تَبَنِّي التدريب الابتكاري
وفد من كبار الضباط العراقيين يزور مركز التدريب الوطني للجيش الأمريكي
أسرة يونيباث | الصور بعدسة مركز التدريب الوطني للجيش الأمريكي
زاروفد رفيع المستوى من قيادة القوات البرية العراقية مركز التدريب الوطني للجيش الأمريكي الواقع في فورت إيروين بولاية كاليفورنيا من يوم 7 إلى 12 شباط/فبراير للاطلاع على التقنيات ومرافق مركز التدريب. تلقى الوفد أثناء الزيارة عدة محاضرات عن دور المركز في تدريب الوحدات قبل إرسالها لمهام في قطاعات المسؤولية. كما التقى الوفد باللواء كيرت تايلور، قائد مركز التدريب الوطني/فورت إيروين، ورافقهم في زيارة ميدانية، وشرح لهم أهداف المركز. كما ناقش الوفد مع خبراء التدريب الأمريكيين خطوات إنشاء مركز تدريب متقدم في العراق. وشرح الخبراء كيفية وضع خطة تفصيلية لإنشاء مركز يتسع لتدريب قوة بحجم لواء مرتبطة بمديرية الدروس المستنبطة وبالكليات العسكرية. التقت يونيباث باللواء قاسم حميد عباس الجبوري، مدير التخطيط بقيادة القوات البرية العراقية، ليحدثنا عن أهمية هذه الزيارة.
يونيباث: ما انطباعك عن هذه الزيارة وفوائدها للعراق؟
اللواء قاسم: في الحقيقة، أثناء هذه الزيارة إلى المركز الوطني، كان انطباعنا رائعاً عن هذا المركز وما يقدمه من مستويات عالية من التدريب، وما شاهدناه ولمسناه في ميدان التدريب يجعل المتدرب، سواء أكان على مستوى الجندي أم الوحدة، يشهد جواً حقيقياً للمعارك بسبب وجود تضاريس مختلفة وطرق وعرة ومدن آهلة بالسكان داخل مسرح العمليات؛ وهذا يجعل الوحدات العسكرية تتصرف وكأنها في معركة حقيقية. كما يركز قادة المركز على روح التنافس والمثابرة بين الوحدات المشاركة ووجود فريق تدريب متمرس يضطلع بدور قوات العدو. أما طريقة إدارة المعركة، فهي من اختصاص آمري التشكيلات المشاركة، إذ يشرح قادة المركز سيناريوهات المعركة لقائد اللواء، ثم يتراجعون ويراقبون ما يفعل، ويمنحونه الحرية الكاملة في اختيار التكتيكات التي تساعده على تحقيق أهدافه. فهذه الطريقة تعزز دور القائد في قيادة وحدته أثناء المعارك وتضيف الكثير لخبراته الميدانية. وأود أن أتقدم بالشكر الجزيل لقادة المركز الذين بذلوا كل مابوسعهم لإحاطتنا بمهام وعمل المركز بالتفصيل.
يونيباث: هل تطمحون إلى إنشاء مثل هذا المركز في العراق؟
اللواء قاسم: جميع الضباط الذين جاؤوا معي في هذه الزيارة أثنوا على هذا المركز ودوره في تطوير مهارات منتسبي القوات الأمنية وصقلها، وبالتأكيد نطمح لأن يكون لدى الجيش العراقي مركزٌ مشابهٌ لهذا الصرح المرموق. فمركز كهذا حتماً سينمي قدرات الجيش العراقي الباسل ويكسبهم خبرات ميدانية بخلق بيئة حرب ومحاكاة تكتيكات معارك حقيقية في تضاريس مختلفة، ما يطور مهارات القادة والجنود، وينمي عملية اتخاذ القرار لدى القادة، وينوع خبراتهم في إدارة المعارك؛ وهذا بالتأكيد يشمل الاثنين: الوحدة التي جاءت لتلقي التدريب، ومنتسبو المركز الذين يقومون بدور قوات العدو.
