التحالفات مقابل الصراع
الأمن الإقليمي والدولي يعتمد على الشراكات والتعاون
أسرة يونيباث
عندما طالب المجتمع الدولي بسفن وبحارة للقضاء على القرصنة والتهريب في بحر العرب والخليج العربي، لبت الإمارات العربية النداء. وعندما أرسل مجلس التعاون الخليجي قوات من أجل استقرار اليمن، كانت الإمارات العربية المتحدة بالمقدمة. وعندما اجتمعت بعثات حفظ السلام في الصومال والبوسنة ولبنان، أرسلت الإمارات إمدادًا بالأفراد، بالإضافة إلى مئات الملايين من الدولارات لمساعدة اللاجئين وغيرهم من ضحايا الحرب.
”تمثل القوات المسلحة لدولة الإمارات طرفاً فاعلاً في مواجهة مصادر التهديد الرئيسية التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي”، هذا ما صرح به محمد أحمد البواردي، وزير دولة الإمارات العربية المتحدة لشؤون الدفاع. وأضاف البواردي “لقد كان لمشاركة القوات المسلحة في مهام خارجية خليجياً، عربياً، ودولياً، دور في تعزيز مكانة الإمارات إقليمياً وعالمياً، وبات ينظر لها على أنها طرف فاعل في تعزيز السلام والاستقرار العالميين، ولاشك في أن هذا كله أسهم في تعزيز الصورة الحضارية لدولة الإمارات في المجتمع الدولي.”
كما توضح تجارب الإمارات العربية المتحدة متعددة الأوجه، فإنه من المستحيل تحقيق الأمن الإقليمي بدون بناء تحالفات ومشاركة أعباء الحفاظ على الأمن. فنظرًا لأن التهديدات مثل التهديدات الإرهابية والقرصنة تهديدات عابرة للحدود، فيجب أن تكون الاستجابة الجماعية عابرة للحدود أيضًا. فالتدريبات العسكرية وعمليات حفظ السلام والمهمات البحرية وحماية الحدود والتدريبات العسكرية والمساعدات الإنسانية: ولا يمكن لأي أمة أن تقوم بتلك المبادرات الداعمة للاستقرار بمفردها.
حفظ السلام
لعبت الإمارات العربية المتحدة دورًا كبيرًا في المساعدة على استقرار أفغانستان بعد عقود من الحرب الأهلية. فلم تقم ببناء المستشفيات والمدارس فقط، ولكنها أيضًا دفعت ثمنًا غاليًا عندما اغتيل سفيرها على يد الإرهابيين في أفغانستان في كانون الثاني/يناير 2017. أيضًا الأردن تمد يد الدعم، ليس بالقوات المقاتلة فقط، وإنما بالأئمة العسكريين والقوات النسائية ليقوموا باتصالات متبادلة لنشر رسالة سماحة الدين.
طلب رئيس اليمن، عبد ربه منصور المساعدة بعد التمرد الحوثي بمعاونة الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، حيث استولوا على العاصمة بالقوة، وأجبروا الحكومة الشرعية على الهرب في 2015. وردًا على ذلك، كونت المملكة العربية السعودية تحالفا من 10 دول أعضاء. وقد حدث إنجاز مهم في نيسان/أبريل 2016، عندما نجحت حكومة اليمن والتحالف في طرد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية من المكلا بإقليم حضرموت. وهذا حرم الجماعة الإرهابية من مصدر مهم للدعم. وتستمر الجهود في تدمير الملاذات الآمنة للإرهابيين في اليمن.
لا تزال بعثات حفظ السلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، خاصة في إفريقيا، تستمد القوة من الجنود والاستشاريين العسكريين وضباط الشرطة من مصر وكازخستان والأردن وقطر وباكستان واليمن. بالنسبة لدول مثل باكستان والأردن، فهذه الالتزامات طويلة الأمد. فقد أرسلت باكستان، على سبيل المثال، أكثر من 100,000 من القوات خلال آخر 50 عامًا ولها أكثر من 7,100 جندي شارك في تلك العمليات في أوائل عام 2017.
البحرية
قوات المهام البحرية المشتركة، ومقرها البحرين، هي تحالف مكون من حوالي عشرين دولة مشاركة بالسفن والبحارة للقيام بدوريات في بحر العرب والبحر الأحمر ومضيق باب المندب والخليج العربي. تتضمن قوات المهام الثلاث، التي يطلق عليها اسم قوات المهام المشتركة (CTFs)، القوة رقم 150 و151 و152، عمليات شرطية ساعدت في كبح القرصنة الصومالية. فقد اختطف القراصنة الصوماليون، مؤخرًا في عام 2011، 151 سفينة، ولكن بحلول 2016 قام تحالف بحري دولي بتقليل عمليات الاختطاف تلك إلى صفر.
