إيقاف تدفق المقاتلين الأجانب

دول‭ ‬المنطقة‭ ‬تعرض‭ ‬حلولاً‭ ‬مبتكرة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬داعش

انخدع‭ ‬آلاف‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وشمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬ووسط‭ ‬آسيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬بوعود‭ ‬داعش‭ ‬الزائفة،‭ ‬وأعلنوا‭ ‬مبايعتهم‭ ‬لهذه‭ ‬الجماعة‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬أساءت‭ ‬إلى‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬وارتكبت‭ ‬الفظائع‭ ‬الوحشية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬والدول‭ ‬الأخرى‭. ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬في‭ ‬2011،‭ ‬سافر‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬21000‭ ‬مقاتل‭ ‬أجنبي‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬دولة‭ ‬تقريبًا‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭. ‬وكان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬عدد‭ ‬الوافدين‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬3000‭ ‬وافد‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬وسط‭ ‬آسيا‭ ‬ودول‭ ‬القوقاز‭.‬

وقد‭ ‬اتخذت‭ ‬الدول‭ ‬المستهدفة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬داعش‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬وتبنت‭ ‬إجراءات‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬ومنع‭ ‬توافد‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬أو‭ ‬التصدي‭ ‬لهم‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬حاولوا‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬بلدانهم‭. ‬تدرك‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬البيانات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬قياداتها‭ ‬أن‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬تمثل‭ ‬تهديدًا‭ ‬لكل‭ ‬دولة‭ ‬على‭ ‬حدة‭ ‬وللمنطقة‭ ‬برمتها‭.‬

وقد‭ ‬أدلى‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الأردني‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬الحسين‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬الثاني‭ ‬بتصريح‭ ‬خلال‭ ‬كلمته‭ ‬التي‭ ‬ألقاها‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2015‭ ‬قائلا‭: “‬الشباب‭ ‬هم‭ ‬الأكثر‭ ‬استهدافًا‭ ‬بالتجنيد‭ ‬الطوعي‭ ‬وغير‭ ‬الطوعي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجيوش‭ ‬والجماعات‭ ‬المتطرفة‭ ‬والإرهابية‭. ‬لذلك،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬اتخاذ‭ ‬التدابير‭ ‬السريعة‭ ‬لوقف‭ ‬تغذية‭ ‬نيران‭ ‬الإرهاب‭ ‬بدماء‭ ‬وأرواح‭ ‬شبابنا‭”.‬

السجناء السعوديون في سجن الحاير، وكثير منهم من مؤيدي داعش، حيث يُسمح لهم بممارسة الرياضة للمساعدة على اندماجهم في المجتمع. رويترز
السجناء السعوديون في سجن الحاير، وكثير منهم من مؤيدي داعش، حيث يُسمح لهم بممارسة الرياضة للمساعدة على اندماجهم في المجتمع.
رويترز

والمقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬ذكور‭ ‬تتراوح‭ ‬أعمارهم‭ ‬بين‭ ‬18‭ ‬و29‭ ‬سنة،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬المُجندين‭ ‬من‭ ‬الأحداث‭ ‬والرجال‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬العمر‭. ‬وقد‭ ‬فشل‭ ‬الخبراء‭ ‬في‭ ‬الإرهاب‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬المواصفات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬النفسية‭ ‬بوجه‭ ‬عام‭ ‬لهؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬وقعوا‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬داعش‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬الأخرى‭. ‬وسواءُّ‭ ‬كانت‭ ‬دوافع‭ ‬المنخرطين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬تتمثل‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬في‭ ‬التطرف‭ ‬الديني‭ ‬أو‭ ‬السخط‭ ‬السياسي‭ ‬أو‭ ‬الحرمان‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أو‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬الصداقات‭ ‬الحميمة،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬السلوكيات‭ ‬الإجرامية‭ ‬الناتجة‭.‬

تجربة‭ ‬السعودية

قدَّرت‭ ‬الحكومة‭ ‬السعودية‭ ‬بأنه‭ ‬قد‭ ‬انضم‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬2000‭ ‬مواطن‭ ‬سعودي‭ ‬إلى‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬عملياتها‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭. ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬منها‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬وإعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬من‭ ‬انضموا‭ ‬إلى‭ ‬صفوفها،‭ ‬وضعت‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬بعضًا‭ ‬من‭ ‬سياسات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الأكثر‭ ‬إبداعية‭.‬

