‬بالمتفجرات‭. ‬قامت‭ ‬داعش‭ ‬بتصوير‭ ‬هذا‭ ‬الوداع‭ ‬المخيف‭ ‬لعرض‭ ‬صور‭ ‬دعائية‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2016،‭ ‬وادعت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬عملية‭ ‬انتحار‭ ‬الطفل‭ ‬قد‭ ‬ساعدت‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬قرية‭ ‬غزال‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬حلب،‭ ‬سوريا،‭ ‬وفقًا‭ ‬لشبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‭.‬

ولا‭ ‬يُعد‭ ‬داعش‭ ‬أول‭ ‬تنظيم‭ ‬إرهابي‭ ‬يقوم‭ ‬بتجنيد‭ ‬الأطفال،‭ ‬لكن‭ ‬تشير‭ ‬أحدث‭ ‬الدراسات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استخدامهم‭ ‬للأطفال‭ ‬يتجاوز‭ ‬كثيرًا‭ ‬التنظيمات‭ ‬في‭ ‬الصراعات‭ ‬الأخرى‭. ‬وليس‭ ‬سرًا‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ ‬تقوم‭ ‬بدمج‭ ‬الأطفال‭ ‬بشكل‭ ‬روتيني‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬—‭ ‬وبموافقة‭ ‬الوالدين‭ ‬غالبًا‭.‬

منذ‭ ‬1‭ ‬يناير‭ ‬2015‭ ‬وحتى‭ ‬31‭ ‬يناير‭ ‬2016،‭ ‬نعت‭ ‬دعاية‭ ‬داعش‭ ‬89‭ ‬طفلًا‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬18‭ ‬أو‭ ‬أصغر،‭ ‬وفقًا‭ ‬لتقرير‭ ‬صادر‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭. ‬وارتفع‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬عدد‭ ‬الصغار‭ ‬الذين‭ ‬لقوا‭ ‬حتفهم‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬انتحارية‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬إلى‭ ‬11‭ ‬شهريًا‭. ‬وارتفع‭ ‬كذلك‭ ‬معدل‭ ‬العمليات‭ ‬التي‭ ‬يشارك‭ ‬بها‭ ‬طفل‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف،‭ ‬حيث‭ ‬ضمت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬الانتحارية‭ ‬أطفالًا‭ ‬وشبابًا‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2016‭ ‬مقارنة‭ ‬بشهر‭ ‬يناير‭ ‬2015‭.‬

أم تضبط القبعة لابنتها قبل ذهابها إلى المدرسة في الموصل في يناير/كانون الثاني 2017. في ذلك الوقت، استعادت القوات العراقية السيطرة على معظم الأحياء الشرقية من المدينة.

وصرحت‭ ‬ميا‭ ‬بلوم،‭ ‬الكاتبة‭ ‬المساعدة‭ ‬للتقرير،‭ ‬لشبكة‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬قائلة‭ ‬إن‭ ‬قاعدة‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬89‭ ‬طفلاً‭ ‬هي‭ ‬مجرد‭ “‬لمحة‭ ‬موجزة‭” ‬عن‭ ‬ظاهرة‭ ‬أكبر،‭ ‬وقدرت‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬داعش‭ ‬قد‭ ‬جندت‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬1‭.‬500‭ ‬طفل‭ ‬مقاتل‭.‬

وانتهت‭ ‬مع‭ ‬الكاتب‭ ‬المساعد‭ ‬تشارلي‭ ‬وينتر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬التقرير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ “‬قاعدة‭ ‬البيانات‭ ‬تدل‭ ‬بوضوح‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬حشد‭ [‬داعش‭] ‬للأطفال‭ ‬والشباب‭ ‬لأغراض‭ ‬عسكرية‭ ‬يتزايد‭. ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬قيادة‭ [‬داعش‭] ‬لديها‭ ‬رؤية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭ ‬لاستغلال‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬عملياتها‭ ‬الأرهابية‭”.‬

فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬داعش‭ ‬نيتها‭ ‬بإنشاء‭ ‬جيل‭ ‬قادم‭ ‬من‭ ‬الجهاديين،‭ ‬وأطلقت‭ ‬عليهم‭ ‬اسم‭ “‬أشبال‭ ‬الخلافة‭”. ‬وفي‭ ‬إعلان‭ ‬صدر‭ ‬مؤخرًا‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬دابق‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬شجعت‭ ‬داعش‭ ‬الأمهات‭ ‬للتضحية‭ ‬بأبنائهن‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الدولة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬نصبوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬عليها‭. ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬المقال‭:‬‭ “‬لأجلكِ،‭ ‬يا‭ ‬أم‭ ‬الأشبال‭ … ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يجعلكِ‭ ‬تعرفين‭ ‬من‭ ‬أم‭ ‬الأشبال؟‭ ‬إنها‭ ‬مربية‭ ‬الأجيال‭ ‬وصانعة‭ ‬الرجال‭”.‬

تحدي‭ ‬فريد

إن‭ ‬استغلال‭ ‬داعش‭ ‬وتضليلها‭ ‬للأطفال‭ ‬بشكل‭ ‬منظم‭ ‬يُعد‭ ‬تحديًا‭ ‬فريدًا‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬لقوات‭ ‬التحالف‭ ‬حيث‭ ‬تنفذ‭ ‬عمليات‭ ‬في‭ ‬أرض‭ ‬المعركة‭ ‬وتبدأ‭ ‬بإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬المتعاطفين‭ ‬سابقًا‭ ‬مع‭ ‬داعش‭. ‬إن‭ ‬الجهود‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل‭ ‬لإستئصال‭ ‬داعش‭ ‬سوف‭ ‬تكون‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيدًا‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬قائد‭ ‬الإرهاب‭ ‬أبي‭ ‬بكر‭ ‬البغدادي‭ ‬ومقاتليه‭.‬

وقال‭ ‬كاتبا‭ ‬المقال‭ “‬هناك‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬ماذا‭ ‬نفعل‭ ‬مع‭ ‬أعداد‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬للآلاف‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬المتبقين‭ ‬والذين‭ ‬تم‭ ‬تلقينهم‭ ‬تلك‭ ‬الأفكار،‭ ‬إن‭ ‬داعش‭ ‬تفكر‭ ‬برؤية‭ ‬طويلة‭ ‬المدى‭. ‬إنهم‭ ‬لا‭ ‬يحضرون‭ ‬الأطفال‭ ‬داخل‭ ‬صفوفهم‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يستخدمونهم‭ ‬في‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬المعارك‭. ‬ما‭ ‬يفعلونه‭ ‬أنهم‭ ‬يحضرون‭ ‬الأطفال،‭ ‬ويتم‭ ‬تلقينهم،‭ ‬وتدريبهم،‭ ‬ويكرسون‭ ‬وقتًا‭ ‬طويلًا‭ ‬لغرس‭ ‬الأفكار‭ ‬الجهادية‭.”‬

ويهرب‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬أو‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬داعش،‭ ‬ومع‭ ‬ظهور‭ ‬عدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬تجارب‭ ‬الأطفال،‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬وحلفائها‭ ‬تناول‭ ‬مسألة‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬ودمج‭ ‬الشباب‭ ‬المقاتلين‭ ‬في‭ ‬داعش‭ ‬سابقًا‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل‭. ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬—‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬2‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬يذهبون‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬بسبب‭ ‬الصراعات‭ ‬—‭ ‬وسوف‭ ‬يكونون‭ ‬أكثر‭ ‬تعرضًا‭ ‬للتجنيد‭ ‬بالمستقبل،‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬هزيمة‭ ‬داعش‭ ‬نفسها‭.‬