مع ذلك، أدرك القادة البحريون صعوبة الإعلان عن النصر النهائي في ساحة معركة غير متوقعة مثل أعالي البحار. وفي أبريل 2017، وبعد غياب دام لعامين، قام القراصنة الصوماليون بمهاجمة ناقلة بترول أجنبية واختطافها واحتجزوا السفينة وطاقمها لطلب الفدية. وكان هذا أول اختطاف من نوعه منذ أكثر من عامين، ولكن الأمر كان بمثابة تذكرة للتحالف بأنه لا يستطيع أن يتخلى عن حراسه.
وتقوم البحرية اليمنية وقوات الدفاع الساحلية تدريجيًا بإعادة بناء أساطيلها وقواعدها لتمكن الحكومة من القيام بدوريات بالمياه الإقليمية التي تضم شريطا ساحليا بطول حوالي 2000 كيلومتر. كما أشار االلواء الركن بحري عبدالله بن سالم علي النخعي قائد القوات البحرية والدفاع الساحلي اليمنية في مقالة لجريدة يونيباث في 2017، فإن البلاد تنظر إلى دور البحرية باعتباره دورا تعاونيا، ويتطلب دعمًا فنيًا ومساعدة مالية من حلفائه وشركائه.
وأضاف اللواء “نأمل أن نجهز البحرية لتصبح قادرة على حماية المياه الإقليمية، بالإضافة إلى حماية ثرواتنا الهائلة من الأسماك ضد الصيد الجائر،”. “لدينا طموح عظيم ببناء قوة بحرية محترفة وقومية مخلصة لله وللبلد.”
والأهم هي العمليات البحرية، إذ قامت باكستان بدعوة جمهور تدريبي ضخم متعدد الجنسيات لتدريبات عمان 17 في بحر العرب شباط/فبراير 2017. وكان هذا التدريب هو الخامس من نوعه، حيث جذب بلدانًا مثل البحرين ومصر والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية وتركمانستان والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة.
التدريبات العسكرية
جاءت سلسلة أخرى من التدريبات العسكرية في ربيع وصيف 2017 لتعيد التأكيد على الأهمية البالغة لمشاركة أفضل التدريبات بين جيوش الشركاء. ففي أبريل، نجحت الكويت في استضافة تدريبات “حسم االعقبان” متعددة الجنسيات والتي ركزت على التهديدات غير التقليدية، مثل الهجمات الإرهابية. وبعد بضعة أسابيع، استضافت البحرين مناورات لإزالة الالغام وعمليات للأمن البحري ومكافحة التهريب في الخليج العربي وما هو أبعد من ذلك.
وفي مايو/أيار 2017، استضافت الأردن مرة أخرى تدريبات “الأسد المتأهب”. وللمرة السابعة، دعت السعودية قوات البلدان الشريكة لإجراء تدريبات جوية وبحرية وبرية بعرض البلد، من الصحراء الشمالية إلى خليج العقبة.
لا يكون التركيز دائمًا مقتصرًا على الاستعداد العسكري. جمع مؤتمر الاتصالات بالمنطقة الوسطي في واشنطن العاصمة، نيسان/أبريل 2017، بين قادة 10 دول لمناقشة التهديدات بعيدة الأثر من جرائم الفضاء السيبراني. فقرصنة أجهزة الكمبيوتر تشكل خطرًا ليس على الاتصالات العسكرية فقط، ولكن على القطاعات المدنية الحيوية أيضًا، مثل إنتاج البترول وتوليد الكهرباء وتنقية المياه والتصنيع والأعمال المصرفية.
وقد ركز تدريب التعاون الإقليمي، وهو تدريب سنوي عُقد في طاجيكستان في تموز/يوليو 2017، على دول آسيا الوسطى واستكشاف طرق التغلب على الكوارث الطبيعية والهجمات الإرهابية. تحت رعاية القيادة المركزية الأمريكية، فإن هذا التدريب يُجرى سنويًا منذ 2001.
أمن الحدود
إن الدفاع عن الحدود بطبيعته تكون من جانبين، ولا يمكن لبلد القيام بذلك بمفردها. وفي غياب الأمن الفعلي بالحدود الجنوبية السورية، اتخذت الأردن خطوات استثنائية لحماية نفسه من داعش والمتعاطفين معها. فتم تخصيص ما يقرب من نصف القوات المسلحة الأردنية لمراقبة الحدود، وقد ساعد نظام من المستشعرات الإلكترونية على الحدود السورية في تقليل عمليات التهريب والتسلل. كما أسست السعودية نظاما منهجيا للتعامل مع أفواج اللاجئين الهاربين من سوريا من أجل أمن الأردن.
أدركت أيضًا بلاد آسيا الوسطى الحاجة لتأمين الحدود في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة والتي بها تضاريس جبلية وصحراوية قد تفيد مهربي الأسلحة والمخدرات. فقد عرضت منظمة الأمن والتعاون الأوروبية تدريبا لحراس الحدود بهدف وقف تدفق الأفيون والسلاح والمجرمين، وهو تدفق ناجم عن عدم الاستقرار التي تشهدها أفغانستان بسبب طالبان وداعش. في 2016، انتهت أوزبكستان من تحديث معبر ليافوب الحدودي بتكلفة 2.8 مليون دولار أمريكي.
