إن مشاركة اليمن في تمرين «النجم الساطع» لعام 2025، ممثلةً بقوات العمليات الخاصة اليمنية، ليست مجرد مشاركة في تمرين كسائر التمارين العسكرية، فهي أشبه بعودة الإنسان إلى وطنه وأحبابه، إذ يعود اليمن إلى شركائه الإقليميين والدوليين بعد سنوات من العزلة التي فرضتها الحرب والصراع الداخلي على إثر انقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية.
وتؤكد هذه المشاركة، بعد طول غياب، أن اليمن يستعيد مكانته الطبيعية إلى جانب أكثر من 44 دولة، منها مصر والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، في أقوى تمرين عسكري مشترك في المنطقة.
وأتقدم بخالص الشكر والتقدير لأشقائنا في جمهورية مصر العربية على كرم ضيافتهم وحفاوة استقبالهم واهتمامهم بنا. كما نتقدم بالشكر لزملائنا في القيادة المركزية الأمريكية على استضافتهم لنا وإتاحة الفرصة لنا، بعد سنوات من الغياب، للمشاركة في هذا التمرين الدولي المهم، وعلى ما قدموه لنا من دعم طوال رحلتنا من اليمن وحتى وصولنا إلى مصر.
لعودة اليمن إلى تمرين «النجم الساطع» أبعادٌ سياسيةٌ وأمنيةٌ عميقةٌ، إذ تدل على التزام اليمن بدورها المحوري في تأمين ممرات الملاحة الدولية وحماية التجارة الدولية من التهديدات الإرهابية، كتلك الأعمال العدائية التي يرتكبها الحوثيون الإرهابيون المدعومون من إيران.
ووجود اليمن في إطار التعاون الإقليمي والدولي صمام أمان لاستقرار المنطقة، وقد كان لمشاركة قواتنا أثرٌ ملحوظ من خلال التدريب المشترك مع الحلفاء، لا سيما في مجالات مكافحة الإرهاب، والقتال في البيئات الحضرية والصحراوية، والدفاع السيبراني، والاستخبارات، والمسيَّرات.
وهذه المشاركة لا تنهض بقدرات القوات المسلحة اليمنية فحسب، بل وترسل رسالة ثقة وطمأنة للشعب اليمني بأن بلده قادرٌ على النهوض من جديد والتصدي للإرهاب برفقة شركائه.
ونبشر الشعب اليمني بأننا نسعى جاهدين للقضاء على ميليشيات الحوثي الإرهابية التي تُثقل كاهلهم وتحتل شطراً كبيراً من أراضي الجمهورية اليمنية. ولسوف نقضي بإذن الله، وبتعاون أشقائنا وشركائنا الدوليين معنا، على هذه البؤرة الإرهابية.
فنحن شركاءٌ في المنطقة؛ عدونا واحد، ورغبتنا واحدة في نشر الاستقرار في المنطقة لتنعم بالرخاء والتقدم. ولا ريب أننا نتطلع، مع شركائنا في الولايات المتحدة، إلى توسيع آفاق ومجالات التعاون العسكري بما يتجاوز التدريبات والتمارين العسكرية، ونرجو أن يُستأنف التعاون في كافة جوانب الدعم العسكري.
ويُعد تمرين «النجم الساطع» خطوةً مهمةً في هذا الصدد، فقد استطعنا فيه أن نستفيد من تجارب الدول الصديقة وخبراتها، وعلى رأسها الولايات المتحدة. كما رأينا أداءً مميزاً من إخواننا من مصر وبلدان أخرى، وقد استفدنا من ذلك أشد استفادة.
وإننا نواكب أحدث التقنيات والتكتيكات للارتقاء بجاهزية قواتنا، وتمكينها من اتخاذ قرارات سريعة في مختلف البيئات، براً وبحراً وجواً.
أمست الحرب السيبرانية من أهم عناصر حروب الجيل الخامس، وباتت من أبرز الأسلحة المستخدمة في المعارك الحديثة، وقد تعلمنا خلال تمرين «النجم الساطع» تقنيات وتدريبات متقدمة في هذا المجال.
ولا ريب أن ثمة معلومات كثيرة يمكننا الاستفادة منها، لا سيما وأن عدونا يستخدم تقنيات وأساليب سيبرانية متطورة من إيران وبلدان أخرى، غايتها تقويض الأمن في المنطقة. وعلينا امتلاك هذه التقنيات للتصدي لهذا التهديد.
ونأمل أن يشارك اليمن في المراحل الأولية من التمارين المستقبلية، كالتخطيط والإمداد والتموين وشراء المعدات. كما نأمل أن نشارك بقوة وتخصص أكبر وفي أكثر من مجال.
إن معظم الدول المشاركة في تمرين «النجم الساطع» من دول الشرق الأوسط، تجمعها تحديات أمنية مشتركة، ولذلك يُتيح هذا التمرين فرصة للعمل المشترك، سواء أكان ذلك في مكافحة الإرهاب أم الأمن البحري أم العمليات الجوية، ويحاكي سيناريوهات واقعية، فيقدم بذلك فرصة عظيمة لتعزيز العمل في بيئة عملياتية مشتركة من أجل نشر الأمن الإقليمي.
إن عودة اليمن إلى تمرين «النجم الساطع» وغيره من التمارين العسكرية الدولية بعد أكثر من عقد من الزمان ليست مجرد عودة إلى برامج التدريب، وإنما إعادة تمركز استراتيجي تضع اليمن من جديد في شراكات إقليمية ودولية تعمل على حماية الاستقرار الإقليمي، ومواجهة شرور الإرهاب والفوضى التي تُهدد الملاحة الدولية.