ويتعرض‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬داعش‭ ‬—‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يشاركوا‭ ‬في‭ ‬القتال‭ ‬بأنفسهم‭ ‬—‭ ‬لذلك‭ ‬التلقين‭ ‬المكثف‭ ‬لأفكارهم‭. ‬يقوم‭ ‬أفراد‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬بإلقاء‭ ‬الخطب‭ ‬في‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة،‭ ‬وإلصاق‭ ‬اللوحات‭ ‬في‭ ‬التقاطعات‭ ‬الرئيسية،‭ ‬وتوزيع‭ ‬ملصقات‭ ‬ومنشورات‭ ‬لسرد‭ ‬أفكارهم‭ ‬ورؤيتهم‭. ‬ومن‭ ‬حين‭ ‬لآخر‭ ‬يقومون‭ ‬أيضًا‭ ‬بوضع‭ ‬شاشات‭ ‬عرض‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬المدينة‭ ‬لعرض‭ ‬أفلامهم‭ ‬لتخويف‭ ‬السكان‭ ‬المحليين‭ ‬وجذب‭ ‬مجندين‭ ‬جدد‭.‬

ولاستهداف‭ ‬الأطفال،‭ ‬قامت‭ ‬داعش‭ ‬بوضع‭ ‬منهجها‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭ ‬ويتم‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬يقومون‭ ‬بالسيطرة‭ ‬عليها،‭ ‬وتتمحور‭ ‬تلك‭ ‬المناهج‭ ‬حول‭ ‬المواضيع‭ ‬الدينية‭ ‬وعقائد‭ ‬داعش‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬التقارير‭ ‬تفيد‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬لنسبة‭ ‬70‭% ‬من‭ ‬الآباء‭ ‬في‭ ‬الموصل‭ ‬يمنعون‭ ‬أطفالهم‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المناهج‭ ‬التي‭ ‬تُنظمها‭ ‬داعش،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬داعش‭ ‬تقوم‭ ‬بمعاقبة‭ ‬الآباء‭ ‬بفرض‭ ‬غرامة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يمنع‭ ‬أطفاله‭ ‬من‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬المدارس‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تقيم‭ ‬داعش‭ ‬معسكرات‭ ‬للشباب،‭ ‬وتثبت‭ ‬ألعابًا‭ ‬ترفيهية‭ ‬للجوال،‭ ‬وتُجري‭ ‬مسابقات‭ ‬حفظ‭ ‬للقرآن،‭ ‬وتمنح‭ ‬جوائز‭ ‬للفائزين‭.‬

الأطفال يعاودون ارتداء حقائب الظهر بعد عودتهم إلى المدارس في الموصل بالعراق في يناير/كانون الثاني 2017. خضوع المدرسين والأطفال الذين واظبوا على الحضور إلى المدارس طوال العامين الماضيين إلى عملية غسل دماغ من جانب داعش.

إن‭ ‬عقائد‭ ‬الأطفال‭ ‬هي‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يدعونا‭ ‬للقلق‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تلك‭ ‬المخاوف‭ ‬حول‭ ‬ظهور‭ “‬الخليفة‭ ‬الافتراضي‭”‬،‭ ‬ومجتمعًا‭ ‬متطرفًا‭ ‬يتكون‭ ‬تنظيمه‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬مما‭ ‬يُمكن‭ ‬الحركة‭ ‬السلفية‭ ‬الجهادية‭ ‬العالمية‭ ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تعمل‭ ‬مستقلة‭ ‬عن‭ ‬داعش،‭ ‬وذلك‭ ‬وفق‭ ‬معهد‭ ‬لدراسة‭ ‬الحروب‭ ‬يقع‭ ‬مقره‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬واشنطن‭. ‬وفي‭ ‬دراسة‭ ‬لعمليات‭ ‬داعش،‭ ‬ذكر‭ ‬المعهد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬هذا‭ ‬الخليفة‭ ‬الوهمي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتجاوز‭ ‬سيطرته‭ ‬داعش،‭ ‬وتتحول‭ ‬إلى‭ “‬حركة‭ ‬واسعة‭ ‬الانتشار‭ ‬شديدة‭ ‬العنف‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬التنبؤ‭ ‬بها‭ ‬والقضاء‭ ‬عليها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الحركات‭ ‬العالمية‭ ‬الإرهابية‭ ‬السابقة‭”.‬