فقد‭ ‬شهد‭ ‬العام‭ ‬2014‭ ‬إصدار‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬زيادة‭ ‬العقوبات‭ ‬المُوقعة‭ ‬على‭ ‬المنتهكين‭. ‬وكان‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬العزيز‭ ‬آل‭ ‬سعود‭ ‬قد‭ ‬أصدر‭ ‬مرسومًا‭ ‬بتوقيع‭ ‬عقوبة‭ ‬السجن‭ ‬لمدة‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬مواطني‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الذين‭ ‬يقاتلون‭ ‬في‭ ‬صراعات‭ ‬خارج‭ ‬المملكة،‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانوا‭ ‬يتولون‭ ‬أدوار‭ ‬غير‭ ‬قتالية‭. ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬المرسوم‭ ‬أن‭ ‬تتولى‭ ‬الحكومة‭ ‬السعودية‭ ‬مهمة‭ ‬منع‭ ‬الأنشطة‭ ‬والخطاب‭ ‬الذي‭ ‬يضر‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار‭.‬

وقد‭ ‬نجم‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬السجناء‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬مثل‭ ‬الحاير‭ ‬جنوب‭ ‬الرياض،‭ ‬حيث‭ ‬يقبع‭ ‬آلاف‭ ‬المحتجزين‭ ‬من‭ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬النزاعات‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭. ‬وقد‭ ‬تضاعف‭ ‬عدد‭ ‬السجناء‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المعتقلات‭ ‬ذات‭ ‬الحراسة‭ ‬المُشددة‭ ‬تقريبًا‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬السابقين،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عددهم‭ ‬4209‭ ‬سجين‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬2015،‭ ‬بحسب‭ ‬تصريحات‭ ‬مدير‭ ‬سجن‭ ‬الحاير‭ ‬اللواء‭ ‬محمد‭ ‬أبو‭ ‬سلمان‭ ‬لصحيفة‭ ‬غلف‭ ‬نيوز‭.‬

يترقب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السجناء‭ ‬الانضمام‭ ‬إلى‭ ‬برنامج‭ ‬فريد‭ ‬لمكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬لا‭ ‬يهدف‭ ‬للعقاب،‭ ‬وإنما‭ ‬لإعادة‭ ‬دمجهم‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭. ‬ويجمع‭ ‬البرنامج‭ ‬بين‭ ‬التثقيف‭ ‬والتدريب‭ ‬المهني‭ ‬والاستشارات‭ ‬الأسرية‭ ‬والعلاج‭ ‬النفسي‭ ‬والمناقشات‭ ‬الدينية‭ ‬لتغيير‭ ‬سلوكيات‭ ‬المتطرفين‭ ‬المُدانين‭. ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬مراكز‭ ‬اجتثاث‭ ‬التطرف،‭ ‬يتيح‭ ‬العلاج‭ ‬بالفن‭ ‬للسجناء‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭ ‬عبر‭ ‬الرسم‭ ‬والتلوين‭. ‬وتوفر‭ ‬صالات‭ ‬الألعاب‭ ‬الرياضية‭ ‬أنشطة‭ ‬اللياقة‭ ‬البدنية‭.‬

خلال‭ ‬السنوات‭ ‬العشر‭ ‬السابقة،‭ ‬تخرج‭ ‬حوالي‭ ‬3000‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الفكر‭ ‬المتطرف‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬نايف‭ ‬في‭ ‬الرياض‭ ‬وجدة‭. ‬وكان‭ ‬واحدًا‭ ‬من‭ ‬هؤلاء،‭ ‬المواطن‭ ‬بدر‭ ‬الآنسي‭ ‬شاب‭ ‬عمره‭ ‬29‭ ‬سنة‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬حاول‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق،‭ ‬قال‭ ‬إن‭ ‬المركز‭ ‬أنقذه‭. ‬وقد‭ ‬ظن‭ ‬في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر‭ ‬أنه‭ ‬سيتعرض‭ ‬لمعاملة‭ ‬سيئة،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬تفاجأ‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬السعودية‭ ‬تحاول‭ ‬مساعدته‭.‬

وقال‭ ‬الآنسي‭ ‬لصحيفة‭ “‬إن‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز‭” ‬واصفًا‭ ‬إقامته‭ ‬في‭ ‬المركز‭ “‬لقد‭ ‬تغيرت‭ ‬نظرتنا‭ ‬للأمور‭”. “‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬الأسود‭ ‬والألوان‭ ‬القاتمة،‭ ‬أصبحت‭ ‬نظرتنا‭ ‬إيجابية‭ ‬ومفعمة‭ ‬بالتفاؤل‭. ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬حل‭ ‬أية‭ ‬مشكلات‭ ‬واجهناها‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬نفسية‭ ‬أو‭ ‬اجتماعية‭.”‬