يونيباث: كيف وجدتم أداء القوات الموجودة في المركز من المدربين والقوات المنتشرة؟
اللواء قاسم: من خلال لقاءاتنا مع القادة والعاملين في هذا المركز، سواء أكانت القوات المتدربة أم قوات العدو التابعة لقوات المركز، وما لمسناه في الميدان، شاهدنا تدريباً عالي المستوى لهذه القوات، بحيث يكتسب جميع المشاركين خبرات ميدانية على كافة الأصعدة، ولجميع رتب ومستويات المشاركين من جنود وضباط بما يضمن تماسكهم وانسجامهم وكفاءتهم في ميدان المعركة الحقيقة. وشاهدنا قوة بحجم لواء تدخل قطاع عمليات وتُناط بها مهمة تحرير الأرض الوعرة من عدو متخندق فيها. وتُرك الأمر لقائد اللواء وضباط ركنه حرية التخطيط في تحرير المنطقة بأقل الخسائر المادية والبشرية الممكنة. ويشمل السيناريو صعوبة إيصال الإمدادات للقوات المتقدمة وتداخل ساحة المعركة. وفي المقابل تقوم قيادة قوات العدو بتحصين الدفاعات، وعرقلة هجوم اللواء، والمحافظة على الأرض، ووضع وتغيير الخطة بما يتناسب مع المتغيرات على الأرض. ويكمن اختلاف هذا المركز عن مراكز التدريب التابعة للفرقة في أن اللواء يترك مقراته ويتحرك بكامل تجهيزاته ومعداته وكأنه يتحرك لجبهات القتال. وقد تستمر مسيرته من مقره إلى المركز أياماً، وينتشر بعد وصوله في منطقة المسؤولية ويمكث الجنود فيما جلبوه من خيام 14 يوماً (وهي فترة التدريب). وتُجرى إحاطات كل ثلاثة أيام للعمليات والاستخبارات وسبل الإمداد والتموين، كلاً على حدة، لتشخيص الأخطاء والتعرف على طرق تلافيها. وتراقب قيادة المركز أداء الوحدات بمجسَّات وحسَّاسات وتقنيات مثبته بجميع المعدات وتجهيزات الجنود، وظيفتها تسجيل الإصابات وإحصاء الخسائر في الميدان وأثرها على مجرى العمليات. ومن ثمار ذلك أن جميع أفراد اللواء يكتسبون خبرات تراكمية يمكن توظيفها في السيناريوهات الحقيقية، كما يكتسب قادة قوة العدو الوهمي خبرات جمّة يمكن الاستفادة منها في المعارك الحقيقية أيضاً.
يونيباث: ما أهمية الشراكة مع الجيش الأمريكي لتطوير القوة البرية العراقية؟
اللواء قاسم: الكل يعلم بأن الجيش الأمريكي يُعد الجيش الأفضل في العالم، بما يمتلكه من إمكانيات وتقنيات وقدرات، سواء مادية أو عينية. ويمتلك خبرات ميدانية من مختلف الحروب التي خاضها في مختلف التضاريس والظروف. وبالتأكيد أن هذا الجيش يستطيع بالشراكة مع قطاعاتنا، وخاصة القوات البرية، أن يقدم الكثير والكثير لهذه القوات بما يرفع جاهزيتها في أداء مهامها على أكمل وجه؛ وستكون هذه الشراكة مثمرة لقواتنا البرية وللجيش الأمريكي على حدٍ سواء. فمن خلال العمل مع الجيش الأمريكي في العراق، استفدنا من خبراتهم في التخطيط والعمليات والإمداد والتموين، واستفادوا هم من خبراتنا في معرفة الأرض والسكان والقتال في المناطق الوعرة مثل حمرين والمناطق الصحراوية مثل المنطقة الغربية، إذ كانت تعتبر بيئات مختلفة عن بيئتهم. ونعمل معهم من خلال المستشارين ومراكز التدريب، إذ أدخلوا تقنيات حديثة وتكتيكات تختلف عما كان لدينا في السابق، ولهذا مردود إيجابي على جاهزية قواتنا ومرونتها.