إيجاد‭ ‬الحلول

المواجهة‭ ‬الحاسمة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬داعش‭ ‬للأطفال‭ ‬ستبدأ‭ ‬—‭ ‬وتكون‭ ‬دائمًا‭ ‬—‭ ‬بدايتها‭ ‬في‭ ‬المدارس‭. ‬بالنسبة‭ ‬للأطفال‭ ‬الذين‭ ‬هربت‭ ‬أسرهم‭ ‬من‭ ‬داعش،‭ ‬يحدث‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬معسكرات‭ ‬للاجئين‭ ‬داخليًا‭.‬

تُشارك‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬معسكر‭ ‬جدّة‭ ‬للاجئين‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬لتعليم‭ ‬250‭ ‬طفلًا‭ ‬يوميًا‭ ‬في‭ ‬المتوسط،‭ ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬العدد‭ ‬يتغير‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬أُسر‭ ‬شُردت‭ ‬وآخرون‭ ‬يعودون‭ ‬إلى‭ ‬القرى‭ ‬التي‭ ‬استعادت‭ ‬القوات‭ ‬العراقية‭ ‬السيطرة‭ ‬عليها‭. ‬يتم‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬الأطفال‭ ‬دروس‭ ‬الكتابة‭ ‬بالعربية‭ ‬والإنجليزية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الرياضيات،‭ ‬والعلوم،‭ ‬والدراسات‭ ‬الإسلامية‭. ‬صرح‭ ‬محمد‭ ‬عثمان‭ ‬الذي‭ ‬يرأُس‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬المدرستين‭ ‬في‭ ‬المعسكر‭ ‬بأن‭ ‬الدراسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬تُعد‭ ‬عنصرًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬لتفكيك‭ ‬المعتقدات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تلقينها‭ ‬لبعض‭ ‬الأطفال‭ ‬تحت‭ ‬سيطرة‭ ‬المتشددين‭.‬

وصرحت‭ ‬نورة‭ ‬البجاري،‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬العراقي‭ ‬عن‭ ‬محافظة‭ ‬نينوى،‭ ‬أن‭ ‬إعادة‭ ‬تعليم‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬إخراجهم‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الأساسي‭ ‬لازدهار‭ ‬مستقبل‭ ‬العراق‭ ‬بعد‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬داعش‭.‬

‭”‬يتكلم‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأطفال‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬الدماء‭ ‬والحرب‭. ‬إنهم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬دروس‭ ‬تُركز‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحياة‭ ‬المجتمع‭”.‬

تعرض‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المنظمات‭ ‬الحكومية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬حلولاً‭ ‬خارجية‭ ‬لتطهير‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬أفكار‭ ‬داعش‭. ‬ودعا‭ ‬تحليل‭ ‬أجرته‭ ‬مؤسسة‭ ‬راند‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ “‬تويتر‭” ‬لمتابعة‭ ‬حملة‭ ‬تعليق‭ ‬حسابات‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يروجون‭ ‬للإرهاب‭. ‬وأفاد‭ ‬التقرير‭ ‬أنه‭ “‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تضايق‭ ‬هذه‭ ‬الحملة‭ ‬المستخدمين‭ ‬من‭ ‬داعش‭ ‬لموقع‭ ‬تويتر،‭ ‬وستجبرهم‭ ‬على‭ ‬إهدار‭ ‬وقت‭ ‬ثمين‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬اكتساب‭ ‬أتباع‭ ‬لهم،‭ ‬وقد‭ ‬تدفع‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬صفحات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الأقل‭ ‬انتشارًا‭ ‬واستخدامًا‭ ‬بين‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬تويتر‭”.‬