بدأت‭ ‬برامج‭ ‬وقائية‭ ‬تم‭ ‬إطلاقها‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬مثل‭ ‬حملة‭ ‬السكينة‭ ‬في‭ ‬2004‭ ‬في‭ ‬جذب‭ ‬المتطرفين‭ ‬عبر‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت،‭ ‬وقد‭ ‬أحرزت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬النجاحات‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أكثر‭ ‬العوامل‭ ‬المؤثرة‭ ‬برنامج‭ ‬تليفزيوني‭ ‬ساخر‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الممثل‭ ‬والكوميدي‭ ‬السعودي‭ ‬ناصر‭ ‬القصبي‭ ‬وفيه‭ ‬يعرض‭ ‬وحشية‭ ‬وحماقة‭ ‬داعش‭ ‬بشكل‭ ‬ساخر‭. ‬وقد‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬مشاهديه‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬مليون‭ ‬مشاهد،‭ ‬بما‭ ‬يساعد‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬الدعائية‭ ‬التي‭ ‬تبثها‭ ‬داعش‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭.‬

وفي‭ ‬حديث‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬قناة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2015،‭ ‬قال‭ ‬القصبي‭ “‬الله‭ ‬هو‭ ‬الحافظ‭. ‬أنا‭ ‬فنان‭ ‬ودور‭ ‬الفنان‭ ‬الرئيسي‭ ‬هو‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬مشكلات‭ ‬المجتمع،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬يدفع‭ ‬ثمن‭ ‬ذلك‭”. “‬إن‭ ‬تحذير‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬داعش‭ ‬هو‭ ‬الجهاد‭ ‬الحق،‭ ‬لأننا‭ ‬نحاربهم‭ ‬بالفن‭ ‬وليس‭ ‬بالقتال‭.”‬

الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬تأخذ‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة

MapArabicتعتبر‭ ‬الدعاية‭ ‬الإعلامية‭ ‬التي‭ ‬ترمي‭ ‬لمواجهة‭ ‬داعش‭ ‬أيضًا‭ ‬هدفًا‭ ‬لمركز‭ ‬صواب‭ ‬الذي‭ ‬تأسس‭ ‬في‭ ‬أبوظبي‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2015‭ ‬ليكون‭ ‬بمثابة‭ ‬مركز‭ ‬للمعلومات‭ ‬المناهضة‭ ‬لفكر‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬وسوف‭ ‬يعمل‭ ‬المركز‭ ‬على‭ ‬استقطاب‭ ‬المتطرفين‭ ‬المحتملين‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬يوميًا‭ ‬لعرقلة‭ ‬الأفكار‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬هذه‭ ‬الجماعات‭ ‬الإجرامية‭ ‬وتمويل‭ ‬أنشطتها‭.‬

تواجه‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬دعوات‭ ‬التطرف‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حظر‭ ‬محتوى‭ ‬الإنترنت‭ ‬أو‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬عنف‭ ‬داعش‭. ‬وسوف‭ ‬ينتهج‭ ‬مركز‭ ‬صواب‭ ‬نهجًا‭ ‬أكثر‭ ‬إبداعًا‭. ‬حيث‭ ‬يقضي‭ ‬أوقات‭ ‬أقل‭ ‬في‭ ‬نقد‭ ‬فيديوهات‭ ‬داعش‭ ‬الدموية،‭ ‬والتي‭ ‬ربما‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬آثار‭ ‬عكسية‭ ‬لتتحول‭ ‬إلى‭ ‬أداة‭ ‬لاستقطاب‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬يُمجدون‭ ‬الحروب،‭ ‬بينما‭ ‬يلقي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬حماقة‭ ‬الجماعة‭ ‬التي‭ ‬بايعت‭ “‬الخليفة‭” ‬المزعوم‭.‬

صرح‭ ‬الدكتور‭ ‬أنور‭ ‬محمد‭ ‬قرقاش،‭ ‬وزير‭ ‬الدولة‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬الإماراتي‭ ‬بقوله‭: “‬من‭ ‬خلال‭ ‬التصدي‭ ‬لمشكلة‭ ‬التطرف‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الإنترنت‭ ‬سيكون‭ ‬لمركز‭ ‬صواب‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬وفاعل‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ودعم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل،‭ ‬كما‭ ‬سيشكل‭ ‬بداية‭ ‬لاستعادة‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وتطهيره‭ ‬من‭ ‬المتشددين‭ ‬وفكرهم‭ ‬المتطرف‭”.‬