أجرت باكستان عدة عمليات في محاولة لتهدئة الأوضاع بأراضيها الشمالية الغربية، وهي منطقة كانت بمثابة منصة إطلاق للهجمات الإرهابية في باكستان وأفغانستان. وكانت أشهر تلك العمليات هي عملية “ضرب عضب”، والتي نُظمت بعد الهجمات الإرهابية على المدنيين الأبرياء التي أثارت غضبًا عامًا.
مناهضة الطائفية
تتطلب مرحلة ما بعد الصراع الانتباه لما يتجاوز القوة العسكرية. ولبناء الاستقرار بحق، فعلى الدول تسليط الضوء على مصادر الصراع التي تغذي الإرهاب بالروايات الكاذبة واقتلاعها من جذورها.
وأصبح هدف العديد من دول الشرق الأوسط ودول جنوب ووسط آسيا هو تعزيز الهوية القومية التي تستبدل الطائفية والقبلية بالولاء. فقد نجت لبنان التي تتميز بالتنوع الديني في تجنب الكثير من الصراعات التي تسببت في خراب جارتها سوريا من خلال نظام سياسي مصمم لنزع فتيل التوترات الطائفية.
كما أن الأردن أيضًا نجحت في جمع نسيج الأمة التي تتميز بتنوع أعراقها ودياناتها والتوحد بالولاء للملكية الهاشمية. فأصبح جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ملك الأردن قائدًا عالميًا من خلال تسليط الضوء على تعارض الإسلام مع التطرف العنيف، وذلك من خلال بيان ”رسالة عمان” التي روج لها بجميع أنحاء العالم.
بالنسبة للدول الأخرى، يمثل نبذ الطائفية تحديًا أكبر. ومع الهزيمة الوشيكة لداعش في العراق – وهي الجماعة التي أشعلت الانقسامات الطائفية واستغلتها لأهدافها الشريرة – بدأت بغداد بالتركيز على إعادة بناء الشعور بالوحدة الوطنية بين أفراد الشعب.
وفي دول الخليج العربي، أطلق مركز “هداية” لمكافحة الإرهاب ومقره أبو ظبي مبادرة “عقول مبدعة لصالح المجتمع”، وهي مبادرة من القطاعين العام والخاص مع موقع الفيس بوك ووزارة الخارجية الأمريكية، لمواجهة الدعاية الإرهابية عن طريق إنشاء محتوى إيجابي على الإنترنت ودعم الأصوات ذات المصداقية في الشرق الأوسط. وقام مركز صواب، ومقره أيضًا بالإمارات العربية المتحدة، بعمل مشابه لنزع فتيل الخلافات التي يستخدمها المتطرفون لتأجيج مناصريهم.
المساعدات الإنسانية
أصبحت سوريا، واليمن، ولكن بدرجة أقل، أكبر المتلقين للتبرعات العالمية. ففي نيسان/أبريل 2017، في مؤتمر بروكسل حول دعم مستقبل سوريا والمنطقة، تعهدت الدول بإنفاق 6 مليارات دولار أمريكي على أكثر من 20 مليون شخص ممن تضرروا من الحرب في الشرق الأوسط في عام 2017 وبمبلغ آخر مقداره 3.7 مليارا دولار أمريكي في 2018. وقد حضر مؤتمر بروكسل رؤساء وزراء كل من لبنان والأردن ووزراء خارجية الكويت وقطر.
قالت فيديريكا موغيريني، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، “إن عملية إعادة بناء سوريا ستتطلب قوة دولية هائلة،” “وفي كثير من الأوقات، لم نكن مستعدين للسلام. فيجب البدء في التحضر لذلك اليوم، حتى وإن كان هذا اليوم يبدو بعيدًا.”
وقد قامت دول مجلس التعاون الخليجي بإنفاق ملايين الدولارات لدعم اللاجئين في لبنان والأردن، وهما دولتان مجاورتان لسوريا ويتحملان وطأة أزمة اللاجئين. ومن ضمن الأساسيات التي توفرها تلك المساعدات الخارجية كان الطعام والدواء والاحتياجات المدرسية.
في بداية عام 2017، أصبح على الأقل نصف مليون يمني مشردا داخل البلاد. وقد ساعدت الجهات المانحة الإقليمية، بما فيها الصليب الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان السعودي، في الحفاظ على الشعب اليمني خلال الأوقات العصيبة بإعطائهم الإمدادات والخدمات الحيوية، مثل تطعيمات الأطفال وبرامج الوقاية من سوء التغذية.
وقال صاحب السمو، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب الرئيس ورئيس وزراء دولة الإمارت العربية المتحدة، “إن الإمارات لا تقدم مساعدات مشروطة ولا تنتظر مصالح مقابلة ولا تريد إلا الخير والاستقرار لكافة الشعوب.”
دعوة للقراء
لتقديم مقالات أو أفكار قصصية ذات صلة بموضوع “الأمن الإقليمي.” أرسلها إلى
Comments are closed.