جراحون لبنانيون يمنحون الأمل للاجئين السوريين

رويترز‭ ‬

فشلت‭ ‬ست‭ ‬عمليات‭ ‬جراحية‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬الألم‭ ‬الذي‭ ‬لازم‭ ‬إسماعيل‭ ‬مصطفى‭ ‬منذ‭ ‬إصابته‭ ‬أثناء‭ ‬غارة‭ ‬جوية‭ ‬شُنّت‭ ‬على‭ ‬قريته‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬قبل‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعوام‭.‬‭ ‬واُضطر‭ ‬عامل‭ ‬البناء‭ ‬السابق‭ ‬البالغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬28‭ ‬عامًا‭ ‬إلى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بعكازين‭ ‬بعدما‭ ‬مزقت‭ ‬شظية‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬ردفه‭ ‬وساقه‭ ‬اليمنى،‭ ‬فيما‭ ‬عجزت‭ ‬المسكنات‭ ‬عن‭ ‬تخفيف‭ ‬آلامه‭.‬

وقد‭ ‬أدت‭ ‬الالتهابات‭ ‬المتكررة‭ ‬إلى‭ ‬تزايد‭ ‬صعوبة‭ ‬إجراء‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬العمليات‭ ‬الجراحية،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬افتقاره‭ ‬للمال،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬قبلت‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬التحدي‭ ‬لعلاجه‭ ‬حتى‭ ‬يستطيع‭ ‬السير‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭.‬

وقال‭ ‬مصطفى‭ ‬وهو‭ ‬مستلقٍ‭ ‬على‭ ‬سرير‭ ‬إحدى‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬إجراء‭ ‬جراحة‭ ‬لاستئصال‭ ‬جزء‭ ‬مصاب‭ ‬في‭ ‬عظمة‭ ‬الساق‭: “‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬رحلة‭ ‬طويلة‭ ‬وشاقة‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المكان،‭ ‬ولم‭ ‬يفارقني‭ ‬الألم‭ ‬الذي‭ ‬أشعر‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬ساقي‭. ‬أشعر‭ ‬بالألم‭ ‬بشكل‭ ‬دائم،‭ ‬ولا‭ ‬أستطيع‭ ‬السير‭.”‬

وقالت‭ ‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للصليب‭ ‬الأحمر‭ -‬التي‭ ‬تكفّلت‭ ‬بمصاريف‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬الباهظة‭- ‬إنها‭ ‬عالجت‭ ‬نحو‭ ‬350‭ ‬شخصًا‭ ‬من‭ ‬مصابي‭ ‬الحرب‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬علاج‭ ‬إصابات‭ ‬الأسلحة‭ ‬والتدريب‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬الثاني‭ ‬بمستشفى‭ ‬دار‭ ‬الشفاء‭ ‬في‭ ‬طرابلس،‭ ‬شمال‭ ‬لبنان‭.‬

هذا‭ ‬وقد‭ ‬قَدَّم‭ ‬برنامج‭ ‬مماثل‭ ‬الرعاية‭ ‬لنحو‭ ‬750‭ ‬مريضًا‭ ‬من‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬رفيق‭ ‬الحريري‭ ‬الجامعي‭ ‬في‭ ‬بيروت‭.‬

وقال‭ ‬فؤاد‭ ‬عيسى‭ ‬الخوري‭ -‬طبيب‭ ‬متدرب‭ ‬في‭ ‬المركز‭: “‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نراها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭. ‬فهي‭ ‬إصابات‭ ‬حرب،‭ ‬وهي‭ ‬ملوثة‭ ‬أيضًا‭ ‬ولها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المضاعفات،‭ ‬وقد‭ ‬خضع‭ ‬هؤلاء‭ ‬المصابون‭ ‬لعمليات‭ ‬جراحية‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬السابق‭”.‬

وقال‭ ‬الخوري‭ ‬إن‭ ‬جراحة‭ ‬مصطفى‭ -‬التي‭ ‬قال‭ ‬أطباء‭ ‬إنها‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬عمل‭ ‬ناجح‭- ‬قد‭ ‬تكلفت‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬وقد‭ ‬تحملت‭ ‬اللجنة‭ ‬أيضاً‭ ‬تكاليف‭ ‬إعادة‭ ‬التأهيل‭ ‬البدني‭ ‬والعلاج‭ ‬النفسي‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬الزهراء‭ ‬المجاور‭.‬

وبالنسبة‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬فإن‭ ‬مجرد‭ ‬تكلفة‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬العادية‭ ‬تفوق‭ ‬إمكاناتهم‭. ‬هناك‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬لائحة‭ ‬الانتظار‭ ‬لمدة‭ ‬شهر‭ ‬لتلقي‭ ‬العلاج‭ ‬لدى‭ ‬اللجنة‭. ‬هذا‭ ‬وقد‭ ‬خضعت‭ ‬الطفلة‭ ‬شهد‭ ‬خليل‭ ‬البالغة‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬ثماني‭ ‬سنوات‭ ‬لعشر‭ ‬عمليات‭ ‬جراحية؛‭ ‬ثلاث‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬الشفاء‭ ‬لعلاج‭ ‬فخذها‭ ‬الأيمن‭ ‬حتى‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬السير‭ ‬مرةً‭ ‬أخرى‭ ‬بعد‭ ‬إصابتها‭ ‬أثناء‭ ‬غارة‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬مدرستها‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭.‬

وقد‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬المركز‭ ‬السوري‭ ‬لبحوث‭ ‬السياسات‭ ‬أن‭ ‬1‭.‬9‭ ‬مليون‭ ‬سوري‭ ‬قد‭ ‬تعرضوا‭ ‬للإصابة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬الأولى‭ ‬لهذه‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬عام‭ ‬2011‭.‬

وقال‭ ‬فابريزو‭ ‬كاربوني‭ -‬رئيس‭ ‬بعثة‭ ‬الصليب‭ ‬الأحمر‭ ‬في‭ ‬لبنان‭: “‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬وضعت‭ ‬الحرب‭ ‬أوزارها‭ ‬غداً،‭ ‬فسنواجه‭ ‬ضرورة‭ ‬بقاء‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬لسنوات‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لعقود؛‭ ‬لأن‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬والمحتاجين‭ ‬للدعم‭ ‬هائل‭.”‬

Comments are closed.