ويوجد‭ ‬أسلوب‭ ‬آخر‭ ‬للتصدي‭ ‬لداعش،‭ ‬كما‭ ‬كتب‭ ‬الدكتور‭ ‬سام‭ ‬مولينز‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬جورج‭ ‬مارشال‭ ‬الأوروبي‭ ‬للدراسات‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬بمجلة‭ ‬يونيباث،‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬نفاق‭ ‬أعمال‭ ‬داعش‭. ‬وكتب‭ ‬في‭ ‬مقالته‭ ‬أيضًا‭ ‬أنه‭ “‬ينبغي‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬الحياة‭ ‬داخل‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالدعاية‭ ‬البراقة‭ ‬والتوقعات‭ ‬الساذجة‭ ‬للمجندين‭”.‬

وزعم‭ ‬الدكتور‭ ‬حسين‭ ‬علاوي،‭ ‬رئيس‭ ‬ومؤسس‭ ‬مركز‭ ‬أكد‭ ‬للشؤون‭ ‬الإستراتيجية‭ ‬والدراسات‭ ‬المستقبلية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬توافر‭ ‬برامج‭ ‬لاستكمال‭ ‬الحملات‭ ‬الإعلامية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الارهاب،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المواطنة‭ ‬والوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الحالات‭. ‬وكتب‭ ‬أيضًا‭ “‬دروسًا‭ ‬عملية‭ ‬وفكرية‭ ‬وقضائية‭ ‬وتنموية‭ ‬واجتماعية‭ ‬بناءة‭ ‬لإعادة‭ ‬غرس‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والوطنية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬وعقول‭ ‬المتضررين‭ ‬من‭ ‬التطرف‭ ‬والأفكار‭ ‬التكفيرية‭”.‬

في‭ ‬أكتوبر‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬أطلق‭ ‬مركز‭ “‬هداية‭” ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ومقره‭ ‬أبو‭ ‬ظبي‭ ‬مبادرة‭ “‬عقول‭ ‬مبدعة‭ ‬لصالح‭ ‬المجتمع‭” ‬وهي‭ ‬مبادرة‭ ‬من‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬مع‭ ‬الفيس‭ ‬بوك‭ ‬ووزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬لمواجهة‭ ‬الدعاية‭ ‬الإرهابية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إنشاء‭ ‬محتوى‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬ودعم‭ ‬الأصوات‭ ‬ذات‭ ‬المصداقية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬وقد‭ ‬عمل‭ ‬خبراء‭ ‬من‭ ‬شركات‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الإعلان‭ ‬والإبداع‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬الرقمية‭ ‬والإنتاج‭ ‬بمثابة‭ ‬مستشارين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭.‬

وصرح‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬راشد‭ ‬النعيمي،‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬مركز‭ ‬‮«‬هداية‮»‬‭ ‬قائلًا‭ “‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المبادرة‭ ‬الرائدة‭ ‬تُقر‭ ‬بالدور‭ ‬الحيوي‭ ‬المتنامي‭ ‬للاتصالات،‭ ‬خاصة‭ ‬منصات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭”.‬

وعلى‭ ‬غرار‭ ‬ذلك،‭ ‬اتبعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نهجًا‭ ‬تسويقياً‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬جمهور‭ ‬مُحدد‭ ‬ووضع‭ ‬رسائل‭ ‬على‭ ‬الفيس‭ ‬بوك‭ ‬تستهدف‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬تصنيفهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬قد‭ ‬يميلون‭ ‬إلى‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أنشطتهم‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭. ‬فعندما‭ ‬يتم‭ ‬البحث‭ ‬باستخدام‭ ‬بعض‭ ‬الكلمات‭ ‬أو‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬تكشف‭ ‬الاهتمام‭ ‬بداعش‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬جماعة‭ ‬أخرى،‭ ‬يقوم‭ ‬محرك‭ ‬البحث‭ “‬جوجل‭” ‬بنشر‭ ‬إعلانات‭ ‬على‭ ‬الصفحة‭ ‬تتعلق‭ ‬برسائل‭ ‬اليوتيوب‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭.‬‭  ‬

Comments are closed.