وهذا‭ ‬البرنامج‭ ‬هو‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬المبذولة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬أوسع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تحالف‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬الذي‭ ‬تشارك‭ ‬فيه‭ ‬63‭ ‬دولة‭ ‬لدحر‭ ‬داعش‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬الأصعدة،‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ساحة‭ ‬المعركة‭. ‬تواجه‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬داعش‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاركتها‭ ‬في‭ ‬الضربات‭ ‬الجوية‭ ‬للتحالف‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬كما‭ ‬ترعى‭ ‬مبادرات‭ ‬مثل‭ ‬مركز‭ ‬هداية‭ ‬لمكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬العنيف‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬منتدى‭ ‬تعزيز‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المسلمة‭.‬

إيقاف‭ ‬تدفق‭ ‬المقاتلين‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬آسيا‭ ‬

أعلنت‭ ‬كلٌّ‭ ‬من‭ ‬كازاخستان‭ ‬وجمهورية‭ ‬قرغيزستان‭ ‬وطاجكستان‭ ‬وأوزباكستان‭ ‬جميعًا‭ ‬عن‭ ‬حملات‭ ‬لمكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬لإيقاف‭ ‬تدفق‭ ‬المنخرطين‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬داعش‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭. ‬

حيث‭ ‬تقيم‭ ‬جمهورية‭ ‬قرغيزستان‭ ‬فعاليات‭ ‬توعوية‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬تعرض‭ ‬الشباب‭ ‬لغسيل‭ ‬الأدمغة‭ ‬وتوجههم‭ ‬للقتال‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬تتم‭ ‬هذه‭ ‬الفعاليات‭ ‬في‭ ‬المساجد‭ ‬و‭ ‬الشقق‭ ‬السكنية‭ ‬ومجالس‭ ‬المرأة‭ ‬ومجموعات‭ ‬الشباب‭. ‬وفي‭ ‬2014،‭ ‬أعلنت‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬اعتقال‭ ‬40‭ ‬إرهابيًا‭ ‬وداعميهم،‭ ‬وكان‭ ‬أغلبهم‭ ‬قد‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬الوطن‭ ‬بعد‭ ‬تلقيه‭ ‬التدريب‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.‬

أدلى‭ ‬ميرلان‭ ‬توكتوموشيف‭ ‬إمام‭ ‬مسجد‭ “‬أوش‭ ‬شيت‭-‬دوبو‭” ‬بتصريحاته‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬قائلاً‭: “‬بفضل‭ ‬عقد‭ ‬الاجتماعات‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر،‭ ‬أدركت‭ ‬تجمعات‭ ‬المصلين‭ ‬أن‭ ‬الشرطة‭ ‬ورجال‭ ‬الدين‭ ‬يهدفون‭ ‬لحمايتهم‭ ‬من‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬طائشة‭ ‬وجرائم‭ ‬والانضمام‭ ‬لجماعات‭ ‬متطرفة‭”.‬وأضاف‭: “‬المواطنون‭ ‬الآن‭ ‬مستعدون‭ ‬لإبلاغ‭ ‬الشرطة‭ ‬عن‭ ‬الغرباء‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬باستقطاب‭ ‬الشباب‭.”‬

كما‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬جرَّمت‭ ‬طاجيكستان‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬قتالية‭ ‬خارج‭ ‬البلاد‭. ‬وبحسب‭ ‬التقديرات‭ ‬الحكومية،‭ ‬فقد‭ ‬انضم‭ ‬300‭ ‬مواطن‭ ‬طاجيكي‭ ‬إلى‭ ‬صفوف‭ ‬داعش،‭ ‬وتم‭ ‬اعتقال‭ ‬العشرات‭ ‬بتهمة‭ ‬تجنيد‭ ‬مقاتلين‭ ‬أجانب‭. ‬ويُجبر‭ ‬المجندون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬على‭ ‬الخدمة‭ ‬عندما‭ ‬تحرق‭ ‬داعش‭ ‬جوازات‭ ‬السفر‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬الطاجيكيين‭ ‬يعرضون‭ ‬حوافز‭ ‬بإمكانية‭ ‬العفو‭ ‬عن‭ ‬المقاتلين‭ ‬المحتملين‭ ‬الذين‭ ‬يتراجعون‭ ‬عن‭ ‬أفكارهم‭.‬

قال‭ ‬شريف‭ ‬كوربونزودا،‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬لمقاطعة‭ ‬صغد‭ ‬شمال‭ ‬طاجيكستان‭ “‬يمكن‭ ‬رفع‭ ‬دعوى‭ ‬جنائية‭ ‬فقط‭ ‬إذا‭ ‬توافرت‭ ‬لدينا‭ ‬المعلومات‭ ‬والأدلة‭ ‬الكافية‭ ‬التي‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬الشخص‭ ‬كان‭ ‬عضوًا‭ ‬في‭ ‬جماعة‭ ‬مُسلحة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أجنبية‭”.‬