يونيباث: هل لك أن تحدثنا عن مراكز تدريب الجيش العراقي؟
اللواء قاسم: لدينا عددٌ كبيرٌ من مراكز التدريب في الجيش العراقي، متخصصة بالتدريب العسكري التعبوي، وتستقبل هذه المراكز أعداداً كبيرة من الجنود الجدد، وتقوم بإعدادهم من خلال التدريب الأساسي وإلحاقهم بعد الدورة بالوحدات والقطاعات العسكرية، وهناك يتدربون تدريباً متقدماً على المهارات والاختصاصات التي تحتاجها الوحدة. كما يوجد مركز تدريب لكل فرقة تستطيع من خلاله تدريب وحداتها على مستوى السرية والكتيبة، ويوجد أيضاً معسكر تدريب في الحبانية قادرٌ على استيعاب تدريب مستوى اللواء، وقد نفذنا به تمرين «المطرقة الحديدية» في عام 2023.
يونيباث: كيف تغيرت مناهج التدريب العراقية بعد أحداث الموصل ومعارك التحرير من عصابات داعش الإرهابية؟
اللواء قاسم: أكيد هناك دائماً دروس مستنبطة تستفيد منها القطاعات العسكرية بإدخال التجارب الميدانية في دوائر التدريب العسكري المتمثلة في مديرية التدريب العسكري، وكلية الأركان، وكلية الحرب، وسائر مؤسسات التدريب العسكرية. وهذه المؤسسات تأخذ على عاتقها مهمة تحليل التقنيات والتكتيكات التي تُستخدم في المعارك على مستوى العالم وتقدم النصائح لمديرية الدروس المستنبطة بشأن طرق مواجهة التحديات الجديدة حتى نستطيع أن نطور أساليب التدريب والقتال التي تعمل عليها قواتنا. وأُجريت دراسات وبحوث مستفيضة عما حدث في الموصل وكيف يمكن تلافي الأخطاء الميدانية والاستراتيجية التي أدت الى سقوطها. كما أُجريت بحوث عن جميع العمليات العسكرية في تحرير المدن ومواجهة التكتيكات التي استخدمتها عصابات داعش الإرهابية، وأُدرجت هذه الدروس في مناهج التدريب، خاصة بعد القضاء على عناصر داعش الإرهابية، كما نواصل العمل في مختلف القطاعات لمكافحة الخلايا النائمة الموجودة في مسرح العمليات. وأؤكد لك بأن هنالك تطور ملحوظ في المناهج الدراسية وأساليب التدريب المتبعة في مراكز التدريب بغية تمكين القوات البرية من مواجهة أي تهديدات ربما تواجهها.
يونيباث: ما منهج العمل المتبع في مديرية الدروس المستنبطة؟
اللواء قاسم: في البداية، الدروس المستنبطة عبارة عن عمليات أجرتها ووثقتها الوحدات القتالية أثناء عمليات التحرير التي بدأت في عام 2014، حتى إعلان النصر النهائي في عام 2017. وقمنا بتحليل هذه المعارك واستنباط العبر والدروس منها. كما أُنشئ مركز متخصص في جمع الدروس والتجارب المستنبطة، وهذا المركز يرتبط بمديرية التدريب العسكري، ويعمل دائماً على مشاركة جميع الدراسات والنصائح مع مراكز التدريب والمؤسسات الأكاديمية العسكرية، كما يشاركها مع القطاعات والقيادات للاستفادة منها في المراحل اللاحقة، سواء في التدريب أو في المعارك التي تخوضها الوحدات العسكرية.
يونيباث: هل تطمحون لإرسال ضابط من القوات البرية ليكون ضمن المراقبين في مركز التدريب الوطني؟
اللواء قاسم: في الحقيقة، عرض علينا ذلك اللواء تايلور، قائد مركز التدريب الوطني، ونحن بدورنا سندرس هذا الطلب مع القيادة وسلسلة مراجعنا في بغداد لندرس إمكانية اتخاذ مثل هذا القرار. وأنا شخصياً أطمح إلى وجود ضابط عراقي في هذا المركز للاطلاع بشكل أوسع على ما يجري فيه من تدريبات ومنافسات. وفي الحقيقة، نحن خلال أربعة أيام اطلعنا على جزء كبير من عمل ومهام المركز، لكن ليس بكل التفاصيل التي نتمناها، ومن المؤكد أن وجود ضابط سيسهم في إيصال صورة شاملة للقيادات الأمنية العليا حتى نقرر ما إذا كنا سننشئ مركزاً كهذا المركز في العراق.
التعليقات مغلقة.