تنظر‭ ‬كازاخستان‭ ‬للإرهاب‭ ‬غالبًا‭ ‬بوصفه‭ ‬ناتجًا‭ ‬عن‭ ‬الفقر‭ ‬واليأس،‭ ‬حسب‭ ‬قول‭ ‬خيرت‭ ‬عبد‭ ‬الرحمنوف،‭ ‬مندوب‭ ‬الدولة‭ ‬الدائم‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭. ‬ومع‭ ‬تبني‭ ‬الدولة‭ “‬لخارطة‭ ‬الطريق‭ ‬نحو‭ ‬التوظيف‭”‬،‭ ‬يمكن‭ ‬للشباب‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬المجاني‭ ‬والتدريب‭ ‬المهني‭ ‬والدعم‭ ‬في‭ ‬إقامة‭ ‬الأعمال‭. ‬هناك‭ ‬برنامج‭ ‬آخر‭ ‬باسم‭ ‬مواجهة‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب‭ ‬الديني‭ ‬خلال‭ ‬2013‭-‬2017،‭ ‬وهو‭ ‬يخصص‭ ‬600‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬لاتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية‭. ‬وقد‭ ‬أمضت‭ ‬أوزباكستان‭ ‬فترة‭ ‬خلال‭ ‬2015‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬لبرنامج‭ ‬باسم‭ “‬تطهير‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭” ‬وقد‭ ‬شمل‭ ‬فضح‭ ‬أعضاء‭ ‬داعش‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬بوصفهم‭ ‬قتلة‭ ‬ومجرمين‭. ‬وربما‭ ‬تكون‭ ‬المجموعة‭ ‬المحلية‭ ‬المتطرفة‭ “‬الحركة‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬أوزباكستان‭” ‬قد‭ ‬أمدت‭ ‬داعش‭ ‬بالمقاتلين‭. ‬ووفقًا‭ ‬لخدمة‭ ‬الأمن‭ ‬الوطني‭ ‬الخاصة‭ ‬بالدولة،‭ ‬فإن‭ ‬الإرهابيين‭ ‬العائدين‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬ربما‭ ‬يخططون‭ ‬للقيام‭ ‬بهجمات‭ ‬في‭ ‬أوزباكستان‭.‬

الخاتمة

إن‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬جاذبية‭ ‬داعش‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬المُعرضين‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬صفوفها‭ ‬يعد‭ ‬جزءًا‭ ‬مهمًا‭ ‬من‭ ‬إيقاف‭ ‬تدفق‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬إلى‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭. ‬ويتطلب‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬تحالفًا‭ ‬لمواجهة‭ ‬داعش‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬حضور‭ ‬قوي‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬وعبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬لمواجهة‭ ‬الدعاية‭ ‬الزائفة‭ ‬التي‭ ‬تُروج‭ ‬لها‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭.‬

بيد‭ ‬أن‭ ‬الوقاية‭ ‬ليست‭ ‬وحدها‭ ‬كافية‭. ‬حيث‭ ‬تلعب‭ ‬الشرطة‭ ‬والجيش‭ ‬دورًا‭ ‬إضافيًا‭ ‬في‭ ‬منع‭ ‬تدفق‭ ‬المقاتلين‭ ‬الأجانب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الحدود‭ ‬وحل‭ ‬الخلايا‭ ‬الإرهابية‭ ‬وتجفيف‭ ‬منابع‭ ‬التمويل‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬أفراد‭ ‬داعش‭ ‬أو‭ ‬عادوا‭ ‬إلى‭ ‬بلدانهم،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬برامج‭ ‬مثل‭ ‬مراكز‭ ‬اجتثاث‭ ‬التطرف‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬دورًا‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يتورطوا‭ ‬بأعمال‭ ‬ارهابية‭ ‬لإعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬والاندماج‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

وأخيرًا،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬مصالحة‭ ‬وطنية‭ ‬وبناء‭ ‬مجتمعات‭ ‬غير‭ ‬طائفية‭ ‬لا‭ ‬تسمح‭ ‬بتوغل‭ ‬جماعات‭ ‬مماثلة‭ ‬لداعش‭. ‬وليست‭ ‬مصادفة‭ ‬أن‭ ‬ظهور‭ ‬داعش‭ ‬كان‭ ‬قويًا‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬وهي‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬مزقتها‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭. ‬ونادرًا‭ ‬ما‭ ‬يتحقق‭ ‬السلم‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬الحكومة‭ ‬العادلة‭.  ‬

Comments are closed.